ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران قبل أكتوبر 2025

دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط»: عدم التوصل إلى اتفاق نووي يعني ضربة عسكرية لإيران

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران قبل أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عبّر دبلوماسي أوروبي رفيع عن اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى للتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي بشكل مباشر وسري، مرجحاً التوصل إلى اتفاق جديد قبل أكتوبر (تشرين الثاني) 2025.

وقال الدبلوماسي الواسع الاطلاع على المفاوضات النووية السابقة مع إيران، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل لاتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الحالي الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى، والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

كانت واشنطن وطهران أجرتا جولات من التفاوض المباشر قبل الاتفاق النووي عام 2005 في مسقط بسلطنة عمان، ثم عُقدت لقاءات في الدوحة بعد انفراط محادثات فيينا التي كان يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دور الوسيط.

واستأنفت إدارة الرئيس السابق جو بايدن المفاوضات النووية مع إيران ضمن مجموعة خمسة زائد واحد في محاولة للعودة لتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

وفي صيف عام 2023، قدم المفاوضون الأوروبيون مسودة اتفاق للإيرانيين بعد أكثر من 7 جولات تفاوض غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، استضافتها فيينا، وشاركت فيها الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، إضافة إلى روسيا والصين. لكن طهران تراجعت عن التوقيع على الاتفاق في اللحظات الأخيرة وطلبت تنازلات إضافية من إدارة بايدن رفضتها الأخيرة.

الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان يزور معدات بحرية للحرس الثوري الإيراني في بوشهر قبل أيام (رويترز)

إيران «أضعف من السابق»

رأى الدبلوماسي الأوروبي، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته». ومع ذلك، عبّر عن تفاؤله من إمكانية التوصل لاتفاق قبل أكتوبر، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق»، بعد أن تم إضعاف وكلائها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

وأشار الدبلوماسي إلى أن هذا يعني أن أي اتفاق نووي جديد سيكون أوسع، ويتضمن نشاطاتها في المنطقة، وهو «أمر لم يكن بالإمكان حتى التفكير فيه سابقاً». ولطالما دعت دول إقليمية لاتفاق أوسع مع إيران يتضمن كبح تدخلاتها في المنطقة، وهو ما كانت ترفضه طهران.

وكان ترمب قد وقع قراراً رئاسياً لتشديد العقوبات على إيران، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارته تسعى للتفاوض معها والتوصل لاتفاق جديد.

وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن مساعي ترمب في هذا الإطار «جدية لأنه يريد أن يذكر في التاريخ على أنه صانع اتفاقيات»، وتحدث عن عقبة رئيسية ما زالت موجودة حتى الآن، وهي غياب مفاوض من الطرف الأميركي، فالإدارة الأميركية الجديدة ما زالت لم تعين بعد مفاوضاً يحل مكان روبرت مالي الذي جرى تعليق عمله وسحب ترخيصاته الأمنية بسبب تمريره معلومات سرية للطرف الإيراني خلال المفاوضات غير المباشرة في فيينا.

وأشار الدبلوماسي إلى أن إيران تنتظر تعيين واشنطن لمفاوض، وهي «يائسة» للتفاوض مع الولايات المتحدة، بل إنها «ستقبل بأي اتفاق كي ترفع عنها العقوبات». وأوضح أن التطمينات والحوافز الاقتصادية هذه المرة لن تأتي من الأوروبيين الذين «لم يعودوا يحظون بثقة إيران» بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، وتقليص أوروبا تجارتها مع طهران خوفاً من العقوبات الأميركية.

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (رويترز)

مخاطر عدم الاتفاق

رغم أن الدبلوماسي لم يجزم بالتوصل لاتفاق قبل أكتوبر 2025، فإنه قال: «إذا كانت هناك إدارة أميركية قادرة على التوصل لاتفاق نووي مع إيران، فهي بالضرورة إدارة ترمب»، لأن الطرف الإيراني سيكون واثقاً من أن لا إدارة أميركية جديدة ستأتي وتلغي الاتفاق، كما فعل ترمب بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما.

ورأى الدبلوماسي أن التوصل لاتفاق قبل ذلك التاريخ سيجنب إيران إعادة تفعيل الأوروبيين لبند «سناب باك» الذي سيعيد تفعيل كل العقوبات الدولية عليها. وقد حذرت الدول الأوروبية الثلاث من ذلك بعد الاجتماع الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقرير أمينها رافاييل غروسي الذي ذكر أن «تعاون إيران في الحضيض، وبأن نشاطاتها النووية تتزايد بشكل مطرد، ولم يعد بالإمكان الوثوق بأنها لا تزال سلمية».

وحذر الدبلوماسي الأوروبي من أنه حال عدم التوصل لاتفاق مع إيران قبل أكتوبر، فإن «الشرق الأوسط سيتجه نحو أزمة حقيقية»، وأنه سيدفع بإسرائيل «لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».


مقالات ذات صلة

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

شؤون إقليمية ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب تناقضات في استراتيجيته تجاه إيران؛ حيث يجمع بين التهديدات العسكرية وعروض التفاوض بشأن البرنامج النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية  (التلفزيون الرسمي)

«الحرس الثوري» يكشف عن ترسانة صاروخية جديدة وسط التوتر مع واشنطن

كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن ترسانة «صواريخ باليستية» جديدة تحت الأرض، وسط تصاعد التوترات مع واشنطن، التي استأنفت استراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية غروسي يستمع إلى كاظم غريب آبادي على هامش مباحثاتهما في فيينا 17 مارس الحالي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي: محادثاتنا مع إيران لم تحقق تقدماً

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن آخر جولة محادثات مع مسؤول إيراني رفيع لم تسفر عن تقدم يُذكر في التحقيق النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عراقجي في مؤتمر صحافي مشترك في بريفان مع نظيره الأرميني أرارات ميرزويان (د.ب.أ)

إيران تجهّز ردها على رسالة ترمب وتراهن على «المقاومة المستمرة»

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن إيران تعكف على إعداد ردّ على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن إجراء محادثات نووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية إيرانية تنظر إلى لافتة في مدخل مكتب لصرف العملات بينما تتراجع قيمة الريال الإيراني في طهران بداية الشهر الماضي (رويترز)

انهيار جديد للعملة الإيرانية وسط توترات جيوسياسية

هبطت العملة الإيرانية إلى مستوى أقل من المليون ريال مقابل الدولار، فيما يسود الاعتقاد أن العقوبات ستستمر طويلاً مع استئناف استراتيجية الضغوط القصوى.


إردوغان يهدد بالتصعيد ضد المعارضة


استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
TT

إردوغان يهدد بالتصعيد ضد المعارضة


استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)
استمرار الاحتجاجات الحاشدة في تركيا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ب)

هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بتصعيد الإجراءات ضد حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، والبلديات التابعة له.

ووصف إردوغان، خلال كلمته في اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، أمس، ما حدث في قضية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بأنه «مواجهة داخلية» في حزب «الشعب الجمهوري»، «لا علاقة لحزبه بها». وقال: «لماذا تحاولون تحميلنا تبعات عملية العدالة التي بدأت بسبب صراعكم على المناصب والكراسي؟».

وبرزت دعوات جديدة للاحتجاج؛ إذ دعا رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، إلى مظاهرة حاشدة في ميدان «مالتبه» في الشطر الآسيوي من إسطنبول، السبت، احتجاجاً على اعتقال إمام أوغلو وللمطالبة بانتخابات مبكرة.