إيران تتوعد بتغيير «حسابات العدو في الميدان»

أحمديان: يمكن التفاوض حتى مع «الكفار» لكن وفق مبدأ المقاومة

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)
إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)
TT

إيران تتوعد بتغيير «حسابات العدو في الميدان»

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)
إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

حذر قائد العلميات الإيرانية من شن حرب على إيران متوعداً بتغيير حسابات إسرائيل وأميركا «على أرض الميدان»، في حين قال أعلى مسؤول أمني في البلاد إن إيران يمكنها التفاوض مع «الكفار».

وتزايدت المخاوف بين كبار صناع القرار في طهران من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد يفتح الباب خلال ولايته الثانية أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضرب المواقع النووية الإيرانية، بينما يشدد العقوبات الأميركية بإعادة سياسة «الضغوط القصوى».

وقال الجنرال غلام علي رشيد، قائد العمليات المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، إن «من المؤكد أن الجيش الإيراني و(الحرس الثوري)، سيغيران خطأ حسابات العدو على أرض الميدان».

وقال: «اليوم لا يزال الإعلام الغربي والكيان الصهيوني يتحدثان عن إضعاف القوة العسكرية الإيرانية»، وأضاف: «بدأوا في عملية إعلامية ونفسية تهدف إلى إضعاف القوة الدفاعية الإيرانية، نظراً للتطورات في المنطقة»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأضاف: «العدو يسعى، من خلال إضعاف إرادتنا، إلى تحقيق النصر دون حرب وفقاً لمزاعمه الباطلة»، وتابع: «يجب على قواتنا المسلحة أن تظهر إرادتها في استخدام القوة تكلفة الخطأ في حسابات العدو، وأن نكشف ذلك، وباستعدادٍ قتالي كامل نحن مستعدون لتغيير حسابات العدو، ومن خلال فرض تكلفة عليه، نصل به إلى الردع».

وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الشهر الماضي، من أن إيران تسرّع وتيرة تخصيب اليورانيوم لدرجة نقاء 60 في المائة، مما يقربها من المستوى اللازم لصنع أسلحة نووية.

وقال ترمب، الأسبوع الماضي: «سيكون من الجيد حل المشكلات المرتبطة بإيران دون إقدام إسرائيل على ضرب منشآتها العسكرية».

في الأثناء، أعلنت هيئة الأركان الإيرانية تعيين الجنرال علي رضا مصباحي فرد قائداً للدفاعات الجوية للقوات المسلحة، مع احتفاظه بمنصبه قائداً للدفاعات الجوية في الجيش الإيراني، وذلك بقرار صادق عليه المرشد علي خامنئي.

تعیین قائد جديد للدفاعات الجوية الإيرانية وسط مخاوف من هجوم محتمل على المنشآت النووية (إرنا)

وقال رئيس الأركان محمد باقري إن «الأذرع الهجومية والدفاعية للقوات المسلحة تضمن تعزيز الردع المستدام والفعال». وحض غرفة العمليات المشتركة على «تحقيق الدفاع الموحد الذي لا يشوبه غموض أو ثغرات أو أعمال موازية، وتعزيز التنسيق إلى أقصى حد، والسعي لمعالجة أوجه القصور في مختلف الجوانب، بالإضافة إلى تحسين جودة الأنظمة الدفاعية».

ونفت إيران بعد ضربة إسرائيلية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تضرر دفاعاتها الجوية، لكنها لم تعلق على تقارير تحدثت عن تعطل منظومة الدفاع الجوي «إس-300» الروسية الصنع قرب طهران ومنشآت نووية حساسة. وتفقّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، معرضاً يضم دفاعات جوية محلية الصنع.

رسائل متباينة

ويأتي ذلك في سياق رسائل متباينة وجهها مسؤولون إيرانيون بشأن احتمال خوض مفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن برنامج طهران النووي، الذي يلامس مستويات إنتاج الأسلحة، وكذلك تحذيرات من قادة عسكريين تتحدث عن جاهزية طهران لصد الخيار العسكري لاستهداف منشآتها الرئيسية لتخصيب اليورانيوم.

ومن جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي أكبر أحمديان إن «التفاوض بناء على مبدأ المقاومة أمر ممكن».

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن أحمديان قوله إن «بعض الأشخاص يعتقدون أن الحوار والمفاوضات يتعارضان مع المقامة. هذا فهم خاطئ. يمكن التفاوض حتى مع الكفار، ولكن وفق أي مبدأ؟ يمكن التفاوض بناءً على مبدأ المقاومة».

وأضاف أحمديان: «الكثير من الأشخاص يبذلون جهداً كبيراً لإزالة مسألة المقاومة، ويقولون إن الحرب بين إيران وإسرائيل مستمرة منذ 40 عاماً».

وأوضح أحمديان: «الحرب والمقاومة شيء مختلف»، وأشار إلى تبادل الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران خلال العام الماضي، وقال: «مواجهتنا مع النظام الصهيوني لم تكن حرباً، وحتى الآن لم تكن هناك حرب بالمعنى الحقيقي. قاموا بعمل ما ونحن قمنا برد فعل. مفهوم الحرب ليس هذا، من يفهم الحرب يعرف أن هذه ليست حرباً».

ويشرف المجلس الأعلى للأمن القومي على المفاوضات النووية، ويعد من الأجهزة الخاضعة لصاحب كلمة الفصل في السياسات الخارجية، والقضايا الاستراتيجية المرشد علي خامنئي.

اجتماع ثلاثي بين مسؤولي الحكومة والبرلمان والقضاء حول ضرورة التوافق الوطني على الملفات الخلافية بما في ذلك المفاوضات الاثنين (الرئاسة الإيرانية)

وأرسل خامنئي تصريحات متضاربة بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة، ففي الأسبوع الماضي، حذر مسؤولين إيرانيين من أنه «خلف ابتسامات الدبلوماسية، عداوة وضغينة ونيات خبيثة»، لكنه أبدى موافقة ضمنية للتفاوض، قائلاً: «ينبغي أن نفتح أعيننا ونتوخّى الحذر إزاء من نواجه ومن نتعامل معه ومن نتكلّم معه»، من دون الإشارة للولايات المتحدة.

والأحد الماضي، ردد خامنئي لأول مرة في خطاب عام شعار «الموت لأميركا»، وقال في خطاب حاد: «الشعب الإيراني يردد شعار (الموت لأميركا) لكن الآخرين لا يملكون الشجاعة لقول هذه الحقائق والوقوف في وجه أميركا والقيام بدورهم في مواجهة الاستكبار».

وأثارت تصريحات مسؤولين إيرانيين عن رغبة طهران في التفاوض المباشر مع الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترمب غضب الأوساط المحافظة في إيران، وتعرضت حكومة الرئيس المدعوم من الإصلاحيين مسعود بزشكيان لضغوط متزايدة، خصوصاً من مشرعين طالبوا بإقالة محمد جواد ظريف نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وذلك بعدما أدلى بتصريحات مثيرة للجدل عن سعي طهران للتفاوض مع واشنطن.

ونقل نواب في البرلمان، عن وزير الخارجية عباس عراقجي، أن السلطات وجهت إنذاراً لمسؤولين تحدثوا عن رغبة طهران في التفاوض مع ترمب، نافياً إرسال أي طلبات لفتح باب التفاوض مع واشنطن.

وتساءلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء، ما إذا كان ظريف من بين مسؤولين تلقوا الإنذار.

تغيير الفريق المفاوض؟

في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان مقتضب إنه «لم يحدث أي تغيير في وضع إدارة الملف النووي»، ويتكون فريق المفاوضين النوويين، من مجيد تخت روانتشي نائب وزير الخارجية للشؤون السياسة، وكاظم غريب آبادي نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن «الخارجية» قولها إن «المحادثات والمفاوضات بشأن القضية النووية ما زالت تحت إدارة وزير الخارجية».

وفي مايو (أيار) العام الماضي، ذكرت تقارير إن المرشد علي خامنئي كلف علي شمخاني، مستشاره الخاص، بالإشراف على عملية المفاوضات غير المباشرة، مع إدارة جو بايدن، بوساطة عمانية، قبل أن يتوقف المسار قبل شهور من الانتخابات الأميركية.

ومن غير الواضح ما إذا كان شمخاني يواصل الإشراف على عملية التفاوض، بعد تولي إدارة مسعود بزشكيان في أغسطس (آب) الماضي.

وقال شمخاني، الثلاثاء، على هامش زيارة معرض المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، إن «إيران ستدافع بكل قوة عن برنامجها النووي السلمي».

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن شمخاني قوله إن «إيران لم تسعَ أبداً لامتلاك سلاح نووي، ولن تسعى لذلك مستقبلاً. ومع ذلك، ستدافع بكل قوتها عن حقوقها القانونية على المستويين السياسي والتقني».

صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لرئيسها محمد إسلامي لدى استقباله شمخاني في معرض للصناعة النووية الثلاثاء

وأضاف شمخاني: «نحن عازمون على الدفاع عن مصالح الشعب الإيراني في مواجهة جشع القوى العالمية الناكثة للعهود والعاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، وسنجبرهم على احترام الحقوق القانونية للشعب الإيراني».

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق به، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب، دون أن تنتج قنابل نووية.


مقالات ذات صلة

أميركا تشدد على التنسيق لمواجهة عدم امتثال إيران للاتفاق النووي

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يجتمع مع نظرائه من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في ميونيخ (أ.ب) play-circle

أميركا تشدد على التنسيق لمواجهة عدم امتثال إيران للاتفاق النووي

أكد مارك روبيو وزير الخارجية الأميركي، السبت، «أهمية التنسيق الوثيق لمعالجة سلوك إيران المزعزع للاستقرار، خصوصاً عدم امتثالها المتزايد للاتفاق النووي».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران قبل أكتوبر 2025

عبر دبلوماسي أوروبي رفيع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى للتفاوض مع إيران بشكل مباشر وسري حول برنامجها النووي.

راغدة بهنام (ميونخ)
شؤون إقليمية مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (د.ب.أ)

غروسي يحذر من انحسار فرص الاتفاق النووي مع إيران

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من نفاد الوقت أمام التوصل لاتفاق يكبح جماح البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تسارعاً في تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي خلال مؤتمر صحافي في موسكو 7 فبراير 2025 (إ.ب.أ) play-circle

مدير وكالة الطاقة الذرية: الوقت ينفد أمام إحياء الاتفاق النووي مع إيران

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن الوقت ينفد أمام التوصل لاتفاق لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو في واشنطن الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

الاستخبارات الأميركية: ضربة إسرائيلية لـ«النووي الإيراني» قريباً

حذرت الاستخبارات الأميركية من احتمال شن إسرائيل ضربة استباقية ضد البرنامج النووي الإيراني، مما قد يعطل تقدمه مؤقتاً، لكنه يهدد بتصعيد التوترات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (علي بردى)

تركيا تربط وجودها العسكري في سوريا بالقضاء على حزب العمال الكردستاني

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في جلسة نقاش حول سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في جلسة نقاش حول سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن (رويترز)
TT

تركيا تربط وجودها العسكري في سوريا بالقضاء على حزب العمال الكردستاني

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في جلسة نقاش حول سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في جلسة نقاش حول سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي، إن بلاده ستعيد النظر في وجودها العسكري في شمال شرفى سوريا إذا قام القادة الجدد في هذا البلد بالقضاء على جماعة مسلحة كردية صنفتها تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.

وتحدث هاكان فيدان في مؤتمر ميونخ للأمن إلى جانب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي لم يعلق على التصريحات. وأعرب فيدان عن مثل هذه المشاعر من قبل.

وشن حزب العمال الكردستاني تمرداً ضد تركيا لعقود، مطالباً بمزيد من الحكم الذاتي للأكراد.

وقال فيدان: «لا يمكننا تحمل أي شكل من أشكال الميليشيات المسلحة».

وأضاف أن هذه الجماعات يجب أن تندمج «تحت جيش وطني واحد» في سوريا، وأشار إلى أن القادة الجدد في سوريا قد استجابوا لهذه الفكرة.