تركيا: عزل رئيسة بلدية كردية واعتقال صحافيين معارضين لإردوغان

أوزال يدعو المواطنين للنزول إلى الشوارع للاحتجاج

إردوغان هاجم المعارضة وعدّها أكبر مشاكل ديمقراطية تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان هاجم المعارضة وعدّها أكبر مشاكل ديمقراطية تركيا (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: عزل رئيسة بلدية كردية واعتقال صحافيين معارضين لإردوغان

إردوغان هاجم المعارضة وعدّها أكبر مشاكل ديمقراطية تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان هاجم المعارضة وعدّها أكبر مشاكل ديمقراطية تركيا (الرئاسة التركية)

عزلت وزارة الداخلية التركية رئيسة إحدى البلديات من حزب مؤيد للأكراد، في حين احتُجز عدد من الصحافيين ومقدمي البرامج المعارضين للحكومة فيما يتعلق بتحقيق مع رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

وأعلنت وزارة الداخلية التركية عزل رئيسة بلدية سيرت، جنوب شرقي البلاد، صوفيا ألاغاش؛ بسبب صدور حكم سابق بحبسها 6 سنوات و3 أشهر، لإدانتها بالانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة، في إشارة إلى اتحاد المجتمعات الكردستانية، التابع لحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية من جانب تركيا وأميركا والاتحاد الأوروبي. وقالت الداخلية التركية، في بيان، الأربعاء، إنه تم تعيين والي سيرت، كمال كيزيل كايا، وصياً على البلدية، وإن الإجراءات ضد ألاغاش، التي تنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، «مؤقتة».

عزل واعتقالات

وغالباً ما تعلن الداخلية التركية أن إجراءات عزل رؤساء البلديات مؤقتة، لكنهم لا يعودون إلى مناصبهم التي حصلوا عليها عبر الانتخابات.

ومنذ الانتخابات المحلية الأخيرة في 31 مارس (آذار) 2024، اعتقلت أو عزلت السلطات التركية 10 رؤساء بلديات، عدد منهم من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وأغلبهم من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي ويشغل 57 مقعداً من بين 600 مقعد، لاتهامهم، غالباً، بدعم الإرهاب والارتباط بمنظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

رئيسة بلدية سيرت صوفيا ألاغاش (إكس)

وتؤكد حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان أن هذه الإجراءات ضرورية للأمن القومي لأنه لا يجوز لأي شخص مرتبط بالإرهاب أن يتولى بشكل قانوني منصباً إدارياً في الدولة.

وجاء عزل ألاغاش، وهي صحافية من مواليد عام 1990، في الوقت الذي تبذل فيه جهوداً سياسية، بتأييد من إردوغان، لحل حزب العمال الكردستاني عبر دعوة من زعيمه السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان.

أكرم إمام أوغلو متحدثاً للصحافيين أثناء جولة في إسطنبول الأربعاء (من حسابه في إكس)

كما تأتي وفي ظل حملة قضائية على المعارضة، تتضمن تكثيف التحقيقات مع شخصيات من حزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي استُدعي للإدلاء بإفادته، الجمعة، في تحقيقين فتحهما ضده المدعي العام في إسطنبول، بتهم تتعلق بتهديد المدعي ذاته، ومحاولة التأثير في شخص يقوم بواجب قضائي أو خبير أو شاهد، و«محاولة التأثير في محاكمة قضائية»، و«استهداف الأشخاص الذين يحاربون الإرهاب».

توقيف صحافيين معارضين

في السياق ذاته، اعتقلت السلطات التركية 5 من الصحافيين ومقدمي البرامج في «قناة خلق تي في»، القريبة من المعارضة؛ بسبب بث تسجيل صوتي مع الخبير «إس بي» الذي تناوله إمام أوغلو خلال مؤتمر صحافي، الاثنين الماضي، قائلاً الخبير الذي تستخدمه الحكومة في التحقيقات المتعلقة بالبلديات التي تديرها المعارضة.

وألقت قوات الأمن، ليل الثلاثاء - الأربعاء، القبض على كل من الصحافي ومقدم البرامج بالقناة، باريش بهلوان، ومقدمَي البرامج سعدة سيليك وسرحان عسكر، ثم ألقت القبض على رئيس تحرير القناة سعاد توكطاش، ومنسق البرامج، كورشاد أوغوز، الأربعاء.

مقدمة البرامج في قناة «خلق» المعارضة تتحدث للصحافيين عقب الإفراج المشروط عنها (إعلام تركي)

وأفرجت محكمة مختصة عن كل من سيليك وعسكر بشرط إخضاعهما للمراقبة القضائية ومنعهما من السفر للخارج، والتوقيع في مركز الشرطة مرة واحدة في الأسبوع. وتمت إحالة بهلوان وتوكطاش وأوغوز إلى المحكمة مع طلب بالاعتقال.

وعلق إمام أوغلو على اعتقال الصحافيين على خلفية قيامهم ببث المحادثة الهاتفية مع الخبير الذي أشار إليه في مؤتمر الصحافي الاثنين الماضي، قائلاً: «مرت 5 سنوات من التصريحات الكاذبة عني، لكنهم يحاولون معاقبة الصحافيين في قناة (خلق) بعد الكشف عن الخبير الذي استُخدم للشهادة في جميع القضايا ضد البلديات التي تديرها المعارضة، إنهم (الحكومة) في حالة من القلق والذعر تدفعهم لممارسة الضغط بهذه الطريقة».

بدوره، قال وزير العدل، يلماظ تونتش، إن التحقيق مع الصحافيين ومقدمي البرامج لم يفتح بسبب عملهم الصحافي، عندما تنشر محادثة هاتفية مع خبير دون موافقته، فإن ما يعادل ذلك في قانون العقوبات التركي هو «انتهاك خصوصية الاتصالات».

أوزال دعا الأتراك للنزول إلى الشوارع احتجاجاً على ممارسات الحكومة (موقع حزب الشعب الجمهوري)

وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال: «يجب على الناس الآن أن يتدفقوا إلى الشوارع، إنهم (الحكومة) يحاولون ترهيبنا».

ودعت الرئيسة المشاركة لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تولاي حاتم أوغللاري أوروتش، إلى إطلاق سراح الصحافيين، قائلة: «إن الكشف عن الحقيقة هو المسؤولية الأساسية للصحافيين». وقال رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان: «إذا لم تكن هناك حرية التعبير وحرية الصحافة، فلن نتمكن من الحديث عن العدالة ولا الديمقراطية».

إردوغان يهاجم المعارضة

وشن الرئيس رجب طيب إردوغان هجوماً حاداً على المعارضة، قائلاً إنها تحاول منذ 8 أيام إعطاء الجميع دروساً في الأخلاق السياسية على الشاشات وأعمدة الصحف وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إردوغان خلال كلمته أمام نواب حزبه بالبرلمان الأربعاء (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في كلمة أمام نواب حزبه بالبرلمان، الأربعاء: «أعظم أمنياتنا أن يكون لديمقراطيتنا معارضة بنّاءة وصحية في أقرب وقت ممكن، مع كل الاحترام، لن نستسلم لهذه الانتهازية والوقاحة، بينما نفعل كل ما هو ضروري لضمان تحقيق العدالة، فلن ننحني في وجه الصفاقة».

وأضاف أن أكبر مشكلة تواجه تركيا وديمقراطيتها هي أن البلاد محكوم عليها بمعارضة «عديمة الرؤية، وغير منظمة، وكسولة، وتعتقد أن النميمة هي السياسة، ولا تتضمن أجندتها مشاكل الأمة أو متاعبها».


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي شابان سوريان يقفان على تلة في داريا مُطلّة على القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد في دمشق أواخر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

في داريا قرب دمشق... سوريون يعيدون بناء حياتهم وأحيائهم المدمرة

لداريا مكانة خاصة في تاريخ الثورة السورية. تقع على مسافة سبعة كيلومترات فقط من العاصمة دمشق، وعلى مرمى البصر من القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (داريا (سوريا))
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب) play-circle

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.


وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
TT

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين، رغم تحفظات برلين الأخيرة بشأن الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة والعنف في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد زيارة قصيرة لمدة ساعتين إلى العقبة في الأردن؛ حيث سيلتقي بالملك عبد الله الثاني، سيقضي ميرتس أمسية ويوماً في القدس؛ إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد.

ويُعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

ورغم الحرب وتداعياتها، أكد سيباستيان هيل، المتحدث باسم المستشار، الجمعة، أن «العلاقات الألمانية الإسرائيلية سليمة ووثيقة ومبنية على الثقة».

وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة، وتُبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود. ومن المقرر أن يزور فريدريش ميرتس الأحد مؤسسة «ياد فاشيم» التذكارية التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.

ورغم ذلك، شدّدت برلين في الأشهر الأخيرة من نبرتها تجاه إسرائيل، مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كبير.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أحدث المستشار الألماني عاصفة سياسية، عندما قرر فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة من بلاده إلى إسرائيل، ردّاً على تكثيف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.

«تباعد خطابي»

أتاحت الهدنة في قطاع غزة لألمانيا رفع العقوبات بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكّد المتحدث باسم ميرتس أن «الأهمية الخاصة» للعلاقات بين ألمانيا وإسرائيل «لا تمنع إمكانية انتقاد جوانب معينة» من سياسة بنيامين نتنياهو.

ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء صباح الأحد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التنفيذ.

يظل هذا الاتفاق غير مستقر، مع تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاكه بشكل شبه يومي، وهو ما يُثير التساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.

الجمعة، أدان سيباستيان هيل مجدداً «الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين»، وكرر دعوته للحكومة الإسرائيلية «لوقف بناء المستوطنات».

وأثار إعلان حظر الأسلحة في أغسطس (آب) رداً قوياً من جانب حكومة نتنياهو، التي اتهمت حليفها التقليدي بـ«مكافأة إرهاب (حماس)».

وقد «احتدم النقاش» عندما أبلغ ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره عبر الهاتف، وفق ما أكد المستشار لقناة «إيه آر دي».

لكن جيل شوحط، مدير مكتب تل أبيب لمؤسسة «روزا لوكسمبورغ» المرتبطة بحزب اليسار الراديكالي الألماني «دي لينكه»، رأى في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك ليس أكثر من «تباعد خطابي» بين الزعيمين.

وقد أظهر تشغيل الجيش الألماني، الأربعاء، القسم الأول من منظومة الدرع الصاروخية «آرو» (حيتس)، التي نُشرت لأول مرة خارج إسرائيل، مدى اعتماد ألمانيا على الدولة العبرية لضمان أمنها على المدى البعيد.

وقد سلّطت برلين الضوء مؤخراً أيضاً على المساعدة التي قدمتها لها إسرائيل لتحسين دفاعاتها ضد الطائرات المسيّرة.

«انتظارات عالية»

على صعيد آخر، قوبل قرار إشراك إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) المقبلة، الذي اتخذ الخميس، بترحيب حار في ألمانيا، في حين قاد دولاً أخرى لإعلان مقاطعة المسابقة.

ويرى شوحط أن زيارة المستشار الألماني لبنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، تُشكل «بادرة سلبية للتطبيع في وضع لا ينبغي التطبيع معه».

وكان فريدريش ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية نهاية فبراير (شباط)، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن المستشارية عادت وأكدت مؤخراً أن هذا «ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن».

ويرى مايكل ريميل، مدير مكتب القدس لمؤسسة «كونراد أديناور» المرتبطة بالحزب «الديمقراطي المسيحي» الذي يتزعمه ميرتس، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن نتنياهو لديه الآن «انتظارات عالية»، ويأمل في «إشارة دعم مستمرة» من برلين.

من ناحية أخرى، تبدو نداءات برلين في الأشهر الأخيرة غير فعّالة مقارنة مع «النفوذ الأكبر» لترمب، الذي أظهر أنه الوحيد القادر على دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ريميل.


موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.