المعارضة التركية تتحدى إردوغان بعد إعلان نيته الترشح للرئاسة مجدداً

«وفد إيمرالي» التقى سياسية كردية في سجنها وأكّد على هدف «إرساء السلام»

إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (الرئاسة التركية)
TT

المعارضة التركية تتحدى إردوغان بعد إعلان نيته الترشح للرئاسة مجدداً

إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (الرئاسة التركية)

تحدّى زعيم المعارضة التركية، أوزغور أوزال، الرئيس رجب طيب إردوغان، ودعاه لاتّخاذ قرار فوري بالتوجه إلى انتخابات مبكرة، ردّاً على تأكيد الأخير نيته الترشح مجدداً للرئاسة، وذلك للمرة الأولى.

ولا يحق لإردوغان، الذي فاز بولاية رئاسية ثالثة في عام 2023، الترشّح مجدداً حسب الدستور التركي، لكن حليفه في «تحالف الشعب» رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي أعلن أن التكتّل يسعى لوضع دستور جديد للبلاد بهدف فتح الباب لترشح إردوغان لولاية جديدة.

إردوغان يعتزم الترشح

وللمرة الأولى، كشف إردوغان عن نيته الترشّح، مجدداً، خلال المؤتمر الإقليمي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا، جنوب شرقي البلاد، ليل السبت إلى الأحد. وجاء ذلك خلال حوار مع المطرب الشعبي المعروف، إبراهيم تاتليسيس، المعروف بدعمه لإردوغان.

إردوغان أعلن نيته الترشح للرئاسة مجدداً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» في شانلي أورفا، 11 يناير (الرئاسة التركية)

وسأل تاتليسيس، الذي أُصيب منذ سنوات بطلق ناري أفقده القدرة على الحركة بشكل طبيعي، إردوغان، عمّا إذا كان سيترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة، فجاء ردّ الرئيس: «إذا كنت مستعداً، فأنا مستعد». وبعدها، توجه تاتليسيس إلى الحضور بقاعة المؤتمر، قائلاً: «تلقينا وعداً منه».

وأحدث الحوار بين إردوغان وتاتليسيس جدلاً واسعاً، واعتُبر تأكيداً لما تردّد من قبل عن مساعي إردوغان وحزبه وحليفه بهشلي لإيجاد مخرج لترشيحه للرئاسة مجدداً. ويرجّح مراقبون أن يتمّ ذلك عبر وضع دستور جديد، أشار إليه إردوغان عدّة مرات في العامين الماضيين، على أنه «ضرورة من أجل مستقبل تركيا»، لافتاً إلى أنه سيكون دستوراً «ديمقراطياً ليبرالياً، يقضي على دساتير حقبة الانقلابات».

تحدّي المعارضة

ورداً على إعلان إردوغان استعداده الترشح للرئاسة، دعاه زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، إلى إعلان التوجه للانتخابات هذا الأسبوع.

دعا أوزال إردوغان لإجراء انتخابات مبكرة (موقع حزب «الشعب الجمهوري»)

وقال أوزال، في تصريحات الأحد: «فليعط التعليمات إلى مجموعته على الفور لبدء الإعداد للانتخابات، لا ينبغي له الهروب من القتال. دعونا نتخذ القرار هذا الأسبوع، إننا ننتظر بفارغ الصبر أن نتسلم حكم البلاد».

وأضاف أوزال: «إذا أراد الرئيس الترشح مرة أخرى، وأنا أؤيد هذا الترشيح، فهناك طريقة لذلك؛ يجب على 360 نائباً في البرلمان أن يقرروا تجديد الانتخابات. وإذا قال إنه مستعد، فنحن أيضاً مستعدون. (...) لنفعل ذلك هذا الأسبوع، ولنُجر الانتخابات في مارس (آذار) المقبل». وتابع: «لقد طرحنا على إردوغان من قبل إجراء الانتخابات في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025. إذا أراد ذلك، فنحن مستعدون. وإذا أرادها في مارس، فنحن مستعدون».

انتخابات مبكرة

وعما أعلنه مسؤولون في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم عن إمكانية إجراء الانتخابات في النصف الثاني من عام 2027، قال أوزال إن «الشعب جائع وليست لديه القدرة على التحمل حتى 2027. من يضمن لك البقاء في مقعدك حتى ذلك اليوم؟ فليستيقظوا من هذا الحلم، إذا امتلكوا الشجاعة والثقة بالنفس، يمكننا أن نقرر إجراء انتخابات هذا الأسبوع، نحن نتحداهم».

أوزال أطلق حملة «البطاقة الحمراء» للضغط على إردوغان للتوجه للانتخابات المبكرة (من حسابه في «إكس»)

كان أوزال قد أطلق حملةً لإشهار «البطاقة الحمراء» في وجه إردوغان وحكومته، احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي ومستوى معيشة الشعب، كوسيلة للضغط من أجل إجراء الانتخابات.

ورفع أوزال البطاقة الحمراء للمرة الأولى في مؤتمر لحزبه في مدينة مرسين، الأربعاء الماضي، وفجّر ذلك جدلاً واسعاً في الشارع التركي.

وسخر نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، من حملة رفع «البطاقة الحمراء»، ووصفها بأنها «نكتة سياسية»، قائلاً إن رئيس حزب «الشعب الجمهوري» يُسجّل هدفاً «في مرماه».

لكن أوزال أكد أن هذه الحملة ستؤتي ثمارها، وستكون «البطاقة الحمراء في يد المتقاعدين والشباب العاجزين عن إيجاد فرصة عمل أو الزواج، ومختلف الفئات التي تعاني من عدم قدرة الحكومة على حل المشكلات الاقتصادية.

متقاعدون يرفعون البطاقة الحمراء للحكومة مطالبين بانتخابات مبكرة بسبب تدهور معيشتهم (إعلام تركي)

وعاد أوزال إلى رفع البطاقة الحمراء في تجمّع لحزبه في إزمير، الجمعة، كما ظهرت البطاقة الحمراء في مسيرة للمتقاعدين احتجاجاً على سوء وضعهم المعيشي، وانتشرت في أوساط العاملين بالقطاع الصحي وقطاعات أخرى.

تحركات «وفد إيمرالي»

على صعيد آخر، التقى وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي بات يُعرف إعلامياً بـ«وفد إيمرالي الجديد»، الرئيسة المشاركة السابقة لحزب «الشعوب الديمقراطية»، فيجن يوكسكداغ، في محبسها بسجن كانديرا في ولاية كوجا إيلي، شمال غربي تركيا، الأحد.

ويتولّى الوفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، حول حلّ الحزب وإلقاء السلاح. وكان قد التقى، السبت، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، في سجن أردنة، غرب تركيا، السبت، في إطار مبادرة أطلقها بهشلي وأيدها إردوغان، واعتبرت بمثابة مبادرة جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا.

"وفد إيمرالي» في سجن كانديرا حيث التقى السياسية الكردية فيجن يوكسك داغ (موقع حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب")

والتقى الوفد المؤلّف من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم العضو بالحزب، أحمد تورك، أوجلان، في محبسه بسجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأعقبته لقاءات مع رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورؤساء وممثلي الأحزاب الممثلة في البرلمان، وهي «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري» و«الديمقراطية والتقدم» و«المستقبل» و«السعادة» و«الرفاه من جديد»، بينما رفض حزب «الجيد» القومي المشاركة في هذه العملية التي وصفها بـ«الخيانة».


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجّه إنذاراً لـ«العمال الكردستاني»... ووفد الحوار مع أوجلان يواصل جولاته

شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» في ديار بكر السبت (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجّه إنذاراً لـ«العمال الكردستاني»... ووفد الحوار مع أوجلان يواصل جولاته

أعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من ديار بكر، كبرى المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، فرصة أخيرة لمسلحي «حزب العمال الكردستاني» لإلقاء أسلحتهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحد عناصر فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا يشاهد من بعيد الدخان المتصاعد نتيجة القصف في محيط سد تشرين (أ.ف.ب)

تركيا تتحدث عن «ضربة قاضية» يواجهها المسلحون الأكراد في سوريا

أكدت تركيا عزمها الاستمرار في عملياتها ضد المسلحين الأكراد بسوريا، في الوقت الذي عبّرت فيه أميركا عن تفهمها لمخاوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول واتحاد البلديات في تركيا (من حسابه في «إكس»)

إمام أوغلو ينتقد تعليق زيارة له إلى العاصمة السورية

انتقد رئيس اتحاد البلديات التركية، رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، إلغاء زيارة كان مقرراً أن يقوم بها ووفد من الاتحاد إلى دمشق، الأحد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)

تركيا تنسّق مع أميركا في سوريا وتطالب فرنسا باستعادة «دواعشها»

أعطت تركيا إشارة إلى تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن التحرك ضد القوات الكردية في شمال سوريا، وانتقدت بعنفٍ موقف فرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية استراتيجية الجمعة

بوتين وبزشكیان خلال لقائهما في عشق آباد اكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بوتين وبزشكیان خلال لقائهما في عشق آباد اكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية استراتيجية الجمعة

بوتين وبزشكیان خلال لقائهما في عشق آباد اكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بوتين وبزشكیان خلال لقائهما في عشق آباد اكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية)

أعلن الكرملين، الاثنين، أن موسكو وطهران سوف توقعان في غضون أيام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي استغرق إعدادها نحو 3 سنوات تخللتها مراحل مدّ وجزر، وبرزت فيها خلافات عرقلت طويلاً، إنجاز صياغة نهائية للوثيقة التي تنظم العلاقة بين البلدين لـ«عقود مقبلة»، وفقاً لتصريحات مسؤولين من الجانبين.

وأكد بيان أصدرته الرئاسة الروسية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يجري في 17 يناير (كانون الثاني) جولة محادثات موسعة مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان.

وأفادت الرئاسة الروسية بأن الرئيسين سيوقعان في ختامها اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وجاء في البيان أنه «في نهاية المفاوضات، سيوقع الرئيسان الاتفاقية بين روسيا وإيران، كما سيدليان بتصريحات لوسائل الإعلام».

ووفقاً للمعطيات فإن الرئيسين سيناقشان خيارات لتوسيع نطاق العلاقات بين موسكو وطهران بشكل أكبر، وينتظر أن يركز البحث على تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والخدمات اللوجيستية والمجالات الإنسانية، فضلاً عن أن المحادثات سوف تركز في شقها السياسي على القضايا الإقليمية والدولية. لكن الأنظار تتجه بالدرجة الأولى إلى الشقّ المتعلق بتوقيع الاتفاقية التي طال انتظارها.

أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان يستقبل نظيره الروسي سيرغي شويغو في طهران أغسطس الماضي (إرنا)

إعداد ماراثوني

وكانت موسكو وطهران قد أطلقتا العمل لإعداد وثيقة جديدة تنظم التعاون بين البلدين منذ بداية عام 2022، لتكون بديلاً لاتفاقية التعاون المبرمة بين البلدين في عام 2001. ورأت أوساط روسية وإيرانية أن الحاجة إلى تطوير اتفاقية جديدة نشأت بسبب التغييرات الكبرى التي طرأت على العلاقات الدولية والوضع حول البلدين خلال العقدين الماضيين.

لكن مراحل إعداد الوثيقة الجديدة لم تكن سهلة دائماً، إذ برزت العديد من العراقيل التي أخّرت وضع صياغتها النهائية أكثر من مرة. وفي منتصف العام الماضي، أعلنت موسكو تجميد المفاوضات حول صياغة الوثيقة وحملت الجانب الإيراني المسؤولية عن «بطء العملية».

ورأى محللون في حينها أن التباينات ازدادت بسبب ظهور مخاوف لدى الطرفين. ومن جانبها أرادت إيران ألا تؤدي الاتفاقية إلى عرقلة تطبيع محتمل للعلاقات مع الغرب، بينما شككت أوساط روسية بالقدرة على الثقة بحليف يتطلع لتحقيق مكاسب مع الغرب من خلال العلاقة مع موسكو.

في المقابل، برزت أصوات في إيران تشكّك بجدوى الاعتماد على روسيا لضمان مصالح إيران، في وقت تبني موسكو توازنات دقيقة لعلاقاتها مع الأطراف المختلفة، بما في ذلك مع إسرائيل.

لكن هذه المرحلة الصعبة سرعان ما تم تجاوزها، وأعلنت الدبلوماسية الروسية في أغسطس (آب) أن الطرفين نجحا في التوصل إلى صياغة نهائية للاتفاقية بعد جولات حوار مكوكية جرت في موسكو وطهران.

وتم الإعلان لاحقاً عن اقتراب توقيع الاتفاقية وتحديد موعد لذلك على هامش قمة «بريكس» التي انعقدت أواخر أكتوبر (تشرين الأول) في روسيا.

ومرة أخرى، تم تأجيل الموعد من دون صدور توضيحات كافية. واكتفت موسكو بالإعلان عن أن التوقيع سوف يجري خلال زيارة خاصة يقوم بها بزشكيان إلى موسكو لتجنب إنجاز هذه الخطوة المهمة على هامش فعالية جماعية.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن في موسكو أن الطرفين اتفقا على إبرام الاتفاقية الاستراتيجية «قبل حلول نهاية العام» ومرة أخرى اتضح أن التفاهمات بين موسكو وطهران لم تضع حداً لكل التباينات الظاهرة، إذ تم إرجاء التوقيع مجدداً.

ورأت أوساط روسية في حينها أن الرئيس فلاديمير بوتين قد يرغب في إرجاء توقيع الاتفاقية مع الإيرانيين إلى ما بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سلطاته رسمياً. لذلك، فقد فاجأ الإعلان عن زيارة بزشكيان موسكو في 17 يناير الحالي وتأكيد موعد توقيع الاتفاقية هذه الأوساط. وربط محللون اختيار التوقيت بالتطورات التي جرت في سوريا ولبنان والتي أسفرت عن تراجع نفوذ طهران إقليمياً، وتعرض مواقع روسيا لنكسة كبيرة.

بزشكيان يجري مباحثات مع فيتالي سافيليف نائب رئيس الوزراء الروسي في طهران (الرئاسة الإيرانية)

بند الدفاع المشترك

ووفقاً لبعض الخبراء، فإن موسكو وطهران تسعيان إلى تأكيد عزمهما على تعزيز التعاون وتنسيق آليات التحرك المستقبلية في الملفات الإقليمية والدولية، خصوصاً في ملفي الحرب في أوكرانيا والملف النووي الإيراني.

في هذا السياق، كان العنصر الجديد الذي طرأ خلال الشهرين الماضيين على موضوع الاتفاقية الشاملة هو تأكيد الطرف الروسي أنها سوف تتضمن بنداً دفاعياً متبادلاً أسوة باتفاقية مماثلة كانت موسكو قد وقعتها منتصف العام الماضي مع كوريا الشمالية.

ويكتسب هذا العنصر أهمية خاصة على ضوء احتمال انزلاق الوضع لمواجهة بين طهران وتل أبيب أو على خلفية التهديدات الإضافية التي أطلقتها إدارة ترمب تجاه طهران. ومن دون أن يتوقف عند بند الدفاع المشترك، كشف السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي، الاثنين، عن بعض التفاصيل المتعلقة بالاتفاقية الجديدة. وقال إن معاهدة التعاون الاستراتيجي الشامل بين روسيا وإيران تتضمن 47 مادة وتغطي جميع مجالات العلاقات الثنائية.

زيارة سرية

اللافت أن تحديد موعد هذا الاستحقاق تزامن مع تسريبات تحدثت عن زيارات سرية قام بها علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى موسكو خلال الأسابيع الماضية. ونقلت وسائل إعلام غربية عن مصادر استخباراتية أن إيران قامت بتحركات دبلوماسية سرية إلى روسيا لتوسيع التعاون العسكري بين البلدين وتلقي المساعدة من موسكو في تنفيذ برنامجها النووي. ووفقاً للمعطيات فإن لاريجاني أجرى زيارات عدة سراً إلى موسكو لعقد اجتماعات مع مسؤولين روس رفيعي المستوى. ويعتقد أن هذه الزيارات وضعت أسساً لإبرام الاتفاقية الشاملة وحددت رؤية البلدين لتطوير العلاقات والتعاون في المجالات المختلفة خلال المرحلة المقبلة.

وتعتمد إيران على المزيد من المساعدة من روسيا في تنفيذ برنامجها النووي، لا سيما في تدريب المتخصصين لديها، والمساعدة في استعادة أنظمة الدفاع الجوي «إس 300» التي دمّرتها إسرائيل، وتوريد مقاتلات «سوخوي 35» وإعادة تسليح إيران جماعة «حزب الله» اللبنانية، حسبما قالت مصادر لصحيفة «التايمز» في أجهزة استخبارات غربية. وقالت الصحيفة إن موسكو استضافت لاريجاني لمناقشة توريد طائرات من دون طيار وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا. وتجري الزيارات سراً، حيث يسعى البلدان لتجنب عقوبات غربية أكثر صرامة.

ونظراً للتعاون المتعمق بين موسكو وطهران، الذي تم التعبير عنه، على وجه الخصوص، في توريد الصواريخ والطائرات من دون طيار إلى روسيا، هناك سبب للخوف من أن تكون موسكو مستعدة لتجاوز «الخطوط الحمراء» المرسومة سابقاً فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وفقاً لتعبير المصدر الاستخباراتي للصحيفة.

في المقابل، تعتمد روسيا بشكل نشط على تقنيات إيرانية في الحرب الأوكرانية وفقاً لتأكيدات غربية. وبدأت روسيا باستخدام الطائرات من دون طيار الإيرانية في أوكرانيا في خريف عام 2022. وبالإضافة إلى ذلك، زوّدت طهران موسكو بمئات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى. ونفت السلطات الروسية والإيرانية على المستوى الرسمي هذه الشحنات.