أوجلان... «رجل الضرورة» لسلام تركيا

«لقاء إيمرالي» يُحيي آمال حل المشكلة الكردية

TT

أوجلان... «رجل الضرورة» لسلام تركيا

مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (رويترز)
مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (رويترز)

على الرغم من بقائه في السجن لمدة 25 عاماً، فإن مؤسس وزعيم حزب «العمال» الكردستاني، عبد الله أوجلان، لا يزال هو «رجل الضرورة» عند الحديث عن حل المشكلة الكردية في تركيا.

أسس أوجلان (75 عاماً)، الذي يعدّه الأكراد «بطلاً»، حزب «العمال» الكردستاني في منطقة ليجه في ديار بكر في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1978، وقاد منذ عام 1984 تمرداً أودى بحياة عشرات آلاف الأشخاص، مع تباين تقديرات عدد الضحايا بين 15 و40 ألف شخص، في ظل سعيه إلى نيل الحكم الذاتي للأكراد في جنوب شرقي تركيا.

اعتُقل أوجلان في 15 فبراير (شباط) 1999 في نيروبي؛ في عملية لقوات الأمن التركية بمساعدة مصر وإيران، بعدما كانت تركيا وسوريا على شفا الحرب؛ بسبب إيواء الأخيرة أوجلان في أراضيها، وتم نقله إلى تركيا، حيث جرت محاكمته وصدر حكم بإعدامه في 29 يونيو (حزيران) 1999، بتهمة «تأسيس وقيادة منظمة إرهابية».

أكراد خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن أوجلان (أ.ف.ب)

لكن الحكم لم ينفَّذ عندما ألغت تركيا عقوبة الإعدام عام 2004، في إطار مفاوضاتها للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. وخُفِّف الحكم على أوجلان إلى عقوبة السجن مدى الحياة، مع عدم إمكانية الإفراج المشروط عنه، ليقبع منفرداً في زنزانة بسجن إيمرالي في بحر مرمرة جنوب إسطنبول.

لم يطوِ النسيان صفحة أوجلان رغم سجنه، فنظراً لتأثيره الشديد على الأكراد في تركيا والمنطقة المحيطة بها، ظل دائماً مفتاح الحل كلما تأزَّمت القضية الكردية وتداعياتها في تركيا.

وتمَّ اللجوء للحوار معه في عام 2012، حيث التقاه هاكان فيدان الذي كان نائباً لرئيس المخابرات التركية في ذلك الوقت، وأصبح رئيسها في عام 2013 قبل أن يصبح وزيراً للخارجية عام 2023. وسبق هذا اللقاء إطلاق «عملية الحل»، أو «السلم الداخلي»، في تركيا التي كانت تستهدف حل المشكلة الكردية، ووقف نشاط حزب «العمال» الكردستاني.

محاولات نزع السلاح

وأعقب زيارة فيدان في 2012، لقاء وفد حزبي من نواب حزب «السلام والديمقراطية»، ضمّ بروين بولدان، وسري ثريا أوندر، وإدريس بالوكين في مارس (آذار) 2013، وهو الوفد الذي يُعرف إعلامياً بـ«وفد إيمرالي». وأسفرت اللقاءات مع أوجلان عن إطلاق رسالته في احتفالات «عيد النيروز»، لحزب «العمال» الكردستاني بديار بكر لإلقاء السلاح ومغادرة مقاتليه إلى خارج الحدود.

النائب الكردي سري ثريا أوندر يقرأ «إعلان دولمه بهشه» وإلى جانبه نائب رئيس الوزراء التركي يالتشين أكدوغان في 2015 (أرشيفية - رويترز)

وأعلن القائد الحالي لـ«العمال» الكردستاني، مراد كارايلان، في 25 أبريل (نيسان) 2013 أن حزب «العمال» الكردستاني سيبدأ بالانسحاب في 8 مايو (أيار)، وأعلن وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، لكن الرئيس رجب طيب إردوغان عاد لاحقاً في 2015، وقال إن 15 في المائة فقط من مقاتلي الحزب انسحبوا.

وتضمّنت العناصر الأساسية لعملية الحل نزع سلاح «العمال الكردستاني»، والإصلاحات الديمقراطية، وتوسيع حقوق الهوية الكردية، ولعب أوجلان دوراً رئيسياً في هذه المفاوضات.

واستمرَّت المفاوضات بين 2013 و2015، التي مثَّل الحكومة فيها نائب رئيس الوزراء آنذاك، يالتشين أكدوغان، ونائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية»، ماهر أونال، ووزير الداخلية أفكان آلا، إلى جانب «وفد إيمرالي».

وانتهت المفاوضات بصدور ما عُرف بـ«إعلان دولمه بهشه»، نسبة إلى قصر دولمه بهشه، الذي استضاف جولاتها، وتضمن بنوداً مثل تخلي حزب «العمال» الكردستاني عن الكفاح المسلح، وإعطاء الأولوية للحلول السياسية، مع التركيز على قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

فشل المفاوضات

«سجن إيمرالي» شديد الحراسة حيث يقبع أوجلان (إعلام تركي)

وكانت «عملية الحل» واحدة من أكثر المحاولات الملموسة لإنهاء الصراعات بين الدولة التركية وحزب «العمال» الكردستاني، قبل أن يسحب إردوغان اعترافه بها في 2015، ويعلن أنه لم يرَ من المناسب أن يظهر مسؤولون من حكومته وحزبه إلى جانب مجموعة من نواب حزب في البرلمان «يدعم الإرهاب»، وذلك على خلفية التوترات السياسية في البلاد. وعاد «العمال الكردستاني» عقب ذلك إلى المواجهات المسلحة من جديد.

وبعد قرابة عقد منذ هذه المفاوضات، أحيت موافقة وزارة العدل التركية، (الجمعة) على لقاء نيابي مع أوجلان، مبادرة حل المشكلة الكردية ونزع السلاح.


مقالات ذات صلة

تركيا تهدد بشن هجوم على «وحدات حماية الشعب» الكردية إذا لم تستجب لمطالبها

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتحدث خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول... تركيا يوليو 2024 (رويترز)

تركيا تهدد بشن هجوم على «وحدات حماية الشعب» الكردية إذا لم تستجب لمطالبها

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الثلاثاء، إن تركيا ستشن هجوما عبر الحدود في شمال شرق سوريا ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية إذا لم تلبّ الجماعة مطالب أنقرة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

ماكرون يطرح مقاربة بلاده لحروب ومسائل الشرق الأوسط ويرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع السلطات السورية في دمشق ويؤكد أن فرنسا لن تتخلى عن الأكراد.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي مقاتلون تابعون لفصيل «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا  (أ.ف.ب)

إردوغان يحذّر من أي تقسيم لسوريا... ويؤكد استعداد تركيا للتدخل

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رفضه أي تقسيم لسوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، مشددا على أن أنقرة جاهزة لاتخاذ «الإجراءات اللازمة» في مواجهة أي خطر لذلك.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
TT

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل الإعلامي بموازاة العمل الدبلوماسي والميداني.

ودعا عراقجي في مؤتمر لقوات «الحرس الثوري» إلى التنسيق بين الأنشطة الميدانية لـ«الحرس» والمهام الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها عن ذلك في غضون أسبوع.

وقال إن جزءاً من نهج المقاومة هو «دبلوماسية المقاومة»، وأضاف في السياق نفسه: «الميدان والمقاومة يكملان بعضهما، ولا يمكن فصلهما عن بعض».

وأعرب عراقجي عن دعمه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، قائلاً إن «الميدان بقوته يفتح الطريق للدبلوماسية»، وأضاف: «لقد شاهدنا تجسيداً عملياً للتعاون بين الميدان والدبلوماسية في الساحة السياسية للبلاد في الأشهر الأخيرة»، حسبما أوردت وسائل إعلام «الحرس الثوري».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قد قال، الاثنين، إن «حزب الله» تمكّن من «فرض إرادته» على إسرائيل. وأضاف أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، وأردف في خطابه: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب».

وتطرق عراقجي إلى دور الجنرال قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري»، في توسيع أنشطة «الميدان»، خصوصاً دعم «جبهة المقاومة»، قبل مقتله في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال عراقجي إنه «قام بتحويل مدرسة المقاومة إلى حركة وجبهة مقاومة، وهذه الحركة لا تزال قوية ومشرّفة في المنطقة وتواصل نضالها ضد الكيان الصهيوني والاستكبار».

وقال عراقجي: «لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر».

وأشار بذلك إلى مقتل قيادات جماعات «محور المقاومة»، على رأسهم حسن نصر الله، قائلاً إن مقتله سيجعل من حركة «حزب الله» في لبنان «أقوى وأكثر ثمراً».

وقال عراقجي إن «الضربة التي وُجهت للجيش السوري كانت إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية، وفي الواقع، الجيش السوري هُزم قبل أن يخوض المعركة ولم يتمكن من الصمود».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة «إكس» مطلع الشهر الحالي

وأضاف: «يجب أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا، وأن نكون حذرين من البيئة التي يسعى أعداؤنا لخلقها، وألا نسمح لهم بنشر الإحباط واليأس في البلاد».

ولفت إلى أهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على السردية الإيرانية، وقال: «إلى جانب الميدان والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».

ودفع مسؤولون إيرانيون وقادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، بعد سقوط بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى.

وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية، في مسعى للتقليل من أهمية التقارير بشأن احتمال سقوط الأسد.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا قائد «الحرس الثوري» إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا، وقال إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران»، وذلك بعدما تعرضت منشآت عسكرية في سوريا لضربات إسرائيلية متتالية.

وفي نهاية ديسمبر، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».