إسرائيل لرد رابع أوسع في اليمن... قد يشمل اغتيالات

رئيس «الموساد» يريده في إيران

TT

إسرائيل لرد رابع أوسع في اليمن... قد يشمل اغتيالات

صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)
صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

تدرس إسرائيل شن هجوم كبير ومختلف ضد الحوثيين في اليمن، بعد استمرار إطلاقهم الصواريخ باتجاه تل أبيب، لكن شكل ومكان الهجوم لم يتقررا بعد.

وقالت هيئة البث الرسمية «كان»، إن المستوى السياسي يناقش شن هجوم رابع على أهداف حوثية، وقد بدأ الجيش ببلورة الخطط في هذا الموضوع. ووفق الهيئة، تخطط إسرائيل لشن هجوم أعنف من الهجمات السابقة، وبناء عليه تعمل شعبة الاستخبارات على توسيع بنك الأهداف.

وتواجه إسرائيل تحديات معروفة على جبهة اليمن، وهي نقص المعلومات الاستخباراتية، ليس لأن جهاز الاستخبارات و«الموساد» لم يستثمرا في هذا الجانب، بل لأنهما كانا مشغولين بمهام عاجلة أكثر، مثل لبنان وسوريا وإيران وغزة، والمشكلة الثانية هي المسافة التي تجعل الهجمات معقدة ومكلفة.

أفراد من خدمة الإسعاف بإسرائيل يعاينون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

ومع الأخذ بعين الاعتبار بشأن هاتين القضيتين، ثمة نقاش رئيس في إسرائيل الآن حول ما إذا كان الهجوم المرتقب، سوف يستهدف الحوثيين بغض النظر عن الأهداف، إذا كانت اغتيالات أو استهداف منشآت ومواقع عسكرية، أو يجب أن يكون ضد إيران بصفتها محرك الحوثيين.

ويوجد خلاف حول استهداف إيران؛ إذ فيما يصر رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنيع على «ضرب إيران لردع الحوثيين»، يعتقدون في المستوى السياسي وفي الجيش، أن الحوثيين «يتصرفون بشكل مستقل». وقال مسؤول إسرائيلي لقناة «كان» إن الحوثيين يتصرفون «بشكل مستقل، دون تعليمات من إيران».

وأكد مسؤول رفيع آخر لصحيفة «يديعوت أحرنوت» ذلك، وقال إن الضربات الجوية في اليمن شجعت الحوثيين على الاستمرار في إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، واصفاً إياهم بـ«طفل مستقل وفوضوي».

ويتبنى الجيش الإسرائيلي الموقف، وقال مسؤول فيه، إن الهجوم على إيران «لن يردع اليمنيين، بل سيفتح جبهة مباشرة من جديد». وجاء ذلك رداً على اقتراح بارنيع ضرب إيران بدل اليمن. وقدم بارنيع اقتراحاً في المجلس الأمني السياسي قائلاً إن استهداف إيران سيردع الحوثيين، وسيجعل إيران تضغط على وكيلها في اليمن.

صورة وزَّعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

ووفق «يديعوت»، يعتقد رئيس «الموساد» أن الإيرانيين في رعب من إسرائيل بعد الضربة الأخيرة، وقبل دخول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. لكنّ مسؤولاً رفيعاً في الجيش الإسرائيلي عدّ أن «تأثير الإيرانيين على الحوثيين ليس كما كان تأثيرهم على (حزب الله)». وأكدت «يديعوت أحرنوت» أن إسرائيل مترددة بشأن اقتراح بارنيع، بل يتضح من تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، الذي تحدث عدة مرات خلال 24 ساعة عن هذا الموضوع، أن إسرائيل «ستختار الهجوم على الحوثيين وليس على إيران».

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يقرر. ووفق «يديعوت أحرنوت»، فإنه خلال الحرب، اختار نتنياهو في معظم الأحيان موقف رئيس «الموساد» على موقف الجيش في الحالات التي كان هناك خلاف بينهما. وقد أثبتت هذه الخيارات صحتها، مثلما حدث في عملية «البيجر» واغتيال نصر الله. وأضافت: «من الممكن أن يختار نتنياهو هذه المرة أيضاً نهج بارنيع».

وفي حفل تخريج طيارين جدد في إسرائيل، هدّد رئيس الأركان هرتسي هاليفي إيران والحوثيين معاً، وقال: «ستعرف إيران وسيعرف حلفاؤها والشرق الأوسط بأكمله، أن كل من يحاول تقويض استقرار وأمن دولة إسرائيل سنقف ضده بحزم، والجيش على استعداد للضرب في أي وقت وفي أي مكان».

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

لكن تومر بار قائد سلاح الجو كان أكثر تحديداً، وقال إن قواته التي تحلق في سماء الشرق الأوسط بتفوق كامل ستواصل وستزيد معدل الهجمات ضد الحوثيين في اليمن وستكثفها بقدر الضرورة. وأضاف: «هاجمنا الحوثيين 3 مرات، وسنزيد وتيرة ذلك وفق الضرورة».

وهاجم الحوثيون للمرة الخامسة خلال أسبوع واحد، إسرائيل، فجر الأربعاء، ما اضطر ملايين من سكانها إلى الركض في ساعة متأخرة من الليل إلى الملاجئ... ومع نهاية اليوم، أطلقوا مسيّرة تسللت وسقطت في عسقلان بعد إطلاق صفارات الإنذار.

وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع أن قواته ضربت هدفاً عسكرياً للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي، وحققت أهدافها. لكنّ الجيش الإسرائيلي أعلن أن المنظومة الدفاعية التابعة لسلاح الجو اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن، وعبر إلى المجال الجوي الإسرائيلي في ساعات مبكرة من صباح الأربعاء، ودوت صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى ووسط وجنوب إسرائيل وفي مناطق بالضفة الغربية، وذلك بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض، على ما أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.

وجاء في بيان المتحدث العسكري الإسرائيلي: «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ»، مع شن الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن شظايا الصاروخ سقطت بمنزل في بئر يعقوب وسط إسرائيل، بينما أصيب 9 أشخاص خلال التدافع نحو الملاجئ بعد إطلاق صاروخ من اليمن.

شخص يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع تضامني مع الشعب الفلسطيني في صنعاء (إ.ب.أ)

ومساء الأربعاء، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية إطلاق صفارات الإنذار في عسقلان بعد رصد مسيّرة تسللت من جهة الشرق. وقال الجيش الإسرائيلي إن الطائرة من دون طيار التي اخترقت منطقة عسقلان انطلقت من اليمن، وسقطت في منطقة مفتوحة.

ولم تحدد إسرائيل الأهداف التي ستضربها في اليمن، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية، ألمحت إلى خيارات. ونقلت «يديعوت أحرنوت» عن وزير الدفاع كاتس قوله: «لن نتسامح مع حقيقة أن الحوثيين يواصلون إطلاق النار على دولة إسرائيل، وسنتعامل مع قادة الحوثيين في صنعاء وفي كل مكان باليمن». مضيفة: «بالفعل فإن تصفية قيادة المنظمة هي أحد الخيارات المطروحة، وفقاً للسياسة التي تقول إنه إذا كان إطلاق النار من اليمن على إسرائيل عشوائياً، فإن الرد الإسرائيلي يمكن أن يكون بالمثل». وإضافة إلى الاغتيالات، قالت «القناة 12» الإسرائيلية إن ثمة خيارات أخرى. وأوضحت في تقرير لها أن «الحوثيين قلقون من أن تقوم إسرائيل بتوجيه طائراتها إلى مناطق الاحتكاك مع جيش حكومة عدن، وهم يشعرون بالقلق من أن مثل هذه التفجيرات ستمهد الطريق أمام منافسيهم داخل اليمن للاستيلاء على مناطق جديدة».


مقالات ذات صلة

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تستعد لمناورات «ضخمة» وسط التوتر مع إسرائيل

أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية عن تنظيم مناورات عسكرية شاملة «هجومية - دفاعية»، بهدف التصدي لـ«التهديدات» المحتملة بما في ذلك إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص امرأة إيرانية تمشي أمام لوحة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران (أ.ف.ب)

خاص إيران في ربع قرن... صراع «الثورة» والدولة

مع انقضاء ربع قرن من الألفية الثالثة، تبلغ «الثورة الإسلامية» في إيران منتصف عقدها الرابع بأسئلة عن الصراع بين الآيديولوجية والمصالح في عالم متغير.

عادل السالمي (لندن)
تحليل إخباري جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)

تحليل إخباري نودّع الحرب... ونستعدّ للحرب القادمة

كيف تتصرّف الأمم الصغيرة عند التحوّلات الكبرى؟ ما معنى العقلانية والواقعية السياسيّة في ظل الزلازل الجيوسياسيّة؟

المحلل العسكري
شؤون إقليمية ظريف على هامش اجتماع حكومي (الرئاسة الإيرانية)

ظريف يحذر من «حرب شاملة» في سوريا

حذر محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الأسبق، من اندلاع حرب أهلية شاملة في سوريا، وذلك خلال مبادرة طرحها تدعو لحوار بين دول المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي
صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي
TT

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي
صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي

أعربت طهران عن «قلقها» من «انتشار الفوضى والعنف» في سوريا، ورفضت ما وصفته بـ«الادعاءات المتعلقة بتدخل إيران في الشؤون الداخلية لسوريا»، وذلك بعد يومين من تحذير القيادة السورية الجديدة لطهران «مِن بَثِّ الفوضى في سوريا».

وأطلق المسؤولون الإيرانيون حملة جديدة، تحذر من «حرب شاملة» في سوريا، وتتنبأ بظهور «مقاومة»، بعد أقل من شهر على الإطاحة بنظام بشار الأسد، حليف إيران الأبرز في المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في بيان: «رداً على الإساءة إلى أحد الأماكن المقدسة»، إنه «يشعر بالدهشة من الاتهامات غير المبررة التي وجهتها بعض الأوساط الإعلامية ضد الجمهورية الإسلامية بشأن تدخلها في الشؤون الداخلية لسوريا»، مضيفاً: «هذه الادعاءات مردودة تماماً».

وأفاد البيان المنشور على حساب وزارة الخارجية الإيرانية في شبكة «تلغرام»، بأن «بقائي شدد على المواقف الثابتة لإيران في دعم وحدة الأراضي السورية وسيادتها الوطنية، وأكد ضرورة تشكيل نظام سياسي شامل يشارك فيه جميع الأطياف السياسية والطوائف والمذاهب في البلاد، مع احترام حقوق الأقليات والحفاظ على حرمة الأماكن الدينية».

كما أشار إلى «أهمية منع انتشار الفوضى والعنف ضد مختلف فئات المجتمع السوري وتوفير الأمن للمواطنين».

جاء ذلك، في وقت قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»، وذلك عشية مشاورات صينية - إيرانية في بكين تتناول التطورات الإقليمية.

محسن رضائي يُلقي خطاباً في مناسبة لقواته (دفاع برس)

وكان وزير الخارجية السوري، أحمد الشيباني، قد وجّه تحذيراً، الثلاثاء، إلى طهران «مِن بَثِّ الفوضى في سوريا»، وحمّل المسؤولين الإيرانيين «تداعيات التصريحات الأخيرة».

ودعا المرشد الإيراني علي خامنئي، الأحد، الشبان السوريين إلى «الوقوف بكل قوة وإصرار لمواجهة من صمم هذا الانفلات الأمني ومن نفذه».

وأضاف خامنئي: «نتوقع أن تؤدي الأحداث في سوريا إلى ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء؛ لأن ليس لدى الشباب السوري ما يخسره؛ فمدارسهم وجامعاتهم وبيوتهم وشوارعهم غير آمنة».

في الاتجاه نفسه، قال رضائي الذي قاد «الحرس الثوري» في حرب الثمانينات مع العراق، إن «الشباب والشعب السوري المقاوم لن يصمتوا أمام الاحتلال والعدوان الخارجي»، أو «استبداد مجموعة داخلية». وأضاف: «سيحيون المقاومة في سوريا بشكل جديد في أقل من عام».

وأضاف رضائي، وهو أحد أبرز أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام: «سيفشلون المخطط الخبيث والمخادع الذي تقوده أميركا، والكيان الصهيوني، والدول الإقليمية التي تم التلاعب بها».

وأصدر البرلمان الإيراني، الأربعاء، بياناً يعبر عن تأييده لخطاب خامنئي الأخير قائلاً إن «سوريا ستتحرر بأيدي شبابها»، وإن «جبهة المقاومة لن تتوقف، وستواصل تقدمها بقوة أكبر من السابق»، حسبما نقل الإعلام الحكومي في طهران.

بموازاة ذلك، حذّر محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية ووزير الخارجية الأسبق، من اندلاع حرب أهلية شاملة في سوريا. وقال في رسالة موجهة إلى دول المنطقة، إن «سوريا ما بعد الأسد تمثل تحدياً كبيراً لنا جميعاً».

وأضاف: «العدوان الإسرائيلي المتصاعد الذي يتجاهل السيادة السورية، والتدخلات الأجنبية التي تضعف وحدة الأراضي السورية، إلى جانب مشاهد العنف والوحشية المرعبة التي تذكر بوحشية (داعش)، والعنف العرقي والطائفي، قد تؤدي إلى حرب أهلية شاملة».

وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي إنه «من المبكر الحكم الآن، فهناك العديد من العوامل المؤثرة التي ستحدد مستقبل هذا البلد»، حسبما نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة إكس مطلع الشهر الجاري

وأضاف عراقجي: «في رأيي، من السابق لأوانه إصدار حكم، سواء بالنسبة لنا أو لأولئك الذين يعتقدون أن هناك انتصارات قد تحققت، فالتطورات المستقبلية ستكون كثيرة».

ومن المقرر أن يسافر عراقجي، الجمعة، إلى بكين؛ لإجراء مشاورات حول التطورات الإقليمية والدولية، فضلاً عن العلاقات الثنائية بين البلدين، ومسار تنفيذ اتفاقية الشراكة الشاملة لمدة 25 عاماً.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى. وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية.

وأطاحت المعارضة السورية بالرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد حرب أهلية استمرت 13 عاماً.

حاولت إيران إقناع الأسد، دون جدوى، بتحريك الجيش السوري للدفاع عن دمشق ووقف زحف المعارضة، قبل أن تقرر طهران سحب قواتها، وفقاً لتصريحات أدلى بها عباس عراقجي ومسؤولون آخرون معنيون بالملف السوري.

ووسط إحراج داخلي، دفع قادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، دون الإشارة إلى خسائرهم البشرية والمادية.

وفي 11 ديسمبر، عزا خامنئي سقوط الأسد إلى «خطة أميركية - إسرائيلية»، و«دولة جارة لسوريا»، في إشارة ضمنية إلى تركيا. وقال إن «محور المقاومة» الذي تقوده إيران «سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها»، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

في 17 ديسمبر، قال خامنئي إن «من خلال التحرك الذي حدث في سوريا، والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وأميركا، والمساعدات التي يقدمها البعض لهم، ظنوا أن قضية (المقاومة) قد انتهت في المنطقة». وصرح: «مخطئون بشدة».

والأحد الماضي، قال خامنئي إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

ويعد سقوط الأسد واحدةً من أسوأ الانتكاسات لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، خلال فترة حكم خامنئي الذي بدأ في 1989، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

وأشارت صحيفة «هم ميهن» الإصلاحية المؤيدة للحكومة إلى تحذيرات القيادة الجديدة في سوريا مما وصفوه «محاولات إيران لزعزعة استقرار الحكومة السورية الجديدة».

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن هذه التحذيرات جرى تكرارها من قبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «حيث لا تُخفي تركيا دعمها الرئيسي لـ(هيئة تحرير الشام)، ما يجعلها حساسة تجاه استقرار ونجاح سوريا في فترة حكم هذه المجموعة».

وأضافت: «يعتقد الأتراك أن إيران، بعد فقدان حليفها في سوريا، تسعى لزعزعة استقرار البلاد. كانت وزارة الخارجية الإيرانية في البداية تعتقد أن (هيئة تحرير الشام) ستقيم نظاماً مشابهاً لـ(طالبان)، لكن هذا أصبح غير واقعي. يبدو أن الحكام الجدد في سوريا يحتاجون إلى (عدو خارجي) للحفاظ على تماسكهم، ويركزون على إيران في هذا السياق».