الاشتباكات الداخلية المستمرة في جنين... هل تتحول إلى «فوضى» أوسع؟

السلطة في مواجهة المسلحين مجدداً

عناصر الأمن الفلسطينية ينتشرون في جنين شمال الضفة الغربية بعد اشتباكات مع مسلحين (وكالة الصحافة الفرنسية)
عناصر الأمن الفلسطينية ينتشرون في جنين شمال الضفة الغربية بعد اشتباكات مع مسلحين (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT
20

الاشتباكات الداخلية المستمرة في جنين... هل تتحول إلى «فوضى» أوسع؟

عناصر الأمن الفلسطينية ينتشرون في جنين شمال الضفة الغربية بعد اشتباكات مع مسلحين (وكالة الصحافة الفرنسية)
عناصر الأمن الفلسطينية ينتشرون في جنين شمال الضفة الغربية بعد اشتباكات مع مسلحين (وكالة الصحافة الفرنسية)

منذ 3 أيام متواصلة، تسيطر الاشتباكات المسلحة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومسلحين على ليالي مدينة جنين شمال الضفة الغربية، في مشهد ينذر بمزيد من الفوضى التي تغذيها، بحسب السلطة، أطراف أخرى.

واشتبك مسلحون مع عناصر السلطة، ليلة السبت - الأحد، في شوارع المدينة وحول مؤسسات أمنية، وفي محيط أحد المستشفيات؛ ما أدى إلى إصابات وأضرار، وهي اشتباكات بثتها منصات فلسطينية، اتهم بعضها السلطة بالعمل لصالح إسرائيل في ملاحقة المقاومين، واتهم بعضها الآخر المسلحين بالعمل لصالح أجندات خارجية واستنساخ تجربة الانقلاب في قطاع غزة.

عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة بعد اشتباكات مع مسلحين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة بعد اشتباكات مع مسلحين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

والاشتباكات المسلحة بين عناصر السلطة ومسلحين تابعين للفصائل ليست جديدة، وكانت تندلع بين الفينة والأخرى بسبب اعتقالات أو محاولة اقتحام مخيمات، لكنها تكتسب زخماً أكبر في الأيام القليلة الماضية، وتأخذ طابعاً فيه الكثير من تبادل الاتهامات والتحدي وفرض الهيبة.

وبدأت الحلقة الأخيرة من المواجهات، نهاية الأسبوع الماضي، عندما استولى مسلحون على سيارات تابعة للسلطة الفلسطينية ورفعوا فوقها أعلام حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وجابوا شوارع مخيم جنين بهذه السيارات، في مشهد قال مسؤولون في حركة «فتح» إنه يذكرهم بمشاهد أخرى سابقة في قطاع غزة قبل انقلاب «حماس» هناك، وكذلك في دول مثل سوريا واليمن والعراق.

وبينما حذر مسؤولو «فتح» من بوادر انقلاب، أكد المسلحون أنهم يحتجون على اعتقال مقاتلين ومصادرة أموال، قبل أن تندلع اشتباكات مسلحة واسعة مع خاطفي السيارات الذين هاجموا لاحقاً مقر الأجهزة الأمنية في جنين، ثم توالت الاشتباكات يومياً، وشهدت محاولات قتل متبادلة.

عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين بعد اشتباكات مع مسلحين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين بعد اشتباكات مع مسلحين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

والاشتباكات بين مسلحين وقوات أمنية فلسطينية في جنين، تعد ترجمة لحرب أخرى تبدو أكثر شراسة على منصات التواصل الاجتماعي. ويمكن رصد تحريض كبير على السلطة الفلسطينية في منصة «تلغرام» بوصفها (أي السلطة) شريكاً للإسرائيليين في مواجهة المقاتلين في الضفة، وهو تحريض ترى السلطة أنه منظم وليس شعبوياً.

واتهم مسلحون السلطة، السبت، بمحاولة اغتيال أحد عناصر المقاومة، وقالوا إن السلطة أصابته ولاحقته حتى المستشفى الحكومي، وحاصرته ثم اعتقلته، ووصل الوضع ببعض المنصات بإطلاق نداءات لمهاجمة السلطة، وفك الحصار عن المصاب، لكن السلطة الفلسطينية أوضحت أنها اتهمت مسلحاً بمهاجمة دورية لها قبل أن ترد وتصيبه ثم تعتقله.

وأعلن الناطق باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية، العميد أنور رجب، الأحد، القبض على عدد من الخارجين عن القانون، وإعادة فرض النظام في مدينة جنين، بعد أحداث إطلاق النار على المستشفى الحكومي والأجهزة الأمنية، الليلة الماضية.

وأضاف رجب في اتصال هاتفي مع «وفا» أن الأجهزة الأمنية تمكنت في ساعات متأخرة من الليلة الماضية من فرض النظام في المدينة والمستشفى الحكومي، بعد تسبب الخارجين عن القانون في حريق ضخم داخل المستشفى وتعطيل محطة توليد الأكسجين، وأكد أن المؤسسة الأمنية ستواصل ملاحقة الخارجين عن القانون للحفاظ على السلم الأهلي والأمن المجتمعي، وحماية وصون حقوق المواطن، ودمه، وممتلكاته، لا سيما أن هؤلاء يحاولون المس بحياة المواطنين وممتلكاتهم، وبالمؤسسات التي تقدم الخدمات للمواطنين، مثل: المدارس، والمستشفيات، ومقرات الأجهزة الأمنية.

حاجز للأمن الفلسطيني وسط شارع في مدينة جنين الجمعة الماضي (رويترز)
حاجز للأمن الفلسطيني وسط شارع في مدينة جنين الجمعة الماضي (رويترز)

وردت «كتيبة جنين» ببيان عدَّت فيه أن الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية «تغرّد خارج السرب والصف الوطني»، واتهمت «كتيبة جنين»، الأجهزة الأمنية بإطلاق النار على الأهالي في مخيم جنين واقتحام مستشفى ابن سينا في المدينة، واختطاف أحد الجرحى. وطالبت «كتيبة جنين» بوقف ما سمته «عدوان الأجهزة الأمنية على أبناء الشعب» وردع ممارساتها.

والمجاهرة في تحدي السلطة الذي يصل إلى بث بيانات مرئية لمسلحين مكشوفي الوجه، يأتي في وقت تحاول فيه السلطة استعادة الهيبة والردع وإثبات حضورها وجاهزيتها لتحمل المسؤولية في قطاع غزة كذلك، وليس فقط الضفة الغربية.

واندلعت اشتباكات مع السلطة خلال الشهور الماضية في مناطق أخرى منها طولكرم ونابلس والخليل ما أثار مخاوف حول إمكانية تمدد الفوضى.

وقالت مصادر أمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن ما يحدث في جنين وشمال الضفة بشكل عام ليس تصرفات فردية، بل إن «ثمة من يحرك بعض المسلحين. بالنسبة لنا هناك أصابع خفية دعمت في السابق انقلاباً بغزة وتريد فوضى الآن في الضفة».

وخلال عام الحرب هاجمت الرئاسة و«فتح»، إيران أكثر من مرة، واتهمتها بالتدخل في الشأن الفلسطيني ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى، وجاءت الاتهامات في أعقاب اشتباكات مع مسلحين. ولا تريد السلطة أي مواجهة مع إسرائيل حتى بعد حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول) التي عمقت من أزمتها الوجودية إلى حد ما.

وبينما تحاصر إسرائيل السلطة سياسياً ومالياً وتسعى إلى تفكيكها، فهي (السلطة) متهمة في الشارع الفلسطيني بمساعدة إسرائيل على مواجهة المسلحين في الضفة ومنع العمليات، في مفارقة لافتة. وثمة نقاش داخلي في السلطة حول الطريقة التي يجب أن تدار بها الأمور على الأرض.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة تراعي الظروف المعقدة، ولا تريد أن تظهر في مواجهة أي أحد في وقت الحرب. ومشكلة السلطة الرئيسية أنها متهمة بالعجز في مواجهة إسرائيل، والتقصير في إدارة شؤون الفلسطينيين الداخلية مثل الأمن وانتظام الرواتب وحل مشاكل التعليم والصحة والمرور وتقوية الاقتصاد.

عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عناصر الأمن الفلسطينية عند حاجز طريق في مدينة جنين الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

لكن لا تنوي السلطة الاستسلام، وتعتقد أنها في معركة «تكون أو لا تكون»، ويعمل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منذ ما قبل الحرب على إحداث أوسع تغيير ممكن في السلطة الفلسطينية، استجابة لمطالب دولية بإجراء إصلاحات وتغييرات تمكن السلطة من تسلم قطاع غزة. وأجرى عباس خلال الشهور الماضية تغييراً حكومياً، وعيَّن محافظين جدد، وأجرى تنقلات لقادة الأجهزة الأمنية، وفي السفارات الفلسطينية، وأصدر مرسوماً يحدد فيه مَن يتسلم منصبه في حال شغوره فجأة.

وكان عباس يريد كذلك اختيار قيادة جديدة لـ«فتح» عبر عقد المؤتمر الثامن للحركة الذي كان يفترض أن ينتهي باختيار لجنة مركزية جديدة، ومجلس ثوري في إطار ترتيبات داخلية تضمن انتقالاً سلساً للسلطة، لكن هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته «حماس»، وجر حرباً طاحنة على قطاع غزة خلط كل الأوراق. ويعتقد أن تدفع أحداث جنين السلطة إلى التحرك بشكل أكبر، بعدما بدأت تشعر بأن مسلحين بدأوا يدخلون إلى الفراغ ويهددون بقاءها.

وأكد الناطق الأمني، العميد رجب، أن لدى المؤسسة الأمنية قراراً بملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بالأمن ومقدرات المواطنين، واتخاذ المقتضى القانوني بحقهم، حفاظاً على المجتمع والسلم الأهلي، وأضاف: «هذه المجموعات وتحت عناوين مضللة تقوم بزرع عبوات في الشوارع العامة وبجانب المدارس، والمستشفيات، وهو ما عرض حياة المواطنين للخطر أكثر من مرة»، وأردف: «الأجهزة الأمنية ستبذل كل جهد ممكن في ملاحقة هؤلاء الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: لن نسمح للسلطة الفلسطينية بتولي الأمور في الضفة الغربية

المشرق العربي مستوطنون وجندي إسرائيلي بمدينة الخليل في الضفة الغربية يوم 24 مارس 2025 (أ.ف.ب)

إسرائيل: لن نسمح للسلطة الفلسطينية بتولي الأمور في الضفة الغربية

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الثلاثاء، إن إسرائيل لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

عباس يعتمد موازنة 2025 بعجز مالي يقارب 7 مليارات شيقل

قالت الحكومة الفلسطينية، الاثنين، إن الرئيس محمود عباس اعتمد الموازنة العامة لعام 2025 بعجز مالي يقترب من 7 مليارات شيقل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية مصلون في الجمعة الأخيرة من رمضان بحرم المسجد الأقصى في القدس (إ.ب.أ)

تحذير من خطورة إجراءات إسرائيلية لتقويض مؤسسات السلطة

حذّرت وزارة الخارجية والمغتربين، من خطورة سياسة وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف تقويض مؤسسات دولة فلسطين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا اجتماع اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية الأحد بالقاهرة بمشاركة أوروبية (الخارجية المصرية)

«الوزارية العربية - الإسلامية» تدعو إلى عودة فورية لوقف النار في غزة

دعت اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية في اجتماع، الأحد، بمشاركة أوروبية، إلى استئناف مفاوضات هدنة غزة، مشددين على رفض التهجير.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون فرُّوا من رفح يصلون إلى خان يونس وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي المتجدد على قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

عباس: إسرائيل تسعى لتهجير الفلسطينيين بهدف تصفية القضية «وهو ما لن نسمح به»

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم (الأحد) إن إسرائيل تسعى لتهجير الفلسطينيين «لصالح مخططاتها التوسعية غير الشرعية، والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

نتنياهو يتراجع عن مُرشحه لـ«الشاباك» بعد رفض يميني وأميركي

الشرطة الإسرائيلية تلقي القبض على متظاهر ضد حكومة نتنياهو يوم الاثنين في القدس (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تلقي القبض على متظاهر ضد حكومة نتنياهو يوم الاثنين في القدس (أ.ف.ب)
TT
20

نتنياهو يتراجع عن مُرشحه لـ«الشاباك» بعد رفض يميني وأميركي

الشرطة الإسرائيلية تلقي القبض على متظاهر ضد حكومة نتنياهو يوم الاثنين في القدس (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تلقي القبض على متظاهر ضد حكومة نتنياهو يوم الاثنين في القدس (أ.ف.ب)

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، عن قراره تسمية القائد السابق للبحرية الإسرائيلية إيلي شارفيت رئيساً لجهاز الأمن العام «الشاباك»، بعد نحو 24 ساعة على إعلانه المفاجئ، وذلك بعد رفض واستياء أميركي، وغضب بين حلفائه في اليمين الإسرائيلي.

وأكد بيان صادر عن مكتب نتنياهو، الثلاثاء، أنه التقى شارفيت الليلة الماضية لإبلاغه بأنه لن يكون الرئيس القادم لـ«الشاباك»، وأنه «يشكره على استعداده للخدمة»، لكنه أبلغه أنه «ينوي إجراء مقابلات مع مرشحين آخرين بعد مزيد من التفكير».

وكان نتنياهو قد أعلن عن تسمية شارفيت صباح الاثنين، ليخلف رونين بار على رأس «الشاباك»، في خطوة أثارت دهشة وغضباً لدى حلفائه واليمين المتشدد في إسرائيل، الذي يتهم شارفيت بالمشاركة في الاحتجاجات الضخمة التي اندلعت عام 2023 ضد خطط الحكومة لإصلاح القضاء.

إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية الذي كان مرشحاً لرئاسة «الشاباك» (أ.ب)
إيلي شارفيت القائد السابق للبحرية الإسرائيلية الذي كان مرشحاً لرئاسة «الشاباك» (أ.ب)

كما قال رافضو تولي شارفيت للجهاز إنه «معارض لسياسات الحكومة في قطاع غزة»، وكان داعماً لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية لبلاده مع لبنان عام 2022 في عهد حكومة يائير لابيد، التي عارضها نتنياهو، إذ كان زعيم المعارضة آنذاك.

امتعاض أميركي

وإضافة إلى المشكلات الداخلية، واجه نتنياهو امتعاضاً، عبّر عنه سياسيون أميركيون رفضوا تعيين شارفيت الذي انتقد سياسة الرئيس دونالد ترمب المناخية.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن نتنياهو كان على علم بكل ذلك، وقرّر التعيين بناء على مجموعة الاعتبارات؛ إلا أنه بسبب الضغوط السياسية قرر التراجع عن التعيين خلال يوم واحد فقط، استناداً إلى أن إدارة ترمب «لم تكن متحمسة» للتعيين بسبب انتقاداته الرئيس في مسألة أزمة المناخ.

وكان السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام، كتب على منصة «إكس»، إن «هذا التعيين أكثر من مجرد إشكالية. تصريحات شارفيت حول الرئيس ترمب ستخلق ضغوطاً غير ضرورية في وقت حرج».

وجاء الاستياء الاميركي بعد حملة ضغوط إسرائيلية داخلية من حلفاء نتنياهو واليمين.

وكتبت عضو الكنيست، تالي غوتليب، من حزب «الليكود»، على حسابها على «إكس»: «ماذا يحدث هنا؟ ألا يوجد أي يمينيين عظماء وشجعان وذوي خبرة لقيادة الشاباك؟ (...) رئاسة جهاز الشاباك في هذه الأيام تتطلب حمضاً نووياً مختلفاً وخاصاً للغاية. ليس لديك الحقّ في ارتكاب خطأ. حتى في جهاز (الشاباك) حيث يوجد خلافات مع نتنياهو لم يرحبوا بالتعيين، باعتبار الرجل الذي خدم 36 عاماً في قوات الدفاع الإسرائيلية، بينها 5 أعوام قائداً للبحرية، ليس من صلب الجهاز، ولا يفهم في الاستخبارات».

«معركة (الشاباك) مستمرة»

ويعتقد عناصر «الشاباك» المؤيدون لرئيسه، المجمدة إقالته، رونين بار، أن نتنياهو يريد إجبار بار على ترك موقعه في أسرع وقت، رغم وجود قرار قضائي بتجميد إقالته.

وكان نتنياهو قد أقال بار قبل أسبوعين، في خطوة أحدثت زلزالاً سياسياً وقانونياً، ووحّدت المعارضة ضد نتنياهو وحكومته، وأطلقت سلسلة من الاحتجاجات أعادت إسرائيل إلى انقسام ما قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وجاءت إقالة رئيس «الشاباك» في الوقت الذي كان يحقق خلاله الجهاز مع موظفين في مكتب نتنياهو، في وضع وصفته المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف - ميارا، بأنه يشكل «تضارب مصالح» يمنع إقالة بار.

وبعد تقديم المعارضة ومنظمة غير حكومية طعوناً، علّقت المحكمة العليا في 21 مارس (آذار) الماضي إقالة بار، إلى حين النظر في المسألة، في مهلة أقصاها 8 أبريل (نيسان) الحالي.

وفي تطور لاحق، أعلنت الشرطة الإسرائيلية (الاثنين) عن اعتقال اثنين من المشتبه بهم في القضية المعروفة باسم «قطر غيت». وهما الموظفان في ديوان نتنياهو؛ إيلي فيلدشتاين، ويوناتان أوريخ.

وجاء الاعتقال على خلفية القضية التي أطلقها «الشاباك» الشهر الماضي ضد ديوان نتنياهو.

رونين بار رئيس جهاز «الشاباك» المُقال (أ.ف.ب)
رونين بار رئيس جهاز «الشاباك» المُقال (أ.ف.ب)

ورفض نتنياهو، الذي يُحاكم بتهم فساد أخرى ينفي ارتكابها، الاتهامات المتعلقة بمساعديه وقطر، ووصفها بأنها «أخبار كاذبة» وحملة ذات دوافع سياسية ضده.

كما نفى مسؤول قطري الاتهامات، ووصفها بأنها جزء من «حملة تشهير» ضد بلاده.

وقال نتنياهو، في تعقيب بعد أن أدلى بشهادته في القضية، إن «يونتان أوريخ وإيلي فيلدشتاين محتجزان كرهائن»، مضيفاً أن هذه «مطاردة سياسية» تهدف إلى منع إقالة رئيس «الشاباك»، و«الدفع نحو الإطاحة برئيس وزراء يميني».

مظاهرات متوقعة

ويُفترض أن تبتّ المحكمة في قرار إقالة بار الأسبوع المقبل، وقالت هيئة البثّ الاسرائيلية إن الجلسة المنظورة أمام المحكمة العليا ستُبث على الهواء يوم الثلاثاء المقبل، 8 أبريل.

واستباقاً لمظاهرات حاشدة متوقعة بموازاة المحاكمة، توجه مئات من كبار ضباط الشرطة السابقين، بما في ذلك 7 مفوضين، إلى رئيس الشرطة داني ليفي، مطالبين إياه بالإعلان عن امتثال منظمته للقانون، والنائب العام، وحكم المحكمة العليا، وقالوا له إن «صمتك المدوي يقوض أسس الشرطة ويضرّ بالثقة العامة».

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين أغلقوا طريقاً تؤدي إلى الكنيست (أ.ب)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين أغلقوا طريقاً تؤدي إلى الكنيست (أ.ب)

وجاءت الرسالة بعد أن تجنّب ليفي الإدلاء بتصريحات حول هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة.

وقالت «القناة 13» إنه «في ظل المخاوف من صدام السلطات الذي من شأنه أن يؤدي إلى أزمة دستورية، طلب الموقعون موقفاً واضحاً من قائد الشرطة». وكتب الموقعون: «لم تكن شرطة إسرائيل يوماً أداةً بيد الحكومة».

وعلاقة بار بالشرطة متوترة، وكان قد قال في جلسات سابقة إنه «لا يوجد جهاز شرطة في إسرائيل، وإنما شرطة تابعة لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير».