رفضت المحكمة المركزية في القدس طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأجيل الإدلاء بشهادته في المحاكمة التي بدأت منذ أكثر من 4 سنوات، وقال قضاتها في الرد: «لسنا مقتنعين بحدوث تغيير جوهري قد يبرر تغيير موعد الشهادة». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه بناءً على هذا التطور، يتعين على نتنياهو المثول أمام المحكمة كما هو مخطط بداية الشهر المقبل.
وكان محامو نتنياهو قد طلبوا إرجاء الموعد لشهرين ونصف الشهر، بسبب بانشغاله في الحرب، ووقوع سلسلة من الأحداث الأمنية التي لم تسمح له بالتحضير للإدلاء بشهادته. وقال محاميه عميت حداد إن تقديم طلب التأجيل جاء بسبب أن احتياجات الدولة أكبر وتتقدم على احتياجات نتنياهو «وعندما تحتاج أمور أخرى إلى الاستعداد أو الاهتمام بها، فهو يعتني بها أولاً. هذا هو التوقع الأساسي، فهو يضع احتياجات الدولة قبل احتياجاته الخاصة». وأضاف: «طلب التأجيل متواضع ومدروس... لأسابيع عدة لم نتمكن من لقاء رئيس الحكومة. لا نطلب تساهلاً مع شخصية مشهورة، ولكن ليس تشدداً تجاهها أيضاً». وتابع: «إذا تطورت حرب أخرى وحدث آخر، هل تذهب الدولة إلى الجحيم بينما الأمر الأساسي هو أن يشهد رئيس الحكومة في المحكمة؟».
وردت المحكمة أنها أخذت هذا الموضوع (الحرب) بالاعتبار، وعلى الرغم من ذلك قررت رفض الطلب، معتبرة أنه كانت لدى رئيس الوزراء فترة زمنية كافية للاستعداد لمرحلة الإدلاء بشهادته. وذكر القضاة أنه في القرار الصادر في 9 يوليو (تموز) 2024، مُنح الدفاع فترة خمسة أشهر للتحضير. وفي قرارنا الحالي، أخذنا في الاعتبار الوقت المحدد في القرار المذكور (السابق)، والوقت المتبقي حتى موعد الجلسة؛ حيث سيكون من الممكن استكمال التحضير لبدء مرافعة الدفاع. وعقب محامي نتنياهو بالقول: «طلبنا الحد الأدنى من الحد الأدنى. ثم تلقينا رد الدولة، وقد فاجأني ذلك... ماذا يحاولون؟ وما هو ترتيب الأولويات؟ أنه يدير الحرب هل يجب أن نتجاهل ذلك؟».
وردت المحامية يهوديت تيروش من مكتب المدعي العام قائلة: «لا أستطيع أن أتخيل أن رئيس الوزراء غير مستعد للإدلاء بشهادته. وإلا لما كان محامي الدفاع قد قدم الطلب إلا قبل أسبوعين فقط من الشهادة... المحكمة درست النظر في الحرب وأخذت ذلك بالاعتبار وتم منح 5 أشهر للتحضير لمرافعة الدفاع». وأضافت: «لا يمكن للمتهم أن يملي شروطه على ما يحدث في محاكمته».
وكان مكتب المدعي العام قد أصدر بياناً قال فيه إن «بدء مرافعة الدفاع في الوقت المحدد يتم من أجل الحفاظ على المصالح العامة وعدالة الإجراءات والمبدأ الأساسي الذي يقضي بأن الجميع متساوون أمام القانون... وعلاوة على ذلك، فإن جميع الأسباب المفصلة في الطلب الحالي قد تم عرضها بالفعل على هذه المحكمة، وأخذها في الاعتبار عند تحديد موعد مرافعة الدفاع».
لكن أوساط نتنياهو هاجمت مكتب المدعي العام. وقالت مصادر مقربة منه لموقع «واي نت» إن «المصلحة العامة هي أن تظهر العدالة إلى النور، وليس المضي قدماً بأي ثمن. ادعاء المدعي العام أن المصلحة العامة هي إنهاء المحاكمة بسرعة يثير تساؤلات، خصوصاً عندما قام مكتب المدعي العام نفسه بتأخير الإجراءات مراراً وتكراراً، ومنع الدفاع من الحصول على مواد بالغة الأهمية وتباطؤه لأشهر عدة».
وبدأت محاكمة نتنياهو منذ أكثر من 4 سنوات، في ملفات عدة، وهو متهم بالاحتيال وخيانة الأمانة في قضيتين والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في قضية ثالثة. وقد وُجهت إليه الاتهامات قبل ما يقرب من 5 سنوات، في يناير (كانون الثاني) 2020، وبدأت المحاكمة في مايو (أيار) من ذلك العام. وقد نفى نتنياهو باستمرار ارتكاب أي مخالفات وزعم أن التهم ملفقة في حملة «صيد ساحرات» تقودها الشرطة والنيابة العامة.
ولم يعتلِ نتنياهو حتى الآن منصة الشهود، رغم أنه ظهر أمام المحكمة في عدد قليل من المناسبات. وباعتباره المتهم الرئيسي، من المقرر أن يكون نتنياهو أول شخص يواجه الاستجواب المضاد، حيث يقدم الدفاع شهوده في القضايا الثلاث. وأثارت وسائل إعلام إسرائيلية قضية أخرى تجعله يتجنب المحكمة. وقالت تقارير إن نتنياهو يعمل حالياً في الغالب من غرفة محصنة في الطابق السفلي من مكتبه، وليس من مكتبه المعتاد في طابق أعلى، وفقاً لتعليمات من مسؤولي الأمن.
وذكرت القناة 12 أن نتنياهو أبلغ زملاءه أنه تلقى تعليمات باستخدام غرفة في الطابق السفلي محمية بشكل أفضل وتجنب الوجود في «أماكن دائمة» معروفة، بسبب المخاوف المستمرة بشأن المسيرات وهجمات أخرى، بعد أن ضربت مسيّرة أطلقها «حزب الله» منزله في قيسارية الشهر الماضي.
ومن المقرر أن يبدأ نتنياهو بالإدلاء بشهادته في 2 ديسمبر (كانون الأول) مع بداية دفاع فريقه القانوني، بعد أن اختتمت النيابة العامة مرافعاتها في وقت سابق من هذا العام. ومن المتوقع أن تستمر هذه الشهادة ساعات عدة في اليوم وأن تستغرق أسابيع حتى تكتمل.
ورفض نتنياهو التنحي عن منصبه عندما تم تقديم لوائح الاتهام ضده، بدعوى أنه قادر على المثول للمحاكمة بينما يقود البلاد أيضا. ويتوقع الإسرائيليون أن تستمر المحكمة في قضية نتنياهو حتى عامي 2028 و2029.