إردوغان: لن نسمح باستغلال إرادة الأمة وموارد السلطة المحلية لدعم الإرهاب

اعتقال العشرات بسبب احتجاجات على عزل رؤساء بلديات وتوقيف صحافي

مواجهات بين الشرطة ومحتجّين على عزل رؤساء بلديات جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)
مواجهات بين الشرطة ومحتجّين على عزل رؤساء بلديات جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)
TT

إردوغان: لن نسمح باستغلال إرادة الأمة وموارد السلطة المحلية لدعم الإرهاب

مواجهات بين الشرطة ومحتجّين على عزل رؤساء بلديات جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)
مواجهات بين الشرطة ومحتجّين على عزل رؤساء بلديات جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

أكّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه لن يُسمَح بالسياسة المدعومة بالإرهاب في البلاد، بينما أعلنت وزارة الداخلية اعتقال عشرات من المشاركين في احتجاجات على عزل 3 من رؤساء البلديات المنتخبين في مدن ذات غالبية كردية بجنوب شرقي تركيا.

وقال إردوغان: «مثلما لا يوجد مجال للإرهاب في مستقبل تركيا، فلا يوجد أيضاً مجال للسياسة المدعومة بالإرهاب». وأضاف إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع حكومته، الأحد، بالتزامن مع إحياء الذكرى 86 لوفاة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، أنه «لا يمكننا أن نغضّ الطرف عن قيام المنظمة الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني) بإنشاء آليات ابتزاز مع السلطات المحلية، ولا يمكننا أن نتسامح مع إعطاء موارد البلاد والأمة لبارونات الإرهابيين بغضّ النظر عن حزبهم».

إردوغان متحدثاً في مؤتمر صحافي عقب ترؤسه اجتماع حكومته الأحد (الرئاسة التركية)

وتطرّق إردوغان إلى اعتقال رئيس بلدية أسنيورت، المنتخب من صفوف «حزب الشعب الجمهوري» في إسطنبول، أحمد أوزار، وعزل رؤساء بلديات: ماردين، وبطمان، وهالفيتي التابعة لولاية شانلي أورفا، المنتخبين من صفوف «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيّد للأكراد، بالتُّهَم ذاتها، وهي دعم الإرهاب، والارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني»، وعيّنت وزارة الداخلية أوصياء حلوا محلهم.

وقال إن «تركيا عازمة على تدمير مؤامرة الموت الدموية والغادرة التي يغذّيها بارونات الإرهاب في قنديل (قيادات «العمال الكردستاني» في شمال العراق)، ولن تتراجع عن ذلك، وفي بلدنا، على الرغم من أن الأبواب الشرعية للسياسة المدنية مفتوحة على مصراعيها، فلا يمكن أبداً أن يتوقع أحد التسامح مع من يستغلّون ثقة الأمة وموارد البلديات لإنشاء آليات ابتزاز، بغضّ النظر عن الحزب الذي ينتمون إليه».

جانب من اجتماع الحكومة التركية برئاسة إردوغان في أنقرة الأحد (الرئاسة التركية)

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الداخلية التركية توقيف 33 شخصاً من بين 253 أُلقي القبض عليهم، خلال الأسبوع الأخير، في احتجاجات على إقالة 3 رؤساء بلديات مؤيدين للأكراد اتُّهِموا بـ«الإرهاب».

كما أوقفت محكمة في إسطنبول صحافياً يعمل في موقع «10 خبر»، بسبب سلسلة منشورات حول اعتقال رئيس بلدية أسنيورت، واتهمته السلطات بصلات مع «حزب العمال الكردستاني»، حسبما أكّد محاميه.

وأعلنت الداخلية التركية، في بيان الأحد، القبض على 253 شخصاً منذ الاثنين الماضي؛ لمشاركتهم في مظاهرات غير قانونية، واستهداف عناصر في قوات الأمن، وتم توجيه تُهَم إلى 33 منهم وسجنهم، ووضع 37 قيد المراقبة القضائية، و3 آخرين قيد الإقامة الجبرية.

وأثار عزل رؤساء بلديات ماردين وبطمان وهالفيتي، في جنوب شرقي البلاد، الأسبوع الماضي، غضباً واحتجاجات من السكان، وتنديداً من المجلس الأوروبي، ومنظمات مدافِعة عن حقوق الإنسان.

مظاهرة احتجاجية على اعتقال رئيس بلدية أسنيورت في إسطنبول (حساب رئيس «حزب الشعب الجمهوري» على «إكس»)

وأصدرت السلطات على الفور قراراً بحظر التجمّعات في عدة ولايات بجنوب شرقي البلاد ذي الغالبية الكردية، في محاولة لقمع الاحتجاجات التي تحوّلت إلى عنف بين السكان والشرطة، تخللَتها أعمال تخريب وسطو.

وأمرت محكمة في إسطنبول، ليل السبت – الأحد، بحبس الصحافي فرقان كاراباي، مراسل موقع «10 خبر» الإخباري، بعد القبض عليه فجر الجمعة، بعد أن كتب على حسابه في «إكس» أسماء مدّعي العموم الذين يحقّقون مع رئيس بلدية أسنيورت، أحمد أوزار الذي اعتُقل الأربعاء قبل الماضي بتُهَم الإرهاب، والاتصال بقيادات في «حزب العمال الكردستاني»، وتعيين وصي على البلدية.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، أمرت المحكمة باعتقال كاراباي، تمهيداً لمحاكمته، وقضت بأن منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي «تستهدف مسؤولين عموميين يعملون على مكافحة الإرهاب».

اعتصام لأعضاء «حزب الشعب الجمهوري» أمام بلدية أسنيورت في إسطنبول احتجاجاً على اعتقال رئيسها (إكس)

ونفى كاراباي الاتهام الموجَّه إليه، قائلاً إن أسماء المدّعين أوردها عدد من وسائل الإعلام، وإن رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، ذكر اسم المدعي العام الذي يترأس التحقيق بنفسه.

وقال محامي كاراباي، أنس إيرمانر، إن اعتقال موكله «غير قانوني»، وإنه اعتُقل بسبب نشر معلومات حول أشخاص معروفين، واصفاً الأمر بـ«المُخجِل».

واستنكر «حزب الشعب الجمهوري»، وعديد من المنظمات الحقوقية والصحافية، توقيف الصحافي، وقال ممثّل منظمة «مراسلون بلا حدود» في تركيا، إيرول أوندر أوغلو، إن احتجازه قبل محاكمته يُعدّ محاولة لمعاقبته مسبقاً.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تؤكد في اتصالاتها مع جميع الأطراف ضرورة عدم جرّ العراق إلى دوامة العنف، وتقدم الدعم «الأهم» لجهود تعزيز وإعادة إعمار هذا البلد.

وخلال مناقشة ميزانية وزارة الخارجية في لجنة التخطيط بالبرلمان التركي التي عُقدت الخميس واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وصف فيدان زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق في أبريل (نيسان) الماضي بأنها «نقطة تحول حاسمة» في العلاقات بين أنقرة وبغداد.

وذكر أنه تم التوقيع على 27 وثيقة قانونية خلال الزيارة لتعزيز الإطار المؤسسي للعلاقات العراقية - التركية، مضيفاً أنهم يديرون آليات التعاون مع العراق بشكل فعال، ويدعمون بشكل كامل مشروع «طريق التنمية» الذي تعتبر تركيا شريكاً طبيعياً فيه، ويكثفون الاتصالات التي تركز على الأمن ومكافحة الإرهاب مع العراق.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعدّ فيدان أن إعلان حزب العمال الكردستاني «منظمة محظورة» من قبل العراق، «خطوة حاسمة» بالنسبة لتركيا، وقال: «توقعاتنا أن يعترف العراق، رسمياً، بحزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية)، ويصفيه بالكامل من أراضيه».

وتابع الوزير التركي: «ما لم تتم تلبية مخاوفنا الأمنية المشروعة، فإن عملياتنا لمكافحة الإرهاب خارج حدودنا، والتي نقوم بها وفقاً للقانون، ستستمر من دون تباطؤ».

ووصف وزير الخارجية التركي علاقات بلاده مع إقليم كردستان العراق بأنها «فوق العادة» وجيدة للغاية، كما تسعى أنقرة إلى حل المشاكل بين بغداد وأربيل. وأعلن عن تطورات إيجابية فيما يتعلق بتصدير نفط الإقليم.

وقال فيدان إن الحديث عن «تركيا الحامي الوحيد للكرد عبر الحدود ليس له معنى»، وأضاف: «إننا الحامي الوحيد والداعم الحقيقي للبوسنيين والألبان في البلقان، وإننا أيضاً نحمي التركمان والكرد... هؤلاء موجودون في شرقنا وجنوبنا، هذا هو التاريخ، ونحن لا نغيره».

وتابع أن «تركيا ضد تجنيد الكرد في سوريا في صفوف حزب (العمال)، ويجب إبعاد جميع كوادره من تركيا والعراق وإيران، وأن يبقى السوريون هناك». وقال: «لدينا دائماً حساسية تجاه المسلحين الكرد عبر الحدود».

تركيا تواصل عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

وبالنسبة لمشروع «طريق التنمية»، قال فيدان إن تركيا تولي أهمية كبيرة للمشروع، واعتبر أنه بهذا المشروع تم طرح قضية إيجابية على جدول الأعمال للمرة الأولى مع العراق.

وأضاف أن تركيا لا يمكنها فرض خيار ضد تفضيل العراق بالنسبة للبوابة الحدودية لمرور «طريق التنمية»، ويجب على بغداد وأربيل أن تجتمعا معاً وتقررا أي بوابة حدودية ستكون مفضلة.

وعن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، عبر خط الأنابيب الذي ينقله إلى ميناء جيهان جنوب تركيا (خط كركوك - يمورتاليك) لتصديره، قال فيدان إن هناك أخباراً جيدة، ونتوقع تطورات جيدة قريباً، وبخاصة فيما يتعلق بافتتاح خط الأنابيب.

وأضاف: «لقد قمنا باستعداداتنا. نأمل أن يتم فتح خط الأنابيب. (طريق التنمية) مهم للغاية، وقد يشمل أيضاً شمال روسيا، عبر وصله بممر الجنوب اللوجستي في مرحلة معينة. يبدو أنه يمكن أن يتحول إلى مشروع أفضل. نحن جادون في هذا الأمر».