إسرائيل تقر قانوناً «عنصرياً» إضافياً

يسمح بفصل أي معلم لأسباب سياسية... ويستهدف المجتمع العربي

الكنيست الإسرائيلي في أحد اجتماعاته (إكس)
الكنيست الإسرائيلي في أحد اجتماعاته (إكس)
TT

إسرائيل تقر قانوناً «عنصرياً» إضافياً

الكنيست الإسرائيلي في أحد اجتماعاته (إكس)
الكنيست الإسرائيلي في أحد اجتماعاته (إكس)

أقرت إسرائيل، الثلاثاء، قانوناً «عنصرياً» إضافياً يستهدف المدارس العربية والمدرسين العرب، إضافة إلى المدرسين اليهود، إذ يسمح بفصل أي معلم لأسباب «سياسية».

فبعد مداولات استغرقت أكثر من 13 ساعة متواصلة، صادقت الهيئة العامة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بالقراءتين الثانية والثالثة، فجر الثلاثاء، على مشروع قانون يسمح لوزير التربية والتعليم بفصل معلم أو بالإيعاز بمنع تحويل ميزانيات إلى مدارس، بادعاء أنه «تجري فيها، أو يسمح فيها بمظاهر تماثل عملاً إرهابياً»، حسب نص مشروع القانون.

ويسمح القانون لمدير عام وزارة التربية والتعليم بإقالة المعلمين بإجراءات سريعة ومن دون بلاغ مسبق «إذا تماهى مع منظمة إرهابية» أو «نشر مديحاً أو إعجاباً أو تشجيعاً لعمل إرهابي».

وأيد هذا القانون «العنصري»، الذي يستهدف المدارس العربية والمعلمين العرب أو المعلمين اليهود اليساريين، 55 عضو كنيست، وعارضه 45 عضواً. وطرح مشروع القانون هذا عضوا الكنيست عَميت ليفي، من حزب «الليكود»، وتسفي فوغيل من حزب «عوتسما يهوديت».

وحاول النائبان في البداية إدخال نص لمشروع القانون يقضي بإلزام وزارة التربية والتعليم بأن تحول سنوياً قائمة ببطاقات هويات جميع المعلمين في إسرائيل، والقدس الشرقية المحتلة، إلى «الشاباك»، إلا أنه تم شطب هذا البند إثر معارضة الجهات المهنية و«الشاباك».

وزعم ليفي بعد المصادقة النهائية على مشروع القانون أنه «يستهدف البنية التحتية الأقوى للإرهاب وهي التعليم». ورغم أن هذا قانون يهدف إلى قمع احتجاجات ضد جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين، فإن ليفي زعم أن «القانون يضمن تربية طلاب إسرائيل على العدالة والعلوم والرأفة، وليس على الإرهاب والظلم والبربرية».

وحسب فوغيل، فإن «المعلم في جهاز التعليم هو أحد أكثر المؤثرين على الأولاد وأبناء الشبيبة. ومشروع القانون غايته التيقن من ألا يستغل معلم تأثيره لقيام طلابه بنشاط إرهابي وألا تؤيد المدرسة ذلك».

خطورة القانون

وخلال مناقشة القانون، حذر أعضاء كنيست، من خطورة منح صلاحيات بإقالة معلمين لمدير عام وزارة التربية والتعليم، من دون أي رقابة. ولفتت منظمات مجتمع مدني إلى أنه من دون سَنّ هذا القانون، بالإمكان فصل معلمين بعد اتهامهم أو الاشتباه بهم بأنهم «يدعمون الإرهاب»، لكن القانون الجديد يأتي ليوسع إمكانية فصل معلمين من دون توازنات، وأن هدف هذا القانون هو «التخويف والإسكات» ومنع أي تعبير عن موقف سياسي أو طرح موضوع للنقاش بين الطلاب.

ووصف أعضاء كنيست صياغة القانون بأنها سطحية، وأن القانون «شعبوي ولا ضرورة له وهو بالأساس متطرف وخطير».

خطة الحكومة

ويأتي هذا القانون، عملياً ضمن خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف القضاء، فهو واحد من سلسلة قوانين تم تمرير بعضها، ويجري العمل على تمرير مزيد منها. وقد وقعت المعارضة الإسرائيلية في حبائل الحكومة في هذا النهج، وقامت بتأييد عدد منها، مثل قانون الإقصاء من الكنيست لنواب عرب بسبب مواقفهم السياسية، ومنع ترشيح نواب أفراد أو الأحزاب السياسية وقوائم المرشحين للكنيست، وقانون يتيح لمحققي الشرطة اقتحام حواسيب وأجهزة محمولة ونسخ مواد منها دون علم أصحابها واستخدام هذه المواد لإدانتهم في المحاكم.

وكذلك القانون ضد «الأونروا» وقوانين الاستيطان، ولكن بعض نواب المعارضة أدركوا اليوم هذه اللعبة. وأعلنوا أنهم سيعارضون أياً منها.

التماس ضد القانون

وقالت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي إنها ستقوم، بالشراكة مع جمعيات حقوقية، بدارسة إمكانية تقديم التماس قانوني بشأنه «لأن هذا القانون ما هو إلا خطوة إضافية من سياسة منهجية لإخضاع المجتمع عامةً والعربي خاصةً لعدم طرح أي فكر نقدي يتعارض مع الفكر السائد والنهج العام».

وأضافت اللجنة: «منذ اللحظة الأولى التي قُدّم فيها مقترح قانون لملاحقة المعلمين والطواقم المهنية في جهاز التربية والتعليم في المجتمع العربي، أخذت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي بالتنسيق مع ائتلاف واسع من الجمعيات والناشطين بمتابعة حيثيات القانون وتسجيل موقف رافض رفضاً قطعياً لهذا المقترح، والذي يندرج بوصفه خطوة إضافية ضمن سياسة تكميم الأفواه والملاحقة العامة في كل الميادين، وإحكام السيطرة على جهاز التربية والتعليم بشكل عام».

تقليص الديمقراطية

وقال مركز «عدالة» الحقوقي، إن اليمين الحاكم يأتي بهذه المقترحات ضمن القيود على المجتمع الفلسطيني في إسرائيل وتقليص مساحة الديمقراطية الضيقة أصلاً. ففي نهاية المطاف يتم التذرع بـ«مكافحة الإرهاب» من أجل إحكام القبضة على المجتمع الفلسطيني في الداخل عن طريق هذه التعديلات في القوانين. ونحن نرى أن صلاحيات الشرطة هي أيضاً واسعة جداً قبل التعديلات الجديدة، وتستطيع من خلالها القيام بعملها في مكافحة كل الآفات المجتمعية، بضمنها الجريمة المنظمة وفق القانون، دون توسيع صلاحيات الشرطة».


مقالات ذات صلة

جس نبض أميركي لدخول غانتس حكومة نتنياهو لإنقاذ صفقة غزة

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبيني غانتس (أرشيفية)

جس نبض أميركي لدخول غانتس حكومة نتنياهو لإنقاذ صفقة غزة

تتحدث أوساط سياسية في تل أبيب عن جهود أميركية لإدخال بيني غانتس إلى حكومة بنيامين نتنياهو لحماية صفقة غزة.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يشير بيده خلال أحد الاحتفالات بمناسبة تنصيب ترمب (أ.ف.ب)

بعد «التحية النازية»... نتنياهو يدافع عن إيلون ماسك

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الملياردير الأميركي إيلون ماسك يتعرض «لتشويه سمعة كاذب» بسبب مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)

متوسط ​​العمر المتوقع في غزة انخفض للنصف خلال عام من الحرب

قدّرت دراسة جديدة أن متوسط ​​العمر المتوقع في قطاع غزة انخفض إلى النصف تقريباً في العام الأول من الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحضر مراسم إحياء ذكرى جندي إسرائيلي في قاعة الذكرى بمقبرة جبل هرتزل العسكرية بالقدس في 16 يوليو 2024 (أ.ب)

لماذا مستقبل نتنياهو السياسي هشّ مثل وقف إطلاق النار؟

رغم تحقيقه مكاسب ميدانية، فإن مستقبل نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية هش مثل وقف إطلاق النار، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية سكان مخيم جنين يخلونه بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية (إ.ب.أ)

إسرائيل تواصل أعنف عملياتها في جنين والضفة

لا يكتفي الجيش الإسرائيلي بما يفعله في جنين ومخيمها من دمار وتجريف وقتل، بل تمتد وحشيته إلى معظم مناطق الضفة الغربية.

نظير مجلي (تل أبيب)

ترمب يأمل اتفاقاً مع إيران لتجنب ضرب مواقعها النووية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يأمل اتفاقاً مع إيران لتجنب ضرب مواقعها النووية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أفصح الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن المزيد بشأن سياسته مع إيران، وفي حين أعرب عن أمله التوصل إلى اتفاق و«تجنب توجيه ضربات»، قال إنه يرى هذا البلد «دولة دينية خطيرة»، محذراً من «كارثة» إذا حصل على سلاح نووي.

تصريحات ترمب التي أدلى بها ليل الخميس، جاءت بعد مواقف هادئة نسبياً من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي قال إن بلاده «لا تخوض حرباً مع العالم، وتريد السلام».

وكان ترمب قد اكتفى، يوم التنصيب من داخل البيت الأبيض الاثنين الماضي، بالقول إن «إيران بلد مفلس وعاجز»، في حين أبدى اهتماماً بملفات داخلية وقضايا دولية مثل الحرب الروسية - الأوكرانية، والعلاقة مع الصين.

وأخيراً، قال ترمب إنه يأمل تجنب توجيه ضربات ضد المواقع النووية الإيرانية والتوصل إلى «اتفاق» مع طهران.

ورداً على سؤال طرحته صحافية عما إذا كان سيدعم توجيه ضربات ضد هذه المواقع، أجاب ترمب بأنه سيناقش المسألة مع «أشخاص رفيعي المستوى جداً»، دون أن يحدد مَن هم أو متى، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال ترمب: «سيكون من الجيد حقاً أن نتمكن من حل هذه المشكلة دون الحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوة الإضافية (...) علينا أن نأمل أن تبرم إيران اتفاقاً، وإذا لم تفعل فلا أعتقد أن هذه مشكلة أيضاً».

وكان ترمب يتحدث من المكتب الرئاسي في البيت الأبيض بعد توقيعه عدداً من الأوامر التنفيذية.

دولة خطيرة

لاحقاً، وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية، أشار ترمب إلى أن إيران والصين وروسيا هم أعداء جيوسياسيون لأميركا، مضيفاً أن وضع إيران، باعتبارها حكومة دينية، يجعلها أكثر خطورة، وأن التوصل إلى اتفاق مع الصين أو كوريا الشمالية أسهل من التوصل إلى اتفاق مع طهران.

وأكد ترمب أن «الوضع مع إيران مختلف تماماً. إنها حكومة دينية وخطيرة جداً. يجب أن نرى مدى خطورتها. إنه وضع معقد للغاية يمكن أن يخلق مشكلة كبيرة».

كما كرر ترمب ادعاءه بأن انتخابات 2020 لم تكن نزيهة، قائلاً: «لو كانت الانتخابات السابقة نزيهة وأصبحت رئيساً، لكنا قد توصلنا إلى اتفاق مع النظام الإيراني بعد أسبوع واحد من الانتخابات، ولما كانت لديهم القدرة على الوصول إلى السلاح النووي».

وأثناء حديث دونالد ترمب عن الشعب الإيراني، وصفه بأنه «شعب رائع»، وقال: «أريد للإيرانيين أن يكون لديهم بلد عظيم. لديهم إمكانات هائلة. الشعب الإيراني رائع. ولكن الشيء الوحيد الذي أقوله هو أن طهران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي».

ولم يستبعد الرئيس الأميركي إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، قائلاً: «هناك طرق للتوصل إلى اتفاق مع طهران يكون موثوقاً تماماً. إذا كان هناك اتفاق، يجب أن يكون قابلاً للتحقق تماماً. إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي».

وحذّر ترمب من أن امتلاك إيران لسلاح نووي سيشعل سباقاً نووياً في المنطقة، قائلاً: «إذا حصلت طهران على سلاح نووي، ستسعى بقية الدول أيضاً لامتلاك أسلحة نووية، وسيتحول الوضع بأكمله إلى كارثة».

ترمب يستمع إلى ستيف ويتكوف خلال مؤتمر صحافي بمارالاغو في 7 يناير 2025 (أ.ب)

دور ويتكوف في المفاوضات

في سياق متصل، نفى ترمب أن يكون ستيف ويتكوف ممثله في مفاوضات الشرق الأوسط، لكنه قال: «لا، لكنه سيكون جزءاً من الفريق بالتأكيد. إنه مفاوض رائع وشخص محبوب للغاية».

وأفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأن دبلوماسيين إيرانيين أبلغوا دبلوماسيين أوروبيين كباراً خلال لقاء في جنيف، برغبتهم في بدء مفاوضات حول اتفاق نووي جديد يختلف عن الاتفاق النووي السابق.

وبحسب التقرير، طلب الإيرانيون من الأوروبيين إيصال هذه الرسالة إلى واشنطن، مؤكدين أنهم ينتظرون طرحاً أو اقتراحاً جديداً من الجانب الأميركي.

وذكر الموقع أن اللقاء جرى قبل 10 أيام بمشاركة ممثلين رفيعي المستوى من فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي.

وكان «أكسيوس» و«فايننشيال تايمز» قد ذكرا سابقاً أن ترمب يرغب في اختبار الدبلوماسية لحل النزاعات مع طهران قبل تصعيد الضغوط عليها، عبر تعيين ويتكوف.

القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي (دفاع برس)

صبر إيران الاستراتيجي

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد قال في معرض إشارته إلى التهديدات التي يطلقها مَن وصفهم بـ«أعداء الشعب الإيراني»، إن بلاده «لن تتراجع أمام التهديد والعقوبات، ولا تخوض حرباً وشجاراً مع العالم».

وتخشى إيران من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سياسة «الضغوط القصوى» لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدّم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة.

من جهته، قال القيادي في «الحرس الثوري» وعضو مجلس «تشخيص مصلحة النظام» في إيران، محسن رضائي: «لقد هُزم الأعداء في الساحات السياسية والعسكرية أمام إيران، وهم يركزون الآن على الحرب الاقتصادية ضدنا»، في إشارة إلى التهديدات الأميركية.

وأضاف رضائي: «إن صبر إيران الاستراتيجي عقلاني ويستند إلى المنطق، ومن الأنسب ألا يختبر الأعداء قوتنا».