الفلسطينيون لا ينتظرون من هاريس أو ترمب... سوى وقف الحرب

الاستياء من سياسات الإدارات الأميركية تحوّل إلى عداء... و«لا فرق بين الرايتين»

الفلسطينيون لا يريدون من الرئيس الأميركي الجديد سوى وقف الحرب على غزة (رويترز)
الفلسطينيون لا يريدون من الرئيس الأميركي الجديد سوى وقف الحرب على غزة (رويترز)
TT

الفلسطينيون لا ينتظرون من هاريس أو ترمب... سوى وقف الحرب

الفلسطينيون لا يريدون من الرئيس الأميركي الجديد سوى وقف الحرب على غزة (رويترز)
الفلسطينيون لا يريدون من الرئيس الأميركي الجديد سوى وقف الحرب على غزة (رويترز)

لا يعوّل الفلسطينيون على تغيير كبير في السياسة الأميركية، بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية، لكنهم يمنون النفس فقط بأن يسهم الرئيس القادم في وقف الحرب على قطاع غزة، ولا آمال أخرى أبعد من ذلك.

ولا يوجد شك في أن القيادة الفلسطينية التي دخلت في خلافات عميقة مع الرئيس دونالد ترمب وإدارته، ومع إدارة الرئيس جو بايدن بمَن في ذلك نائبته المرشحة كامالا هاريس، تفضّل هاريس على ترمب، حتى مع عدم إعلان ذلك. وفي حقيقة الأمر، فإن قادة فلسطينيين في رام الله يفضّلون أي أحد آخر على ترمب، الذي يعدّون أنه أظهر خلال فترة حكمه أنه «إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين»، فجاءهم بـ«صفقة القرن» التي أنهت حلم الدولة الفلسطينية، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، من بين قرارات أخرى كثيرة أخذها ضد السلطة، و«منظمة التحرير»، وحتى وكالة «الأونروا».

وقال مسؤول في «منظمة التحرير» إن تجربة الفلسطينيين مع كل الإدارات كانت سيئة، بما فيها إدارة بايدن. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الثابت الوحيد لديهم جميعاً هو دعم إسرائيل استراتيجياً. لكنهم يختلفون في كيفية تحقيق ذلك من خلال إدارة الصراع أو إنهائه لصالح إسرائيل. لا أحد فيهم ذهب أبعد من ذلك. حتى بايدن الذي جاء بوعود كثيرة، لم يفِ بأي من وعوده لنا. لم يستطع إعادة فتح القنصلية في القدس أو إعادة فتح مكتب (منظمة التحرير) في واشنطن. ودعم إسرائيل في حرب الإبادة ضد الأطفال والنساء، وزوّدها بكل أنواع الأسلحة والحماية. بالنسبة لنا كلهم سواء. لكن إذا كان يجب أن يأتي أحد إلى البيت الأبيض فتجربتنا مع ترمب هي الأسوأ على الإطلاق».

والاستياء الفلسطيني من الإدارات الأميركية قديم جداً، لكنه تحوّل إلى ما يشبه العداء بعد حرب غزة، التي غيّرت كل شيء لدى الفلسطينيين. وقال أحمد مزهر من بيت لحم في الضفة الغربية لـ«الشرق الأوسط»: «ليس مهماً مَن سيأتي. كلهم مجندون لدعم إسرائيل. النتيجة التي خرجنا بها من هذه الحرب أنه ممنوع على أيّ أحد في العالم أن يمس إسرائيل. هذا هو دور الأميركيين والعالم». وأضاف: «ترمب أو هاريس... واحد. حتى إنني قد أفضّل ترمب لأنه واضح وصريح. لن يخدعنا لسنوات أخرى. وفي المحصلة لا فرق».

وفكرة أن ترمب أكثر وضوحاً في عدائه، إلى جانب الرغبة في معاقبة الديمقراطيين على دعمهم إسرائيل في أثناء الحرب، هما ما تدفعان البعض لتمني وصول ترمب إلى سدة البيت الأبيض. في المقابل، فإن فكرة أنه يمكن أن تسعى إدارة هاريس إلى «التكفير عن ذنوبها» خلال الحرب، هي التي تجعل البعض يتمنون وصولها إلى سدة الرئاسة. وقال محمود العزة لـ«الشرق الأوسط»: «كلهم واحد». وأضاف: «يمكن أن تفرق مع الإسرائيليين (مَن يفوز) بس مش (ولكن ليس) معنا».

حقائق

«الولاية الأميركية الـ52»

يعيش آلاف من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأميركية في قرى بمنطقة رام الله مثل ترمسعيا ودير دبوان. وتعرف دير دبوان في فلسطين بأنها «الولاية الأميركية الـ52»، إذ يشكِّل حَملة الجنسية الأميركية أكثر من 95 في المائة من سكانها.

ويصوّت كثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية في الانتخابات الأميركية. ويعيش آلاف من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأميركية في قرى بمنطقة رام الله مثل ترمسعيا ودير دبوان. وتُعرَف دير دبوان في فلسطين بأنها «الولاية الأميركية الـ52»، إذ يشكِّل حَملة الجنسية الأميركية أكثر من 95 في المائة من سكانها، ويمكن مشاهدة أثر ذلك في شوارع ومباني القرية الجميلة عمرانياً من بين عشرات القرى في رام الله، وهي القرية الوحيدة إلى جانب ترمسعيا التي لا يعتمد أهلها على مساعدات السلطة الوطنية، وبنوا فيها مساجد ومدارس ومستشفيات حديثة.

مؤيد للمرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يحمل صوره في القدس اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

وللمرة الأولى يبدو أن الفلسطينيين في الضفة الغربية أكثر عزوفاً عن التصويت هذه المرة. وقال شبان من القرية لـ«الشرق الأوسط» إنهم لن يصوّتوا لترمب، وقد جرّبوا هاريس والديمقراطيين كثيراً، ولذلك فإنهم لن يصوّتوا هذه المرة. وثمة قناعة بين الفلسطينيين تعزّزت في أثناء الحرب أنه لا أحد سيقدِّم شيئاً للفلسطينيين. وفي زيارة سابقة للقرية، قال بدر حامد من سكان القرية لـ«الشرق الأوسط»: «لو أصبح (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس رئيساً للولايات المتحدة، فلن يستطيع فعل شيء لنا. إنها دولة مؤسسات محكومة باللوبي اليهودي».

أما في قطاع غزة، الذي حوّلته إسرائيل بأسلحة أميركية إلى كومة ركام، فقد ترسّخت فكرة أنه «لا فرق بين الرايتين» الجمهورية والديمقراطية. وقال نائل قويدر من سكان مخيم جباليا والنازح إلى غرب مدينة غزة، لـ«الشرق الأوسط»: «لا فرق بين هاريس وترمب، كلاهما يحكمه الولاء لإسرائيل كما هي الحال مع الرؤساء الأميركيين جميعاً». وأضاف: «الطبقة السياسية في الولايات المتحدة تلتزم بشكل أعمى بالولاء لإسرائيل وتدعمها دون هوادة حتى ولو كان ذلك على حساب حقوق الشعوب المضطهدة بالعالم، ومنها الشعب الفلسطيني». وأردف: «أصلاً دون دعم إسرائيل سيخسرون في الانتخابات. جميعهم يفضلون دعم إسرائيل».

ويتفق منير إسماعيل من سكان مخيم الشاطئ، مع ذلك لكنه يأمل أن تصل هاريس إلى البيت الأبيض. ويأمل إسماعيل أن تستطيع هاريس كبح جماح إسرائيل ووقف الحرب على غزة، مستدلاً بتصريحاتها القوية التي تدلي بها من حين لآخر ضد استمرار الحرب في القطاع. وقال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «هاريس أفضل السيئين».


مقالات ذات صلة

«تقدم ترمب» يضغط على السلع الأساسية بالأسواق

الاقتصاد المرشح الجمهوري دونالد ترمب يحيي أنصاره في مؤتمر انتخابي في بالم بيتش (أ.ب)

«تقدم ترمب» يضغط على السلع الأساسية بالأسواق

تراجعت السلع الأساسية من النفط إلى المعادن والحبوب، الأربعاء، مع ارتفاع قيمة الدولار، وسط مؤشرات زائدة على فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال وصوله لبالم بيتش في فلوريدا لإلقاء خطاب النصر (أ.ب)

ماكرون ونتنياهو يهنئان ترمب بفوزه في الانتخابات

توالت كلمات التهنئة من قادة العالم للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بعدما أعلن، الأربعاء، فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

الاقتصاد عرض خطاب مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب في فلوريدا على شاشة في لاس فيغاس (أ.ف.ب)

ترمب في خطاب النصر: سنساعد بلادنا على التعافي

شدّد ترمب على أهمية أولويات إدارته المقبلة، قائلاً: «سنبدأ تقليص الديون وتقليل الضرائب».

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب يصل لإلقاء كلمة خلال حدث ليلة الانتخابات بمركز مؤتمرات بالم بيتش (أ.ف.ب)

الأسواق تتفاعل بقوة مع فوز ترمب... الأسهم والسندات والبتكوين تسجل ارتفاعات قوية

شهدت الأسواق العالمية، يوم الأربعاء، ردود فعل متسارعة عقب إعلان فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش الإسرائيلي: أغلب المدنيين في جباليا تم إجلاؤهم

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: أغلب المدنيين في جباليا تم إجلاؤهم

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

تم إخلاء الغالبية العظمى من السكان المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في جباليا شمال قطاع غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي هجومه ضد حركة «حماس» في المنطقة وغيرها من المدن شمال القطاع، وفق ما أوردته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه تمكن من نقل أكثر من 55 ألف مدني من جباليا بعد أن أجبرتهم «حماس» على البقاء هناك للعمل دروعا بشرية لأنشطتها. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 60 ألف فلسطيني كانوا في جباليا قبل إطلاق العملية الأخيرة في الشهر الماضي.

انتقل السكان إلى حد كبير إلى مدينة غزة، حيث عبر بضع عشرات فقط ممر نتساريم التابع للجيش الإسرائيلي وتوجهوا إلى المنطقة الإنسانية التي حددتها إسرائيل في جنوب القطاع.

وفقًا للجيش الإسرائيلي، فإن لديه أدلة وشهادات تفيد بأن «حماس» أطلقت النار على المدنيين وضربتهم وفي بعض الحالات أعدمتهم أثناء محاولتهم الفرار من منطقة جباليا. ويقول الجيش إنه يسعى إلى إخلاء المدينة من المدنيين لتمكين عملية أنظف ضد نشطاء «حماس»، دون تعريض حياة الأبرياء للخطر.

ينفي كبار الضباط أن الجيش ينفذ ما يسمى بخطة الجنرالات لحصار شمال غزة، التي روجت لها مجموعة من كبار المتقاعدين في الجيش الإسرائيلي. وبموجب الخطة، سيصبح شمال غزة منطقة عسكرية، حيث يكون الجميع هدفاً، ولا تدخل أي إمدادات إلى المنطقة.

على الأرض، تدخل العشرات من شاحنات المساعدات شمال غزة كل يوم، عبر معبري إيريز. ويقول الجيش إنه أسر 700 عضو من «حماس» وجماعات أخرى استسلموا للقوات أثناء إجلاء المدنيين في جباليا. ومن بين الأسرى العشرات الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

ويقول الجيش إن «العناصر الإرهابية» المعتقلة تقدم معلومات استخباراتية مفيدة له.

وحتى صباح اليوم، قُتل أكثر من 1000 عنصر في خضم المعارك الأخيرة في جباليا، وفقاً للجيش الإسرائيلي. ويشير أحدث تقدير للجيش إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين ما زالوا في جباليا يبلغ عدة مئات. كما لا يزال عدة آلاف من الفلسطينيين في بيت لاهيا وبيت حانون ومدن أخرى في شمال غزة، حيث يخطط الجيش للعمل ضد «حماس» كجزء من الهجوم الجاري.