قائد «الحرس الثوري» يهاجم واشنطن في ذكرى «أزمة الرهائن»

الرئيس الإيراني: قبول إسرائيل بوقف إطلاق النار قد يخفف من حدة الرد

سلامي يلقي خطاباً في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بطهران اليوم (أ.ف.ب)
سلامي يلقي خطاباً في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بطهران اليوم (أ.ف.ب)
TT

قائد «الحرس الثوري» يهاجم واشنطن في ذكرى «أزمة الرهائن»

سلامي يلقي خطاباً في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بطهران اليوم (أ.ف.ب)
سلامي يلقي خطاباً في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بطهران اليوم (أ.ف.ب)

قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، الأحد، إن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل «تتجهان نحو الانهيار إذا لم تغيرا سلوكهما»، مضيفاً أن «جبهة المقاومة» وإيران ستتزودان بكل ما هو ضروري لمواجهة إسرائيل.

وتجمّع مئات الإيرانيين، الأحد، في وسط طهران في الذكرى الخامسة والأربعين لعملية اقتحام السفارة الأميركية واحتجاز عشرات الدبلوماسيين والموظفين فيها رهائن عام 1979.

وفي كلمة ألقاها على المتظاهرين، هاجم سلامي الولايات المتحدة مرات عدة، وانتقدها على دعم إسرائيل، وقال إنهما «لا يمكنهما الاستمرار دون قتل مسلمين، وارتكاب مذابح بحقهم»، محذراً واشنطن وإسرائيل، من أن «المقاومة الإسلامية ستوجِّه رداً قاسياً لجبهة الشر».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية، عن سلامي قوله إن «أميركا، رغم حديثها عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، هي مصدر الاضطرابات والجرائم والاحتلالات في العالم». وأضاف أنها «دولة لا تكتفي بحدودها الجغرافية، بل تعدّ العالم بأسره جزءاً من نفوذها، وتسعى للسيطرة على الإرادة السياسية للشعوب من خلال الحروب، والاحتلالات، والاعتداءات».

كما ألقى سلامي باللوم على الولايات المتحدة في ظهور جماعات متطرفة مثل «داعش»، مشيراً في جزء من خطابه إلى أن «أميركا حوَّلت العالم الإسلامي إلى ساحات حرب منذ 45 عاماً، وسعت لإخضاع الأحرار باسم الحرية». وأضاف: «أميركا جلبت التخلف وعدم الاستقرار للعراق على مدى سنوات، وتركت أفغانستان بعد 20 عاماً من الاحتلال بجيش منهار تكلفته 85 مليار دولار».

رجال دين يحرقون علم أميركا أمام مقر سفارتها السابقة في طهران (أ.ب)

وقلل سلامي من قدرة الولايات المتحدة على مواجهة بلاده، قائلاً: «أميركا فشلت في حربها الناعمة ضد إيران، وهي تواجه اليوم غروب قوتها السياسية، حيث لم تعد قادرة على فرض إرادتها أو تحقيق الانتصارات كما كانت». ورأى أن «(حزب الله) لا يزال قوياً وواثقاً بجنوب لبنان بعد كل المحاولات الصهيونية لإضعافه». وأضاف: «(حزب الله) لا يكتفي بعدم الهزيمة، بل يسعى لدفن النظام الصهيوني وأتباعه في جنوب لبنان وفلسطين المحتلة»، عادّاً أن «مصير إسرائيل المحتوم هو الانهيار».

ومع ذلك، حذَّر سلامي أميركا وإسرائيل من أن «عدم تغيير سلوكهما سيؤدي بهما إلى الانهيار».

ورفع المتظاهرون أمام مبنى السفارة السابقة أعلاماً إيرانية وفلسطينية وأعلام «حزب الله» اللبناني. وحمل كثير منهم لافتات عليها شعارا «الموت لأميركا»، و«الموت لإسرائيل» بالفارسية والإنجليزية، وأحرق بعضهم أعلاماً أميركية وإسرائيلية في المناسبة السنوية التي تحشد لها أجهزة تابعة لمكتب المرشد الإيراني، خصوصاً «الحرس الثوري»، في أنحاء البلاد.

وبثَّت وسائل الإعلام الرسمية، منذ الصباح، أناشيد ثورية تندد بـ«جرائم» الولايات المتحدة بحق إيران، حسب وصف «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال سلامي إن «هذا اليوم يمثل رمزاً للمقاومة، ضد الاستكبار، حيث أزال الطلبة آخر رموز السيطرة الأميركية في إيران، ما أنهى هيمنتها الرسمية على البلاد».

إيرانيون في مظاهرة سنوية تنظمها السلطات في ذكرى اقتحام السفارة الأميركية بطهران اليوم (رويترز)

توترات إقليمية

وتحلُّ الذكرى هذه السنة في ظل تصعيد شديد تشهده المنطقة، إذ تخوض إسرائيل حرباً مدمرة مع حركة «حماس» في قطاع غزة، و«حزب الله» في لبنان، وهما تنظيمان مدعومان من طهران.

وكان موقع «أكسيوس» ذكر، في وقت سابق، أن المخابرات الإسرائيلية أشارت إلى أن إيران تستعدُّ لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية، في الأيام المقبلة، ربما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر.

وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول)، أكد الجيش الإسرائيلي، في أول اعتراف علني من نوعه، أنه ضرب أهدافاً عسكرية في إيران، في عملية قُدِّمت على أنها ردٌّ على الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل في الأول من أكتوبر.

رجلا دين إيرانيان يمران أمام رسمة معادية للولايات المتحدة على حائط سفارتها القديمة في طهران اليوم (رويترز)

وحذّرت إسرائيل إيران من الرد، في حين توعَّد المرشد علي خامنئي (السبت) بـ«رد قاسٍ» على الهجمات التي تشنّها واشنطن أو إسرائيل على إيران وحلفائها في المنطقة.

وكان هذا ثاني ظهور لخامنئي بعد خطابه الأحد من الأسبوع الماضي، غداة الهجوم الإسرائيلي. وقال خامنئي حينها إن على المسؤولين الإيرانيين أن «يحددوا أفضل السبل لإظهار قوة إيران لإسرائيل»، وذلك فيما بدت أوامر لتوجيه رد على إسرائيل.

وقال خامنئي أيضاً: «لا ينبغي التقليل من شأن الشر الذي ارتكبه النظام الصهيوني (إسرائيل) قبل ليلتين أو المبالغة فيه». وفسرت هذه التصريحات بأنها إنذار لمسؤولين في الحكومة الإيرانية وصفوا أضرار الهجوم الإسرائيلي بالمحدودة.

من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة (الجمعة) نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من ضمنها وسائل دفاع ضد الصواريخ الباليستية، ومقاتلات وقاذفات ستصل «خلال الأيام المقبلة» من أجل «الدفاع عن إسرائيل»، في تحذير موجه إلى إيران.

«ستُنفَّذ بالتأكيد»

وفي وقت لاحق اليوم، قال نائب قائد «الحرس الثوري»، العميد علي فدوي، إن عملية «الوعد الصادق 3» ردّاً على الهجوم الإسرائيلي «ستُنفَّذ بالتأكيد»، لكنه رفض الإفصاح عن التفاصيل، بما في ذلك توقيت العملية، وفق ما ذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

واستقبل المرشد الإيراني علي خامنئي، أسر قتلى وحدة الدفاع الجوي في الجيش الإيراني، بحضور قائدهم علي رضا صباحي فرد.

وقال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن «الجمهورية الإسلامية لن تترك أي اعتداء على أراضيها وأمنها دون رد».

ونقل موقع الرئاسة قوله خلال اجتماع الحكومة إن «قادة إسرائيل يعلمون أنهم في حال ارتكاب أي خطأ ضد إيران سيتلقون رداً قاسياً». ومع ذلك، أشار إلى أنه «إذا أعادوا النظر في سلوكهم، وقبلوا بوقف إطلاق النار (...)، فقد يخفف ذلك من حدة الرد».

بموازاة ذلك، أجرى وزير الخارجية، عباس عراقجي، مشاورات مع قائد الوحدة البحرية في الجيش الإيراني، شهرام إيراني، في مقر الوزارة الخارجية.

صورة نشرها موقع خامنئي خلال استقباله أسر قتلى الجيش الإيراني اليوم

أزمة دبلوماسية

وفي الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، بعد أقل من 9 أشهر على الإطاحة بآخر شاه في إيران، اقتحمت مجموعة من المتشددين من أنصار المرشد الإيراني الأول، مقر السفارة الأميركية في طهران، المتهمة بأنها «وكر جواسيس»، واحتجزت 52 أميركياً من دبلوماسيين وموظفين في السفارة رهائن.

ومقابل الإفراج عن الرهائن، طالب منفذو العملية آنذاك واشنطن بتسليم الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان يعالج من مرض السرطان في الولايات المتحدة، لتتم محاكمته في إيران.

ولم تنتهِ الأزمة بالإفراج عن الدبلوماسيين الأميركيين الـ52 إلا بعد 444 يوماً؛ ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ولا تزال العلاقات مجمّدة حتى الآن.

ويسيطر «الحرس الثوري» على مبنى السفارة، إذ يقيم فيها معرضاً دائماً معادياً للولايات المتحدة، كما تتمركز قيادة «وحدة الدعاية» في المبنى المذكورة.


مقالات ذات صلة

إيران: توقيف امرأتين لظهورهما ترقصان داخل مقبرة طهران

شؤون إقليمية سيدة إيرانية تسير في أحد شوارع طهران (إ.ب.أ)

إيران: توقيف امرأتين لظهورهما ترقصان داخل مقبرة طهران

أوقفت الشرطة الإيرانية امرأتين بعد بث مقطع مصوَّر يُظهرهما ترقصان داخل مقبرة طهران، دون مراعاة قواعد اللباس الصارمة في البلاد، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية «الحرس الثوري» قال إن الهدف من المناورات في الخليج العربي هو «رسالة سلام لدول الجوار» (أ.ب)

زورق عسكري حاول استدراج سفينة تجارية إلى المياه الإيرانية

بينما كان «الحرس الثوري» يجري مناورات أعلن عنها، الجمعة، في الخليج العربي، حاول زورق عسكري استدراج سفينة تجارية إلى المياه الإقليمية الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يلقي خطاباً في جنوب البلاد اليوم (الرئاسة الإيرانية)

بزشكيان يدعو لمحاكاة النهج الصيني في التعامل مع أميركا

دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لاستلهام النموذج الصيني في إدارة المواجهة مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ترمب يستمع إلى ستيف ويتكوف خلال مؤتمر صحافي في مارالاغو 7 يناير الحالي (أ.ب)

ترمب يكلف ويتكوف التعامل مع ملف إيران

اتجه الرئيس الأميركي لتكليف مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف التعامل مع ملف إيران، فيما فُسّر محاولة لاختبار الدبلوماسية قبل تكثيف الضغوط على طهران.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب محمدي على تطبيق «إنستغرام» من حديثها عبر الفيديو للمشرّعين الفرنسيين

نرجس محمدي تدعو الأوروبيين لدعم حقوق الإنسان بإيران

دعت الناشطة الإيرانية نرجس محمدي الحائزة «نوبل للسلام»، المسؤولين الغربيين إلى أن يكون «جعل حقوق الإنسان شرطاً مسبقاً لأيّ محادثات مع طهران».

«الشرق الأوسط» (لندن-باريس)

أنقرة لحوار «مفيد» بين بغداد ودمشق

جانب من مباحثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لبغداد في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لبغداد في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
TT

أنقرة لحوار «مفيد» بين بغداد ودمشق

جانب من مباحثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لبغداد في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لبغداد في أبريل الماضي (الرئاسة التركية)

قالت مصادر تركية إن وزير الخارجية هاكان فيدان سيحث مسؤولين عراقيين على «حوار مفيد» مع الإدارة السورية الجديدة.

ومن المقرر أن يزور فيدان بغداد، اليوم، لإجراء مباحثات مع نظيره العراقي فؤاد حسين، ويلتقي رؤساء الحكومة والبرلمان والجمهورية.

وأوضحت المصادر أن «فيدان سيؤكد للمسؤولين العراقيين أن إقامة حوار بنّاء وعلاقات حسن جوار بين بغداد والإدارة السورية الجديدة ستكون مفيدة لكلا البلدين والمنطقة بأسرها».

وأكدت المصادر التركية أن أنقرة «تدعم جهود حكومة بغداد لمنع التأثير السلبي للعدوان الإسرائيلي والتطورات في سوريا على استقرار العراق».

وعن التعاون الأمني بين أنقرة وبغداد، قالت المصادر إن فيدان سينقل ارتياحاً للتفاهم الذي يتم تطويره مع العراق في مكافحة الإرهاب، وإعلان بغداد «حزب العمال» منظمة محظورة لكن بلاده تتوقع الانتقال إلى تصنيفه إرهابياً.