مباحثات تركية - عراقية حول مستجدات المنطقة

إردوغان والسوداني ناقشا التصعيد الإسرائيلي ونشاط «العمال الكردستاني»

إردوغان خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في قصر وحيد الدين في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في قصر وحيد الدين في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
TT

مباحثات تركية - عراقية حول مستجدات المنطقة

إردوغان خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في قصر وحيد الدين في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي في قصر وحيد الدين في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تطورات العلاقات بين تركيا والعراق وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ولا سيما مكافحة الإرهاب إلى جانب القضايا الإقليمية والتطورات في منطقة الشرق الأوسط والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.

واستقبل إردوغان رئيس الوزراء العراقي الذي وصل إلى تركيا، الجمعة، في زيارة لم يعلن عنها من قبل، في قصر وحيد الدين في إسطنبول؛ حيث عقدا جلسة مباحثات ناقشا خلالها العلاقات بين أنقرة وبغداد في مختلف المجالات، من المياه إلى الطاقة إلى التعاون القائم في مشروع طريق التنمية ومكافحة الإرهاب والتعاون بين البلدين في مجال أمن الحدود ومكافحة «حزب العمال الكردستاني».

جانب من مباحثات إردوغان والسوداني في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة السوداني، الذي كان إردوغان قد التقاه في نيويورك يوم 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79، في توقيت حساس للغاية، أعقب الهجوم الإرهابي على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) بأنقرة في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووسط التصعيد الإسرائيلي في المنطقة.

إردوغان التقى السوداني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات إردوغان والسوداني ركزت في جانب كبير منها على التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب ووقف نشاط «حزب العمال الكردستاني»، المصنف كمنظمة إرهابية من جانب تركيا وتنظيم محظور من جانب العراق.

التنسيق ضد «الكردستاني»

وأضافت المصادر أن إردوغان أكد للسوداني أهمية التعاون بين البلدين في مواجهة تهديد «حزب العمال الكردستاني»، لافتاً إلى الهجوم الإرهابي الانتحاري الذي تبناه الحزب على مقر شركة «توساش» في أنقرة، الذي خلّف 5 قتلى و22 مصاباً، مشدداً على أن النشاط الإرهابي للحزب لا يشكّل خطراً على تركيا وحدها بل على العراق وسوريا وإيران أيضاً.

«حزب العمال الكردستاني» تبنى الهجوم الإرهابي على شركة «توساش» في أنقرة (أ.ف.ب)

وعشية وصول السوداني إلى إسطنبول، التقى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بمقر الخارجية التركية في أنقرة، الخميس، حيث تم بحث التعاون الأمني بين البلدين والتعاون المشترك في مواجهة الإرهاب وخطر «العمال الكردستاني».

وأطلقت تركيا عملية جوية في شمال العراق، الأربعاء قبل الماضي، بعد ساعات من الهجوم الإرهابي على مقر شركة «توساش».

وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان الجمعة، إن القوات التركية قتلت 4 من عناصر «العمال الكردستاني» في إطار ضرباتها المستمرة في إطار عملية «المخلب - القفل»، التي تستهدف قواعد وعناصر الحزب في شمال العراق.

وقال المتحدث باسم الوزارة، زكي أكتورك، في إفادة صحافية الخميس، إنه تم القضاء على 198 «إرهابياً» في العمليات التي نفذتها قواتها خلال الأسبوع الأخير بما يشمل شمالي العراق وسوريا على مدى أسبوع، عقب الهجوم الإرهابي على «توساش».

واتفقت تركيا والعراق، خلال الاجتماع الرابع للآلية الأمنية المشتركة، الذي عُقد في أنقرة يوم 15 أغسطس (آب) الماضي، على إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد، ومركز تدريب وتعاون في معسكر بعشيقة، الذي كان يستخدم قاعدة تركية في شمال العراق بهدف محاربة الإرهاب، ومكافحة نشاط «حزب العمال الكردستاني».

تركيا نفذت غارات جوية مكثفة على شمالي العراق وسوريا عقب الهجوم الإرهابي على شركة «توساش» (وزارة الدفاع التركية)

وأعلن مجلس الأمن الوطني العراقي «حزب العمال الكردستاني» تنظيماً محظوراً، بالتزامن مع زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للعراق في 22 أبريل (نيسان) الماضي.

وسبق أن أعلن وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن القوات التركية ستختتم عملية «المخلب - القفل»، التي بدأت في أبريل 2022، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لكن الهجوم الأخير للحزب، قد يغير موقف تركيا، حسب المصادر.

وتابعت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات بين إردوغان والسوداني، تطرقت إلى توسيع إسرائيل هجماتها من غزة إلى لبنان وسوريا وخطورة ذلك على استقرار وأمن المنطقة، وضرورة التعاون من أجل وقف إطلاق النار منعاً لتوسع نطاق العدوان الإسرائيلي في المنطقة.

وأشارت المصادر إلى أن المباحثات تطرقت أيضاً إلى مساعي تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا والدور الذي تلعبه بغداد لاستئناف مسار المحادثات وعقد لقاء بين إردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما ترحّب به أنقرة.

وزراء النقل والمواصلات والبنية التحتية في العراق وتركيا والإمارات وقطر خلال اجتماعهم الرباعي الثاني حول طريق التنمية في بغداد الخميس (حساب وزير النقل التركي على إكس)

«طريق التنمية»

في سياق متصل، اعتمد المجلس الوزاري الرباعي، الذي يضم وزراء النقل والمواصلات والبنية التحتية في العراق وتركيا والإمارات العربية المتحدة وقطر، إقامة كيان تنسيقي لإدارة أعمال مشروع طريق التنمية بشكل مشترك.

وجاء في البيان الختامي للاجتماع الرباعي الثاني بشأن مشروع «طريق التنمية»، الذي عُقد في بغداد، الخميس، أنه تم اعتماد الكيان التنسيقي لإدارة عمل مشروع طريق التنمية، وتفعيل التعاون المشترك اللازم لتنفيذ جميع الأعمال الخاصة بالمشروع، شاملاً الدراسات والاستشارات الفنية والهندسية لإكمال متطلبات المشروع.

وأكد البيان العمل على تحقيق التعاون المشترك بين الدول الأطراف؛ بهدف تكامل شبكات النقل وتوفير بدائل فاعلة واقتصادية لنقل البضائع والركاب. وحث الدول الأطراف على تبادل المعلومات والخبرات والدروس المكتسبة؛ بهدف دعم تحقيق أهداف مشروع طريق التنمية.

شارك في الاجتماع وزير النقل العراقي رزاق محيبس، ووزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، ووزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل محمد المزروعي، ووزير المواصلات القطري جاسم بن سيف السليطي.

ووقعت تركيا والعراق وقطر والإمارات، في بغداد 22 أبريل (نيسان) الماضي، مذكرة تفاهم رباعية للتعاون حول مشروع «طريق التنمية»، وهو عبارة عن طريق برية وسكة حديد تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، يبلغ طوله 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تؤكد في اتصالاتها مع جميع الأطراف ضرورة عدم جرّ العراق إلى دوامة العنف، وتقدم الدعم «الأهم» لجهود تعزيز وإعادة إعمار هذا البلد.

وخلال مناقشة ميزانية وزارة الخارجية في لجنة التخطيط بالبرلمان التركي التي عُقدت الخميس واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، وصف فيدان زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق في أبريل (نيسان) الماضي بأنها «نقطة تحول حاسمة» في العلاقات بين أنقرة وبغداد.

وذكر أنه تم التوقيع على 27 وثيقة قانونية خلال الزيارة لتعزيز الإطار المؤسسي للعلاقات العراقية - التركية، مضيفاً أنهم يديرون آليات التعاون مع العراق بشكل فعال، ويدعمون بشكل كامل مشروع «طريق التنمية» الذي تعتبر تركيا شريكاً طبيعياً فيه، ويكثفون الاتصالات التي تركز على الأمن ومكافحة الإرهاب مع العراق.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعدّ فيدان أن إعلان حزب العمال الكردستاني «منظمة محظورة» من قبل العراق، «خطوة حاسمة» بالنسبة لتركيا، وقال: «توقعاتنا أن يعترف العراق، رسمياً، بحزب العمال الكردستاني (منظمة إرهابية)، ويصفيه بالكامل من أراضيه».

وتابع الوزير التركي: «ما لم تتم تلبية مخاوفنا الأمنية المشروعة، فإن عملياتنا لمكافحة الإرهاب خارج حدودنا، والتي نقوم بها وفقاً للقانون، ستستمر من دون تباطؤ».

ووصف وزير الخارجية التركي علاقات بلاده مع إقليم كردستان العراق بأنها «فوق العادة» وجيدة للغاية، كما تسعى أنقرة إلى حل المشاكل بين بغداد وأربيل. وأعلن عن تطورات إيجابية فيما يتعلق بتصدير نفط الإقليم.

وقال فيدان إن الحديث عن «تركيا الحامي الوحيد للكرد عبر الحدود ليس له معنى»، وأضاف: «إننا الحامي الوحيد والداعم الحقيقي للبوسنيين والألبان في البلقان، وإننا أيضاً نحمي التركمان والكرد... هؤلاء موجودون في شرقنا وجنوبنا، هذا هو التاريخ، ونحن لا نغيره».

وتابع أن «تركيا ضد تجنيد الكرد في سوريا في صفوف حزب (العمال)، ويجب إبعاد جميع كوادره من تركيا والعراق وإيران، وأن يبقى السوريون هناك». وقال: «لدينا دائماً حساسية تجاه المسلحين الكرد عبر الحدود».

تركيا تواصل عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

وبالنسبة لمشروع «طريق التنمية»، قال فيدان إن تركيا تولي أهمية كبيرة للمشروع، واعتبر أنه بهذا المشروع تم طرح قضية إيجابية على جدول الأعمال للمرة الأولى مع العراق.

وأضاف أن تركيا لا يمكنها فرض خيار ضد تفضيل العراق بالنسبة للبوابة الحدودية لمرور «طريق التنمية»، ويجب على بغداد وأربيل أن تجتمعا معاً وتقررا أي بوابة حدودية ستكون مفضلة.

وعن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، عبر خط الأنابيب الذي ينقله إلى ميناء جيهان جنوب تركيا (خط كركوك - يمورتاليك) لتصديره، قال فيدان إن هناك أخباراً جيدة، ونتوقع تطورات جيدة قريباً، وبخاصة فيما يتعلق بافتتاح خط الأنابيب.

وأضاف: «لقد قمنا باستعداداتنا. نأمل أن يتم فتح خط الأنابيب. (طريق التنمية) مهم للغاية، وقد يشمل أيضاً شمال روسيا، عبر وصله بممر الجنوب اللوجستي في مرحلة معينة. يبدو أنه يمكن أن يتحول إلى مشروع أفضل. نحن جادون في هذا الأمر».