الهدف النهائي لإسرائيل في غزة... القضاء على «حماس» من حيث بدأت الحرب

عائلات نازحة فرّت من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين الرئيسي باتجاه مدينة غزة (أ.ف.ب)
عائلات نازحة فرّت من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين الرئيسي باتجاه مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

الهدف النهائي لإسرائيل في غزة... القضاء على «حماس» من حيث بدأت الحرب

عائلات نازحة فرّت من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين الرئيسي باتجاه مدينة غزة (أ.ف.ب)
عائلات نازحة فرّت من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة عبر طريق صلاح الدين الرئيسي باتجاه مدينة غزة (أ.ف.ب)

بعد مرور عام على الحرب في غزة، عادت إسرائيل إلى موقع معاركها الأولى، وانخرطت في واحدة من أكثر الحروب شراسة في الصراع، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال».

ومع التركيز على شمال غزة، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء لكل بلدة شمال مدينة غزة، وأرسلت لواءين جديدين، بينما يقول الجيش إنه صنع محاولة للقضاء على «حماس» من الجيب. وهذا الهجوم هو الثالث في المنطقة منذ بدء الحرب.

وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، للقوات في زيارة، هذا الأسبوع، للمنطقة الشمالية التي كانت المحور الأولي لغزو إسرائيل للجيب: «جباليا تسقط».

وأشار إلى أنه بعد قتل زعيم «حماس» يحيى السنوار، الأسبوع الماضي، احتاجت القوات الإسرائيلية الآن إلى القضاء على آخر لواء متبقٍ لـ«حماس» في الشمال.

وأكد الفلسطينيون الذين يعيشون في الشمال أن الهجوميْن الجوي والبري، اللذين بدآ في بداية الشهر، كانا من بين أسوأ الأسابيع في الحرب.

وقالت آمنة طربوش، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 20 عاماً، إن أسرتها محاصرة في جباليا.

وأضافت أن الجيش الإسرائيلي «يقصفنا من الجو، ويطلق القناصة النار على أي شخص يخرج من المنزل. نحن نعيش في خوف دائم».

وتقول إسرائيل إنها توفر للمدنيين طرق الإخلاء، ولا تستهدفهم. والحقيقة أن بقاء القوات الإسرائيلية متورطة في مناطق من غزة خاضت فيها معارك من قبل يثبت مدى صعوبة مهمة تفكيك «حماس» بالنسبة لإسرائيل.

كما أعطت التجربة ضد المسلحين الفلسطينيين دروساً صادمة للجيش الإسرائيلي وهو يوسع حربه في لبنان ضد «حزب الله».

وقالت إسرائيل، يوم الخميس، إن الحملة في شمال قطاع غزة أدت إلى اعتقال أكثر من 200 مسلح. وفي وقت سابق من الأسبوع، أودت العملية بحياة العقيد الإسرائيلي إحسان داكسا، الذي أشرف على العملية التي أدت إلى مقتل السنوار.

ترسم روايات السكان والمستجيبين الصحيين ومجموعات الإغاثة في الشمال مشهداً مروعاً، بينما تواصل إسرائيل العملية: جثث في الشارع لأيام، وصراخ الناس المحاصرين ينبعث من الأنقاض، والمسعفون غير قادرين على الوصول إليهم بسبب المخاطر التي تنطوي عليها.

تُظهر لقطات من جباليا فلسطينيين يحملون جثثاً مترهلة، بعضها من دون أطراف، ويغطون الجثث في الشارع بالبطانيات، وفق الصحيفة.

ومع تبلور الحملة في الشمال، تَعَرَّضَ المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون لضغوط بشأن التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية عن خطة تدعو إلى تهجير المدنيين قسراً في شمال غزة.

ووفقاً للاقتراح المذكور، فإن نقل السكان من شأنه أن يسمح للجيش الإسرائيلي بِعَدِّ الباقين مقاتلين، وفرض حصار كامل لطرد «حماس». وقال العميد إيلاد جورين، الذي يرأس تنسيق المساعدات في وزارة الدفاع الإسرائيلية في غزة، إن الخطة ليست سياسة إسرائيلية.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة رفضت «أي جهد لخلق حصار، أو تجويع الناس، أو عزل شمال غزة عن بقية غزة».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن تنفيذ كمين في كفركلا... وقصف قاعدة بحرية في حيفا

المشرق العربي مسلحون من «حزب الله» (د.ب.أ)

«حزب الله» يعلن تنفيذ كمين في كفركلا... وقصف قاعدة بحرية في حيفا

أعلن «حزب الله»، الاثنين، أن مقاتليه «كمنوا» لجنود إسرائيليين، واشتبكوا معهم قرب بلدة كفركلا الحدودية اللبنانية، حيث فجّر الجيش الإسرائيلي، السبت، منازل سكنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مقاتلة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

تقرير: مقاتلة إسرائيلية كادت تصطدم بأخرى بسبب خطأ من برج مراقبة

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن طائرة مقاتلة تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية كادت أن تصطدم بطائرة أخرى على مدرج في قاعدة جوية، مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)

القيادي في «فتح» مروان البرغوثي يتعرض «لاعتداء خطير» في السجن

تعرّض القيادي في حركة «فتح» مروان البرغوثي «لاعتداء وحشي وخطير» من جانب إدارة السجون الإسرائيلية في سبتمبر (أيلول)، وفق ما ذكرت منظمات غير حكومية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لحركة «حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي آثار الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية شمسطار في سهل البقاع الشرقي بلبنان (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف جنود إسرائيليين قرب بلدة حدودية جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اليوم الاثنين استهداف جنود إسرائيليين قرب بلدة حدودية في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إيران تواجه خيارات صعبة «لإنقاذ ماء الوجه» بعد الضربات الإسرائيلية

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران (شبكات التواصل)
صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران (شبكات التواصل)
TT

إيران تواجه خيارات صعبة «لإنقاذ ماء الوجه» بعد الضربات الإسرائيلية

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران (شبكات التواصل)
صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران (شبكات التواصل)

قد تحدّد الطريقة التي ستختار بها إيران الرد على الهجوم الجوي الإسرائيلي العلني وغير المسبوق على أراضيها، السبت الماضي، ما إذا كانت ستنزلق المنطقة نحو حرب شاملة أمْ ستبقى عند مستوى من العنف المدمر والمزعزع للاستقرار.

ووفق تقرير نشرته وكالة «أسوشييتد برس»، فإن ضربة بحجم تلك التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران سوف تقابَل برد قوي. ومن الخيارات المحتملة جولة أخرى من وابل الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران بالفعل مرتين هذا العام.

الرد العسكري من شأنه أن يسمح للقيادة الثيوقراطية في إيران بإظهار القوة ليس فقط لمواطنيها، لكن أيضاً لحركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان، الجماعات المسلحة التي تقاتل إسرائيل والتي تشكل طليعة ما يسمى «محور المقاومة» في طهران.

ومع ذلك، ما زال من المبكر القول ما إذا كانت القيادة الإيرانية ستسلك هذا الطريق. وقد تقرر طهران عدم الرد بالقوة بشكل مباشر في الوقت الحالي، لأن القيام بذلك قد يكشف عن نقاط ضعفها ويدعو إلى رد إسرائيلي أكثر قوة، كما يقول المحللون.

وقالت صنم فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز «تشاتام هاوس» للأبحاث ومقرّه لندن: «إيران ستقلل من تأثير الضربات، التي هي في الواقع خطيرة للغاية». وأضافت أن إيران «محاصرة» بالقيود العسكرية والاقتصادية، وعدم اليقين الناجم عن الانتخابات الرئاسية الأميركية وتأثيرها على سياسة واشنطن في المنطقة.

حتى بينما تشتعل الحروب في الشرق الأوسط، كان الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان يشير إلى أن بلاده تريد اتفاقاً نووياً جديداً مع الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات الدولية الساحقة.

بدا أن بياناً صيغ بعناية من الجيش الإيراني مساء السبت قد قدم بعض مساحة المناورة لطهران للتراجع عن المزيد من التصعيد. وأشار البيان إلى أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان أكثر أهمية من أي انتقام ضد إسرائيل.

وكان كلام المرشد الإيراني علي خامنئي، صانع القرار النهائي في إيران، مدروساً أيضاً في تعليقاته الأولى على الضربة، الأحد. وقال إن الهجوم «لا ينبغي المبالغة فيه أو التقليل من شأنه».

استهدفت ضربات يوم السبت بطاريات صواريخ الدفاع الجوي الإيرانية ومرافق إنتاج الصواريخ، وفقاً للجيش الإسرائيلي. وبهذا تكون إسرائيل قد كشفت عن نقاط ضعف في الدفاعات الجوية الإيرانية ويمكنها الآن تكثيف هجماتها بسهولة أكبر، كما يقول المحللون.

تشير صور الأقمار الاصطناعية التي حللتها الوكالة إلى أن الغارة الإسرائيلية ألحقت أضراراً بمرافق في قاعدة بارشين العسكرية جنوب شرقي طهران والتي ربطها الخبراء سابقاً ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني السابق وقاعدة أخرى مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.

لم يتم ضرب المواقع النووية الحالية. وأكد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ذلك بعد قوله إن «المنشآت النووية الإيرانية لم تتأثر».

نقلت إسرائيل خلال الشهر الماضي معركتها إلى لبنان وقامت بقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله كما استهدفت عناصر الحزب في هجوم جريء قامت خلاله بتفجير أجهزة «البيحر» الخاصة بهم. ويقول المحللون أن

«(حزب الله)، حليفها الأقوى ضد إسرائيل، قد تدهور بشكل كبير وعلى طهران أن تأخذ ذلك بعين الأعتبار».

وقد اقترح خبراء إقليميون أن قائمة الأهداف المحدودة نسبياً التي حدَّدتها إسرائيل كانت محسوبة عمداً لتسهيل تراجع إيران عن التصعيد.

وقال يوئيل جوزانسكي، الذي عمل سابقاً في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وهو الآن باحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن قرار إسرائيل بالتركيز على الأهداف العسكرية البحتة يسمح لإيران «بإنقاذ ماء الوجه».

وقد تكون اختيارات إسرائيل للأهداف انعكاساً على الأقل جزئياً لقدراتها. فمن غير المرجح أن تكون قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية بمفردها وستحتاج إلى مساعدة من الولايات المتحدة، كما قال جوزانسكي.

إلى جانب ذلك، لا تزال إسرائيل تتمتع بالنفوذ لملاحقة أهداف ذات قيمة أعلى إذا ردت إيران - خصوصاً الآن بعد تدمير العقد في دفاعاتها الجوية.

كتب توماس جونو، أستاذ جامعة أوتاوا الذي يركز على إيران والشرق الأوسط الأوسع، إن حقيقة أن وسائل الإعلام الإيرانية قلَّلت في البداية من أهمية الضربات تشير إلى أن طهران قد ترغب في تجنب المزيد من التصعيد. ومع ذلك، فهي عالقة في موقف صعب. وأضاف: «إذا ردت، فإنها تخاطر بتصعيد... وإذا لم ترد، فإنها ترسل إشارة ضعف».

واتفقت فاكيل على أن رد إيران من المرجح أن يكون خافتاً وأن الضربات كانت مصممة لتقليل احتمالات التصعيد. وقالت: «لقد أظهرت إسرائيل مرة أخرى دقتها وقدراتها العسكرية التي تفوق بكثير تلك التي تمتلكها إيران».

لعقود من الزمان، تكهن القادة والاستراتيجيون في المنطقة حول ما إذا كانت إسرائيل قد تضرب إيران علناً يوماً ما وكيف، تماماً كما تساءلوا عن شكل الهجمات المباشرة من قِبل إيران، وليس من قِبل الجماعات المسلحة بالوكالة.

اليوم، هذا واقع. ومع ذلك، فإن كتاب اللعب على أي من الجانبين غير واضح، وربما لا يزال قيد الكتابة.