لماذا يُعد محللون نشر أميركا نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» في إسرائيل «مقامرة»؟

جندي يقف أمام منصة صواريخ لمنظومة «ثاد» بعد وصول تعزيزات أميركية إلى منطقة الشرق الأوسط أكتوبر العام الماضي (الجيش الأميركي)
جندي يقف أمام منصة صواريخ لمنظومة «ثاد» بعد وصول تعزيزات أميركية إلى منطقة الشرق الأوسط أكتوبر العام الماضي (الجيش الأميركي)
TT

لماذا يُعد محللون نشر أميركا نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» في إسرائيل «مقامرة»؟

جندي يقف أمام منصة صواريخ لمنظومة «ثاد» بعد وصول تعزيزات أميركية إلى منطقة الشرق الأوسط أكتوبر العام الماضي (الجيش الأميركي)
جندي يقف أمام منصة صواريخ لمنظومة «ثاد» بعد وصول تعزيزات أميركية إلى منطقة الشرق الأوسط أكتوبر العام الماضي (الجيش الأميركي)

علّقت شبكة «إيه بي سي» الأميركية على نشر أميركا نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» مع 100 جندي في إسرائيل، لمواجهة التهديد الصاروخي من إيران وحلفائها الإقليميين، وأبرزهم «حزب الله» في لبنان.

وذكرت أنه سيجري نشر بطارية دفاع جوي صاروخي «ثاد»، الذي تبلغ قيمته مليار دولار أميركي، ويتم إرساله إلى نقاط ساخنة، منها كوريا الجنوبية، لصد التهديد الصاروخي الباليستي الذي يُشكله خصوم أميركا.

ويعد نشر نظام «ثاد» بمثابة إشارة سياسية وعسكرية قبل الهجوم الانتقامي المتوقع من جانب إسرائيل على إيران، ردّاً على إطلاق الصواريخ الباليستية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزيرة الجيش الأميركية، كريستين وورموث: «أعتقد أنه يتعين علينا أن ننظر إلى نشر نظام (ثاد) على حقيقته، وهو عبارة عن دليل آخر لالتزامنا بأمن إسرائيل في تعاملها مع كل ما يأتي إليها من (حماس) و(حزب الله) في لبنان».

لكن إرسال قوات أميركية على الأرض، ومعدات نادرة لحرب مفتوحة محتملة في الشرق الأوسط يُشكل أيضاً مخاطرة.

وأقرت وورموث بأن قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش هي «الأكثر إجهاداً» من أي قوة أخرى في الخدمة؛ نظراً للطلب المرتفع على أنظمتها.

وقال توماس كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، وهو مركز أبحاث في واشنطن: «الدفاع الصاروخي يمنحك الوقت والمرونة لإنهاء التهديد بوسائل أخرى، لكن عليك أن تستغل الوقت والمرونة التي يوفرها لك، ولا يمكنك الجلوس فقط».

وأضاف: «إذا كنا سنرتكب هذا النوع من الأشياء، فنحن بحاجة إلى التأكد من استخدامها بشكل جيد، وأن نبلغ الإيرانيين بأنهم بحاجة إلى وقف هذا الهراء».

وتابع: «يجب أن ينتهي التهديد من الإيرانيين، وفي بعض الأحيان يكون التصعيد أمراً جيداً إذا كان يعني إنهاء شيء ما بدلاً من الدخول في صراع استنزاف طويل الأمد، إنها مقامرة».

وصول نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» إلى قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في مارس 2019 (أ.ف.ب)

يُذكر أنه تم تصميم نظام «ثاد» من شركة «لوكهيد مارتن» لوقف الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، وذخائره قادرة على ضرب أهداف على مسافة تتراوح بين 93 و124 ميلاً، وعلى ارتفاع 93 ميلاً.

وتهدف الصواريخ الاعتراضية إلى ضرب الصواريخ داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض أثناء المرحلة الأخيرة من رحلتها، وتعادل قدرات نظام «ثاد» تقريباً نظام «أرو 2» الإسرائيلي، كما تستخدم إسرائيل نظام «أرو 3» الأطول مدى، إلى جانب نظام «مقلاع داود» المتوسط ​​إلى طويل المدى، ونظام «القبة الحديدية» الشهير للتهديدات الأقصر مدى.

وعلى هذا النحو، «لا يمثل نظام (ثاد) بالضرورة إضافة كبيرة للقدرات»، كما قال سيدهارث كوشال من معهد «الخدمات المتحدة الملكي» في المملكة المتحدة.

ومع مواجهة إسرائيل الآن لهجمات جماعية بالطائرات من دون طيار والصواريخ والصواريخ الباليستية، قال كاراكو: «كل رادار يمكن أن يكون هناك للمساعدة في اكتشاف التهديدات، وتوجيهه سيكون مفيداً».

لكن نظام «ثاد» محدود في المدة التي يمكنه العمل خلالها، فوفقاً لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس في عام 2024، فإن كل بطارية مزودة بـ48 صاروخاً اعتراضياً، ويتضمن النظام راداراً متقدماً يتتبع الصواريخ القادمة، ويوجه الصواريخ الاعتراضية التي يبلغ طولها 20 قدماً.

وتم نشر نظام «ثاد» لأول مرة في الولايات المتحدة عام 2012، وفقاً لمشروع الدفاع الصاروخي التابع لـ«مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية».

وقالت شركة «لوكهيد مارتن» في ديسمبر (كانون الأول) إنها سلمت ما مجموعه 800 صاروخ اعتراضي لوكالة الدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الدفاع، ولا يوجد سوى 7 أنظمة منه، ومن المقرر تسليم الثامن في عام 2025.

ولقد وضعت استراتيجيات «حزب الله» وإيران، التي تركز على الصواريخ، ضغوطاً على الدفاعات الإسرائيلية والأميركية.

فعندما شنّت طهران هجومها الصاروخي في الأول من أكتوبر، أطلقت السفن الحربية الأميركية في البحر الأبيض المتوسط ​ن​​​حو 12 صاروخاً اعتراضياً، وأسلحة أخرى لإحباط الهجوم، وفق ما ذكرت البحرية.

وقال كاراكو: «عندما تستهلك الولايات المتحدة عشرات الصواريخ من طراز (SM-3) في يوم واحد، أو في ساعة واحدة، كما فعلنا قبل أسبوع أو نحو ذلك، فإن هذا يعادل إنتاج عام كامل، وهذه موارد نادرة للغاية، وينبغي عدم التفكير في إنفاقها بلا مبالاة، إنه أمر مثير للقلق، فنحن لا ننتج قذائف (ثاد) بأعداد كبيرة، إنه أمر محفوف بالمخاطر».

وستتم حماية نظام «ثاد» الأميركي في إسرائيل بواسطة شبكة دفاعية إسرائيلية متعددة الطبقات، لكن الطائرات من دون طيار والصواريخ والقذائف يمكن أن تتسلل، وقد فعلت ذلك بالفعل.

وقال كاراكو: «إن نظام (ثاد) هو رادار متطور للغاية، ولكنه أيضاً هدف كبير جداً».

وأضاف كوشال أن النظام «ليس مصمماً للعمل ضد أهداف منخفضة التحليق، مثل الطائرات من دون طيار والصواريخ المجنحة».

وذكر حادثة وقعت عام 2019، حين تم العثور على طائرة من دون طيار كورية شمالية، تحطمت بالقرب من نظام «ثاد» في كوريا الجنوبية، بعد أن حلقت تحت مجال الرادار الخاص به.

وقال كوشال إن نجاح أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الأخرى «سيُحدد مدى أمان بطاريات (ثاد) ضد جهود إيران و(حزب الله) لاستهدافها».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

بوريل: لبنان على شفير الانهيار

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأحد، من بيروت، بأن لبنان بات «على شفير الانهيار»، بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
TT

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني
صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل، وذلك بعدما تراجعت التهديدات الإيرانية لإسرائيل في أعقاب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكانت طهران قد توعدت بالرد على 3 هجمات جوية شنّتها إسرائيل على أهداف عسكرية إيرانية في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، جاءت بعد أسابيع قليلة من إطلاق إيران نحو 200 صاروخ باليستي صوب إسرائيل.

وقال لاريجاني، في مقابلة مفصلة مع وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن المسؤولين العسكريين يخططون لخيارات مختلفة للرد على إسرائيل.

وأوضح لاريجاني أنه «حمل رسالة مهمة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، تناولت قضايا تتعلق بالأوضاع الحالية في البلدين».

ولفت لاريجاني، وهو عضو في مجلس «تشخيص مصلحة النظام»، إلى أن الرسالة «تضمنت أفكاراً وحلولاً لمواجهة التحديات الحالية»، مشيراً إلى ضرورة التمسك بالعوامل التي أدت إلى «النجاحات السابقة». لكن لاريجاني رفض الكشف عن التفاصيل، وأوضح أن طبيعة الرسالة «تتطلب احترام السرية، وأن الكشف عن تفاصيلها يعود للأطراف المعنية». لكنه أشار إلى أن الرسالة «لاقت استجابة إيجابية»، معرباً عن أمله في أن «تسهم في تعزيز الحلول المطروحة واستمرار الطريق بثبات».

وأكد لاريجاني أن الرسالة الخطية التي نقلها إلى بشار الأسد ونبيه بري «عكست دعم إيران المستمر لمحور المقاومة»، لافتاً إلى أنها «حظيت بترحيب كبير من الجانبين السوري واللبناني».

وفيما يخص القصف الإسرائيلي على حي المزة بدمشق أثناء زيارته، وصفه لاريجاني بمحاولة لـ«إظهار القوة»، مشيراً إلى أن مثل هذه التحركات «لن تعيق خطط إيران وحلفائها».

كما حذّر لاريجاني مما وصفه بـ«احتمالات سعي إسرائيل لإعادة تنشيط الجماعات الإرهابية جنوب سوريا لإشغال محور المقاومة»، لكنه قال إن «هذه المحاولات لن تحقق أهدافها»، متحدثاً عن «وعي القيادة السورية بالمخططات الإسرائيلية».

وتساءل لاريجاني عما إذا حقق نتنياهو «نجاحاً أم فشلاً» في تحقيق مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، وقال إن «الواقع الميداني سيجيب على ذلك».

وأوضح لاريجاني أن مباحثاته مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، «ركزت على أهمية تحقيق مصالح لبنان وشعبه بعيداً عن أي انحياز مذهبي»، موضحاً أن «دعم إيران لـ(حزب الله) يأتي لدوره كدرع في مواجهة إسرائيل»، مشدداً على «احترام إيران الأطياف اللبنانية كافة»، مضيفاً أن «الطرفين ناقشا آليات إيصال المساعدات الإيرانية للشعب اللبناني بفاعلية».

وقال لاريجاني إن محاولة إسرائيل والغرب «إضعاف (حزب الله) سياسياً وعسكرياً كانت جزءاً من خطة قديمة باءت بالفشل». وأوضح أن «(حزب الله) استعاد قوته بعد خسائره السابقة، وأظهر قدرة عالية على المواجهة، ما أحرج إسرائيل التي تعاني من ارتباك سياسي وأمني». وبيّن أن «الواقع الميداني تغير لصالح المقاومة، وأن (حزب الله) أصبح ركيزة أساسية لأمن لبنان والمنطقة، رغم محاولات إعلامية غربية وإسرائيلية لتشويه الحقائق وفرض تصورات خاطئة على الأطراف الدولية».

وأضاف لاريجاني: «(حزب الله) اليوم يمثل دعامة قوية للدفاع عن أمن لبنان، بل المنطقة بأسرها، والمسؤولون اللبنانيون يدركون هذا الواقع أثناء متابعتهم لمواضيع وقف إطلاق النار».

وأجاب لاريجاني، بشأن محاولات في لبنان، لعزل «حزب الله» سياسياً، قائلاً: «لا، لم أسمع بمثل هذه الأحاديث؛ فالمقاومة هي واقع مهم في لبنان. اللبنانيون هم من يجب أن يقرروا، ونحن لا نتدخل في شؤونهم».

وبشأن خطة وقف إطلاق النار التي طرحها المبعوث الأميركي في لبنان، آموس هوكستين، قال لاريجاني إنها تتضمن «جوانب منطقية، هي أن هؤلاء قبلوا بأنهم يجب أن يتوجهوا نحو وقف إطلاق النار، وهذا أمر جيد رغم أن السبب يعود إلى الفشل الميداني»، أما «النقطة الإيجابية الأخرى فهي أنهم عادوا إلى القرار 1701 كمرجعية وهو أمر مهم».

وزعم لاريجاني أن هناك «دلائل قوية على أن الأميركيين يديرون الحرب من وراء الكواليس». وأضاف أن الولايات المتحدة قدّمت دعماً عسكرياً واستخبارياً كبيراً لإسرائيل، وقال: «الأميركيون هم من يديرون الوضع، ويسعون للحفاظ على (الحرب في الظل)، حيث لا يظهرون بأنفسهم بل يرمون المصائب على الآخرين».

وعاد لاريجاني إلى واجهة المشهد السياسي الإيراني في الأيام الأخيرة، بعدما حمل رسالة من المرشد علي خامنئي إلى سوريا ولبنان، وذلك بعد أشهر من رفض طلبه الترشح للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس المدعوم من الإصلاحيين، مسعود بزشكيان.

ورفض لاريجاني تأكيد أو نفي الأنباء عن عودته لمنصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، وقال إن «الحديث عن تعييني أميناً عاماً للمجلس الأعلى ظهر في وسائل الإعلام فقط»، ولم يقدم أي عرض.