طهران تؤكد جاهزيتها لأي هجوم محتمل على منشآتها النووية

إسرائيل طمأنت واشنطن بأنها لن تضرب المفاعلات ومصافي النفط الإيرانية

جانب من فيديو نشره إعلام «الحرس الثوري» للدفاعات الجوية في محيط منشأة «نطنز» في أبريل الماضي
جانب من فيديو نشره إعلام «الحرس الثوري» للدفاعات الجوية في محيط منشأة «نطنز» في أبريل الماضي
TT

طهران تؤكد جاهزيتها لأي هجوم محتمل على منشآتها النووية

جانب من فيديو نشره إعلام «الحرس الثوري» للدفاعات الجوية في محيط منشأة «نطنز» في أبريل الماضي
جانب من فيديو نشره إعلام «الحرس الثوري» للدفاعات الجوية في محيط منشأة «نطنز» في أبريل الماضي

في ظل تصاعُد التوترات في المنطقة بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن احتمال شنّ هجوم على المواقع النووية الإيرانية لا يزال ضعيفاً، لكنه أشار إلى أن طهران «مستعدة لأي سيناريو»، مؤكداً أن أي ضرر محتمل سيتم «إصلاحه سريعاً».

في المقابل، أكّدت مصادر أميركية أن إدارة بايدن حصلت على تطمينات من إسرائيل بعدم استهداف المواقع النووية أو النفطية الإيرانية في الوقت الحالي، وبرغم تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية بإرسال نظام «ثاد» وعدد من الجنود الأميركيين، حذّر المسؤولون الأميركيون من أن هذه التطمينات ليست مؤكّدة، وقد تتغير الظروف في أي لحظة.

وجاءت هذه التصريحات في أعقاب تكهّنات أُثيرت بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، حيث زُعم أن إسرائيل قد تستهدف منشآت نووية إيرانية، وهو تهديد طالما لوَّحت به.

وأوضح كمالوندي أن المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية «مستعدة للتعامل مع أي سيناريو بشأن الهجمات المحتملة على المواقع النووية»، مشيراً إلى أن إيران «تزداد قوةً وسيطرةً في المجال النووي، ولا يمكن إعادة الأمور إلى الوراء حتى عبر الهجوم».

وفي حديث مطوّل لموقع «نور نيوز»، منصة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أكّد كمالوندي أن بلاده تأخذ «هذه التهديدات دائماً على محمل الجد»، موضحاً أن أي هجوم على المواقع النووية الإيرانية «لا يزال غير مرجّح، وإن حدث فمن المتوقع أن تكون الأضرار محدودة، وستقوم إيران بإصلاحها سريعاً»، وأضاف: «خطّطنا بطريقة تجعل الأضرار ضئيلة إذا ارتكبوا أي حماقة».

منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كلم جنوب طهران (أ.ب)

وأشار إلى أن «الهجمات والتهديدات ضد المواقع النووية الإيرانية ليست جديدة، فقد وقعت في الماضي بأشكال متعدّدة، مثل التفجيرات والتخريب الصناعي»، مضيفاً: «لقد نفّذوا ما استطاعوا ضد الصناعة النووية الإيرانية، وإذا كان هناك شيء لم يفعلوه، فذلك لأنهم لم يتمكّنوا من فعله، وليس لأنهم لم يرغبوا».

وأضاف المتحدث الإيراني أن بلاده طالبت «خطياً وشفهياً» من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، بإدانة أي تهديد أو هجوم على المواقع النووية.

وعن الشكوك المتعلقة بسياسة إيران النووية، أوضح كمالوندي: «برغم أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تركز على الجوانب الفنية، فإنها تُولِي اهتماماً بالجوانب القانونية والدينية، ومن بين أولى المبادرات التي قمنا بها كان تنظيم سلسلة من الندوات حول الفقه النووي، حيث تم التركيز على فتوى المرشد الأعلى التي تحرم الأسلحة النووية».

وأكد كمالوندي أن «قد تكون هناك تصريحات مختلفة، لكن هناك أمرين يجب مراعاتهما؛ الأول: هو الرؤية الدينية التي تتجلّى في فتوى المرشد، والثاني: هو المواقف الرسمية المعلَنة من قِبل المسؤولين الإيرانيين، وبما أن الفتوى تمثل أعلى مرجعية في سياسات الدولة، فمن الطبيعي أن تأتي في مقدمة السياسة الإيرانية المتعلقة بمنع تطوير الأسلحة النووية». وأردف: «إيران أكدت مراراً وتكراراً أنها لا تحتاج إلى أسلحة نووية، خصوصاً مع القدرات التي تمتلكها والمعترَف بها دولياً».

وفي واشنطن، أفاد مسؤولان أميركيان لوكالة «أسوشييتد برس»، الأربعاء، بأن إدارة بايدن تعتقد أنها حصلت على تطمينات من إسرائيل بعدم استهداف المواقع النووية أو النفطية الإيرانية، في إطار الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير، كما ترى الإدارة أن نشر بطارية نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» في إسرائيل، برفقة نحو 100 جندي لتشغيلها، قد ساهم في تخفيف بعض المخاوف الإسرائيلية المتعلقة بالرد الإيراني وقضايا الأمن العامة.

وأعلن البنتاغون، يوم الأحد، عن نشر نظام «ثاد» لتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وذلك بعد الهجمات الصاروخية الباليستية الإيرانية على إسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر، موضحاً أن الخطوة جاءت بتوجيه من الرئيس جو بايدن، إلا أن المسؤولين الأميركيين - الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المحادثات الدبلوماسية - حذّروا من أن تطمينات إسرائيل ليست مؤكدة، وقد تتغير الظروف.

صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كلم شمال أصفهان 4 أكتوبر الحالي (أ.ب)

وأشار المسؤولون إلى أن سجلّ إسرائيل في الالتزام بتعهداتها متباين، وغالباً ما تتأثر قراراتها بالسياسات الداخلية، مما يؤدي إلى تعقيد توقعات واشنطن.

من جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان صدر الثلاثاء، إن إسرائيل ستستمع إلى الولايات المتحدة، لكنها ستتخذ قراراتها بناءً على مصالحها الوطنية، وأرفق البيان بمقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، أفاد بأن نتنياهو أبلغ إدارة بايدن بأن إسرائيل ستستهدف أهدافاً عسكرية إيرانية، وليس منشآت نووية أو نفطية.

وأكّد بايدن أنه لن يدعم أي هجوم على المواقع النووية الإيرانية، وحثّ إسرائيل على النظر في بدائل أخرى بدلاً من ضرب قطاع النفط الإيراني.

وقد ألقت احتمالية توجيه ضربة إسرائيلية لحقول النفط الإيرانية بظلالها على أسواق النفط، حيث إن مثل هذه الخطوة قد تؤثر على الأسواق العالمية وترفع الأسعار قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وتترقب منطقة الشرق الأوسط رداً متوقعاً من إسرائيل، بعد أن أطلقت إيران نحو 180 صاروخاً باليستياً في الأول من أكتوبر، حيث ساهمت الولايات المتحدة في صدها، وقد أثارت هذه الضربات المتبادلة، إلى جانب الغموض بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستستهدف مواقع استراتيجية في إيران، مخاوف من تصاعد الأمور إلى نزاع إقليمي شامل.

لوحة دعائية تحاول إثارة المشاعر القومية الإيرانية وتظهر صواريخ «فاتح-1» بجانب رستم البطل الأسطوري في الأساطير الفارسية في طهران اليوم (إ.ب.أ)

طهران تقلل من نشر «ثاد»

وقال وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، للصحافيين إن نظام «ثاد» المضاد للصواريخ الباليستية، «ليس جديداً، لأنه كان موجوداً من قبل في إسرائيل».

وأضاف في تصريحات على هامش الاجتماع الحكومي: «نعتبر هذه الإجراءات من قبل العدو جزءاً من الحرب النفسية، ولا توجد أي مشكلة خاصة. لا توجد أي من التهديدات التي يشكلها الكيان الصهيوني جديدة».

جاء ذلك، في وقت بحث السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، ومناقشة وجهات النظر بشأن السبل الكفيلة بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، حسبما أفادت وكالة الأنباء العمانية.

ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن بزشكيان قوله إن «إذا كنا نحن الدول الإسلامية يداً واحدة، فلن يجرؤ الكيان الصهيوني على ارتكاب الجرائم بهذه السهولة، ولن تدعمه أميركا والدول الغربية أيضاً».

في وقت سابق، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي في اتصال مع الأمين العام للأمن المتحدة أنطونيو غوتيريش إن بلاده مستعدة لرد «حازم» إذا هاجمت إسرائيل الجمهورية الإسلامية رداً على إطلاق الأخيرة صواريخ باتّجاهها.

ونقل مكتب عراقجي عنه قوله في اتصال مع غوتيريش «بينما تبذل كل الجهود لحماية السلام والأمن في المنطقة، إلا أن إيران جاهزة بالكامل لرد حازم على أي مغامرة» إسرائيلية، «ستندم عليها» إسرائيل كذلك، ناشد عراقجي الأمم المتحدة استخدام إمكاناتها «لوقف جرائم واعتداءات النظام الإسرائيلي وإرسال مساعدات إنسانية إلى لبنان وغزة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث عراقجي أيضاً إلى نظيره الفرنسي جان نويل بارو الثلاثاء، بحسب مكتبه. وشدد عراقجي خلال الاتصال على ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على لبنان، محذّراً من أي «مغامرات جديدة» من قبل تل أبيب، وداعياً إلى إزالة «العراقيل» الإسرائيلية التي تعطّل إيصال المساعدات للنازحين. وجاء ذلك بعد مكالمة هاتفية الأحد جرت بين رئيسي البلدين إيمانويل ماكرون ومسعود بزشكيان.

وانتقد عراقجي الأربعاء العقوبات الجديدة التي فرضتها دول غربية على طهران وعدّها «خطوة عدائية» و«لن تساهم في خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط».

يتجمع الناس حول شاحنة تحمل جثة عباس نيلفروشان القيادي في «الحرس الثوري» الذي قُتل في لبنان خلال تشييعه بمدينة مشهد (أ.ف.ب)

وواصل «الحرس الثوري» مراسم تشييع القيادي في «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، الذي قضى في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مقر أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، في 27 سبتمبر (أيلول).

ونشرت مواقع إيرانية صوراً من إقامة صلاة الجنازة على جثة نيلفروشان في مدينة مشهد بعد تشييعه في طهران وقم، وأم الصلاة رجل الدين المتشدد أحمد علم الهدى، ممثل المرشد الإيراني في محافظة خراسان، شمال شرقي البلاد.

وكانت مواقع إيرانية قد ذكرت الأحد أن المرشد الإيراني علي خامنئي سيؤم صلاة الجنازة في طهران. ونقل نيلفروشان إلى مسقط رأسه في أصفهان حيث من المقرر أن يدفن الخميس.


مقالات ذات صلة

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية  منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

«عسكرة» البرنامج النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاول، دون طائل، تجنب التصعيد بين الغربيين وإيران.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعيداً عن الرد العصبي الفوري للقادة الإسرائيليين في الائتلاف والمعارضة، على السواء، ضد قرار المحكمة الجنائية في لاهاي إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة التورط في جرائم حرب بقطاع غزة، ينكب قادة الجهاز القضائي العام وكذلك القضاء العسكري والخبراء في معاهد الأبحاث على دراسة القرار بشكل عميق، وسط مخاوف شديدة، ليس من اعتقال نتنياهو وغالانت، بل من تبعات القرار الأخرى التي يصفونها بالمخيفة.

وأهم المخاوف لدى الإسرائيليين تتعلق بقرار المحكمة الذي يعني أنها اقتنعت بأن ما جرى في غزة هو فعلاً جرائم حرب ضد الإنسانية، تشمل التجويع والتعطيش وحرمان الناس من العلاج الطبي السليم، والقتل الجماعي. في هذه القضايا يوجد مسؤولان كبيران هما نتنياهو وغالانت، ولكن يوجد منفذون. والمنفذون هم قادة الجيش الكبار وكذلك قادة الجيش الصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين. وكل واحد من هؤلاء يمكن اعتقاله بقرار من أي محكمة في أي دولة يصل إليها، في حال قُدّمت شكوى ضده.

ويتضح، في هذا الإطار، أن هناك «جيشاً» من المتطوعين في العالم، بينهم عشرات الإسرائيليين اليهود، الذين يقفون ضد الحرب وما تنطوي عليه من جرائم رهيبة، يتجندون في هذه المعركة من الآن. وهؤلاء، كما يبدو، جمعوا الكثير من المعلومات الدقيقة عن الضباط المذكورين، من قبيل من هم، وما أرقام هوياتهم وجوازات سفرهم، وأين يسافرون. وتم تخزين هذه المعلومات في أماكن مناسبة في الفضاء الإلكتروني تمهيداً لمثل هذه اللحظة التي وفرها قرار المحكمة الجنائية. وينوي هؤلاء، كما تقول أوساطهم، استغلال ما لديهم من معلومات لغرض اعتقال أي واحد من الضباط إذا سافر إلى الخارج.

وقد تمت تجربة هذه الخطوة ثلاث مرات في الشهر الأخير وكادت تنجح، لولا أن إسرائيل كرّست جهوداً ضخمة لإنقاذ الضباط المشتبه بتورطهم. المرة الأولى كانت في بلجيكا، حيث تم فتح ملف تحقيق ضد مواطن يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والبلجيكية، وشارك في الحرب على غزة. وقبل أسبوعين فُتح ملف مشابه لإسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية في نيقوسيا. وفي الأسبوع الماضي حصل الأمر نفسه لضابط إسرائيلي في جيش الاحتياط، كان يمضي شهر عسل مع زوجته الشابة في قبرص. وهو من أولئك الضباط، الذين تباهوا بأفعالهم في غزة ونشر صورة له قبل 6 أشهر وهو يقول: «لن نتوقف. سنحرق غزة عن بكرة أبيها». وقد تتبعت منظمة بلجيكية أثره. ووجدت أنه ينشر صور شهر العسل بفرح وسعادة، فتوجهت إلى المحكمة لاعتقاله. وقد عرف جهاز «الموساد» بالأمر، فسارع إلى ترحيله من قبرص خلال ساعات قليلة، قبل أن يتم إصدار أمر باعتقاله.

بالإضافة إلى هذا الخطر، يدرس الإسرائيليون تبعات القرار على عمل نتنياهو. فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاستقباله، فمن سيستقبله غيرها؟ وأي رئيس سيلتقيه الآن، في العالم؟ أي رئيس سيصل إلى إسرائيل؟ أليس كل مسؤول في العالم سيحسب حساباً للقائه بعد هذا القرار؟ وكيف يمكن لرئيس حكومة أن يعمل وهو مُقاطع من نظرائه في الخارج؟

أحد الخبراء، فوان الترمان، قال للقناة «آي 24» إن قرار محكمة لاهاي ينطوي على عدة نقاط ضعف، لكن لا يمكن الاستناد لإلغاء القرار إلا إذا سلّم نتنياهو نفسه إلى المحكمة. ولأن هذا لن يحدث يجب الاعتياد على العيش تحت قيادة «قائد منبوذ»، وهذا غير ممكن، برأيه، ولذلك فإن ما يجب الاعتياد عليه هو العيش من دون نتنياهو، متوقعاً أن نهاية عهده بدأت بقرار محكمة لاهاي.