الأمان والاقتصاد و«الدولتين»... بمَ يشعر الإسرائيليون بعد سنة من الحرب؟

استطلاع: ثُلثا اليهود تقريباً يرفضون إقامة دولة فلسطينية

إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

الأمان والاقتصاد و«الدولتين»... بمَ يشعر الإسرائيليون بعد سنة من الحرب؟

إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)

على الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن معسكر اليمين الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيخسر الحكم إذا جرت انتخابات مبكرة، فإنه يتّضح من التعمق في الأبحاث أن أفكار هذا اليمين تتغلغل في مفاهيم الجمهور بشكل عميق فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وبعد أن كان أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين، في استطلاعات سابقة، يؤيدون تسوية للصراع على أساس «حل الدولتين»، قالت أغلبية الجمهور اليهودي (ثلثا المستطلَعين تقريباً 61 في المائة) إنه ليس للفلسطينيين الحق في إقامة دولة خاصة بهم.

وجاءت النتيجة السابقة في استطلاع أجراه مركز «فيتربي» للرأي العام وأبحاث السياسات في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، بمناسبة مرور عام على حرب غزة، وشاركت به عينة تضم ألف شخص (800 من اليهود، و200 من العرب) من الرجال والنساء، وأعمارهم تبدأ من 18 عاماً فما فوق.

واتضح في الاستطلاع أن هذا الموقف الرافض لإقامة دول فلسطينية لم يَعُد يقتصر على اليمين، حيث إن 80 في المائة من أصحاب هذا التوجه لا يؤمنون بحق الفلسطينيين في دولة، بل أيضاً في الوسط الليبرالي، حيث يظهر أن 61 في المائة يعارضون، ومن بين أوساط اليسار اليهودي قال 27 في المائة إنهم «لم يعودوا يؤمنون بهذا الحق»، بينما رأى 73 في المائة (من اليسار) أنه يحق للفلسطينيين دولة.

صبي يلوّح بعلم فلسطين خلال مظاهرة في إسبانيا التي اعترفت مع دول أوروبية بدولة فلسطينية (أ.ب)

ومن مراجعة لاستطلاعات سابقة، يتّضح أن التراجع الإسرائيلي في تأييد حق الفلسطينيين في دولة بدأ قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكن هذا الهجوم زاد من نسبة هذا التراجع إلى حد كبير، وأحدث تغييرات أخرى في مفاهيم الجمهور، ودلّ على أن أفكار الحكومة (اليمينية المتطرفة) تتغلغل في نفوسهم.

مَن يحكم غزة؟

وعندما سُئل المستطلَعون عن رأيهم فيمن يجب أن يحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وتم إعطاؤهم 3 خيارات: (قوة متعددة الجنسيات، أو إسرائيل، أو السلطة الفلسطينية)، جاءت الإجابات ملائمة تماماً لمواقف الحكومة؛ فقال 37 في المائة إنهم يفضّلون قوة متعددة الجنسيات، وقال 34 في المائة إن السيطرة يجب أن تكون في يد إسرائيل، بينما قال 11.5 في المائة فقط إنهم يؤيدون نقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.

وفي صفوف اليهود المشاركين في الاستطلاع بلغت نسبة مؤيدي سيطرة قوة متعددة الجنسيات 40 في المائة، ومؤيدي سيطرة إسرائيل 39 في المائة، بينما تعتقد أقلية صغيرة جداً (فقط 8 في المائة) أن السلطة الفلسطينية يجب أن تسيطر على غزة في اليوم التالي، ويفضّل 1 في المائة فقط تسليم السيطرة لـ«حماس».

وفي قراءة معمّقة أكثر يتبيّن أن أعلى نسبة من المستطلَعين في اليسار (43 في المائة) تعتقد أن قوة متعددة الجنسيات يجب أن تحكم غزة في «اليوم التالي»، وأكثر من الربع بقليل (27 في المائة) يؤيدون نقل الحكم إلى السلطة الفلسطينية.

وفي وسط الخريطة الحزبية، الأغلبية (57 في المائة) تؤيد نقل السلطة إلى قوة متعددة الجنسيات، و19 في المائة يعتقدون أن السيطرة يجب أن تبقى في أيدي إسرائيل.

أما في معسكر اليمين فتعتقد الأغلبية (56 في المائة) أن إسرائيل يجب أن تسيطر على غزة في اليوم التالي، و31 في المائة يؤيدون نقل السيطرة إلى قوة متعددة الجنسيات.

الأمان والاقتصاد

وسُئل المستطلَعون: كيف تصف شعورك بالأمان الشخصي اليوم مقارنةً بما كنت تشعر به قبل أحداث أكتوبر؟ فأجابت أغلبية (ثلثا العينة تقريباً) أن أمنها الشخصي قد تدهور، بينما ظهرت نسبة صغيرة تحدّد حالتها على أنها أفضل أو لم تتغيّر.

وهذا التوزيع متشابه في صفوف المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، علماً بأنه في عينة العرب أبلغت نسبة أعلى من المستطلعين (86 في المائة) أنها تشعر بشكل أسوأ من قبل.

وبشأن مقارنة الأوضاع الاقتصادية قبل الحرب بالوضع الراهن، دلّت الإجابات على أن نسبة الذين أفادوا بأن وضعهم الاقتصادي تدهور بعد أحداث أكتوبر 2023 أعلى قليلاً من نسبة الذين أفادوا بأنه بقي دون تغيير (أقلية صغيرة فقط أبلغت عن تحسّن وضعهم الاقتصادي).

الشيقل الإسرائيلي (أرشيفية)

لكن مقارنة إجابات مَن أُجريت معهم المقابلات من اليهود مقابل العرب تشير إلى اختلاف كبير؛ فبين اليهود ظهر أن النسبة الأعلى تقول إنه لم يطرأ أي تغيير على وضعهم الاقتصادي، بينما الأغلبية العظمى بين العرب تقول إن وضعهم الاقتصادي أصبح أسوأ.

وطُرح السؤال: إلى أي مدى عادت حياتك الشخصية (مثل العمل، واستهلاك وسائل الإعلام، واللقاءات العائلية والاجتماعية، وما إلى ذلك) إلى طبيعتها، أو اقتربت من وضعها الطبيعي مؤخراً؟ وقد أجابت الأغلبية (59 في المائة) أن حياتهم قد عادت إلى طبيعتها، بينما أفادت أقلية (39 في المائة) بعكس ذلك.

ومع ذلك، كما في القياسات السابقة، هناك فرق كبير بين اليهود والعرب؛ ففي عينة اليهود أفادت أغلبية الثلثين بعودتها إلى الروتين، مقارنةً بأقلية تبلغ نحو الربع فقط في عينة العرب.

إدارة الحرب

وتطرّق الاستطلاع كذلك إلى تقييم إدارة الحرب وأداء القيادة، وأيّدت أغلبية (53 في المائة) أنه حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة، وبشكل أكثر عمقاً سُئل المستطلَعون عن السبب وراء تأييدهم ضرورة وقف الحرب في غزة؛ فأجابوا أن مواصلتها «تُعرّض حياة المختطفين للخطر».

عائلات أسرى إسرائيليين تتظاهر قرب مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقدس سبتمبر الماضي (رويترز)

غير أن بُعداً آخر إضافةً لما سبق كان وراء تأييد إنهاء الحرب في غزة، يكشفه أن 16 في المائة من المستطلَعين يعتقدون أن انتهاء الحرب سيسمح لأصحاب القرار والجيش بتحويل اهتمامهم إلى شؤون الجبهة الشمالية (الحرب مع لبنان)، بينما يقدر 14 في المائة أن القتال قد «حقّق معظم ما كان ممكناً».

اللافت أنه في نهاية سلّم الأسباب تأتي أقلية ضئيلة تُبرّر تفضيلها بأنه يُحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة.

اليهود والعرب

وفي قراءة أعمق، يتّضح أن السبب الأكثر شيوعاً الذي يقدّمه اليهود والعرب (ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية) الذين يؤيدون إنهاء الحرب في غزة، هو أن استمرارها يعرّض المختطفين للخطر (56 في المائة بين اليهود، 45 في المائة بين العرب).

وجاء السبب الثاني الأكثر شيوعاً بين اليهود أن إنهاء الحرب في غزة سيسمح بتحويل الاهتمام إلى الجبهة الشمالية (20 في المائة)، بينما كان السبب الثاني الأكثر شيوعاً بين العرب هو الارتفاع الكبير لعدد الضحايا، والرغبة في الهدوء والسلام والأمن (14 في المائة).

رجل يحمل جثمان طفل قُتل في مدينة غزة بمستشفى المعمداني السبت الماضي (د.ب.أ)

وسُئلوا: على مقياس بين 1 = سيئ، و5 = ممتاز، ما الدرجة التي ستمنحها لكل من الشخصيات التالية على أدائهم لمهامهم منذ 7 أكتوبر؟ فجاء التقييم سيئاً، وحصل الأداء الوظيفي لجميع الشخصيات على علامة تقل عن 3، أي أقل من 60 في المائة.

وقد حصل على أدنى الدرجات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (1.90)، يليه زعيم المعارضة يائير لبيد (2.10)، ثم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (2.17)، وأما أعلى الدرجات، وهي أيضاً أقل من المتوسط، فحصل عليها رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي (2.75)، ووزير الدفاع يوآف غالانت (2.67)، والوزير السابق بيني غانتس (2.47).

وعندما سُئل الإسرائيليون كيف ينظرون إلى مستقبل إسرائيل في ضوء الأوضاع الحالية، أجاب 45 في المائة بأنهم متفائلون، بينما قال 48 في المائة إنهم متشائمون.


مقالات ذات صلة

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا مقر اتحاد البث الأوروبي في جنيف - الجهاز الذي ينظم «يوروفيجن» (أ.ف.ب)

مدير «يوروفيجن» يتوقع مقاطعة 5 دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل

أعلن مدير مسابقة «يوروفيحن»، مارتن غرين، أن 35 دولة ستشارك في النسخة المقبلة من مسابقة «يوروفيحن» التي ستقام في فيينا.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية في بلدة القلقيلة في الضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

إسرائيل: إقرار موازنة تخدم الاستيطان بالضفة

طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية 144 مليار شيقل وحصلت على 112 بما يزيد بنحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
ثقافة وفنون المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز) play-circle

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.