الأمان والاقتصاد و«الدولتين»... بمَ يشعر الإسرائيليون بعد سنة من الحرب؟

استطلاع: ثُلثا اليهود تقريباً يرفضون إقامة دولة فلسطينية

إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

الأمان والاقتصاد و«الدولتين»... بمَ يشعر الإسرائيليون بعد سنة من الحرب؟

إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)
إسرائيليون في ملجأ بوسط إسرائيل مطلع أكتوبر الحالي (رويترز)

على الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن معسكر اليمين الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيخسر الحكم إذا جرت انتخابات مبكرة، فإنه يتّضح من التعمق في الأبحاث أن أفكار هذا اليمين تتغلغل في مفاهيم الجمهور بشكل عميق فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وبعد أن كان أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين، في استطلاعات سابقة، يؤيدون تسوية للصراع على أساس «حل الدولتين»، قالت أغلبية الجمهور اليهودي (ثلثا المستطلَعين تقريباً 61 في المائة) إنه ليس للفلسطينيين الحق في إقامة دولة خاصة بهم.

وجاءت النتيجة السابقة في استطلاع أجراه مركز «فيتربي» للرأي العام وأبحاث السياسات في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، بمناسبة مرور عام على حرب غزة، وشاركت به عينة تضم ألف شخص (800 من اليهود، و200 من العرب) من الرجال والنساء، وأعمارهم تبدأ من 18 عاماً فما فوق.

واتضح في الاستطلاع أن هذا الموقف الرافض لإقامة دول فلسطينية لم يَعُد يقتصر على اليمين، حيث إن 80 في المائة من أصحاب هذا التوجه لا يؤمنون بحق الفلسطينيين في دولة، بل أيضاً في الوسط الليبرالي، حيث يظهر أن 61 في المائة يعارضون، ومن بين أوساط اليسار اليهودي قال 27 في المائة إنهم «لم يعودوا يؤمنون بهذا الحق»، بينما رأى 73 في المائة (من اليسار) أنه يحق للفلسطينيين دولة.

صبي يلوّح بعلم فلسطين خلال مظاهرة في إسبانيا التي اعترفت مع دول أوروبية بدولة فلسطينية (أ.ب)

ومن مراجعة لاستطلاعات سابقة، يتّضح أن التراجع الإسرائيلي في تأييد حق الفلسطينيين في دولة بدأ قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكن هذا الهجوم زاد من نسبة هذا التراجع إلى حد كبير، وأحدث تغييرات أخرى في مفاهيم الجمهور، ودلّ على أن أفكار الحكومة (اليمينية المتطرفة) تتغلغل في نفوسهم.

مَن يحكم غزة؟

وعندما سُئل المستطلَعون عن رأيهم فيمن يجب أن يحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وتم إعطاؤهم 3 خيارات: (قوة متعددة الجنسيات، أو إسرائيل، أو السلطة الفلسطينية)، جاءت الإجابات ملائمة تماماً لمواقف الحكومة؛ فقال 37 في المائة إنهم يفضّلون قوة متعددة الجنسيات، وقال 34 في المائة إن السيطرة يجب أن تكون في يد إسرائيل، بينما قال 11.5 في المائة فقط إنهم يؤيدون نقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية.

وفي صفوف اليهود المشاركين في الاستطلاع بلغت نسبة مؤيدي سيطرة قوة متعددة الجنسيات 40 في المائة، ومؤيدي سيطرة إسرائيل 39 في المائة، بينما تعتقد أقلية صغيرة جداً (فقط 8 في المائة) أن السلطة الفلسطينية يجب أن تسيطر على غزة في اليوم التالي، ويفضّل 1 في المائة فقط تسليم السيطرة لـ«حماس».

وفي قراءة معمّقة أكثر يتبيّن أن أعلى نسبة من المستطلَعين في اليسار (43 في المائة) تعتقد أن قوة متعددة الجنسيات يجب أن تحكم غزة في «اليوم التالي»، وأكثر من الربع بقليل (27 في المائة) يؤيدون نقل الحكم إلى السلطة الفلسطينية.

وفي وسط الخريطة الحزبية، الأغلبية (57 في المائة) تؤيد نقل السلطة إلى قوة متعددة الجنسيات، و19 في المائة يعتقدون أن السيطرة يجب أن تبقى في أيدي إسرائيل.

أما في معسكر اليمين فتعتقد الأغلبية (56 في المائة) أن إسرائيل يجب أن تسيطر على غزة في اليوم التالي، و31 في المائة يؤيدون نقل السيطرة إلى قوة متعددة الجنسيات.

الأمان والاقتصاد

وسُئل المستطلَعون: كيف تصف شعورك بالأمان الشخصي اليوم مقارنةً بما كنت تشعر به قبل أحداث أكتوبر؟ فأجابت أغلبية (ثلثا العينة تقريباً) أن أمنها الشخصي قد تدهور، بينما ظهرت نسبة صغيرة تحدّد حالتها على أنها أفضل أو لم تتغيّر.

وهذا التوزيع متشابه في صفوف المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، علماً بأنه في عينة العرب أبلغت نسبة أعلى من المستطلعين (86 في المائة) أنها تشعر بشكل أسوأ من قبل.

وبشأن مقارنة الأوضاع الاقتصادية قبل الحرب بالوضع الراهن، دلّت الإجابات على أن نسبة الذين أفادوا بأن وضعهم الاقتصادي تدهور بعد أحداث أكتوبر 2023 أعلى قليلاً من نسبة الذين أفادوا بأنه بقي دون تغيير (أقلية صغيرة فقط أبلغت عن تحسّن وضعهم الاقتصادي).

الشيقل الإسرائيلي (أرشيفية)

لكن مقارنة إجابات مَن أُجريت معهم المقابلات من اليهود مقابل العرب تشير إلى اختلاف كبير؛ فبين اليهود ظهر أن النسبة الأعلى تقول إنه لم يطرأ أي تغيير على وضعهم الاقتصادي، بينما الأغلبية العظمى بين العرب تقول إن وضعهم الاقتصادي أصبح أسوأ.

وطُرح السؤال: إلى أي مدى عادت حياتك الشخصية (مثل العمل، واستهلاك وسائل الإعلام، واللقاءات العائلية والاجتماعية، وما إلى ذلك) إلى طبيعتها، أو اقتربت من وضعها الطبيعي مؤخراً؟ وقد أجابت الأغلبية (59 في المائة) أن حياتهم قد عادت إلى طبيعتها، بينما أفادت أقلية (39 في المائة) بعكس ذلك.

ومع ذلك، كما في القياسات السابقة، هناك فرق كبير بين اليهود والعرب؛ ففي عينة اليهود أفادت أغلبية الثلثين بعودتها إلى الروتين، مقارنةً بأقلية تبلغ نحو الربع فقط في عينة العرب.

إدارة الحرب

وتطرّق الاستطلاع كذلك إلى تقييم إدارة الحرب وأداء القيادة، وأيّدت أغلبية (53 في المائة) أنه حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة، وبشكل أكثر عمقاً سُئل المستطلَعون عن السبب وراء تأييدهم ضرورة وقف الحرب في غزة؛ فأجابوا أن مواصلتها «تُعرّض حياة المختطفين للخطر».

عائلات أسرى إسرائيليين تتظاهر قرب مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقدس سبتمبر الماضي (رويترز)

غير أن بُعداً آخر إضافةً لما سبق كان وراء تأييد إنهاء الحرب في غزة، يكشفه أن 16 في المائة من المستطلَعين يعتقدون أن انتهاء الحرب سيسمح لأصحاب القرار والجيش بتحويل اهتمامهم إلى شؤون الجبهة الشمالية (الحرب مع لبنان)، بينما يقدر 14 في المائة أن القتال قد «حقّق معظم ما كان ممكناً».

اللافت أنه في نهاية سلّم الأسباب تأتي أقلية ضئيلة تُبرّر تفضيلها بأنه يُحسّن العلاقات مع الولايات المتحدة.

اليهود والعرب

وفي قراءة أعمق، يتّضح أن السبب الأكثر شيوعاً الذي يقدّمه اليهود والعرب (ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية) الذين يؤيدون إنهاء الحرب في غزة، هو أن استمرارها يعرّض المختطفين للخطر (56 في المائة بين اليهود، 45 في المائة بين العرب).

وجاء السبب الثاني الأكثر شيوعاً بين اليهود أن إنهاء الحرب في غزة سيسمح بتحويل الاهتمام إلى الجبهة الشمالية (20 في المائة)، بينما كان السبب الثاني الأكثر شيوعاً بين العرب هو الارتفاع الكبير لعدد الضحايا، والرغبة في الهدوء والسلام والأمن (14 في المائة).

رجل يحمل جثمان طفل قُتل في مدينة غزة بمستشفى المعمداني السبت الماضي (د.ب.أ)

وسُئلوا: على مقياس بين 1 = سيئ، و5 = ممتاز، ما الدرجة التي ستمنحها لكل من الشخصيات التالية على أدائهم لمهامهم منذ 7 أكتوبر؟ فجاء التقييم سيئاً، وحصل الأداء الوظيفي لجميع الشخصيات على علامة تقل عن 3، أي أقل من 60 في المائة.

وقد حصل على أدنى الدرجات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (1.90)، يليه زعيم المعارضة يائير لبيد (2.10)، ثم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (2.17)، وأما أعلى الدرجات، وهي أيضاً أقل من المتوسط، فحصل عليها رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي (2.75)، ووزير الدفاع يوآف غالانت (2.67)، والوزير السابق بيني غانتس (2.47).

وعندما سُئل الإسرائيليون كيف ينظرون إلى مستقبل إسرائيل في ضوء الأوضاع الحالية، أجاب 45 في المائة بأنهم متفائلون، بينما قال 48 في المائة إنهم متشائمون.


مقالات ذات صلة

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

المشرق العربي جانب من الأضرار التي خلفهها صاروخ ل"حزب الله" في "بتاح تكفا" قرب تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

بيروت ـــ تل أبيب... يوم الصواريخ والغارات

عاش لبنان وإسرائيل، أمس، يوماً عنيفاً من الغارات والصواريخ؛ إذ شنّت إسرائيل عشرات الغارات، بعضها على ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب حيث مسحت حياً بأكمله، في…

كارولين عاكوم (بيروت)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز) play-circle 00:28

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن هجوم قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية أن يكون «عملاً فردياً»

شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.


لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
TT

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه رد انتقامي.

وشنت إسرائيل ضربات في 26 أكتوبر (تشرين الأول) على مواقع في إيران رداً على هجوم صاروخي إيراني استهدفها في الأول من الشهر نفسه، انتقاماً لاغتيال حسن نصر الله وقياديين آخرين في غارات إسرائيلية.

وقال لاريجاني لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «المسؤولين العسكريين يدرسون خيارات مختلفة للرد على إسرائيل»، مضيفاً: «ينبغي ألا عدم تداولها إعلامياً، لأنها تتعلق بالأمن القومي، وتتطلب الدقة والحفاظ على بعض السرية». وكشف أنه حمل رسالةً خطيةً من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وأخرى إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، موضحاً أن الرسالتين «عكستا دعم إيران المستمر لـ(محور المقاومة)»، ولقيتا «استجابة إيجابية».