بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

يمشي جندي الاحتياط الإسرائيلي، آرون بورس، بمساعدة عكازين بعد 10 أشهر من إصابته في ساقه برصاصة قناص في غزة، آملاً في التعافي الكامل من الإصابة التي لحقت به في أثناء محاولته إنقاذ قائده بأحد الكمائن.

وقال بورس: «تطاير الرصاص من كل مكان حولي».

بعد ثلاث ساعات من إطلاق النار عليه، خضع لعملية جراحية في مركز شيبا الطبي بالقرب من تل أبيب، حيث تمكن الأطباء من إنقاذ ساقه. وتبع ذلك إعادة تأهيل مكثف على مدى شهور، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

استدعى الجيش الإسرائيلي نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، وخدم كثير منهم لعدة أشهر في جولات متعددة. وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم التي تركوها وراءهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

وعالج قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أكثر من 10 آلاف جندي مصاب، منذ الهجوم الذي قادته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي تبعه غزو إسرائيل لقطاع غزة.

دلالات على قتال عنيف

كان أكثر من ثلثي الذين تلقوا العلاج من جنود الاحتياط وعادوا إلى وحداتهم العسكرية تاركين الحياة المدنية.

يعاني ما يزيد قليلاً على ثلث هؤلاء الجرحى من إصابات في الأطراف، في حين يعاني الباقون من مجموعة متنوعة من الإصابات الداخلية وإصابات بالعمود الفقري، فضلاً عن جروح في العين والأذن والرأس، وهو ما يؤكد خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة.

يقول يسرائيل دودكيفيتش، الطبيب الذي يدير مركز إعادة التأهيل في مركز شيبا الطبي، إن المستشفى أدرك في السابع من أكتوبر أنه سيحتاج إلى التوسع لاستقبال تدفق الجرحى. وزاد المستشفى عدد الأسرة وفتح ثلاثة أجنحة جديدة لعلاج الجرحى. ونحو ربع موظفي المستشفى من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم.

وقال دودكيفيتش: «لا أستطيع أن أقول إن الأمر لم يكن صعباً... لكن في النهاية نجحنا في تقديم الخدمة».

تأثير سيستمر لسنوات

ومستوى الرعاية الذي يتلقاه الجنود الإسرائيليون مختلف تماماً عن نظيره في غزة، حيث قُتل أكثر من 41 ألفاً و500 فلسطيني خلال الحرب الممتدة منذ عام والتي شهدت تدمير المنظومة الصحية إلى حد كبير.

لكن تأثير الإصابات الخطيرة على جنود الاحتياط، الذين سيعودون إلى الحياة المدنية عندما تنتهي المعارك، سيستمر لسنوات عديدة.

أصيب يوسي سوشر (34 عاماً) بجروح بالغة جراء انفجار عبوة ناسفة عن بعد. ولا يزال الأطباء غير واثقين مما إذا كان سيتمكن من استعادة قدرته الكاملة على استخدام ذراعه اليسرى وكتفه بعد أن أصيبا بشظية.

ويستطيع الآن تحريك يده فقط ولكن ليس باقي ذراعه.

وقال جندي الاحتياط بينما يرقد على سرير بالمستشفى وزوجته بالقرب منه: «الأمر كان صعباً».


مقالات ذات صلة

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

المشرق العربي مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق.

«الشرق الأوسط» (القنيطرة (سوريا))
المشرق العربي الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص التي توفيت في غزة (المركز الفلسطيني للإعلام)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)

تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)
من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا

من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)
من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن إيران تجنّد أطفالاً لمهاجمة أهداف إسرائيلية في أوروبا، في حين دفعت حرب إسرائيل ضد وكلاء طهران إلى تصعيد الهجمات السرية ضد تل أبيب في القارة العجوز. وتُعدّ الدول الاسكندنافية ذات الجاليات المهاجرة الكبيرة معرّضة للخطر.

وأضاف المحققون في السويد إن ثلاث هجمات ضد مؤسسات إسرائيلية شهدتها بلادهم وشارك فيها أطفال هذا العام؛ هي جزء من اتجاه جديد؛ حيث تجنّد جهات تابعة لإيران مجرمين محليين، بمن في ذلك القاصرون، لضرب أهداف يهودية وإسرائيلية في أوروبا.

وحسب الوكالة، تُظهِر هذه الحوادث كيف تدفع الحرب بين إسرائيل ووكلاء إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط طهران إلى تصعيد عملياتها السرية في أوروبا، وهذا يزعج الحكومات التي تشعر بالقلق بالفعل من أن الصراع يُثير التوتر بين المجتمعات المنقسمة بشأن الهجرة.

وهذا الخريف، حذّر كل من الأجهزة الأمنية السويدية والنرويجية من العمليات المدعومة من إيران. وفي أكتوبر (تشرين الأول) رفعت النرويج مؤقتاً حالة التأهب الإرهابي إلى مستوى مرتفع من متوسط، وسلّحت شرطتها وأقامت ضوابط على الحدود مع جارتها الاسكندنافية.

وفي بروكسل في مايو (أيار)، عثرت الأجهزة الأمنية على أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً وهم يدبرون هجوماً على السفارة الإسرائيلية.

وأصدرت الاستخبارات البريطانية تحذيرات من زيادة الهجمات المرتبطة بإيران.

ولكن الدول الاسكندنافية معرّضة للخطر بصفة خاصة، فلدى هذه الدول مجتمعات مفتوحة تقليدياً مع الحد الأدنى من أعمال الشرطة والثقة العالية، ولكن الآن ترسخت عصابات الجريمة الدولية بين المجتمعات الأكثر فقراً التي يهيمن عليها المهاجرون في كثير من الأحيان.

وقال مسؤولون إن الغضب بين بعض الجماعات إزاء عدد المدنيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان جعل من السهل العثور على المجندين.

ضباط شرطة خارج السفارة الإسرائيلية في استوكهولم 31 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وحسب الباحث في شؤون الإرهاب في معهد أبحاث الدفاع النرويجي، بيتر نيسر، فإن الأشخاص الذين يعملون نيابة عن النظام الإيراني يتواصلون مع المرتزقة المحتملين على منصات؛ مثل: «تلغرام»، أو «تيك توك»، أو «واتساب».

وقال نيسر إن الأسعار تبدأ من نحو 1500 يورو (1560 دولاراً) للقتل، ويمكن أن يكلّف هجوم بقنبلة حارقة ما لا يقل عن 120 يورو، وفقاً لأحد الأشخاص الذين تتبعوا التجارة غير المشروعة.

وبعد نحو 14 شهراً من رد إسرائيل المدمر على الهجمات القاتلة التي شنتها «حماس» في أكتوبر 2023، ضعف أو اختفى حلفاء طهران المتشددون، بمن في ذلك «حماس» في غزة، و«حزب الله» في لبنان، والرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

ووفقاً لمسؤول أوروبي كبير: «شلّ شبكة حدّدت السياسة الإقليمية لإيران لمدة نصف قرن تقريباً لم يقلّل من خطر الهجمات المدعومة من طهران في أوروبا».

وبينما عدد من الشباب مدفوع بالإحباط من حرب إسرائيل الوحشية في غزة، فإن آخرين مدفوعون بالمال، وأحياناً لا يكون لديهم أي فكرة عما يوقعون به، وإذا كانوا تحت سن 15 عاماً فلا يمكن مقاضاتهم في السويد أو النرويج.

وقال جهاز الأمن السويدي، في بيان، في وقت سابق من هذا العام: «هناك حالات حيث لا يدرك الوكلاء أو يدركون أنهم يتصرفون نيابة عن قوة أجنبية».

ووفقاً لتقارير الشرطة، لم يكن الصبي الذي استهدف الإسرائيليين في استوكهولم في مايو، يعرف مكان السفارة عندما أقلّته سيارة الأجرة، وكان عليه الاتصال بشخص آخر لطلب العنوان، عندما سأله السائق عن المكان الذي كانوا ذاهبين إليه، وكانت الشرطة تتعقّب تحركاته، وأوقفت سيارة الأجرة قبل أن يصل إلى وجهته.

عناصر من الشرطة السويدية يقفون بالقرب من السفارة الإسرائيلية في اليوم الذي تمّ فيه العثور على جسم يُعتقد أنه عبوة ناسفة وتدميره من قِبل فرقة القنابل الوطنية باستوكهولم (رويترز)

وفي الأول من أكتوبر، هرعت الشرطة السويدية إلى مبنى السفارة نفسه، بعد الإبلاغ عن إطلاق نار، لكنها وصلت متأخرة للغاية للقبض على الجاني.

وتشير تقارير الشرطة إلى أن المشتبه به كان على متن قطار متجه جنوباً إلى كوبنهاغن التي شهدت انفجارين قويين بالقرب من بعثة إسرائيل، وقال مسؤولون أمنيون إنهم يعتقدون أن الرجل تمّ تجنيده أيضاً من قِبل إيران.

واستخدم شاب بالغ من العمر 16 عاماً، هاجم شركة «إلبيت سيستمز» في مايو، قارورتين مملوءتين بالمتفجرات في محاولته مهاجمة شركة الدفاع الإسرائيلية، وتمّ اتهامه إلى جانب شريك يبلغ من العمر 23 عاماً. وفي حين لم يتمكّن التحقيق من الكشف عمّن أعطاهم التعليمات أو حوّل لهم الأموال، قال المدعي العام في القضية إنه يبدو من الواضح أنهم كانوا يتصرفون نيابة عن شخص آخر.

خلال سنوات كانت السويد تكافح الوجود المتزايد لعصابات الجريمة المنظمة التي تسعى إلى تجنيد الشباب من مجتمعاتها المهاجرة.

وانتقل أكثر من 1.5 مليون شخص إلى البلاد منذ عام، والآن وُلد نحو 20 في المائة من السكان خارج البلاد، لكن كثيرين يكافحون من أجل الاندماج، ففي استطلاع حديث، قال 40 في المائة من المهاجرين إنهم لا يشعرون بالاندماج في المجتمع.

والآن هناك مخاوف في النرويج من أن هذه المشكلات تنتشر عبر الحدود المفتوحة التي يبلغ طولها 1000 ميل (1600 كيلومتر) والتي تفصل بين البلدين.

وأصبحت التحذيرات بشأن الظروف في السويد شائعة في المناقشة السياسية في أوسلو، حيث بدأ المسؤولون يرون الأنماط نفسها التي ترسخت في السويد والدنمارك.

في السويد، ساعد القلق المتزايد بشأن الهجرة والسلامة العامة في تغذية الدعم لحزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف، ثاني أكبر حزب في البرلمان، والداعم الرئيس لحكومة الأقلية المحافظة لرئيس الوزراء أولف كريسترسون. وبمساعدة اليمين المتطرف، فتح كريسترسون سجوناً للشباب تحت سن 15 عاماً.

وتواجه النرويج انتخاباتها الخاصة في أقل من عام، وقد جعل رئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي، يوناس جار ستور، جرائم الشباب أولوية، واعداً بمعالجة أكثر صرامة لأخطر الجرائم.

ويريد حزب التقدم المعارض اليميني المتطرف الذي يتصدّر استطلاعات الرأي، أن يذهب إلى أبعد من ذلك، وأن يجعل من الممكن حبس الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً، على غرار النهج السويدي.

وفي بلد صغير وثري مثل النرويج، فإن احتمال وقوع المزيد من الهجمات التي قد تخدم مصالح اليمين المتطرف في الفترة التي تسبق التصويت في سبتمبر (أيلول) يجعل بعض المسؤولين متوترين.

ويقول نيسر إن الضربات التي تتعرّض لها إيران قد تدفع النظام إلى «التراجع والتركيز على إعادة بناء نفسه في الداخل، ولكنهم قد يحاولون أيضاً خلق المزيد من الفوضى».