«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

مصدر أمني إسرائيلي يرى أن رام الله تلعب الآن «لعبة كل شيء أو لا شيء»

الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)
الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)
TT
20

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)
الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، مع إصرار السلطة على السيطرة المطلقة على المخيم الذي تحوَّل إلى مركز للمسلحين الفلسطينيين، وأصبح منذ سنوات الانتفاضة الثانية، رمزاً للمقاومة والصمود في الضفة الغربية.

واشتبك مسلحون مع عناصر السلطة في محاور عدة داخل المخيم، في حين تجمَّع فلسطينيون في ساحة المخيم ضد العملية الأمنية للسلطة، مطالبين بإنهائها، قبل أن يفضها الأمن بالقوة، ما زاد من توتر الأجواء.

وبدأت السلطة، قبل أكثر من أسبوعين، عمليةً واسعةً في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرك هو الأقوى والأوسع منذ سنوات طويلة، ويفترض أن يطال مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

مركبة تابعة لقوات الأمن الفلسطينية يتم نقلها من مخيم جنين... السبت (رويترز)
مركبة تابعة لقوات الأمن الفلسطينية يتم نقلها من مخيم جنين... السبت (رويترز)

وقال الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني، العميد أنور رجب، (السبت)، إن «الأجهزة الأمنية مستمرة في ملاحقة المسلحين وَمن يقف خلفهم، كما سيتم إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة ليحاسبوا على ما ارتكبوه، وما زالوا من جرائم، وإنه لا تراجع ولا تهاون ولا تسويات ولا صفقات ستحول دون ذلك... إن الخارجين عن القانون ومَن يقف خلفهم تجاوزوا كل الخطوط الحُمر في سلوكهم الإجرامي الداعشي، حتى بات تهديد حياة المواطنين ووضعهم في دائرة الخطر جزءاً من استراتيجيتهم؛ لتأمين أنفسهم وضمان استمرار خطفهم للمخيم».

وأعلن رجب، في بيان رسمي، أن الأجهزة الأمنية أبطلت «مفعول عبوة متفجرة، زرعها الخارجون عن القانون أمام المركز الصحي التابع لوكالة (الأونروا) في وسط المخيم، كما تم إبطال مفعول عبوتين أخريين تم زرعهما في المنطقة نفسها... أيعقل هذا؟ اختطاف أمن وسلامة المواطنين مقابل حفنة من المال المشبوه الذي يصل عبر قنوات متعددة بأجندات لا وطنية، مستوردة من عواصم الدمار والخراب، ومن ضمنها قناة الاحتلال كما حدث سابقاً».

تصريحات رجب جاءت لتأكيد خطاب بدأته السلطة قبل العملية، يصف المسلحين داخل المخيم، وكثير منهم يتبع حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بأنهم «متطرفون وداعشيون يتبعون أجندات خارجية»، لكن المسلحين ينفون ذلك، ويقولون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، ولذلك تريد السلطة كبح جماحهم بوصفها «متعاونة مع إسرائيل».

الشرطة الفلسطينية تمنع مظاهرة في جنين... السبت (أ.ف.ب)
الشرطة الفلسطينية تمنع مظاهرة في جنين... السبت (أ.ف.ب)

وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين واعتقلت آخرين، وتعرَّضت لهجمات أدت إلى إصابات وخسائر في المدرعات. وتحاول قوات الأمن الفلسطينية السيطرة على المخيم من خلال اعتقال المسلحين داخله، وتظهر مقاطع فيديو تبادلاً للرصاص، وانفجارات، وحرائق، ودخاناً في أزقة المخيم الذي تحوَّل إلى ساحة قتال، كما أظهرت مقاطع فيديو أخرى (السبت) مشادات مع فلسطينيين جاءوا من مدن أخرى للتضامن مع المخيم.

وأطلقت السلطة حملتها على قاعدة أن ثمة مخططاً لنشر الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى تقويض السلطة وإعادة احتلال المنطقة.

وخلال عام الحرب، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح» إيران أكثر من مرة، واتهمتاها «بالتدخل في الشأن الفلسطيني ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى».

وبدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تُعرِّفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو».

ولمَّحت إسرائيل إلى أن السلطة تخشى من تحرك جماعات في الضفة على غرار سوريا للسيطرة على الحكم. لكن بعد العملية، قال مسؤولون عسكريون إن الجيش الإسرائيلي يؤيد تعزيز السلطة الفلسطينية حتى تتمكّن من مكافحة الهجمات في الضفة الغربية بشكل أكثر فاعلية.

عناصر من قوات الأمن الفلسطينية في جنين... السبت (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن الفلسطينية في جنين... السبت (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يدعم الجهود الرامية إلى زيادة التنسيق والتعاون مع السلطة الفلسطينية بناءً على أوامر الحكومة، وليست مبادرةً خاصة به، على الرغم من تصريحات بعض وزراء الحكومة الذين حثوا على إضعاف السلطة. ويأمل الجيش في تشجيع «السلطة» على مواصلة تنفيذ عمليتها في جنين وفي مناطق أخرى في الضفة. وقال المسؤولون إن الجيش سيبذل قصارى جهده لضمان أن تكون «السلطة» قوية بما يكفي للعمل بنجاح ضد المسلحين، وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع أيضاً على الجيش الإسرائيلي، لكنهم لم يقدموا تفاصيل حول الخطوات التي يجري اتخاذها لدعم القوات الفلسطينية. ورفض المسؤولون القول ما إذا كان الجيش يدعم زيادة إمدادات الأسلحة والمعدات لقوات الأمن الفلسطينية، التي يجب أن توافق عليها إسرائيل.

وفي حين ينتقد عناصر اليمين المتشدد في الحكومة منذ فترة طويلة تسليم الأسلحة إلى «السلطة» تتبنى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نهجاً مختلفاً، حيث تنظر إلى رئيس السلطة، محمود عباس، وقواته الأمنية بوصفهما حليفَين مهمَين، وتدعم عموماً نقل الأسلحة والمعدات إلى السلطة الفلسطينية.

وفي محاولة لإعطاء السلطة مساحة خاصة، تجنَّب الجيش الإسرائيلي القيام بعمليات في مخيم جنين منذ بدء السلطة العملية. وقال مسؤولون آخرون في إسرائيل إن الجيش يدعم أيضاً الزيادة المحتملة في التصاريح للفلسطينيين في الضفة الغربية للعمل في المستوطنات وداخل إسرائيل، بعد أن تم إلغاؤها كلها تقريباً في أعقاب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. والهدف بالنسبة للجيش هو خلق استقرار نسبي في الضفة التي تعدّ «جبهة قتال أخرى» بالنسبة لإسرائيل.

لكن السلطة الفلسطينية ترفض ربط العملية في جنين بإسرائيل بأي شكل من الأشكال. وقال مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تشجِّع على الفوضى في الضفة الغربية وليس العكس. وأضاف: «بعض الخلايا التي تم اعتقالها في مناطق في الضفة اعترفت بتلقي تعليمات من مشغليهم (الإسرائيليين وغيرهم) بنشر الفوضى». وعلى الأقل نفت إسرائيل أي علاقة لها بالعملية على الأرض، وقالت إنها تراقبها من كثب. وقال مصدر أمني إسرائيلي إن السلطة تلعب الآن «لعبة كل شيء أو لا شيء».


مقالات ذات صلة

«المركزي الفلسطيني» يبحث نهاية الشهر تعيين نائب لعباس

المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

«المركزي الفلسطيني» يبحث نهاية الشهر تعيين نائب لعباس

ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني، في 23 أبريل (نيسان)، في دورة غير عادية، تعقد على مدار يومين في رام الله، لبحث أهم الملفات منها منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

الخارجية الفلسطينية: إعلان ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين يحقق السلام

رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الخميس بالموقف الفرنسي المتقدم الذي عبّر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطين

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
العالم العربي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)

وزيرة فلسطينية ترحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف قريباً بدولة فلسطين

رحبت وزيرة فلسطينية اليوم بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في يونيو (حزيران)، مؤكدة أنها ستكون «خطوة في الاتجاه الصحيح».

«الشرق الأوسط» (رام الله (فلسطين))
شؤون إقليمية فلسطينيون يتصدون للجيش الإسرائيلي في مخيم بلاطة للاجئين بنابلس الأربعاء (إ.ب.أ)

إسرائيل توسّع «السور الواقي» إلى نابلس

وسَّعت إسرائيل عملية «السور الواقي» ضد المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة، إلى نابلس

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي رجل يمر أمام متاجر مغلقة خلال إضراب عام احتجاجاً على القصف الإسرائيلي على غزة في البلدة القديمة بالقدس (رويترز)

إضراب شامل يعُم المحافظات الفلسطينية تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزة

عمَّ إضراب شامل المحافظات الفلسطينية، اليوم، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وللمطالبة بوقف المجازر والقصف الذي يستهدف منازل المواطنين.

«الشرق الأوسط» (رام الله )

إعلام حوثي: 6 غارات أميركية على محافظات صعدة والحديدة والبيضاء

الحوثيون تلقوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)
الحوثيون تلقوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)
TT
20

إعلام حوثي: 6 غارات أميركية على محافظات صعدة والحديدة والبيضاء

الحوثيون تلقوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)
الحوثيون تلقوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)

أفادت قناة تلفزيون «المسيرة» التابعة للحوثيين باليمن بأن الطائرات الأميركية شنت مساء اليوم السبت خمس غارات على أهداف في محافظتي صعدة والحديدة.

وذكرت القناة أن الطائرات الأميركية استهدفت منطقة السهلين بمديرية آل سالم بثلاث غارات، في حين استهدفت مديرية المنيرة بالحديدة بغارتين.

كانت «المسيرة» قد ذكرت في وقت سابق أن غارة أميركية استهدفت مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء.

مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

من جانبه، قال القيادي الحوثي محمد علي الحوثي إن أي تحرك عسكري بري ضد اليمن لن يحقق النجاح بل سيقابل «بجحيم وفشل».

وأضاف الحوثي في حسابه على منصة «إكس»: «على أميركا أن تعلم أن استمرار هجومها ضد اليمن هو استنزاف تخسر معه أي معركة قادمة».

وتابع الحوثي: «خيارات العدو في اليمن فاشلة، فلا القصف والعدوان الأمريكي سيحققان إيقاف الإسناد لغزة، ولا أي تحرك عسكري بري يحقق النجاح بل سيقابل بجحيم وبأس».