صعّدت القوات السورية من هجماتها في منطقة خفض التصعيد، في شمال غربي سوريا، المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان»، وسط توتر مع «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة المسلحة الأخرى، وتعزيزات عسكرية مكثفة من جانب تركيا.
وقصفت القوات السورية، السبت، بلدة البارة بريف إدلب الجنوبي، وسقطت قذائف عدة قرب نقطة مراقبة عسكرية تركية في البلدة.
وسبق أن سقطت قذائف مدفعية في محيط النقطة التركية في ترنبة بريف إدلب الشرقي، جرّاء قصف من قِبل القوات السورية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وشهدت المنطقة قصفاً متبادلاً على محور «مجدليا ومعربليت» بريف إدلب الجنوبي، بالإضافة إلى استهداف المدفعية والصواريخ محور «داديخ وكفر بطيخ»، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وطال القصف محيط قريتي كفرتعال وكفرعمة في غرب حلب، في حين أسقطت فصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» طائرة مسيرة تابعة للقوات السورية على محور كفرتعال.
في الوقت ذاته، استهدفت مسيرات مسلحة تابعة للجيش السوري محيط قرية التفاحية شمال اللاذقية.
كما أُصيبت امرأة وطفل بجروح متفاوتة في قصف مدفعي للقوات السورية على بلدة الأبزمو، غرب حلب.
وأحصى «المرصد السوري» مقتل 356 من العسكريين والمدنيين باستهدافات برية ضمن منطقة «بوتين - إردوغان» في 317 عملية تنوعت ما بين هجمات وعمليات قنص واشتباكات واستهدافات وضربات بالمسيرات منذ مطلع العام، أسفرت أيضاً عن إصابة أكثر من 134 من العسكريين، بينهم جندي تركي، و162 من المدنيين، بينهم 7 سيدات، و39 طفلاً، بجروح متفاوتة.
وظهرت في الفترة الأخيرة بوادر تصعيد جديد بين الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة في إدلب، ودفعت «هيئة تحرير الشام» بتعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور القتال.
ودفعت هذه التطورات تركيا إلى الدفع بتعزيزات مكثفة في مختلف مناطق التصعيد، إذ أرسلت 127 آلية عسكرية إلى ريف إدلب، عبر 5 أرتال ضمت تعزيزات عسكرية ولوجيستية إلى جانب الجنود.
كما أرسلت القوات التركية راداراً حربياً، بالإضافة إلى نظام دفاع جوي متطور مخصص للأهداف بعيدة المدى، إلى إحدى النقاط العسكرية التركية المنتشرة في أرياف إدلب، وفعلت أجهزة تشويش حديثة في نقطتي تلة الحدادة بريف اللاذقية الشمالي، وتلة قسطون بسهل الغاب شمال غربي حماة.
ودفع الجيش التركي أيضاً بتعزيزات مكثفة إلى منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» في حلب.
وأجرى قائد القوات البرية التركية، سلجوق بيرقدار أوغلو، الأربعاء الماضي، تفتيشاً في القاعدة العسكرية التركية في منطقة «غصن الزيتون» في عفرين، كما عقد لقاء مع قادة الفيلق السادس وقيادة قوة المهام الخاصة المشتركة في مركز القيادة الرئيسي في كيليس على الحدود التركية - السورية جنوب البلاد.
وتخضع منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة بمنطقة «بوتين - إردوغان»، والممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب، مروراً بريفي حماة وإدلب؛ لاتفاق لوقف إطلاق النار، أُعلن خلال اجتماع للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان بموسكو في 5 مارس (آذار) 2020، عُقد على خلفية عملية عسكرية تركية باسم «درع الربيع» جاءت رداً على مقتل عدد من الجنود الأتراك في هجوم للجيش السوري.
في الوقت ذاته، تصاعدت الانتقادات، في الصحف الموالية للحكومة التركية، لصمت الرئيس بشار الأسد وحكومته تجاه الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا، في حين يركزان فقط على مطالبة تركيا بسحب قواتها من شمال البلاد.
وقال الكاتب في صحيفة «صباح»، محمود أوفور، إن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط تشهد انهياراً خلال الأعوام الـ25 الماضية، وإن إيران لعبت دوراً في هذا الانهيار.
وعدّ أن أسوأ ما في الأمر هو صمت الأسد وروسيا، اللذين يجران سوريا إلى طريق مسدود أمام ما يحدث، وأن المخجل أكثر من ذلك هو أن الأسد، الذي تحدى تركيا بسحب قواتها، يظل صامتاً في حين تتعرّض بلاده للقصف من قبل إسرائيل.
بدوره لفت الكاتب في صحيفة «تركيا» إلى التهديدات التي تواجه تركيا، بدءاً من محاولات إقامة «دولة كردية» في شمال سوريا، مروراً بالتدخلات الخارجية، وانتقد إيران، عادّاً أنها تُسهم في إيجاد ذرائع لإسرائيل من خلال دعمها للميليشيات التي ارتكبت مجازر في سوريا، وأن إطلاقها الصواريخ على إسرائيل هو «عمل استعراضي» يعزّز من شرعية المجازر الإسرائيلية.
في سياق متصل، انتقد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الدعم الأميركي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وقال كورتولموش، في مقابلة تلفزيونية، السبت: «نحن نعلم من يقف وراء إمداد (وحدات حماية الشعب الكردية) بالأسلحة، القضية الرئيسية وراء ذلك هي زعزعة استقرار سوريا والعراق، ولسوء الحظ، حققوا هذه النتيجة، ونحن نعلم أن هدفهم الرئيسي هو الإسهام في زعزعة استقرار تركيا».