كيف فشلت إسرائيل أمام «حماس» وتمكنت من اختراق «حزب الله»؟

جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

كيف فشلت إسرائيل أمام «حماس» وتمكنت من اختراق «حزب الله»؟

جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)
جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

قبل عام، منيت إسرائيل بأسوأ فشل استخباراتي لها على الإطلاق عندما شنّت «حماس» هجوماً مفاجئاً في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لكن اليوم، أدّت موجة من الضربات ضد «حزب الله» إلى عودة جواسيس إسرائيل، الذين طالما تم التباهي بهم إلى الصدارة، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وبحسب الصحيفة، يعكس هذا التحول كيف استثمرت إسرائيل وقتها ومواردها على مدى العقدين الماضيين. فمنذ خوض حرب مع «حزب الله» في لبنان في عام 2006، استعدت إسرائيل بدقة لصراع كبير آخر مع الحزب المسلح، وربما مع إيران الداعمة له.

وعلى النقيض من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن «حماس» كانت تُعدّ تهديداً أقل قوة بكثير بالنسبة لإسرائيل. وحتى قبل وقت قصير من التوغل في 7 أكتوبر من قطاع غزة، كان كبار المسؤولين يرفضون علامات الهجوم الوشيك.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وصف الجيش الإسرائيلي غزة بثقة بأنها في حالة من «عدم الاستقرار المستقر»، وخلصت تقييمات الاستخبارات إلى أن «حماس» حوّلت تركيزها إلى إذكاء العنف في الضفة الغربية وأرادت الحد من خطر الانتقام الإسرائيلي المباشر.

وفي هذا المجال، قالت الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والخبيرة في الميليشيات اللبنانية كارميت فالينسي، للصحيفة: «كان معظم تركيزنا على الاستعداد للمواجهة مع (حزب الله). لقد أهملنا إلى حد ما الساحة الجنوبية والوضع المتطور مع (حماس) في غزة».

ووفقاً للصحيفة، تركت سلسلة من الهجمات الإسرائيلية في لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين «حزب الله» في حالة من الترنح، مصدوماً بقدرات إسرائيل على اختراق المجموعة، ولا يزال يكافح لإغلاق الفجوات التي بدأت بعد انفجار آلاف أجهزة البيجر واللاسلكي التابعة لـ«حزب الله» في وقت واحد تقريباً في أيام متتالية الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل 37 وإصابة نحو 3000.

وظل أمن «حزب الله» مخترقاً حتى بعد تفجيرات البيجر، حيث قتلت غارة جوية إسرائيلية أخرى في جنوب بيروت، الثلاثاء، قائد الصواريخ الأعلى لـ«حزب الله».

وجاءت هذه العمليات بعد شهرين تقريباً من إظهار إسرائيل لقدرتها على اختراق «حزب الله» بقتل القائد الأعلى فؤاد شكر، الذي أفلت من الولايات المتحدة لمدة 4 عقود.

ووفق الصحيفة، فإن الحملة المكثفة التي شنّتها أجهزة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية والموساد ووحدات الاستخبارات العسكرية أدت إلى تدمير قيادة «حزب الله» وتدهور ترسانته من الأسلحة. وأعقب ذلك سلاح الجو الإسرائيلي بحملة قصف ضربت أكثر من 2000 هدف، الأسبوع الحالي.

وقال المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أفنر غولوف، للصحيفة إن نجاح إسرائيل ضد «حزب الله» مقارنة بفشلها في ما يتعلق بـ«حماس» حدث بسبب أن أجهزة الأمن في إسرائيل أفضل في الهجوم من الدفاع.

ووفقاً للصحيفة، راقبت إسرائيل بناء ترسانة «حزب الله» منذ أن وقّع الجانبان على هدنة في عام 2006 بعد حرب استمرت شهراً. وفي ذلك الوقت، كان كثير من أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يشعرون بخيبة أمل إزاء أداء الجيش في الحرب، حيث فشل في إلحاق أضرار كبيرة بـ«حزب الله»، الذي بدأ في إعادة بناء موقعه في الجنوب.

ونتيجة لهذا، ذكرت الصحيفة أن الجيش سعى إلى فهم «حزب الله» بشكل أفضل وتقليص الدعم العسكري والمالي الإيراني للجماعة، بما في ذلك من خلال حملة من الغارات الجوية في سوريا، التي أصبحت تُعرف باسم «الحرب بين الحروب».

لكن في غزة، وعلى النقيض من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تبنى استراتيجية احتواء «حماس» في السنوات الأخيرة، معتقداً أن الجماعة الفلسطينية تركز على حكم غزة، وليست مهتمة بحرب مع إسرائيل.

وخاض الجانبان سلسلة من الصراعات القصيرة في أعقاب سيطرة «حماس» على قطاع غزة في عام 2007، وبدا أن زعيم الحركة يحيى السنوار كان أكثر اهتماماً بتحسين الظروف الاقتصادية للشعب الفلسطيني.

ووفقاً للصحيفة، كانت هناك علامات على أن «حماس» تخطط لهجوم، بما في ذلك التدريبات العسكرية التي أنبأت بالطرق التي اقتحمت بها إسرائيل في 7 أكتوبر. لكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قلّلت من أهمية التدريبات باعتبارها تهديداً لجمهور «حماس» المحلي. وشعر الجيش بالثقة في قوة الجدار العازل المتقدم تكنولوجياً، الذي أقامه لفصل غزة عن الأراضي الإسرائيلية.

وقال عوزي شايا، وهو مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق، للصحيفة، إن جمع المعلومات من مصادر بشرية ربما كانت لتحذر من هجوم أصبح أكثر صعوبة بعد انسحاب إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة في عام 2005 وتسليمه للسيطرة الفلسطينية.

وأضاف أن «القدرة على جمع معلومات استخباراتية بشرية في غزة في منطقة كثيفة وصغيرة للغاية، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، وحين يظهر شخص غريب، يتم كشفه على الفور، بينما الوصول إلى الأشخاص في لبنان أو خارج لبنان المرتبطين بـ(حزب الله) أسهل».

لكن الصحيفة رأت أن إنجازات الاستخبارات لا تذهب إلى أبعد من ذلك. وفي نهاية المطاف، فإن نجاح إسرائيل ضد أي من المجموعتين سوف يتحدد في ساحة المعركة. ففي الحدود الضيقة لقطاع غزة، هزم الجيش الإسرائيلي «حماس» وأحدث دماراً هائلاً في المشهد الحضري. ولكن لا أحد يعرف عما إذا كان سينجح في مواجهة «حزب الله» في تلال لبنان.

وقالت فالينسي: «هناك خطر يتمثل في أن النجاحات التي حقّقتها إسرائيل مؤخراً قد تجعلها تشعر بثقة مفرطة في نفسها».

وأضافت أن غزو لبنان قد يمنح «حزب الله» الفرصة لإظهار تفوقه العسكري على الأرض.

وختمت بالقول: «لقد رأينا مدى التحدي والصعوبة التي ينطوي عليها القضاء على منظمة معقدة مثل (حماس). أما (حزب الله) فهو قصة مختلفة».


مقالات ذات صلة

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.