أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

المعارضة تؤكد إمكانية لقاء إردوغان والأسد ودمشق تعدّ تصريحاته مناورة

لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)
لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)
TT

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)
لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، ردود فعل متباينة.

وبينما رأت المعارضة السورية أن هناك إمكانية لحدوث مثل هذا اللقاء رغم العقبات، رأت دمشق التصريحات مناورة سياسية من جانب الأتراك، فيما رهنت الولايات المتحدة عملية التطبيع بتحقيق الحل السياسي في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254 الصادر عام 2015.

أميركا ترفض التطبيع

ونقلت وسائل إعلام تركية، الخميس، تصريحات لمسؤول في الإدارة الأميركية، لم تحدده بالاسم، أكد فيها أن واشنطن ضد التطبيع مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسعي تركيا للتقارب معه.

وقال المسؤول إن الإدارة الأميركية اطلعت على التصريحات التركية الأخيرة، وكانت هناك تصريحات وأخبار مماثلة ظهرت في الماضي، لكن لم تظهر أي نتائج، مشدداً على أن واشنطن لا يمكنها أن تقبل تطبيع العلاقات مع دمشق من دون التقدم نحو حل سياسي ينهي الصراعات في سوريا.

جانب من لقاء الائتلاف السوري للمعارضة ووفد الخارجية الأميركية في أنقرة السبت الماضي (الائتلاف السوري)

بدوره، قال رئيس الائتلاف الوطني للمعارضة السورية، هادي البحرة، إن لقاء الأسد والرئيس التركي رجب طيب إردوغان ممكن «رغم العقبات».

وأضاف البحرة، في تصريح لـ«رويترز»، الخميس، أن اللقاء ممكن على الرغم من إدراك تركيا التام أن «نظام الأسد لا يستطيع حالياً تلبية مطالبها»، مشيراً إلى أن «تركيا حريصة جداً على هذا الأمر؛ إذ يرون بوضوح ما يحتاجون إلى تحقيقه، لكنهم يعرفون جيداً حدود النظام، وهم يعلمون أن الأمر صعب وسيستغرق وقتاً، لكنهم يعملون على بناء قضية، وإرسال رسائل واضحة إلى النظام السوري والعالم، بما في ذلك الدول العربية».

مباحثات مع أميركا

ولفت إلى أن العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لا تزال مجمدة، وأنه أطلع مسؤولين أميركيين وغربيين على آخر تطورات الملف السوري.

كان البحرة شارك، السبت الماضي، في اجتماع تشاوري في أنقرة لهيئة التفاوض السورية مع وفد رفيع المستوى من وزارة الخارجية الأميركية، جرى خلاله تبادل وجهات النظر حول الحل السياسي، وضرورة إيجاد آليات إلزامية لتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقضية السورية.

وحضر اللقاء رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، وأمين سر هيئة التفاوض صفوان عكاش، وعدد من أعضاء هيئة التفاوض.

وضم الوفد الأميركي كلاً من مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، ونائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب بلاد الشام والشرق الأدنى، ناتاشا فرانشيسكي، ومدير منصة سورية الإقليمية نيكولاس غرانجر.

مباحثات تركية - أميركية في أنقرة حول الحل السياسي في سوريا (الخارجية التركية)

وجاء الاجتماع بعد جولة مباحثات تركية - أميركية عقدت في أنقرة، ترأسها من الجانب التركي نائب وزير الخارجية نوح يلماظ، ومن الجانب الأميركي مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية جون باس، الذي عقد لقاءات مع وزير الخارجية والدفاع التركيين ومستشار الرئيس إردوغان للشؤون السياسية والأمنية.

وبالتزامن، عقد يلماظ لقاء مع وفد هيئة التفاوض السوري التابع للمعارضة.

وتناولت المباحثات الأزمة السورية في إطار تطبيق القرار الدولي رقم 2254.

على الجانب الآخر، عدت المستشارة الخاصة للرئيس السوري، بثينة شعبان، إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان انتظار بلاده رداً من دمشق بشأن لقائه الأسد من أجل تطبيع العلاقات، مناورة جديدة ذات مآرب سياسية.

قوات تركية في شمال سوريا (أرشيفية)

وقالت شعبان، خلال محاضرة في وزارة الخارجية العُمانية نقلتها وسائل إعلام تركية، الخميس، إن التقارب مع تركيا مرهون بانسحاب قواتها من الأراضي السورية.

ولفتت إلى أن تصريحات إردوغان السابقة حول رغبته في التقارب مع دمشق، والتي سبقت الانتخابات الرئاسية التركية في مايو (أيار) 2023، كانت مجرد مناورة سياسية لـ«أهداف انتخابية» بحتة.

وتابعت: «لا يوجد أي شيء يريد الأتراك تقديمه، هم يريدون أن يحافظوا على ما يقومون به على الأرض، وأن يحتلوا أرضنا ويعيثوا فيها فساداً، ويضربوا الأكراد، وأن نكون نحن معهم أصدقاء، وهذا لا يستقيم».

عفو الأسد

على صعيد آخر، وفيما يتعلق بالعفو المشروط الذي أصدره الأسد، الأحد الماضي، للهاربين من الخدمة العسكرية والمتورطين في بعض الجنح، قال البحرة في مقابلة مع قناة «سي إن إن تورك»، القريبة من الحكومة التركية، إن السوريين لا يثقون بهذه الأمور، لافتاً إلى أن الأسد سبق أن أصدر 23 عفواً لم تعالج القضايا المهمة، ولم تتضمن المعتقلين لأسباب سياسية أو المسجونين في قضايا رأي.

أطفال سوريون في أحد مخيمات اللاجئين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأوضح أن جميع مراسيم العفو الصادرة حتى الآن لا توفر الضمانات التي يحتاجها اللاجئون ليشعروا بالأمان، بل يحاول النظام السوري من خلالها إعطاء الانطباع للمجتمع الدولي بأنه يمنح العفو ويفتح الباب أمام عودة اللاجئين.

وأكد البحرة أن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والتوصل إلى اتفاق سياسي وإحداث تغيير حقيقي نحو الديمقراطية في سوريا، ستكون نقطة تحول مهمة بالنسبة للاجئين، وستشجعهم على العودة طواعية إلى بلادهم.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان - الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي - اليوم الجمعة، أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

وقال أوربان في مقابلة مع الإذاعة الرسمية إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة «خاطئة»، مشيرا إلى أن نتنياهو سيكون قادرا على إجراء مفاوضات في المجر «بأمان كاف».

وأضاف: «لا خيار أمامنا سوى تحدي هذا القرار. سأدعو في وقت لاحق اليوم نتنياهو للمجيء إلى المجر حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير ولن ننفذ ما جاء به»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جهته، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، عن امتنانه لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على دعوته له لزيارة المجر، رغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حقه، مشيداً "بوضوحه الأخلاقي".وقال نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه "أشكر رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، على دعمه الحار لي ولدولة إسرائيل في مواجهة الضعف المخزي لأولئك الذين وقفوا إلى جانب القرار الفظيع ضد حق دولة إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، مضيفا "تظهر المجر، مثل أصدقائنا في الولايات المتحدة، وضوحاً أخلاقياً وتقف إلى جانب العدالة والحقيقة".

وأقام أوربان، منذ وصوله وحزب تحالف الديمقراطيين الشبان (فيدس) القومي بزعامته إلى السلطة في عام 2010، علاقات سياسية وثيقة مع نتنياهو الذي زار بودابست في عام 2017.

وندد قادة إسرائيليون والبيت الأبيض بشدة بقرار المحكمة، بينما قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن مذكرات الاعتقال ليست سياسية ويتعين على كل الدول الأعضاء في التكتل احترام وتنفيذ قرار المحكمة. ومن بين دول الاتحاد الأوروبي، تدعم المجر وجمهورية التشيك بقوة إسرائيل، بينما أكدت دول مثل إسبانيا وآيرلندا دعمها للفلسطينيين. وعلّقت وزارة الخارجية التشيكية على قرار المحكمة بقولها إن براغ ستحترم التزاماتها القانونية الدولية. غير أن رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا وصف قرار المحكمة بأنه «مؤسف»، وقال على منصة «إكس»، في وقت متأخر من مساء الخميس: «تقوض (هذه الخطوة) سلطتها في قضايا أخرى عندما تساوي بين الممثلين المنتخبين لدولة ديمقراطية وقادة منظمة إرهابية».