إردوغان: العقوبات الدفاعية الأميركية ضد تركيا تقوض الثقة بين بلدينا

«الشعب الجمهوري» يبحث عن مخرج لقضية رئيس بلدية إسطنبول الملاحق قضائياً

إردوغان متحدثاً أمام أعضاء «اللجنة التوجيهية التركية - الأميركية» في نيويورك ليل الأحد - الاثنين (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام أعضاء «اللجنة التوجيهية التركية - الأميركية» في نيويورك ليل الأحد - الاثنين (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان: العقوبات الدفاعية الأميركية ضد تركيا تقوض الثقة بين بلدينا

إردوغان متحدثاً أمام أعضاء «اللجنة التوجيهية التركية - الأميركية» في نيويورك ليل الأحد - الاثنين (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام أعضاء «اللجنة التوجيهية التركية - الأميركية» في نيويورك ليل الأحد - الاثنين (الرئاسة التركية)

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، العقوبات والقيود المفروضة من جانب الولايات المتحدة على الصناعات الدفاعية في بلاده لاقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس400».

وقال إردوغان إن القيود الأميركية المفروضة على تركيا في مجال الصناعة الدفاعية «تقوّض الشعور بالثقة تجاه واشنطن». وأضاف الرئيس التركي، في تصريحات على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، نقلتها وسائل إعلام تركية الاثنين، إن هذه «الإجراءات والقيود؛ سواء العقوبات المفروضة على الصناعات الدفاعية التركية بموجب (قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات - كاتسا)، واستبعاد تركيا من برنامج تصنيع وتطوير مقاتلات (إف35) الأميركية، تتعارض أيضاً مع روح التحالف بين البلدين في إطار (حلف شمال الأطلسي - ناتو)».

إردوغان متحدثاً خلال لقاء مع ممثلي مؤسسات فكرية أميركية في نيويورك (الرئاسة التركية)

واستبعدت الولايات المتحدة تركيا من برنامج لتصنيع وتطوير أحدث طراز من مقاتلات «إف35»، وحرمتها من الحصول على 100 مقاتلة من هذا النوع، رغم دفعها مبلغ 1.4 مليار دولار في إطار البرنامج متعدد الأطراف الخاضع لإشراف «الناتو»، وذلك بعد حصولها عام 2019 على منظومة «إس400» الروسية.

وفرضت الولايات المتحدة أيضاً، بموجب قانون «كاتسا»، عقوبات على مسؤولين في الصناعات الدفاعية التركية، وقيدت حصول تركيا على قروض بأكثر من 10 ملايين دولار لأغراض التصنيع الدفاعي. ووافقت واشنطن مؤخراً على طلب تركيا الحصول على 20 مقاتلة «إف16» و79 من معدات تحديث أسطولها القديم منها، بعد موافقة الأخيرة على طلب السويد الانضمام إلى «الناتو».

إمام أوغلو متحدثاً أمام حشد من أنصار حزب «الشعب الجمهوري» في توكات وسط تركيا الجمعة (حسابه على إكس)

قضية إمام أوغلو

على صعيد آخر، يعقد حزب «الشعب الجمهوري»؛ أكبر أحزاب المعارضة التركية، الثلاثاء، اجتماعاً استثنائياً لبحث السبل القانونية لمواجهة حظر محتمل على النشاط السياسي لرئيس بلدية إسطنبول، المنتمي إلى الحزب، أكرم إمام أوغلو، لمدة 5 سنوات، ضمن حكم ابتدائي بحبسه سنتين و7 أشهر و15 يوماً بتهمة إهانة أعضاء «المجلس الأعلى للانتخابات» لوصفه إياهم بـ«الحمقى»؛ بسبب قرار إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول، التي أجريت في 31 مارس (آذار) 2019، عقب فوزه بها على منافسه من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم.

ويأتي الاجتماع الاستثنائي؛ الذي يحضره عدد من نواب رئيس الحزب وقياداته المختصين بالقانون ودفاع إمام أوغلو؛ لبحث سبل إبطال القرار في محكمة الاستئناف، بعدما تردد أن المحكمة ستؤيد الحكم الابتدائي الصادر ضده.

وقضت محكمة تركية في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بحبس إمام أوغلو لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة «إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات».

وبدأت القضية، التي باتت تعرف إعلامياً باسم «قضية الأحمق»، عندما انتقد وزير الداخلية السابق، سليمان صويلو، إمام أوغلو، الذي تحدث في «المؤتمر الأوروبي للسلطات المحلية والإقليمية» عام 2019، قائلاً: «أقول للأحمق الذي يذهب إلى البرلمان الأوروبي ويشكو تركيا، إن هذه الأمة ستجعلك تدفع ثمن ذلك».

وردّ إمام أوغلو على صويلو قائلاً: «عندما ننظر إلى ما حدث وما يحدث في العالم، وفي أوروبا، من حيث صورتنا في أعينهم، فسنجد أن من ألغى الانتخابات في إسطنبول هو الأحمق».

وعلى أثر ذلك، قدّم أعضاء «المجلس الأعلى للانتخابات» شكوى جنائية ضد إمام أوغلو بدعوى أنهم تعرّضوا للإهانة، وأقام مكتب المدعي العام في إسطنبول دعوى قضائية ضده بتهمة «الإهانة العلنية للموظفين العموميين الذين يعملون بصفتهم لجنة؛ بسبب واجباتهم». وظلت القضية قيد الاستئناف أمام المستوى الأدنى من المحكمة العليا، التي تعدّ أيضاً «محكمة استئناف»، حتى الآن، لكن تأييدها القرار سيعني فرض الحظر السياسي على إمام أوغلو.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال يتوسط أكرم إمام أوغلو ومنصور ياواش خلال المؤتمر العام للحزب في وقت سابق من هذا الشهر (موقع الحزب)

في سياق متصل، أظهرت نتائج استطلاع للرأي تراجع إمام أوغلو أمام رئيس بلدية أنقرة، المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري» أيضاً، منصور ياواش، بوصفه مرشحاً محتملاً للمعارضة في انتخابات رئاسة الجمهورية.

ووفق الاستطلاع، الذي أجرته شركة «آريا» ونشرت نتائجه الاثنين في ظل جدل متصاعد على الساحة السياسية في تركيا حول الانتخابات المبكرة، ومن سيكون مرشح المعارضة للرئاسة، فقد جاء منصور ياواش في المرتبة الأولى بين المرشحين المحتملين من الحزب بنسبة 30.6 في المائة.

وجاء إمام أوغلو، الذي ينظر إليه منذ فوزه أول مرة برئاسة بلدية إسطنبول في 2019 وتكرار الفوز في الانتخابات المحلية الأخيرة في 31 مارس الماضي على أنه الخليفة المحتمل للرئيس رجب طيب إردوغان، في المرتبة الثانية بنسبة 18.7 في المائة. وحصل رئيس الحزب أوزغور أوزيل على 3.7 في المائة فقط من الأصوات. وفضل 5.6 في المائة مرشحاً آخر، بينما لم يَبْدُ من 41.4 في المائة اهتمام.


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.