تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

إردوغان: نسعى إلى تحقيق توازن في عالم يتجه نحو الاستقطاب

من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)
من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)
TT

تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)
من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)

أرجعت تركيا مساعي انضمامها لمجموعة «بريكس» إلى فشل مسار عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان: «لو كان اندماجنا الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي تُوّج بالعضوية، ربّما لم نكن لنلجأ لمثل هذه المساعي».

وأضاف فيدان، في تصريحات، الخميس، أن مجموعة «بريكس»، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى دول أخرى، تعد بمثابة بديل لبعض المنظمات الغربية، لافتاً إلى أن تركيا حال حصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي قد تعيد النظر في اهتمامها بمجموعة «بريكس».

ولفت الوزير التركي إلى أن تركيا تسعى أيضاً إلى تعزيز علاقاتها مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، بجانب اهتمامها بمجموعة «بريكس»، وتركز على إقامة شراكات عالمية متنوعة، وتعد التحالفات الاقتصادية والسياسية والأمنية ضرورية لتعزيز دورها على الساحة الدولية.

وتطرق فيدان إلى الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي عُقد في نهاية أغسطس (آب) الماضي، قائلاً إنه اجتماع مهم حضرته تركيا بعد فترة طويلة بلغت 5 سنوات، قائلاً: «انتهج الاتحاد الأوروبي سياسته واضعاً بعين الاعتبار سؤال: ماذا سيحدث إذا مضينا قدماً في عضوية تركيا وطرحنا الأجندة الإيجابية في علاقاتنا مع تركيا؟... سنخسر الأرضية لصالح اليمين المتطرف، لذلك دعونا نتجنب دفع القضايا الإيجابية المتعلقة بتركيا إلى الأمام، بل دعونا نعيدها إلى الوراء».

جانب من مشاركة وزير الخارجية التركي في الاجتماعات الأوروبية أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وعدّ فيدان أنه بالنسبة لتركيا، لن يتغير شيء إذا اعتلى اليمين المتطرف السلطة في أوروبا، لافتاً إلى أن دولها تعاملت مع تركيا، كما لو أن اليمين هو الحاكم في عواصمها.

وتشارك تركيا في منظمات اقتصادية أخرى مثل منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، ومنظمات تعاون مع الدول الإسلامية، بالإضافة إلى مجموعة دول الثماني النامية. وأكد فيدان أن تركيا تسعى إلى تعزيز علاقاتها الدولية وتوسيع تحالفاتها الاقتصادية والسياسية.

من جانبه، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن بلاده تسعى إلى تحقيق توازن في عالم يتجه نحو الاستقطاب. وقال أمام مؤتمر لمقاولي المشاريع التركية الدولية في العاصمة أنقرة، ليل الأربعاء إلى الخميس: «نحن نستغل كل فرصة لجعل تركيا قوة إقليمية وعالمية. محورنا ومسارنا واضح. لقد وجّهنا وجوهنا نحو الغرب، لكن هذا لا يعني أننا أدرنا ظهرنا للشرق، وتوقّفنا عن تطوير العلاقات معهم».

إردوغان استبعد أن تؤثر توجهات تركيا إلى الشرق على علاقاتها بالغرب (الرئاسة التركية)

ولفت إلى أن السياسة الخارجية التركية «كانت تتسم بالانطواء في الماضي، وكانت هناك عقلية تتجنب المخاطر، وتعتقد أن تركيا يجب ألا تسيء لأحد في الشؤون الخارجية، ما جعلها مجرد متفرج حتى في القضايا الإقليمية القريبة منها، التي تؤثر عليها بشكل مباشر. وبدأنا في عام 2002 تغييراً قوياً في نهج السياسة الخارجية، وعززنا علاقاتنا مع جيراننا بآليات مختلفة».

وأضاف أن كثيراً من المبادرات في أفريقيا وأميركا اللاتينية، بالإضافة إلى مبادرة «آسيا الجديدة»، ساعدت تركيا على بناء جسور جديدة وحققت فوائد كبيرة منها. وأشار إردوغان إلى أن المبادرات التي أطلقتها تركيا رافقتها انتقادات متكررة.


مقالات ذات صلة

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري صورة تذكارية لقادة «بريكس» يظهر فيها السيسي بجوار آبي أحمد (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف يؤثر الحضور المصري - الإثيوبي في «بريكس» على نزاع «سد النهضة»؟

رغم أن «بريكس» هو تجمع لتكامل قدرات وإمكانات الدول المنخرطة فيه، لكن ذلك لم يمنع ظهور إشارات على عمق الخلاف المصري - الإثيوبي خلال القمة التي استضافتها روسيا.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعيداً عن الرد العصبي الفوري للقادة الإسرائيليين في الائتلاف والمعارضة، على السواء، ضد قرار المحكمة الجنائية في لاهاي إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة التورط في جرائم حرب بقطاع غزة، ينكب قادة الجهاز القضائي العام وكذلك القضاء العسكري والخبراء في معاهد الأبحاث على دراسة القرار بشكل عميق، وسط مخاوف شديدة، ليس من اعتقال نتنياهو وغالانت، بل من تبعات القرار الأخرى التي يصفونها بالمخيفة.

وأهم المخاوف لدى الإسرائيليين تتعلق بقرار المحكمة الذي يعني أنها اقتنعت بأن ما جرى في غزة هو فعلاً جرائم حرب ضد الإنسانية، تشمل التجويع والتعطيش وحرمان الناس من العلاج الطبي السليم، والقتل الجماعي. في هذه القضايا يوجد مسؤولان كبيران هما نتنياهو وغالانت، ولكن يوجد منفذون. والمنفذون هم قادة الجيش الكبار وكذلك قادة الجيش الصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين. وكل واحد من هؤلاء يمكن اعتقاله بقرار من أي محكمة في أي دولة يصل إليها، في حال قُدّمت شكوى ضده.

ويتضح، في هذا الإطار، أن هناك «جيشاً» من المتطوعين في العالم، بينهم عشرات الإسرائيليين اليهود، الذين يقفون ضد الحرب وما تنطوي عليه من جرائم رهيبة، يتجندون في هذه المعركة من الآن. وهؤلاء، كما يبدو، جمعوا الكثير من المعلومات الدقيقة عن الضباط المذكورين، من قبيل من هم، وما أرقام هوياتهم وجوازات سفرهم، وأين يسافرون. وتم تخزين هذه المعلومات في أماكن مناسبة في الفضاء الإلكتروني تمهيداً لمثل هذه اللحظة التي وفرها قرار المحكمة الجنائية. وينوي هؤلاء، كما تقول أوساطهم، استغلال ما لديهم من معلومات لغرض اعتقال أي واحد من الضباط إذا سافر إلى الخارج.

وقد تمت تجربة هذه الخطوة ثلاث مرات في الشهر الأخير وكادت تنجح، لولا أن إسرائيل كرّست جهوداً ضخمة لإنقاذ الضباط المشتبه بتورطهم. المرة الأولى كانت في بلجيكا، حيث تم فتح ملف تحقيق ضد مواطن يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والبلجيكية، وشارك في الحرب على غزة. وقبل أسبوعين فُتح ملف مشابه لإسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية في نيقوسيا. وفي الأسبوع الماضي حصل الأمر نفسه لضابط إسرائيلي في جيش الاحتياط، كان يمضي شهر عسل مع زوجته الشابة في قبرص. وهو من أولئك الضباط، الذين تباهوا بأفعالهم في غزة ونشر صورة له قبل 6 أشهر وهو يقول: «لن نتوقف. سنحرق غزة عن بكرة أبيها». وقد تتبعت منظمة بلجيكية أثره. ووجدت أنه ينشر صور شهر العسل بفرح وسعادة، فتوجهت إلى المحكمة لاعتقاله. وقد عرف جهاز «الموساد» بالأمر، فسارع إلى ترحيله من قبرص خلال ساعات قليلة، قبل أن يتم إصدار أمر باعتقاله.

بالإضافة إلى هذا الخطر، يدرس الإسرائيليون تبعات القرار على عمل نتنياهو. فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاستقباله، فمن سيستقبله غيرها؟ وأي رئيس سيلتقيه الآن، في العالم؟ أي رئيس سيصل إلى إسرائيل؟ أليس كل مسؤول في العالم سيحسب حساباً للقائه بعد هذا القرار؟ وكيف يمكن لرئيس حكومة أن يعمل وهو مُقاطع من نظرائه في الخارج؟

أحد الخبراء، فوان الترمان، قال للقناة «آي 24» إن قرار محكمة لاهاي ينطوي على عدة نقاط ضعف، لكن لا يمكن الاستناد لإلغاء القرار إلا إذا سلّم نتنياهو نفسه إلى المحكمة. ولأن هذا لن يحدث يجب الاعتياد على العيش تحت قيادة «قائد منبوذ»، وهذا غير ممكن، برأيه، ولذلك فإن ما يجب الاعتياد عليه هو العيش من دون نتنياهو، متوقعاً أن نهاية عهده بدأت بقرار محكمة لاهاي.