تركيا: حزب إسلامي يفجر جدلاً حاداً بمطالبته بتغيير مادة أساسية في الدستور

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (حسابه في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (حسابه في إكس)
TT

تركيا: حزب إسلامي يفجر جدلاً حاداً بمطالبته بتغيير مادة أساسية في الدستور

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (حسابه في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (حسابه في إكس)

فجرت مطالبة حزب إسلامي متحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بإلغاء المادة الرابعة من الدستور الحالي من مشروع الدستور الجديد المقترح جدلاً حاداً، قبل شروع البرلمان في الأعمال الخاصة به عقب عودته من العطلة الصيفية مطلع أكتوبر (تشرين الأول).

وجاءت المطالبة على لسان زكريا يايجي أوغلو، رئيس حزب الدعوة الحرة المعروف باسم «هدى بار»، الذي انضوى تحت مظلة «تحالف الشعب» مع أحزاب العدالة والتنمية والحركية القومية والوحدة الكبرى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) العام الماضي.

وقال يايجي أوغلو، خلال مقابلة تلفزيونية: «أخبرتهم واحداً تلو الآخر كما لو كنت أشرح ذلك لأحمق، لكنهم ما زالوا مصرين على عدم القيام بذلك، نحن نقول إن المادة الرابعة من الدستور ينبغي ألا أن تكون موجودة. نحن ضد المادة».

زكريا يايجي أوغلو رئيس حزب «هدى بار» (حسابه في إكس)

وتنص المادة الرابعة من الدستور التركي الحالي، وهي مادة غير قابلة للتغيير، على أن المواد الثلاث الأولى للدستور، التي تنص أولاها على أن تركيا «جمهورية»، والثانية على أن تركيا دولة علمانية اجتماعية، بينما تحدد الثالثة شكل علم الدولة ولغتها (التركية) ونشيدها الوطني، هي مواد غير قابلة للتعديل.

وقال يايجي أوغلو إن حزبه لا يطالب بتغيير المواد الثلاث الأولى من الدستور، وإنما يضع خطاً واضحاً تحت المادة الرابعة، ويؤكد أنها لا يجب أن تكون موجودة.

أوزيل متحدثاً أمام حشد من أنصار حزبه في بالكسير غرب تركيا الاثنين (حسابه في إكس)

وأثارت مطالبة يايجي أوغلو رد فعل من جانب زعيم المعارضة، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الذي قال إن «هؤلاء ضد العلم، وضد النشيد، وضد الجمهورية».

وأضاف أوزيل، خلال تجمع لحزبه في مدينة بالكسير (غرب تركيا)، الاثنين: «ليس لدي ما أقوله لحزب هدى بار، فلا يمكنك تحميل الميكروب المسؤولية بسؤاله (لماذا تسبب المرض؟)، الميكروب هو ميكروب، لكننا نسأل هؤلاء الذين يقولون إنهم قوميون ومحافظون».

وتابع: «السيد إردوغان (الرئيس رجب طيب إردوغان) له صورة خلال الاحتفالات بذكرى انتصار (ملاذ كرد) في بيتليس (جنوب شرق) في 25 أغسطس (آب) الماضي، وعن يساره رئيس حزب هدى بار، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي... وأنا أسأل بهشلي: ماذا تقول عن (هدى بار)، يا سيد دولت؟ من مع من؟».

وقال: «أولئك الذين يستغلون المشاعر القومية الدينية أثناء جمع الأصوات، يعطون الوجه ويربتون على ظهور من هم ضد علم الأمة والنشيد الوطني، وأولئك الذين ضد أن تصبح أنقرة هي عاصمة تركيا، الآن سقط القناع، حزب الشعب الجمهوري هو ضمانة وحدة هذه الأمة وعلمها ونشيدها».

إردوغان ويايجي أوغلو ودولت بهشلي خلال احتفالات ذكرى ملاذ كرد في أغسطس الماضي (الرئاسة التركية)

وعد نائب رئيس الحزب الديمقراطي، جمال إنجينيورت أن الرئيس رجب طيب إردوغان أوكل المهمة إلى يايجي أوغلو للمطالبة بإلغاء المادة الرابعة من الدستور، حتى يمكن بعد ذلك تغيير المواد الثابتة في الدستور التي لا يمكن تغييرها، ولذلك فهو يتجول بين القنوات ويتحدث بما لا يستطيع أن يقوله إردوغان.

وتأسس حزب «هدى بار»، وهو حزب ديني محافظ، عام 2012، وينشط في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، ويتهم بأنه ذراع سياسية وامتداد لـ«حزب الله التركي» (الإرهابي).

ودخل يايجي أوغلو، و4 من أعضاء حزبه، البرلمان من قوائم حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البرلمانية في مايو 2023.

ومن المنتظر أن يشرع البرلمان التركي عقب عودته من عطلته الصيفية في مناقشة مشروع دستور أعده حزب العدالة والتنمية بالتعاون مع حزب الحركة القومية، يصفه إردوغان بأنه «سيكون دستوراً ليبرالياً شاملاً يليق بالقرن التركي الجديد»، إلا أن المشروع لم يحظ بالتوافق المطلوب.

 


مقالات ذات صلة

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)
TT

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية موسعة تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوّح بها الرئيس رجب طيب إردوغان أكثر من مرة في الأسابيع القليلة الماضية.

في الوقت ذاته، تصاعدت الاشتباكات والاستهدافات المتبادلة بين القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري، الموالي لأنقرة، و«قسد» على محاور في محافظة حلب شمال غربي سوريا.

وقال غولر: «لقد اتخذنا ونتخذ خطوات تاريخية في حربنا ضد الإرهاب؛ للقضاء التام على هذه المشكلة، وضمان أمن بلدنا وأمتنا، وبدلاً من العمليات المحدودة المستهدفة ومحددة التوقيت التي نُفذت في الماضي، فإننا ننفذ اليوم عمليات مستمرة ومتواصلة وشاملة في إطار استراتيجية القضاء على التهديد الإرهابي من مصدره».

وأضاف غولر، في كلمة، الثلاثاء، خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي: «قواتنا تواصل هذه العمليات ضد حزب (العمال) الكردستاني و(منظمة المجتمع الكردستاني) في شمال العراق، وحزب (الاتحاد الديمقراطي) ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وتم القضاء على ألفين و564 إرهابياً منذ بداية العام الحالي».

غولر وعدد من مساعديه في وزارة الدفاع خلال مناقشة الموازنة الجديدة للوزارة في البرلمان التركي الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وأدلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بأكثر من تصريح أكد فيه أن تركيا ستقوم بعملية لاستكمال الحلقات الناقصة في الحزام الأمني بطول الحدود السورية بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً، ولن يكون هناك تنازل عن هذه المسافة في عمق أراضي سوريا بمنع التهديدات الإرهابية القادمة من هناك.

وأعلنت روسيا صراحة معارضتها لأي عملية عسكرية قد تفكر تركيا بتنفيذها في شمال سوريا؛ لأن ذلك من شأنه زعزعة الاستقرار، كما ستستفيد منه بعض المجموعات المتشددة مثل «هيئة تحرير الشام».

وذكر غولر أن تنفيذ الإجراءات الأكثر فاعلية على الحدود يتم من أجل حماية أمن البلاد وإغلاق الممرات الإرهابية والمعابر غير القانونية، مضيفاً: «وفقاً لحالة التهديد الناشئة والتطورات، فإن الإجراءات على حدودنا يتم تحديثها وتحسينها باستمرار، سواء من حيث تعزيزات القوات أو من الناحية التكنولوجية، وبالتالي منع المهربين من المرور عبر حدودنا».

تركيا أنشأت سوراً مزوداً بأحدث التقنيات على الحدود مع سوريا مع دوريات عسكرية مستمرة (وزارة الدفاع التركية)

بالتوازي، شهد محور مارع بريف حلب الشمالي قصفاً متبادلاً بين «قسد» والقوات التركية، وسقط عدد من القذائف بالقرب من القاعدة التركية في قرية «تل مالد» بريف مارع ضمن منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة.

في السياق ذاته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 4 مدنيين وإصابة 3 آخرين بتفجير مقر عسكري في قرية عريشة في ريف رأس العين بمنطقة «نبع السلام» في شمال غربي الحسكة، تستخدمه الفصائل الموالية لتركيا في عمليات تهريب البشر إليها.

وقُتل 7 من عناصر الفصائل في التفجير ذاته، والذي نفذته عناصر من القوات الخاصة في «قسد» في عملية تسلل إلى نقطة عسكرية تابعة لفرقة «الحمزات»، أحد فصائل الجيش الوطني السوري.

قصف متبادل بين القوات التركية و«قسد» في شمال حلب (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأسقطت «قسد» مسيرتين مسلحتين أطلقتهما القوات التركية باتجاه قرية مرعناز التابعة لناحية شرا بريف عفرين شمال حلب، قبل الوصول إلى أهدافهما.

وأوقفت قوات مكافحة الإرهاب في تركيا 14 مشتبهاً بالانتماء إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قسد»، في عملية بمدينة إسطنبول، ضمن تحقيقات يُجريها مكتب جرائم الإرهاب التابع للنيابة العامة بالمدينة.

على صعيد آخر، هاجم الرئيس رجب طيب إردوغان أحزاب المعارضة، وبخاصة حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر هذه الأحزاب، بسبب موقفها من اللاجئين السوريين.

وقال إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع حكومته في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، إن «أولئك الذين يشوهوننا وحزبنا وحكومتنا ينبغي محاسبتهم على الخطاب العنصري ضد السوريين المضطهدين خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في الفترة من 14 إلى 28 مايو (أيار) 2023».

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

وتبنى حزب «الشعب الجمهوري»، وأحزاب قومية في صفوف المعارضة كـ«النصر» و«الجيد»، خطاباً متشدداً خلال الحملات الانتخابية، بُني على إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وتحميلهم المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا، مع وعود بالتخلص من مشكلة اللاجئين خلال عامين من تسلم الحكم.

وتوسع التيار الرافض لوجود السوريين في تركيا بسبب هذا الخطاب من جانب المعارضة، وانتقل إلى أوساط المحافظين من مؤيدي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مع تعمق الأزمة الاقتصادية.