إسرائيل تجند مئات اللاجئين الأفارقة... الإقامة مقابل القتال

بعضهم تذمّر من نكوث السلطات فكشف عن القضية

الشرطة الإسرائيلية اعتقلت عدداً من طالبي اللجوء الإريتريين خلال مواجهات في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية اعتقلت عدداً من طالبي اللجوء الإريتريين خلال مواجهات في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تجند مئات اللاجئين الأفارقة... الإقامة مقابل القتال

الشرطة الإسرائيلية اعتقلت عدداً من طالبي اللجوء الإريتريين خلال مواجهات في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية اعتقلت عدداً من طالبي اللجوء الإريتريين خلال مواجهات في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

بعد عدة شهور من الحديث عن تجنيد كثير من عناصر المرتزقة، في بداية الحرب على غزة، كُشف النقاب في تل أبيب عن قيام الجيش والأجهزة الأمنية في إسرائيل باستغلال الوضع القانوني لطالبي اللجوء الأفريقيين لتجنيدهم ودفعهم للمشاركة في الحرب، مقابل وعود بتسوية أوضاعهم القانونية، ومنحهم الإقامة الشرعية. ورغم أن إسرائيل لم تعترف رسمياً بوجود مرتزقة في هذه الحرب، فإنها لا تنفي تجنيد بعض اللاجئين الأفريقيين.

ووفق ما جاء في تقرير لصحيفة «هآرتس»، الأحد، فإن عملية التجنيد تجري بشكل منظم، وتحت إشراف قانوني من قِبل المستشار القضائي للأجهزة الأمنية.

اللافت أن الظاهرة جرى الكشف عنها، على أثر تذمر بعض هؤلاء اللاجئين من أن السلطات الإسرائيلية نكثت وعودها، ولم تمنح، حتى الآن، أياً منهم وضعاً قانونياً دائماً في إسرائيل.

ويعيش في إسرائيل نحو 30 ألف طالب لجوء أفريقي، معظمهم من الشباب، تسللوا طوال سنوات، وغالبيتهم من إريتريا والسودان وإثيوبيا. وفي حين قررت الحكومة السعي للتخلص منهم بمختلف وسائل الترغيب والترهيب، ألزمتها المحكمة بتسوية أوضاع نحو 3500 سوداني منهم بشكل قانوني مؤقَّت.

صدامات في تل أبيب بين الشرطة وطالبي لجوء من إريتريا عام 2023 (رويترز)

لكن، في أعقاب هجوم «حماس»، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطوَّع بعض طالبي اللجوء في مجالات الزراعة وغرف العمليات المدنية.

وعود بالتسوية

ونقلت «هآرتس» عن مصادر أمنية أن بضع مئات من هؤلاء اللاجئين طلبوا الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي وعملياته الحربية في غزة، وفي هذه المرحلة، رأت الأجهزة الأمنية فرصة لاستغلال رغبتهم فوعدتهم بالحصول على وضع قانوني دائم، مقابل تجنيدهم في الحرب.

ونقلت الصحيفة شهادة شخص قالت إن وضعه المؤقت «كان يمنحه حقوقاً مشابهة للمواطنين الإسرائيليين، لكنه يتطلب التجديد، كل ستة أشهر، ولا يضمن مستقبله». وذكرت أن هذا اللاجئ كان قد طلب، في السابق، الانضمام إلى الجيش؛ في محاولة للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، مثل طالبي لجوء آخرين، غير أن طلبه قُوبل بالرفض. وفي الأشهر الأولى من الحرب، تلقّى مكالمة هاتفية من الشرطة، حيث طُلب منه الحضور فوراً إلى منشأة أمنية، دون تقديم تفاصيل. وعندما وصل، استقبله أفراد وصفهم بـ«رجال الأمن».

طالبو لجوء يحملون العصيّ والأعلام بمواجهة الشرطة الإسرائيلية في سبتمبر 2023 (رويترز)

وروى طالب اللجوء: «قالوا لي إنهم يبحثون عن أشخاص مميزين للانضمام إلى الجيش، وأن هذه حرب وجودية لدولة إسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى سلسلة من المحادثات، التي استمرت لأسبوعين، بين طالب اللجوء، ورجل قدَّم نفسه بوصفه مسؤولاً في الأجهزة الأمنية، لكنه، في النهاية، قرَّر عدم الانضمام؛ إذ إنه لم يحصل على ضمانات حقيقية بأن تجري تسوية وضعه القانوني، كما أنه طلب تسوية وضعه القانوني بمجرد الالتحاق بالجيش، الأمر الذي قُوبل بالرفض، وخشي أنه في حال أصيب، فلن يحصل على الاعتراف المناسب بوصفه مصاباً من الجيش خلال مشاركته في «مجهود حربي».

مهام خطيرة

ونقلت «هآرتس» عن مصادر أمنية، أن إسرائيل استعانت بطالبي اللجوء في مهامّ خطيرة بعدة عمليات، بعضها نُشر إعلامياً. ووفق التقرير، فإن بعض الأشخاص، الذين انخرطوا في عملية تجنيد طالبي اللجوء، اعترضوا عليها، مؤكدين أن هذه الخطوة تُعدّ استغلالاً لمن فرُّوا من بلدانهم بسبب الحروب، غير أن «هذه الأصوات جرى إسكاتها»، وفق ما أكدت «هآرتس». ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله: «هذا وضع حساس جداً، الإشراف القانوني لا يحلّ المسألة الأخلاقية».

ووفقاً للتقرير، رغم أنه جرى في بعض الحالات النظر في منح وضع قانونيّ لطالبي اللجوء، الذين شاركوا في العمليات العسكرية، فإنه لم تجرِ تسوية الوضع القانوني لأي منهم حتى الآن.

رجل أمن إسرائيلي يقف بجوار موقع اشتباكات للشرطة مع طالبي لجوء من إريتريا في سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

في المقابل، طلبت الأجهزة الأمنية منح وضع قانوني لآخرين شاركوا في القتال. ووفقاً للتقرير، فإن وزارة الداخلية الإسرائيلية تدرس إمكانية تجنيد أبناء الجيل الثاني من طالبي اللجوء، الذين تلقّوا تعليمهم في جهاز التعليم الإسرائيلي مقابل تسوية دائمة لوضعهم القانوني ولأفراد عائلاتهم المباشرين.

يُذكر أنه، ومنذ بداية الحرب، تُنشَر أنباء في الخارج عن تجنيد عدد كبير من المرتزقة الأوروبيين في الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة. وكان أول نشر في المجال بصحيفة «الموندو» الإسبانية، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقد نشرت مقابلة مع أحد المرتزقة المحترفين، ويُدعى فيدرو دياز فلوريس (28 عاماً)، وهو إسباني أدى خدمة 4 سنوات في جيش بلده، ثم خدم سنة 2018 في قوات التحالف ضد «داعش» في العراق، ثم خدم مع 1500 مرتزق في أوكرانيا ضد روسيا. وقال حينها إن واحدة من عدة شركات تجنيد مرتزقة جنّدته، وأنه جاء لإسرائيل لأنها تدفع أموالاً طائلة بمعدل 3900 يورو في الأسبوع. وذكرت مصادر إعلامية في تل أبيب أن مِن بين الشركات التي تُجند مرتزقة لإسرائيل «فاغنر» الروسية التي أسسها يفغيني بريغوجين، و«بلاك ووتر» الأميركية بقيادة أريك فرينس.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مواطنون وفرق إنقاذ يبحثون عن ناجين بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على مبنيين في حي عين الدلب شرقي مدينة صيدا الساحلية الجنوبية في لبنان الأحد 29 سبتمبر 2024 (أ.ب)

خدمات الطوارئ اللبنانية مثقلة وتحتاج إلى معدات أفضل لإنقاذ الأرواح

يكافح لبنان من أجل توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الطبية، وتأمين خدمات الطوارئ وأدت الحرب والأزمات المتلاحقة إلى تعميق شعور السكان بالتخلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق من مخيّم البؤس إلى ملاعب البرازيل... الكرة تحقق حلم 4 لاجئين سوريين

من مخيّم البؤس إلى ملاعب البرازيل... الكرة تحقق حلم 4 لاجئين سوريين

يودّع أحمد وحافظ وعمر وقيس عائلاتهم في مخيّم الزعتري ويطيرون على أجنحة الحلم إلى البرازيل، حيث يبدأون رحلة احتراف كرة القدم.

كريستين حبيب (بيروت)
العالم العربي اجتماع مصري مع مسؤولين أمميين لإطلاق برنامج دعم اللاجئين (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - أممي لاستيعاب ازدياد الوافدين السودانيين

مع ازدياد أعداد الوافدين السودانيين إلى مصر، تعمل «مفوضية اللاجئين» على تنسيق مكثف مع السلطات المصرية، من أجل استيعاب نحو 1.2 مليون (لاجئ وطالب لجوء).

عصام فضل (القاهرة)
خاص وقت اللعب يُهدِّئ وطأة أيام لا تليق بالبراءة (الشرق الأوسط)

خاص يوغا وميداليات رياضية لأطفال الحرب النازحين في مدرسة ببيروت

في مدرسة النزوح، بعضهم يرى نفسه رونالدو وآخر ميسي. وتدور المباراة. يتحوّل بعض الأهل جمهور المشجّعين، ويعلو تصفيق من عمق المأساة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

ترمب يؤيد استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (ا.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (ا.ف.ب)
TT

ترمب يؤيد استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (ا.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (ا.ف.ب)

قال دونالد ترمب، الجمعة، إن على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وفي حديثه في ولاية كارولاينا الشمالية، أشار المرشح الجمهوري للبيت الأبيض إلى سؤال طُرح على الرئيس جو بايدن في منتصف الأسبوع حول إمكانية استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية. وقال ترامب «لقد طرحوا عليه هذا السؤال، وكان ينبغي أن تكون الإجابة +اضربوا النووي أولا واهتموا بالباقي لاحقاً».