تركيا ترفض مجدداً السماح بتفتيش إحدى سفنها المتجهة إلى ليبيا

للمرة الـ 12 منذ انطلاق العملية الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة

عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة لليبيا أعلنت أن تركيا رفضت تفتيش سفينة «إم في ماتيلدا» (موقع مارين ترافيك)
عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة لليبيا أعلنت أن تركيا رفضت تفتيش سفينة «إم في ماتيلدا» (موقع مارين ترافيك)
TT

تركيا ترفض مجدداً السماح بتفتيش إحدى سفنها المتجهة إلى ليبيا

عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة لليبيا أعلنت أن تركيا رفضت تفتيش سفينة «إم في ماتيلدا» (موقع مارين ترافيك)
عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة حظر الأسلحة لليبيا أعلنت أن تركيا رفضت تفتيش سفينة «إم في ماتيلدا» (موقع مارين ترافيك)

رفضت تركيا مجدداً السماح لفريق العملية البحرية الأوروبية «إيريني» بتفتيش إحدى سفنها المتجهة إلى ليبيا.

وكشفت العملية «إيريني» في حسابها الرسمي على منصة «إكس» أن تركيا رفضت الأحد، مرة أخرى طلباً لتفتيش السفينة «إم في ماتيلدا إيه» وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2292 للعام 2016 بشأن حظر الأسلحة إلى ليبيا.

وانطلقت العملية الأوروبية «إيريني» في 31 مارس (آذار) 2020 عقب مؤتمر برلين الأول حول ليبيا.

وتم تفويض العملية، التابعة للقوات البحرية للاتحاد الأوروبي في المتوسّط، من قبل الاتحاد الأوروبي بهدف المساهمة في تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2292 للعام 2016، و2526 للعام 2020، الملزمين لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك تركيا.

ورفضت تركيا 12 مرة تفتيش سفن تابعة لها متجهة إلى غرب ليبيا، متهمة عملية «إيريني» بمحاصرة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في طرابلس.

وشاركت «إيريني» عشرات التقارير الخاصة مع لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا، أشار معظمها إلى انتهاكات أو انتهاكات محتملة لحظر الأسلحة وأنشطة تهريب البترول.

ومنذ البداية، ترفض تركيا عملية «إيريني» المنوطة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2292 الخاص بفرض حظر الأسلحة على ليبيا. وتصفها بأنها «منحازة وتعمل لصالح الجيش الوطني» الليبي. وسبق أن اصطدمت مع قيادة عملية «إيريني» بسبب إصرارها على تفتيش سفنها المتجهة إلى ليبيا للشك في حملها أسلحة إلى حكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج، ثم إلى حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

السفينة ماتيلدا إيه (موقع مارين ترافيك)

وقامت العملية الأوروبية بالتفتيش على أكثر من ألف سفينة من خلال طلبات الحصول على معلومات عبر مكالمات لا سلكية، وأجرت أكثر من 500 زيارة بموافقة القادة، على السفن التجارية، وعشرات عمليات التفتيش، فيما بلغ عدد الرحلات المشبوهة التي تمت مراقبتها أكثر من ألف رحلة.

وتتولى العملية البحرية الأوروبية مهام مكافحة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، ودعم تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا على أساس قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجمع المعلومات عن تهريب النفط، لا سيما عواقبه على الاقتصاد الليبي، واحتمال استخدامه في تمويل سوق الأسلحة، وتعطيل أعمال تهريب المهاجرين من خلال جمع المعلومات عن طريق الجو، ومشاركتها مع «الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل» (فرونتكس) والسلطات الوطنية ذات الصلة، ودعم تطوير قدرات البحث والإنقاذ لخفر السواحل والبحرية الليبية من خلال التدريب.

رئيس الأركان التركي متين غوراك خلال تفقده السفينة الحربية التركية «تي جي جي كمال رئيس» في مصراتة يوليو الماضي (وزارة الدفاع التركية)

وأرسلت تركيا آلافاً من قواتها إلى جانب آلاف المرتزقة من الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا، للقتال إلى جانب قوات غرب ليبيا، بموجب «مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني» وقعت في إسطنبول في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بين السراج والرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى جانب «مذكرة التفاهم في مجال تحديد مناطق الصلاحية البحرية في البحر المتوسط». لكن مجلس النواب الليبي لم يصادق على المذكرتين.

وتحتفظ تركيا، حتى اليوم، في ليبيا بآلاف من عناصر قواتها المسلحة إلى جانب نحو 7 آلاف من المرتزقة السوريين من عناصر فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، رغم المطالبات الدولية بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية، إذ تتمسك تركيا بأن وجودها العسكري في ليبيا «شرعي وأنه لا يجب النظر إلى قواتها كقوات أجنبية».

كما تسيطر تركيا على قواعد برية وجوية وبحرية في غرب ليبيا بموجب مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وقعت مع حكومتي السراج والدبيبة.

وكشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، وتجنيد آلاف المرتزقة من فصائل المعارضة السورية المسلحة للقتال في غربها. فيما نفت الشركة وجود أدلة على ما جاء بالتقارير الأممية.

ووفق تقريرين للأمم المتحدة صدرا عامي 2021 و2023، كشفت وسائل إعلام تركية عن تفاصيلهما حديثاً، فقد انتهكت الشركة التركية حظر السلاح، وقامت بتدريب وإرسال 5 آلاف مقاتل سوري من المرتزقة إلى ليبيا.

رئيس الأركان التركي خلال زيارته مركز قيادة العمليات التركي الليبي في طرابلس في يوليو الماضي (وزارة الدفاع التركية)

وأورد تقريرا الأمم المتحدة انتهاكات من جانب شركة «سادات» القريبة من الحكومة التركية للقرار رقم 1970 الذي اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2011 بشأن إنشاء لجنة لمراقبة العقوبات المفروضة على ليبيا، والذي تلاه القرار 1973 عام 2019 بشأن إنشاء فريق خبراء لمساعدة هذه اللجنة، حيث ذكر تقرير هؤلاء الخبراء أنه تم إرسال 5 آلاف مدفع إلى ليبيا بواسطة السفينة «إسبيرانزا»، ومركبات «كيربي التكتيكية» بالسفينة «أمازون»، وطائرات مسيّرة «بيرقدار تي بي 2» إلى غرب ليبيا.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.