إيران: إحياء الاتفاق النووي مشروط بعودة الأطراف الأخرى إليه

كنعاني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية- الخارجية الإيرانية)
كنعاني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية- الخارجية الإيرانية)
TT

إيران: إحياء الاتفاق النووي مشروط بعودة الأطراف الأخرى إليه

كنعاني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية- الخارجية الإيرانية)
كنعاني خلال مؤتمر صحافي (أرشيفية- الخارجية الإيرانية)

أعلنت طهران استعدادها لإجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي المنهار، على هامش أعمال الجمعية العامة في الأمم المتحدة، المقررة نهاية الشهر الحالي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن إحياء الاتفاق النووي مشروط بعودة الأطراف الأخرى إليه؛ مشيراً إلى «فرص دبلوماسية» لإنعاش الاتفاق.

وصرح: «سيتم إحياء الاتفاق عندما تعود جميع الأطراف إلى التزاماتها بمسؤولية. نعدُّ المفاوضات حلاً دبلوماسياً لتحقيق مصالحنا... هناك فرصة دبلوماسية لجميع الأطراف؛ خصوصاً للأطراف التي تهربت من واجباتها».

وأضاف كنعاني أن «مواقف إيران واضحة وصريحة» بشأن المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي، لافتاً إلى أن هناك «محادثات جيدة» جارية بين وزير الخارجية الإيراني الجديد عباس عراقجي، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

وأشار كنعاني إلى احتمال عقد مفاوضات على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت لاحق من هذا الشهر. وقال إن «الجمعية العامة للأمم المتحدة دائماً ما كانت فرصة جيدة للمشاورات الدبلوماسية الواسعة، وهذه الفرصة متاحة أيضاً لإيران والاتحاد الأوروبي. أعتقد أن هذا الحدث يوفر فرصة جيدة لإجراء المحادثات التي اتفق عليها عراقجي وبوريل».

وأوضح كنعاني أن «عراقجي وبوريل أعربا في مكالمتهما الهاتفية عن استعدادهما لمواصلة المحادثات وتبادل الآراء في المستقبل القريب».

وعن تأثير التوتر الإيراني الإسرائيلي على تعامل طهران والاتحاد الأوروبي، قال ناصر كنعاني: «العلاقات بين الدول في الساحة الدولية تتمتع بأبعاد مختلفة مع وجود اختلافات في الآراء؛ ما دام الطرفان متفقين على توسيع العلاقات، فإن الاتفاق والتعاون سيتقدمان».

وأضاف: «إذا كان لدى الاتحاد الأوروبي رغبة عملية وإرادة قوية لإقامة علاقات متبادلة مع إيران، فإن هناك إمكانية لتحقيق هذا التعاون».

عينات أجهزة الطرد المركزي في معرض للصناعات النووية بطهران يونيو 2023 (رويترز)

وكان عراقجي قد تعهد بالعمل على إنعاش المسار الدبلوماسي «لرفع العقوبات» بموازاة مواصلة استراتيجية إجهاض العقوبات.

وقال عراقجي في 23 أغسطس (آب) الماضي؛ بعد 48 ساعة من تولي مهامه، إن «إحياء المفاوضات ليس سهلاً كما كان في الماضي، ويجب على الجميع أن يدرك ذلك. الظروف الدولية تغيّرت»؛ مشيراً إلى تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، وتغيير النظرة الأمنية الأوروبية، والحرب في قطاع غزة، فضلاً عن الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال عراقجي: «الصورة الحالية تختلف عن الصورة السابقة، حتى في (الاتفاق النووي) نفسه... بعض التواريخ التي كانت موجودة قد انقضت، وبالتالي فإن (الاتفاق النووي) بالشكل الحالي لا يمكن إحياؤه، وبمعنى آخر، تجب إعادة فتح هذه الوثيقة وتعديل بعض أجزائها، وهذا ليس بالأمر السهل، فكما تعلمون عندما تُفتح وثيقة فإن جمعها وترتيبها مرة أخرى يكونان عملاً شاقاً».

ونفى عراقجي لاحقاً أن تكون تصريحاته بمثابة إعلان موت الاتفاق النووي.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يؤكد تسلّم موسكو صواريخ إيرانية وتباين في طهران

شؤون إقليمية شويغو ورئيس الأركان الإيراني محمد باقري على هامش مباحثاتهما في طهران أمس (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يؤكد تسلّم موسكو صواريخ إيرانية وتباين في طهران

أكد الاتحاد الأوروبي أن لدى الغرب «معلومات ذات صدقية» عن تسلم روسيا صواريخ باليستية إيرانية، الأمر الذي لم تنفه موسكو بصراحة، بخلاف التباين في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي من إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بشيراز في مايو الماضي

زيادة حالات الانتحار نتيجة المشكلات المعيشية في إيران

كشفت الشرطة الإيرانية عن زيادة مقلقة في حالات الانتحار بين الشباب الإيراني، في إحصائيات صادمة عشية اليوم العالمي لمنع الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)

مجلس أمن كردستان يتهم «الاتحاد الوطني» بتسليم معارض كردي إلى طهران

حمّل «مجلس أمن إقليم كردستان» المسؤولية عن تسليم معارض كردي إيراني إلى طهران، لأجهزة الأمن في محافظة السليمانية التي يهيمن عليها حزب «الاتحاد الوطني».

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الوكالة الذرية الدولية من مؤتمر صحافي لمديرها العام رافاييل غروسي في فيينا الاثنين

الاتحاد الأوروبي يتلقى إشارات إيرانية لإحياء المفاوضات النووية

أرسلت إيران إشارات إلى الاتحاد الأوروبي، الوسيط في المفاوضات النووية، تؤكد فيها حرصها على إعادة إحياء المفاوضات المتوقفة منذ عامين، حسبما علمت «الشرق الأوسط».

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية بزشكيان يلتقي قادة الجيش الإيراني اليوم (الرئاسة الإيرانية)

بزشكيان إلى بغداد الأربعاء في أول محطة خارجية

يتوجه بزشكيان إلى بغداد، الأربعاء، في أول محطة خارجية له، فيما أبدى «الحرس الثوري» ارتياحاً من إبعاد مقرات أحزاب كردية معارضة عن الحدود العراقية-الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

زيادة حالات الانتحار نتيجة المشكلات المعيشية في إيران

صورة منشورة على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي من إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بشيراز في مايو الماضي
صورة منشورة على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي من إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بشيراز في مايو الماضي
TT

زيادة حالات الانتحار نتيجة المشكلات المعيشية في إيران

صورة منشورة على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي من إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بشيراز في مايو الماضي
صورة منشورة على موقع التلفزيون الإيراني الرسمي من إنقاذ امرأة حاولت الانتحار بشيراز في مايو الماضي

كشفت الشرطة الإيرانية عن زيادة مقلقة في حالات الانتحار بين الشباب الإيراني، في إحصائيات صادمة عشية اليوم العالمي لمنع الانتحار.

وكشف المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، العميد سعيد منتظر المهدي في تصريحات أن أكثر من 4000 شخص في إيران فقدوا حياتهم كل عام نتيجة الانتحار. بالإضافة إلى ذلك، تُقدر الإصابات الخطيرة المرتبطة بالانتحار بما يتراوح بين 10 و20 ضعف هذا الرقم.

وأشار منتظر المهدي إلى أسباب متنوعة تؤدي إلى الانتحار، منها اضطرابات نفسية كالاكتئاب، وعدم القدرة على مواجهة الفشل، والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وحتى الدوافع الانتقامية.

وقيَّم منتظر المهدي مقترحات تشمل توسيع خطوط الهاتف الطارئة، وتعزيز مراكز الصحة النفسية، وتدريب المهارات الحياتية، وإجراء الفحوصات النفسية، وقال إن الوقاية من الانتحار تتطلب فهماً دقيقاً لأسباب وقوعه.

وفي السنوات الأخيرة، تتحاشى وسائل الإعلام الرسمية الخوض في التهديدات الاجتماعية، بما في ذلك موضوع الانتحار خوفاً من العواقب، ويواجه النشطاء المدنيون قيوداً شديدة.

شرطي إيراني يمد يده لطالبة تحاول رمي نفسها من فوق جسر (أرشيفية - إرنا)

ومع ذلك، يتهم الناشطون السلطات بفرض الرقابة، وحظر نشر المعلومات عن التهديدات الاجتماعية، بما في ذلك حالات الانتحار.

وتقول ناشطة إيرانية فضَّلت عدم الكشف عن اسمها لأسباب أمنية: «في كل يوم، في زاوية من هذا البلد الواسع، يقوم شخص بإشعال النار في نفسه، أو يلف حبلاً حول عنقه، أو يتناول حبوب الموت. لكن هذه المآسي، لا تُعد أزمة وطنية، بل تُخْفَى تحت غطاء الصمت والإنكار».

ولفتت إلى أن «حظر النشر الدقيق والواضح عن أسباب وأبعاد هذه الكارثة، كأنه يُلقي بستارة حديدية على المجتمع». وأضافت: «نواجه مجموعة من الإحصاءات المتفرقة والتكهنات، كل منها تصوِّر صورة أكثر ظلمة من الواقع».

وتشهد إيران في السنوات الأخيرة ارتفاعاً مقلقاً في حالات الانتحار. ولعبت الأزمة الاقتصادية والمعيشية الناتجة عن العقوبات الدولية، دوراً هاماً في زيادة معدلات الانتحار، خصوصاً بين الشباب والفئات الضعيفة في المجتمع.

ولم يعد كثير من الإيرانيين يجدون مخرجاً من الضغوط الاقتصادية والأزمة المعيشية، ويختارون الانتحار حلاً أخيراً، كما يقول الناشطون.

ووفقاً للتقارير الرسمية، تُعد العوامل الاقتصادية أحد أهم أسباب الانتحار في إيران. وقال نائب رئيس اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني: «الضغوط الاقتصادية والبطالة هي من أهم أسباب ظهور الاكتئاب، وزيادة معدلات الانتحار في البلاد».

ووفق الأرقام الرسمية، ارتفعت معدلات الانتحار في إيران بأكثر من 40 في المائة خلال العقد الماضي. وبين مارس (آذار) 2022 ومارس 2023، بلغ عدد حالات الانتحار 7.4 حالة لكل 100 ألف شخص، وهو ما يعادل أكثر من 6000 حالة انتحار أدت إلى الوفاة في تلك الفترة.

وجرى الإبلاغ عن معظم حالات الانتحار بين الشباب والمراهقين. ويُعد تراجع سن الانتحار، خصوصاً بين الطلاب والمراهقين، مثيراً للقلق. كما أن العمال وأصحاب المهن ذات الدخل المنخفض هم الأكثر تضرراً.

وتشير الدراسات إلى أن العمال والعاطلين عن العمل والشباب الخريجين من مختلف التخصصات هم الأكثر تضرراً من هذه الأزمة الاقتصادية. ووفقاً لتقرير مركز الإحصاء الإيراني بين مارس 2022 ومارس 2023، «بلغ معدل البطالة بين الشباب 29 في المائة».

كما يواجه عمال البناء والمهن غير الرسمية مخاطر كبيرة في هذه الظروف الحرجة، حيث إن كثيراً منهم أكثر عُرضة للمشكلات الاقتصادية بسبب عدم وجود تأمين ودعم اجتماعي.

تشمل المحافظات التي تسجل أعلى معدلات الانتحار خوزستان (الأحواز) وكرمانشاه وإيلام، وهي مناطق تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية أشد. كما زادت معدلات الانتحار في محافظة بلوشستان بشكل حاد في السنوات الأخيرة بسبب الفقر والبطالة. وقد أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، العام الماضي، بأن «الانتحار أصبح مشكلة خطيرة في بعض مناطق هذه المحافظة».

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال حميد بيروي، نائب رئيس جمعية الوقاية من الانتحار في إيران، في حوار نشره موقع «تجارت نيوز» إن «هناك عوامل مختلفة تؤثر في رغبة الأشخاص في الانتحار، بدءاً من القضايا الاقتصادية، وصولاً إلى الاضطرابات النفسية». الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، والتضخم، والفقر هي من بين العوامل الرئيسية التي تسهم في زيادة حالات الانتحار.

وأضاف بيروي: «حاول نحو 120 ألف شخص الانتحار (بين عامي 2022 - 2023)، وسجلت هذه الحالات رسمياً في نظام وزارة الصحة». وأوضح: «مقابل كل حالة انتحار كاملة (تؤدي إلى الوفاة)، هناك نحو 20 إلى 30 محاولة انتحار».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال عبد الناصر همتي، وزير الشؤون الاقتصادية والمالية في إيران، إن «العقوبات أدت إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، ما يزيد الضغط على الفئات الضعيفة في المجتمع»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية (إرنا).

ويقول خبراء إيرانيون إن الأزمات الاقتصادية لا تؤثر فقط على الحالة المالية للناس، بل تؤثر أيضاً على صحتهم النفسية. زيادة القلق والاكتئاب والشعور باليأس بين الشباب، خصوصاً في الظروف الحالية، واضحة للعيان.

وأعلن وزير الصحة الإيراني مؤخراً أن «معدل الإصابة بالاضطرابات النفسية في البلاد ارتفع بشكل حاد».

ومع زيادة حالات الاكتئاب والمشكلات النفسية في البلاد بسبب الضغوط الاقتصادية، يواجه كثير من الإيرانيين صعوبة في الوصول إلى خدمات العلاج النفسي. وأشار وزير الصحة إلى أن نقص مراكز المشورة والعلاج النفسي وكذلك تكلفة الخدمات العلاجية العالية، هي من بين العوامل التي تحول دون حصول الأفراد على المساعدة المتخصصة.