قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

واشنطن: 96 ألف رجل وامرأة مختفون قسراً في ظل نظام بشار الأسد

قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع
TT

قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض قيود على تأشيرات دخول 14 مسؤولاً سوريّاً، بسبب تورطهم في قمع الحقوق والاختفاء القسري لعدد كبير من السوريين. ولم تعلن الإدارة الأميركية أسماء هؤلاء المسؤولين الذين تسربت أنباء عن أنهم مسؤولون كبار من المقربين للرئيس بشار الأسد.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إن إدارة بايدن اتخذت هذه الخطوات ضد المسؤولين السوريين، لتورطهم في نمط قمع منهجي واسع من الانتهاكات المرتكبة في سوريا.

وقال البيان إن نظام الأسد استخدام الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وسيلةَ قمعٍ ضد منتقديه، وهناك 96 ألف رجل وامرأة مختفون قسراً على يد نظام الأسد. واتهم البيان النظام بمعاقبة مَن يحاول معرفة مصائر المختفين قسراً.

سوريون يشاركون في مظاهرة ضد النظام السوري (أرشيفية - د.ب.أ)

ويأتي هذا الإجراء في أعقاب القيود الأميركية، التي فرضت على 21 مسؤولاً سورياً، وأعلن عنها وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مارس (آذار) الماضي، وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، واستهدفت المتورطين في قمع السوريين والمتورطين في إنتاج المخدرات والكبتاغون والاتجار بهما.

وقال ماثيو ميللر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «إن الانتهاكات التي ارتكبها المسؤولون السوريون الأربعة عشر هي جزء من نمط منهجي واسع في سوريا». وشدد على أن الولايات المتحدة تطالب نظام الأسد والجهات الفاعلة في سوريا بوقف هذه الممارسات الشائنة، مثل الإخفاء القسري والاختطاف، وتوضيح مصير المفقودين، وأن تفرج على كل من لا يزال على قيد الحياة، وأن تعيد رفات أولئك الذين لقوا حتفهم أثناء الاختفاء القسري، وتتعامل بحسن نية مع المؤسسات التي تم إنشاؤها حديثاً لمساعدة المفقودين في سوريا.

وحذّر المتحدث باسم الخارجية الأميركية من قيام النظام السوري بأي أعمال انتقامية ضد الأفراد، الذين يسعون للحصول على معلومات حول وضع المفقودين، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم الشعب السوري ومطالبه السلمية بالحرية والكرامة، وستواصل اتخاذ إجراءات ضد الجهات المسؤولة عن قمع السوريين.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أرشيفية - د.ب.أ)

وأشار ميللر إلى المواطنين الأميركيين المفقودين والمحتجزين ظلماً في سوريا، مطالباً بمحاسبة نظام الأسد على أفعاله. ومن بين الأميركيين المختطفين في سوريا الصحافي والجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية أوستن تايس، الذي جرى اختطافه منذ اثني عشر عاماً في سوريا، ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن مراراً إلى إطلاق سراحه.

وتزامنت هذه الخطوة الأميركية ضد المسؤولين السوريين مع الاحتفاء باليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، حيث أكدت الإدارة الأميركية أنها تتضامن مع ضحايا الاختفاء القسري وأسرهم، وتعمل على اتخاذ إجراءات لتعزيز المساءلة والمحاسبة عن هذا الانتهاك القاسي.

كما تزامنت مع إصدار الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثالث عشر حول الاختفاء القسري في سوريا، الذي أشار إلى اختفاء ما لا يقل عن 113.218 ألف شخص جرى اعتقالهم من قِبَل النظام في سوريا منذ مارس 2011، بينهم 3129 طفلاً و6712 امرأة.

وقال التقرير الذي جاء في 22 صفحة، ونشر يوم الجمعة، إن النظام السوري استخدم الاختفاء القسري لتعزيز سيطرته وسحق معارضيه، بوصفهم جزءاً من استراتيجية ممنهجة تستخدمها مؤسسة الأمن، وتشترك فيه أعلى مستويات السلطة في الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية، إضافة إلى استخدام النظام السوري للسلطة القضائية لتسهيل وإخفاء جرائم الاختفاء القسري والتغطية عليها.


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.