تركيا: لا اتفاق مع العراق على إنهاء الوجود العسكري

جدل حول «نص غير دقيق» لمذكرة التفاهم بين وزيري الدفاع

وزيرا الدفاع التركي والعراقي وقعا مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)
وزيرا الدفاع التركي والعراقي وقعا مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)
TT

تركيا: لا اتفاق مع العراق على إنهاء الوجود العسكري

وزيرا الدفاع التركي والعراقي وقعا مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)
وزيرا الدفاع التركي والعراقي وقعا مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)

أكدت تركيا أن مذكرة التفاهم في مجالات التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب الموقعة مع العراق لا تتضمن أي نص يتعلق بإنهاء وجود القوات التركية في الأراضي العراقية.

ونفى مركز مكافحة التضليل الإعلامي، التابع لدائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية، ما تداولته وسائل إعلام بأن مذكرة التفاهم، التي وقعها وزيرا الدفاع التركي والعراقي يشار غولر وثابت محمد العباسي، تهدف إلى إنهاء وجود القوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية.

وأكد المركز، في بيان الخميس، أن ما تردد في هذا الصدد غير صحيح على الإطلاق، ولا يوجد مثل هذا البند في مذكرة التفاهم بشأن التنسيق العسكري والأمني ​​ومكافحة الإرهاب الموقعة بين تركيا والعراق.

جانب من اجتماع آلية التعاون الأمني التركية العراقية في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)

مركزان للتنسيق والتدريب

وقال البيان إنه «بموجب مذكرة التفاهم سينشئ البلدان مركز تنسيق أمني ​​مشتركاً في بغداد ومركز تدريب وتعاون مشتركاً في بعشيقة، وسيمكن المركزان من القضاء على التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية على سيادة البلدين وأمنهما الداخلي والإقليمي».

وأضاف البيان، أن «حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر بتصميم، في الداخل وخارج الحدود»، داعياً إلى عدم الاعتماد على ادعاءات مقدمة من مصادر خارجية والاعتداد فقط بالبيانات الرسمية.

في السياق ذاته، أكد مسؤول بوزارة الدفاع التركية أن نص مذكرة التفاهم المتداول في بعض وسائل الإعلام «غير حقيقي»، ويختلف عن النص الموقع عليه من جانب وزيري دفاع تركيا والعراق.

جانب من الاجتماعات التركية العراقية في أنقرة في 15 أغسطس الحالي (الخارجية التركية)

وقال المسؤول العسكري، في إفادة صحافية الخميس، إنه من خلال مذكرة التفاهم سيوفر الطرفان التدريب العسكري وإنفاذ القانون ومكافحة المنظمات الإرهابية، والأمن المشترك للحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية والتسلل عبر الحدود المشتركة.

وأضاف أنه سيتم إنشاء «مركز التنسيق الأمني ​​المشترك» في بغداد، وسيديره بشكل مشترك قائد برتبة جنرال يعينه العراق وتركيا، ولن يعمل في المركز عسكريون فقط، بل سيعمل فيه أيضاً موظفون مدنيون.

عناصر من القوات التركية المشاركة في عملية «المخلب- القفل» العسكرية التركية في شمال العراق (الدفاع التركية)

وتابع المسؤول التركي: «سيتم إنشاء مركز مشترك للتدريب والتعاون في قاعدة (بعشيقة) التابعة للجيش العراقي، وتنفيذ أنشطة في مجال التدريب وتبادل المعلومات والخبرات ونتيجة لذلك، والهدف الرئيسي هو القضاء على التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية على المنطقة، وحماية أمن وسيادة كل من تركيا والعراق».

بدوره، أكد مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية، الأدميرال زكي أكتورك، أنه بموجب مذكرة التفاهم، سيتم إنشاء «مركز التنسيق الأمني ​​المشترك» في بغداد، حيث سيعمل الأفراد الأتراك والعراقيون معاً، وبالإضافة إلى ذلك، ومن خلال ضمان التنسيق بين عناصرنا في الميدان، سيجري تبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيق ضد المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديداً لكلا البلدين في مركز التدريب والتعاون الذي سيتم إنشاؤه في بعشيقة.

جنود أتراك مشاركون في عملية «المخلب- القفل» العسكرية شمال العراق (الدفاع التركية)

وقال أكتورك، في إفادة صحافية أسبوعية الخميس، إنه «في المرحلة النهائية، لن يكون الإرهاب، الذي يشكل تهديداً للشعبين التركي والعراقي، مشكلة في المنطقة».

وأكدت تركيا والعراق في ختام الاجتماعين الأول للجنة التخطيط المشتركة والرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى، اللذين عقدا في أنقرة في 15 أغسطس (آب) الحالي، رغبتهما في تعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات، وفي مقدمتها التنسيق الأمني ومكافحة التنظيمات الإرهابية، بموجب مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، التي تستهدف إنهاء التهديد الذي يشكله «حزب العمال الكردستاني».

القبض على «نازه أد»

في الإطار ذاته، تمكنت قوات الأمن في إسطنبول، بالتنسيق مع المخابرات، من القبض على الإيرانية مهناز عمري، المعروفة بالاسم الحركي «نازه أد»، القيادية في «حزب الحياة الحرة» (بيجاك)، ذراع حزب العمال الكردستاني في إيران، الناشطة في فنلندا.

صورة موزعة من المخابرات التركية للقيادية الإيرانية بالعمال الكردستاني مهناز عمري بعد القبض عليها في إسطنبول

وقالت مصادر أمنية تركية إن «عمري كانت تشارك في قيادة وتنظيم فعاليات للمنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) في فنلندا، فضلاً عن نشاطها في مجال تمويلها».

ونقلت وكالة «الأناضول»، التركية الرسمية، عن المصادر أن قوات مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول تمكنت بالتنسيق مع جهاز المخابرات من القبض على القيادية «عمري» في عملية نفذت في إسطنبول، الأربعاء، ما أدى للحصول على كثير من المعلومات عن هيكل المنظمة في فنلندا.

وكانت المخابرات التركية كشفت، الثلاثاء، عن مقتل سما جوليك الملقبة بـ«زيلان آزاك» في عملية نفذتها في هاكورك في شمال العراق.

وأفادت مصادر أمنية بأن جوليك انضمت إلى تنظيم اتحاد المجتمعات الكردستانية التابع للعمال الكردستاني عام 2015، بعد ترك دراستها الجامعية، وشاركت في جمع معلومات استخبارية وأنشطة مراقبة واستطلاع، وتنفيذ هجمات بواسطة طائرات مسيرة ضد تركيا.


مقالات ذات صلة

مقتل 4 إرهابيين في أثناء التسلل من العراق إلى تركيا

شؤون إقليمية صورة مأخوذة من فيديو بثه وزير الداخلية التركي لعملية استهداف إحدى الطائرات الشراعية للإرهابيين القدمين من العراق ( حسابه على «إكس»)

مقتل 4 إرهابيين في أثناء التسلل من العراق إلى تركيا

أحبطت قوات الأمن التركية محاولة لتنفيذ هجوم داخل البلاد حاولت عناصر إرهابية متسللة من العراق القيام به.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المفاوضات مستمرة من أجل عقد لقاء بين إردوغان والأسد (أرشيفية)

مصادر تركية: دبلوماسية «الباب الخلفي» تجهز للقاء إردوغان والأسد

كشفت مصادر تركية عن اتباع دبلوماسية «الباب الخلفي» لعقد اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (إكس)

العراق وتركيا يوقعان مذكرة «بالأحرف الأولى» لمحاربة «العمال»

أكدت تركيا والعراق رغبتهما في تعزيز علاقاتهما بمختلف المجالات، وفي مقدمتها التنسيق الأمني ومكافحة التنظيمات الإرهابية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية قوات تركية في سوريا (إكس)

أنقرة: شرط الانسحاب للتطبيع مع دمشق «رفض للسلام والاستقرار»

أكدت تركيا مجدداً رفضها الشروط المسبقة لتطبيع العلاقات مع دمشق، المطالبة بانسحابها العسكري من شمال سوريا رفضاً للاستقرار والسلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لقطة من مقطع فيديو يُظهر أنقاض مبنى في شمال العراق بعد تعرّضه لغارة جوية عام 2021 (رويترز)

تركيا تعلن مقتل 17 مسلّحاً كردياً بضربات جوية شمال العراق

قالت وزارة الدفاع التركية، الاثنين، إن الجيش نفّذ ضربات جوية في شمال العراق أسفرت عن «تحييد» 17 عضواً بحزب العمال الكردستاني المحظور بتركيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

أوباما أجهض خطة نتنياهو لضرب إيران عام 2011

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

أوباما أجهض خطة نتنياهو لضرب إيران عام 2011

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

كشفت صحيفة إسرائيلية يمينية، الخميس، عن سر الصراع الذي جرى بين واشنطن وتل أبيب عام 2011، حين منعت إدارة الرئيس باراك أوباما خطة للهجوم على إيران، كانت تهدف إلى إجهاض مشروعها النووي.

ونشرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، مقالاً لقائد سابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد»، عوديد عيلام، يروي ما جرى في تلك الفترة.

وقال عيلام: «في صباح شتوي ما في عام 2011، في مكتب سري ومحصن جيداً، اجتمعت مجموعة ذات وزن ثقيل في قمة أجهزة الأمن الإسرائيلية، ضمت كلاً من: غابي أشكنازي رئيس أركان الجيش، ومئير دغان الذي كان اعتزل لتوّه من منصبه رئيساً للموساد، ويوفال ديسكن رئيس الشاباك (جهاز المخابرات العامة)، الذي هو الآخر كان اعتزل لتوه».

وتابع عيلام: «هؤلاء الأشخاص الذين وقع على أكتافهم عبء أمن الدولة، شعروا بأنهم مكلفون بمهمة استثنائية - إنقاذ الشعب من قرار خطير ومجنون تبلور في مكتبي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك. وبرأيهم، أن الرجلين يتخذان خط تفكير خطيراً جداً».

بنيامين نتنياهو ومدير «الموساد» ديفيد برنياع في القدس يوم 4 أبريل 2023 (د.ب.أ)

«يجب أن نضرب الآن»

ويضيف القائد السابق في «الموساد» أن «نتنياهو وإيهود باراك، اللذين يختلفان في الرأي في جملة مواضيع شكلت مرات عديدة مصدراً لتوتر سياسي، وجدا هذه المرة لغة مشتركة في الحاجة لهجوم جوي على منشآت نووية إيرانية».

وبحسب ما ذكره عيلام، فإن «نتنياهو وإيهود باراك قالا بإصرار، إن الطريق الوحيد لضمان مستقبلنا هو أن نضرب الآن، بلا تردد».

لكن قادة أجهزة الأمن الثلاثة رأوا الأمور بشكل مختلف. بالنسبة لهم، كانت الخطة بمثابة لعب بالنار يمكنه أن يشعل ناراً إقليمية أكبر لن يكون إطفاؤها ممكناً.

يقول عيلام: «لقد شعروا بأن هذه الخطوة تشبه شخصاً يستيقظ من نومه في منتصف الليل، ويقرر الركض واجتياز طريق سريع، لعله يصل إلى مكان مبتغاه، لكن يحتمل أيضاً أن ينتهي تحت عجلات السيارات».

ويشرح القائد السابق في «الموساد» وجهة نظر هؤلاء بأنهم «آمنوا بكل قلوبهم بأن الحل الصحيح يكمن في خلق عقوبات دولية حادة على إيران، واستخدام قوات سرية لأجل التخريب على المنظومات الإيرانية من الداخل، لا في عملية عسكرية علنية وخطيرة».

وكان هؤلاء، وفقاً لعيلام، يعتقدون بأن إسرائيل لا يمكنها أن تخرج إلى مثل هذه الحملة من دون إسناد أميركي واضح. ولأجل منع الخطوة، قرر دغان وديسكين، اللذان لم يعودا مكبّلين بمنصبيهما الرسميين، العمل بطريقتهما الخاصة.

وكان هذا يعني أن يقول رئيس الأركان دغان بتسريب الخطة للأميركيين، بل إنه أجرى مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» ليتأكد من أن العالم كله يفهم الخطر الذي في هذه الخطوة».

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما (أرشيفية - البيت الأبيض)

أوباما أجهض الخطة

ويروي عيلام، الذي كان يشغل منصب رئيس دائرة مكافحة عمليات الإرهاب المعادية، أن «القلق استبد بإدارة أوباما، فسارعت لأن تصدر بطاقة حمراء لإسرائيل».

في ذاك الوقت كانت واشنطن تسعى إلى اتفاق نووي مع إيران، وقد وقع بعد نحو 4 سنوات، في يوليو (تموز) 2015. ويقول عيلام إن «الاتفاق لم يتضمن عدم تسلح إيران بأسلحة باليستية، ولم يلمس على الإطلاق الطوق الناري حول إسرائيل، الذي نشعر بحريقه اليوم. الخطوة في حينها قضت على العملية الإسرائيلية».

ويطرح عيلام السؤال: «المسألة الكبرى اليوم: هل كان منع الهجوم خطأ؟»، ويتابع: «بنظرة إلى الوراء، واضح أن الإيرانيين لم يتوقفوا للحظة. العكس هو الصحيح، واصلوا تطوير برنامجهم النووي وإسرائيل وجدت نفسها مع عدو مسلح وخطير أكثر».

ورأى عيلام أن «إسرائيل لو تعاملت حينها مع إيران الضعيفة نسبياً وأذرعها التي لم تكن مسلحة بعشرات آلاف الصواريخ التي تهدد اليوم كل نقطة في إسرائيل، لكان من المحتمل الحصول على معادلة مختلفة تماماً».

ويقول عيلام: «السؤال المطروح هو: هل التخوف من العملية في حينها بسبب انعدام اليقين (...). توجد لحظات يكون فيها الامتناع عن قرار مصيري خطأ جسيماً بقدر لا يقل عن اتخاذ القرار نفسه».

وحتى اليوم، يتباهى نتنياهو بأنه كان يريد ضرب المشروع النووي، ويستخدم هذا في حربه الضارية ضد المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، ويتهمها بـ«الجبن وبالتخلي عن العقيدة القتالية».