إردوغان عالق بين قيود «الحركة القومية» وضغوط المعارضة

حزبه فقد كتلة من ناخبيه... والانتخابات المبكرة خيار قاسٍ ومطلوب

إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان عالق بين قيود «الحركة القومية» وضغوط المعارضة

إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد استمرار مسيرة حزبه خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه في 14 أغسطس الحالي (الرئاسة التركية)

وسط جدل متصاعد حول «الانتخابات المبكرة»، كشف استطلاع أجراه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا عن أن مؤيديه الذين تركوه في الانتخابات المحلية الأخيرة يوم 31 مارس (آذار) الماضي لم يعودوا إليه، كما أن الناخبين المترددين من الصعب أن يصوتوا له في أي انتخابات مقبلة.

ووفق مصادر في الحزب، فإن الاستطلاع، الذي لم تُعرض نتائجه على الجمهور وأُرسلت إلى رئيسه الرئيس رجب طيب إردوغان، أظهر أنه من الصعب استعادة الناخبين الذين انصرفوا عن الحزب لأسباب عدة؛ أهمها وضع البلاد الاقتصادي.

ونقل موقع «غازيته روزجار»، الإخباري الأربعاء، عن المصادر أن حزب «العدالة والتنمية»، بهدف إقناع الناخبين الساخطين بالاستمرار في التصويت له، قد انطلق في العمل الميداني بعد أن أصبح الحزب الثاني في الانتخابات المحلية لأول مرة خلال حكمه البلاد الذي استمر 22 عاماً، وتقدم خصمه اللدود؛ حزب «الشعب الجمهوري» عليه.

إردوغان طالب قيادات حزب «العدالة والتنمية» بعدم التراخي خلال الاحتفال بمرور 23 عاماً على تأسيسه (الرئاسة التركية)

فقدُ الناخبين

وأضافت أن الدراسات والاستطلاعات التي أجراها الحزب كشفت عن فقد كتلة من الناخبين لمصلحة أحزاب أخرى، لا سيما «الشعب الجمهوري»، في الانتخابات المحلية، وأن هؤلاء الناخبين يؤكدون أنهم سيواصلون التصويت للأحزاب التي اختاروا دعمها في الانتخابات المحلية.

ولفتت الكاتبة في الموقع، نوراي باباجان، إلى أن وسائل الإعلام المقربة من الحكومة كثفت في المدة الأخيرة من نشر أخبار عن زيادة أصوات حزب «العدالة والتنمية»، خلافاً لما تظهره استطلاعات الرأي؛ «لأنها علمت بهذه الأزمة داخل الحزب».

وأشارت إلى أن هناك قضية أخرى نوقشت داخل «العدالة والتنمية»؛ هي «ما إذا كان الاقتصاد سيتحسن بحلول نهاية عام 2026 مع ظهور ذلك على حياة المواطنين، كما يؤكد وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، أي حتى الموعد الذي قد يقرر فيه إردوغان التوجه للانتخابات المبكرة في عام 2027 ليضمن الترشح عبر تبكير الانتخابات قبل موعدها الطبيعي في 2028، الذي لن يكون له حق الترشح فيه».

وقالت باباجان إنه «لا أحد في تركيا يمكن أن يصدق المعاناة المستمرة منذ 3 سنوات التي علق فيها الناس كما لو كانوا في عنق زجاجة يشبه (الكابوس)، ولا أحد ستقنعه حملة: (وضعكم سيتحسن خلال عام)».

وفق تقارير... تشعر قيادات في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بأن التحالف مع حزب «الحركة القومية» برئاسة دولت بهشلي أصبح عبئاً (أرشيفية - الرئاسة التركية)

صعوبات «الحركة القومية»

ونقلت الكاتبة عن كواليس حزب «العدالة والتنمية» أن «هناك مشكلة حقيقية بسبب التحالف مع حزب (الحركة القومية) بزعامة دولت بهشلي، الذي يصدر التحذيرات مباشرة مع كل حديث عن الانتخابات المبكرة، وأن هذا الوضع جعل الحزب محاصراً بين أمرين؛ أولهما عدم الرغبة في الذهاب إلى الانتخابات في ظل الأزمة الاقتصادية، وثانيهما صعوبة السيطرة على (الحركة القومية)، وهو الوضع الذي قد يجبر الحزب على الذهاب للانتخابات في عام 2028 من دون إردوغان».

في السياق ذاته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، مراد يتكين، أنه لا غني لـ«العدالة والتنمية» عن «الحركة القومية»، لافتاً إلى أن إردوغان أكد ذلك بوضوح عندما قال في خطابه بمناسبه الذكرى الـ23 لتأسيس حزبه في 14 أغسطس (آب) الحالي: «استمروا مع (الحركة القومية)»، وكانت هذه هي الرسالة الوحيدة في الخطاب التي لم تكن مفتوحة لتفسيرات أخرى.

وأوضح أنه بينما يخسر حزب «العدالة والتنمية» مؤيديه منذ انتخابات 2018، عندما حصل على نحو 42 في المائة من الأصوات (تراجعت في استطلاعات الرأي الأخيرة إلى نحو 28 في المائة)، فإن «الحركة القومية» استطاع أن «يتجنب هذا الأمر، وحافظ على نسبته التي تفوق 10 في المائة من الأصوات؛ تزيد أو تقل قليلاً، في الاستطلاعات».

ولفت يتكين إلى أن «الحركة القومية» أصبح «علامة تجارية» في الانتخابات المبكرة، وأنه دائماً هو الحزب الذي بيده أن يدفع حزب «العدالة والتنمية» إلى مثل هذه الانتخابات، محذراً بأن انتقال «الحركة القومية» إلى صفوف المعارضة مجدداً سيكون انتقالاً «قاسياً»؛ «لأن معارضته تختلف مع معارضة حزب (الشعب الجمهوري)، وهو ما يدركه إردوغان جيداً».

زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل يضغط بورقة الأوضاع الاقتصادية من أجل التوجه إلى انتخابات مبكرة (موقع الشعب الجمهوري)

الانتخابات المبكرة... مطلب المعارضة والشعب

وفي آخر استطلاع للرأي حول الانتخابات المبكرة، أجرته شركة «أو آر جي» في المدة بين 10 و12 أغسطس الحالي، أيد 47.5 في المائة التوجه إليها، مقابل رفض 39.5 في المائة، بينما قال 13 في المائة إنه لا توجد لديهم فكرة عن الانتخابات المبكرة. في الوقت ذاته، واصل زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، ضغوطه من أجل التوجه إلى الانتخابات المبكرة، موجهاً حديثه إلى إردوغان خلال فعالية في إسطنبول: «إذا لم يكن هناك سبيل للعيش؛ فسوف تكون هناك انتخابات عاجلاً أم آجلاً، وفي تلك الانتخابات ستكون السلطة لهذه الأمة... بغض النظر عن مدى مقاومتك، فستكون هناك انتخابات في النهاية».


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.