مساعٍ جديدة للوسطاء نحو «اتفاق هدنة» في قطاع غزة قد يسهم في خفض التصعيد بالمنطقة، وسط دعم دولي لتفادي التباينات بين «حماس» وإسرائيل، وتحذيرات أميركية من «تقويض أي طرف للمفاوضات» الجارية والتي تستأنف قبل نهاية الأسبوع الحالي بالقاهرة، وتشديد مصري على «ضرورة إبرام صفقة وقف إطلاق النار بالقطاع لتحقيق تهدئة إقليمية».
ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن التحركات الحالية تسعى لإبرام «صفقة متكاملة» تفضي لخفض التوتر بين إسرائيل وإيران، وتحقيق تهدئة بالقطاع، وسط تباين بشأن إمكانية عقد تلك الصفقة خلال جولة القاهرة، ومخاوف من أن تدفع خلافات «حماس» ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، نحو «تعثر جديد».
وعقب انتهاء مفاوضات الدوحة، الجمعة، بالإعلان عن «مقترح جديد» قدمه الوسطاء لتقليل الفجوات بين «حماس» وإسرائيل، وجولة جديدة بالقاهرة، أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اتصالاً هاتفياً هو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة مع وزير خارجية إيران، علي باقري كني؛ لبحث مستجدات مفاوضات غزة وأهمية وقف التصعيد بالمنطقة.
كما حذر الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، «جميع الأطراف في المنطقة من تقويض جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة»، لافتاً في بيان، إلى أن وزير خارجيته أنتوني بلينكن، سيزور إسرائيل «للتشديد على أنه مع اقتراب التوصل إلى اتفاق، لا ينبغي لأحد في المنطقة أن يتخذ إجراءات لتقويض هذه العملية»، وسط تأكيدات مصرية على ضرورة تضافر جميع الجهود لـ«اغتنام فرصة المفاوضات الجارية»، والوصول إلى اتفاق في إطار صفقة متكاملة تضمن إنهاء الحرب.
وبينما قال مصدر قيادي في «حماس» إن الوفد الإسرائيلي «وضع شروطاً جديدة في سياق نهجه للتعطيل مثل إصراره على إبقاء قوات عسكرية في منطقة الشريط الحدودي مع مصر - محور فيلادلفيا، وطلب أن يكون له الحق بوضع (فيتو) على أسماء أسرى وإبعاد أسرى آخرين خارج فلسطين»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة، مشدداً على أن الحركة «لن تقبل بأقل من وقف كامل للنار والانسحاب الكامل من القطاع وعودة طبيعية للنازحين، وصفقة تبادل من دون قيود وشروط الاحتلال».
وأعرب مكتب نتنياهو عن «تقدير إسرائيل للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة والوسطاء لإثناء (حماس) عن رفضها صفقة إطلاق سراح الرهائن»، متمنياً أن «تؤدي الضغوط التي يمارسونها إلى دفع (حماس) إلى قبول المقترح، حتى يصبح في الإمكان تنفيذ تفاصيل الاتفاق».
ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مسؤولين أمنيين في الجيش الإسرائيلي قولهم إن «القتال في غزة انتهى عملياً، وإنه حان الوقت لإبرام صفقة» للإفراج عن المحتجزين لدى «حماس»، باعتبار أن الاتفاق قد يخفف من حدة التوتر الإقليمي؛ خصوصاً على جبهة لبنان.
ووفقاً للمؤشرات الحالية الإيجابية، يتوقع مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، الدكتور خالد عكاشة، «إمكانية الذهاب لصفقة متكاملة وشاملة بنهاية الأسبوع الحالي»، يعزز ذلك «الحرص الإيجابي» من الجانب الأميركي، لدفع الأطراف لاتفاق هدنة حقيقي، استشعاراً منها بأن الوصول إلى صفقة ستقود الإقليم لاستقرار، ويعكس ذلك الإعلان عن زيارة بلينكن للمنطقة، لتأكيد إرادتها الحقيقية في الذهاب لتلك التهدئة.
في المقابل، استبعد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إتمام الصفقة قريباً. وأرجع ذلك إلى أن «نتنياهو لا يظهر جدية نحو إبرام الاتفاق وأقرب لتعطيلها كالعادة».
وتريد الولايات المتحدة، وفق الرقب، أن «تشتري الوقت»، وتحقيق مكاسب إعلامية، ولديها رغبة أكثر في أن يكون اتفاق الهدنة في أكتوبر (تشرين الأول) لمنتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، مع اشتداد سباق الانتخابات الرئاسية لديها، ولذا هي «لا تمارس ضغوطاً حقيقية على نتنياهو».
ووسط تلك التباينات، ينتظر بحسب بيان الوسطاء الصادر عن مخرجات مفاوضات الدوحة، الجمعة، أن تواصل الفرق الفنية العمل هذا الأسبوع على تفاصيل تنفيذ الاتفاق؛ سواء الإنسانية أو المتعلقة بالرهائن والمحتجزين، قبل اجتماع القاهرة الذي تشير أنباء إلى «إمكانية عقده الأربعاء المقبل».
وبحسب عكاشة، فإن دور الفرق الفنية تجهيز خطة عمل لوضع إطار الاتفاق موضع التنفيذ، لافتاً إلى أنها ستقوم بتقارب وجهات النظر بين «حماس» وإسرائيل، للوصول إلى ملامح اتفاق يناقش في جولة القاهرة.
ولا تزال هناك تباينات، محل مناقشة، بعضها يتمثل في بقاء القوات الإسرائيلية بمحور فيلادلفيا وكيفية تشغيل معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، وتمسك إسرائيل بتفتيش النازحين العائدين من الجنوب للشمال، وفق خالد عكاشة، الذي لفت إلى «إصرار من الوسطاء على وجود أفكار خلاقة وضمانات لتجاوز تلك التناقضات والوصول إلى تنفيذ المرحلة الأولى من المراحل الثلاث التي تضمنها مقترح بايدن المعلن في نهاية مايو (أيار) الماضي». بينما عدّ أيمن الرقب أن «نتنياهو لديه فرصة كبيرة لقبول تنفيذ المرحلة الأولى إن كان جاداً»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعبه».