إيران «لن تستأذن» للرد... وإسرائيل تلوح بمهاجمة أراضيها

طهران: مطالب الغرب بتجنب الانتقام «وقحة وتفتقر للمنطق السياسي»

لوحة ضخمة في طهران تحمل صورة إسماعيل هنية (يسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إ.ب.أ)
لوحة ضخمة في طهران تحمل صورة إسماعيل هنية (يسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إ.ب.أ)
TT

إيران «لن تستأذن» للرد... وإسرائيل تلوح بمهاجمة أراضيها

لوحة ضخمة في طهران تحمل صورة إسماعيل هنية (يسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إ.ب.أ)
لوحة ضخمة في طهران تحمل صورة إسماعيل هنية (يسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إ.ب.أ)

انتقدت إيران طلب القوى الغربية بتجنب الهجوم على إسرائيل، قائلة إنه «وقح»، و«يفتقر للمنطق السياسي، ويتعارض مع مبادئ القانون الدولي»، بينما حذّرت إسرائيل من أنها سترد بضربة على الأراضي الإيرانية.

وتواصل الولايات المتحدة الضغط لإجراء محادثات بشأن الهدنة ومنع إيران من الرد بعد يوم من مشاورات مع القادة الغربيين. وفي الـ24 ساعة الماضية، دعت الدول الغربية إيران إلى ضبط النفس عبر بيانات واتصالات.

ودعت قوى «الترويكا الأوروبية»، إيران إلى تجنب مهاجمة إسرائيل انتقاماً لاغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، الشهر الماضي.

وأضافت الدول في بيان، أن القتال يجب أن يتوقف الآن، وكذلك يتعين الإفراج عن كل الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس». وشدد البيان على أن السكان في قطاع غزة يحتاجون إلى «إيصال وتوزيع المساعدات بشكل عاجل ودون عراقيل».

وتتهم طهران وحليفتاها، «حماس» وجماعة «حزب الله» اللبنانية، إسرائيل باغتيال هنية. ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية مسؤوليتها عن العملية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، (الثلاثاء): «دون أي اعتراض على جرائم الكيان الصهيوني، تطلب الدول الثلاث بكل وقاحة في البيان من إيران عدم الرد على انتهاك سيادتها وسلامة أراضيها»، وفق «رويترز».

وقال، في بيان، إن إيران «مصمّمة على الدفاع عن سيادتها... ولا تطلب الإذن من أي فرد كان لممارسة حقوقها المشروعة»، داعياً القوى الأوروبية إلى «الوقوف بحسم ضد الحرب في غزة، وضد تحريض إسرائيل على الحرب».

ونبه كنعاني إلى أن الدعوة الغربية «تناقض مبادئ وأحكام القانون الدولي، وتشكّل دعماً علنياً وعملياً» لإسرائيل. وأردف قائلاً: «تقاعس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والدعم السياسي والعسكري الواسع من الدول الغربية للنظام الصهيوني، هما العاملان الرئيسيان وراء توسع نطاق أزمة غزة في المنطقة».

بزشكيان تلقى اتصالات من قادة غربيين وسط تصاعد التوترات بين طهران وعدوتها تل أبيب (الرئاسة الإيرانية)

أتى الموقف الإيراني غداة اتصالات بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. ودعا الزعيمان الأوروبيان بزشكيان إلى بذل كل ما بوسعه لمنع مزيد من التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن بزشكيان قوله لرئيس الوزراء البريطاني إن الحرب ليست في مصلحة أي دولة، لكن الدول من حقها «الرد العقابي على المعتدي».

وعبّر ستارمر لبزشكيان عن قلقه البالغ إزاء الوضع في الشرق الأوسط، ودعا جميع الأطراف إلى وقف التصعيد، وتجنب مزيد من المواجهات في المنطقة.

صورة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار في طهران (إ.ب.أ)

دبلوماسية الضغط

وتكثفت الجهود الدولية لتجنب هجوم إيراني، وقد وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن، في بيان مشترك مع قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، تحذيراً لطهران. وقال القادة في البيان بعدما تحدثوا هاتفياً: «دَعَوْنَا إيران إلى التراجع عن تهديداتها المتواصلة بشنّ هجوم عسكري على إسرائيل، وبحثنا العواقب الخطيرة على الأمن الإقليمي حال تنفيذ هجوم من هذا النوع».

وحذّر البيت الأبيض (الاثنين) من أن إيران قد تشنّ مع وكلائها «هجمات كبرى» على إسرائيل هذا الأسبوع، لافتاً إلى أن التقييم الإسرائيلي مماثل. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، (الاثنين) على «أهمية مسؤولية العراق في حماية المستشارين العسكريين للتحالف من هجمات الميليشيات الموالية لإيران»، في أعقاب هجوم استهدف قاعدة عسكرية في العراق تضم قوات أميركية، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية الأميركية.

بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن يحضران مؤتمراً صحافياً في الأكاديمية البحرية الأميركية في ماريلاند الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

كما ناقش بلينكن مع نظيره التركي هاكان فيدان، في اتصال هاتفي، «أهمية عودة حركة (حماس) إلى المفاوضات، المتوقع أن تتجدد الخميس؛ من أجل التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وضمان الإفراج عن الرهائن كافة».

ومن المتوقع أن يصل بلينكن، مساء الثلاثاء إلى المنطقة، حيث يخطط لزيارة قطر ومصر وإسرائيل؛ للدفع بجهود الولايات المتحدة من أجل منع توسع الصراع في المنطقة.

ويعمل المسؤولون الأميركيون على «إقناع» حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بوقف التصعيد، كما وجّهت واشنطن مع حلفائها الغربيين تحذيرات واضحة لإيران من قيامها بأي عمل، محملين إياها المسؤولية عن أي تدهور للاستقرار في المنطقة.

انتقام استخباراتي

غير أن علي أصغر شفیعیان، مدير موقع «انصاف نيوز» الإصلاحي والمستشار الإعلامي لحملة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أشار في تصريحات إلى أن انتقام طهران من غير المرجح أن يكون تكراراً للرد الإيراني على تدمير سفارتها في دمشق في أبريل (نيسان) الماضي. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عنه القول، إن مقتل هنية «كان عملية اعتمدت على الاستخبارات»، و«رد إيران سيكون ذا طبيعة مماثلة، وعلى مستوى مماثل».

وقال مارك بوليمروبولوس، ضابط العمليات الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية، الذي عمل في مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، إن رد المخابرات الإيرانية يمكن أن يتخذ شكل هجمات على أهداف إسرائيلية ناعمة في الخارج، مثل السفارات. وقال: «لا أعتقد أن الإيرانيين لديهم القدرة على ضرب مسؤولين أمنيين إسرائيليين، على سبيل المثال، على الأراضي الإسرائيلية».

طهران خائفة على «النووي»

حتى الآن تلتزم الولايات المتحدة الصمت بشأن كيفية قيامها بالرد على أي هجوم إيراني آخر على إسرائيل، مؤكدة أنها تركز على الدعوة إلى وقف التصعيد وتحصين دفاعات حليفتها. غير أن إعلان وزير الدفاع لويد أوستن في وقت متأخر من يوم الأحد، إرسال الغواصة «يو إس إس جورجيا»، المزودة بصواريخ موجهة، إلى المنطقة، والطلب من مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن»، تسريع توجهها إلى المنطقة، عُدّا ليس فقط رسالة ردع، بل واستعداداً للقتال إذا تطلب الأمر ذلك.

غواصة الصواريخ الموجهة «يو إس إس جورجيا» تبحر في الخليج العربي ديسمبر 2020 (البحرية الأميركية)

ويقول عديد من المراقبين إن إيران تأخذ أيضاً على محمل الجد تلك التهديدات. ونقلت «واشنطن بوست» عن شخص لبناني له علاقات بـ«حزب الله»، قوله إن إيران أعربت عن قلقها من احتمال قيام إسرائيل والولايات المتحدة بضرب برنامجها النووي، باستخدام صراع واسع النطاق ذريعةً «لتحييد الردع النووي الإيراني بشكل أساسي».

وبينما يواصل المسؤولون الإيرانيون في العلن التحذير من الانتقام «القاسي» لمعاقبة إسرائيل، فإنهم يبلغون حلفاءهم، ضرورة توخي الحذر؛ لتحقيق توازن بين استعراض القوة والرغبة في تجنب حرب شاملة، بحسب تقارير أميركية. وهو ما قد يكون من الصعب تحقيقه، الأمر الذي قد يجبرها إما على الرد وتحمل النتائج، أو الامتناع عنه. وتضيف تلك التقارير أن هجوم أبريل قد لا يتكرر، حيث تبدو إيران غير مستقرة سياسياً، وأقل ثقة في ضبط النفس الإسرائيلي، وتصميم الولايات المتحدة وحلفائها، على عدم السماح لها بالرد.

إسرائيل سترد بضرب إيران

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» إن إسرائيل تستعد لسيناريوهات محتملة عدة، بما في ذلك هجوم إيراني، أو من لبنان، أو هجوم مشترك من الجماعات المتحالفة مع إيران. ولكن التحدي الأبرز هو «حزب الله»؛ بسبب قربه من الحدود.

وشددت الهيئة على أن التقارير الأجنبية لم تغير في توجيهات قيادة الجبهة الداخلية، مشيرة إلى أن القرار الإسرائيلي يستند إلى تقييم للوضع، وإلى معلومات استخباراتية، وإلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وحذّر مسؤول أمني رفيع من أن «إيذاء المدنيين الإسرائيليين سيؤدي إلى رد غير متناسب من قبل جيش الدفاع والقوات الجوية، سواء في إيران أو في لبنان».

وأشارت الهيئة إلى أن العشرات من الطائرات المقاتلة الإسرائيلية جاهزة ومسلحة لإحباط هجوم محتمل لـ«حزب الله».

من جهتها، أفادت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» بأن إسرائيل نقلت في الأيام الأخيرة رسائل إلى الولايات المتحدة، ودول أوروبية عدة، بأن أي هجوم مباشر من إيران سيتم الرد عليه بضربة إسرائيلية على الأراضي الإيرانية.

ويقول التقرير غير المنسوب لمصدر إن تل أبيب أوضحت أنها مصممة على مهاجمة إيران حتى لو لم يتسبب الهجوم المحتمل في وقوع أي ضحايا في إسرائيل.

رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي يزور قاعدة تل نوف الجوية الأسبوع الماضي (الجيش الإسرائيلي)

ونبه موقع «إسرائيل أوف تايمز» إلى أن الرسائل تهدف إلى منع الضغط من المجتمع الدولي لعدم الرد بقوة على أي هجوم إيراني.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن بلاده «جاهزة لدرء أي تهديد في الوقت المناسب»، لكنه لفت إلى أنه «ليس مطّلعاً» على تقارير تفيد بأن إيران تتهيأ لتوجيه ضربة في الساعات الـ24 المقبلة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (الاثنين) إن البلاد عززت دفاعاتها، ووضعت «خيارات هجومية» في وقت «يمكن أن تتجسّد فيه التهديدات الصادرة عن طهران وبيروت».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.