تركيا تُعيد تأكيد شروطها لسحب قواتها من شمال سوريا

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الاتصالات مستمرة بشأن التطبيع مع دمشق

وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)
وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)
TT

تركيا تُعيد تأكيد شروطها لسحب قواتها من شمال سوريا

وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)
وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية)

رهنت تركيا مجدّداً سحب قواتها من شمال سوريا بتحقيق عدد من الشروط، تتعلق بإقرار دستور شامل، وإجراء انتخابات حرة، واستعادة العلاقات بالكامل، وتهيئة الوضع الأمني بما يضمن أمن الحدود المشتركة، من خلال التنسيق المتبادل.

وبينما تستمر الاتصالات الرامية إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وعقد لقاء للرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد، بدفعٍ من روسيا، قال وزير الدفاع التركي يشار غولر، الاثنين، إن أنقرة ودمشق قد تعقدان لقاءات على مستوى وزاري، في إطار الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات إذا توافرت الظروف المناسبة.

وسبق أن تحدّث غولر، الشهر الماضي، عن إمكانية عقد لقاءات على المستوى الوزاري، تمهّد للقاء بين رئيسَي البلدين.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية أيضاً، إن الاتصالات مع دمشق تُجرى على أكثر من مستوى.

وبشأن انسحاب القوات التركية من سوريا، الذي تضعه دمشق شرطاً أساسياً لأي مفاوضات مع أنقرة، كرّر غولر، في ردّه على أسئلة لوكالة «رويترز»، الاثنين، أن هناك شروطاً لتحقيق الانسحاب، هي: وضع دستور شامل في سوريا، وإجراء انتخابات حرة، واستعادة العلاقات بالكامل، وتهيئة الوضع الأمني».

وأضاف أنه عندما يحدث ذلك فقط، ويصبح أمن حدودنا مضموناً تماماً، سنفعل اللازم من خلال التنسيق المتبادل، مؤكداً استعداد تركيا لتقديم كل المساهمات الممكنة للاتفاق على دستور شامل في سوريا.

تركيا تُصرّ على شروط لسحب قواتها من شمال سوريا (أرشيفية)

مفاوضات التطبيع

وأكّدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، تعليقاً على تصريحات غولر، أنها عكست الموقف التركي، وأكّدت المسار المتَّبَع من أجل تطبيع العلاقات مع دمشق.

وأضافت المصادر، أن وزير الخارجية هاكان فيدان، يواصل اتصالاته، بموجب تكليف من الرئيس رجب طيب إردوغان، لرسم خريطة طريق للقاء المرتقب مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وأوضحت المصادر أن جميع الأمور يمكن أن تناقَش على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، لافتة إلى أن هناك إدراكاً لهذا الأمر من الجانبين التركي والسوري، وكذلك من جانب روسيا، التي تبذل جهوداً من أجل إنجاح المفاوضات.

وعن إمكانية عقد لقاءات وزارية جديدة على غرار اللقاءات السابقة بين وزراء الخارجية والدفاع وأجهزة المخابرات، ضمن مسار آستانة، لم تستبعد المصادر حدوث ذلك.

والشهر الماضي قال إردوغان إنه سيوجه دعوة للأسد؛ لبحث إعادة العلاقات بين البلدين لما كانت عليه قبل عام 2011، وقال الأسد إنه لا يمكن إجراء مثل هذه المحادثات إلا في إطار سيادة سوريا، والتركيز على قضايا جوهرية، بينها انسحاب القوات التركية من شمال سوريا.

مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف زار تركيا لبحث الملف السوري والاتصالات بين أنقرة ودمشق (الخارجية التركية)

الدور الروسي

وتُواصل روسيا تحركاتها المكثّفة، في إطار مبادرتها لتسريع توصّل تركيا وسوريا إلى إعادة العلاقات.

وفي هذا الإطار زار المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف أنقرة، في وقت سابق من أغسطس الحالي؛ لإجراء مشاورات حول الملف السوري.

والتقى لافرينتيف نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ، بحضور ممثّلين عن المؤسسات المعنية بالملف السوري في البلدين.

جاء ذلك بعد زيارة لافرينتيف إلى دمشق في 26 يونيو (حزيران) الماضي، أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، تضمّنت التحركات الهادفة لإعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها. وأبدى الأسد استعداده للتجاوب مع المبادرات المطروحة في هذا الصدد، في إطار سيادة سوريا.

لقاء إردوغان والأسد

والأسبوع الماضي قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن اللقاء بين إردوغان والأسد، قد يُعقد في دولة ثالثة حال الاتفاق عليه، لافتاً إلى أنه ليس هناك شيء ملموس في هذا الصدد حتى الآن.

وأضاف أن الجانب السوري مستعدّ لعقد اجتماع دون أي شروط مسبقة، قائلاً: «ما رأيته في اتصالاتي مع الطرف الآخر هو أنهم منفتحون على التفاوض، لا توجد شروط مسبقة تم إبلاغنا بها حتى الآن، وإذا كان هناك لقاء فسيُعقد في دولة ثالثة».

وتابع: «على سبيل المثال، عندما يقال: يجب على الجيش التركي أن ينسحب، أقول: لهذا السبب هناك حاجة إلى المفاوضات».

ولفت إلى أن «هناك خطوات يجب أن نتخذها في تركيا بالتعاون مع الدولة السورية، تشمل أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى عودة اللاجئين بشكل آمِن وحرّ، فنحن نتحدث عن دولة خرج منها ملايين الناس، ولا يمكن الحديث عن اقتصاد أو زراعة أو صناعة أو استثمار في بلد أكثر من نصف سكانه لاجئون».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان التقى قادة المعارضة السورية في أنقرة الخميس لبحث عملية التطبيع مع دمشق (الخارجية التركية)

الحوار مع المعارضة

وفي إطار الاتصالات الجارية حول إعادة العلاقات، بحث فيدان مع قادة المعارضة السورية خلال اجتماع في أنقرة، الخميس الماضي، التطورات الراهنة في سوريا، والمساعي المبذولة لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.

وقالت الخارجية التركية، في بيان، إن فيدان التقى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هادي البحرة، ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى.

وأكّد خلال الاجتماع دعم تركيا جهود الحوار والتفاوض الهادف والواقعي، الذي من شأنه تمهيد الطريق لحل سياسي شامل في سوريا، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254».

وقبل أيام من الاجتماع قال فيدان إن «المصالحة مع المعارضة هي مشكلة الحكومة السورية ومهمتها، تركيا تشجع اللقاء، لكنها لا تستطيع إجبار المعارضة عليه، ما نريده من الحكومة هو الجلوس مع المعارضة، ورؤية المشاكل، والبدء في مفاوضات للحل».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في مناقشة قمة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما ببيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذر تركيا من استضافة قيادات «حماس»

حذرت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تركيا من استضافة قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.