أميركا تكثف ضغوطها على إيران وإسرائيل لتفادي «حرب أوسع»

مسؤولون أميركيون: نبحث عن مسار مختلف لحفظ ماء وجه طهران

مقاتلات «إف - 22» تصل إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)
مقاتلات «إف - 22» تصل إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)
TT

أميركا تكثف ضغوطها على إيران وإسرائيل لتفادي «حرب أوسع»

مقاتلات «إف - 22» تصل إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)
مقاتلات «إف - 22» تصل إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)

كثفت الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية والعسكرية والسياسية لتجنب اندلاع حرب موسعة في الشرق الأوسط، كما أرسلت تحذيرات علنية، ومن خلال قنوات دبلوماسية سرية إلى إيران وإسرائيل، من تبعات وتداعيات تصعيد الصراع.

وشددت الإدارة الأميركية في رسالة لطهران على أن أي هجوم على إسرائيل سيحطم أي أمل في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، كما حذرت من عواقب وخيمة على الاقتصاد الإيراني وعلى الحكومة الإيرانية المنتخبة حديثاً، إذا أقدمت إيران على مهاجمة إسرائيل.

كما حذرت واشنطن، إسرائيل، من ضربة استباقية قد تعطي ذريعة للإيرانيين بتوجيه ضرباتهم الانتقامية، في وقت تكثف فيه واشنطن الاتصالات الدبلوماسية لخفض التصعيد والبحث عن مسار ينقذ ماء الوجه الإيراني سياسياً.

سفن حربية خلال تدريبات في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)

«لو ضربت إيران»

وقال مسؤول أميركي بارز للصحافيين مساء أمس (الخميس)، إن إيران إذا أقدمت على شن هجوم ضخم على إسرائيل مع وكلائها، فإن ذلك سيعرض التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة للخطر بشكل كبير.

وشدد المسؤول على أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لأي طارئ إذا شنت إيران هجوماً على إسرائيل، مسلطاً الضوء على الانتشار العسكري الأميركي الكبير في المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إيران أو «حزب الله» اللبناني سيتجنبان شن ضربة كبيرة ضد إسرائيل، أم لا، استجابة للمحاولات الأميركية لإحياء محادثات وقف إطلاق النار، أو استجابة للتحذيرات والتهديدات الأميركية، وما يمكن أن يعقب أي تحركات إيرانية انتقامية من ردود فعل عسكرية إسرائيلية - أميركية.

ويتفاءل مسؤولو البيت الأبيض بأن تلك المناورات السياسية وراء الكواليس ورسالة الترغيب والترهيب قد تنجحان في تهدئة الموقف، ومنه اندلاع حرب شاملة. وأشار دينيس روس الذي عمل مفاوضاً في قضايا الشرق الأوسط بإدارات ديمقراطية وجمهورية، إلى أن الدعوة لإحياء المحادثات يوم الخميس ترسم مساراً متفائلاً بعد مشاورات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأيضاً مناقشة موازية مع المصريين والقطريين و«حماس»، بما قد يؤدي إلى تطورات جيدة لم تتحقق من قبل.

ولا يقدم مسؤولو الإدارة الأميركية تقديرات حول شكل الرد الإيراني، وما إذا كانت إيران ستنسق ضربة مشتركة مع وكلائها في المنطقة، رغم أن تقارير إعلامية أميركية تشير إلى أن «حزب الله» قد يوجه ضربات بشكل مستقل في البداية.

نشر قوات أميركية

ويكثف البنتاغون تعزيزاته العسكرية في المنطقة، ويشارك الجنرال مايكل كوريلا رئيس القيادة المركزية الأميركية، في الاجتماعات الأمنية والعسكرية بإسرائيل، في زيارة هي الثانية خلال أسبوع.

وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، نشر أصول عسكرية إضافية في المنطقة؛ منها طائرات «إف 22»، لتعزيز حماية القوات الأميركية وتنسيق الدفاعات لإسرائيل، للرد على أي ضربات محتملة من إيران، إضافة إلى حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن»، وطرادات ومدمرات إضافية مجهزة لعمليات الدفاع الصاروخي.

وأشارت تسريبات إلى أن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان يخوض صراعاً مع الحرس الثوري، لمحاولة منع حرب شاملة مع إسرائيل، وتقويض السعي لتوجيه ضربات انتقامية عدوانية ضد إسرائيل.

وتدور نقاشات بين جنرالات «الحرس الثوري» لتوجيه ضربات عسكرية تستهدف قواعد عسكرية داخل إسرائيل، مع تجنب الخسائر المدنية، بينما يقترح بزشكيان استهداف قواعد إسرائيلية تابعة للموساد ووكالة الاستخبارات الإسرائيلية في دول مجاورة لإيران (مثل أذربيجان أو كردستان العراق)، وإبلاغ تلك الدولة بالضربة، بما يخفض من فرص اشتعال الصراع ويتجنب عواقب وخيمة، وفقاً لما نقلته «تلغراف».

وقالت الصحيفة إن بزشكيان قدم أيضاً اقتراحات بزيادة تسليح «حزب الله» بأسلحة أكثر تطوراً وجعلهم يقاتلون إسرائيل وحدهم، بينما أكدت مصادر أن تحديد كيفية رد إيران يقع في يد المرشد علي خامنئي.


مقالات ذات صلة

خامس جولات المحادثات الإيرانية-الأميركية تنتهي بـ«تقدم غير حاسم»

شؤون إقليمية مركبات الوفد الإيراني تغادر السفارة العُمانية في روما بعد نهاية الجولة الخامسة (رويترز)

خامس جولات المحادثات الإيرانية-الأميركية تنتهي بـ«تقدم غير حاسم»

انتهت خامسة جولات المحادثات الإيرانية - الأميركية في روما بعد 3 ساعات من انطلاقها. وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن المحادثات أحرزت «تقدماً غير حاسم»

«الشرق الأوسط» (لندن - روما)
شؤون إقليمية مسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون (خلف) الذي يتولى الجوانب الفنية يصل إلى السفارة العُمانية حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات الأميركية - الإيرانية في روما الجمعة (رويترز)

استئناف المفاوضات الإيرانية - الأميركية في روما وسط «الخطوط الحمراء»

وصل الوفدان الإيراني والأميركي إلى العاصمة الإيطالية روما لاستئناف المفاوضات النووية، في جولة حساسة تطغى عليها خلافات جوهرية، أبرزها مستقبل تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية 
عناصر شرطة وصحافيون أمام مدخل سفارة سلطنة عمان في روما حيث جرت ثاني جولة تفاوض بين الولايات المتحدة وإيران أمس (أ.ب)

طهران تحذر من استهداف منشآتها عشية مفاوضاتها مع واشنطن

أطلقت إيران تحذيرات لواشنطن وتل أبيب من أي عمل عسكري يستهدف منشآتها النووية، في وقت يترنح فيه المسار الدبلوماسي في ظل تشبث الطرفين «الإيراني والأميركي».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتحدث إلى وسائل إعلام (إ.ب.أ)

وزير الخارجية الإيراني: لا اتفاق مع أميركا من دون «ضمانات»

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الجانب الأميركي، بحسب تصريحاته العلنية، لا يعترف أصلاً بحق إيران في التخصيب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية عراقجي يتحدث خلال مقابلة مع قناة «الشرق»

عراقجي لقناة «الشرق»: تخصيب اليورانيوم العقبة الرئيسية في المفاوضات

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة خاصة مع قناة «الشرق» إن العقبة الرئيسية في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة تكمن في ملف تخصيب اليورانيوم.

«الشرق الأوسط» (دبي)

عضو من «الليكود» ينضم إلى مهاجمي سياسة الحرب على غزة

طفل فلسطيني يقف خارج منزل دمرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف خارج منزل دمرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

عضو من «الليكود» ينضم إلى مهاجمي سياسة الحرب على غزة

طفل فلسطيني يقف خارج منزل دمرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف خارج منزل دمرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ارتفعت الأصوات المعارضة لتوسيع العملية الإسرائيلية في قطاع غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه بدأ مرحلة جديدة في عمليته الحالية «عربات جدعون» التي تهدف إلى احتلال ثلاثة أرباع القطاع.

ووجّه عميت هليفي (من حزب الليكود)، في تصريح نادر، انتقادات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، مؤكداً أنهما لا يملكان خطة واضحة لحسم الحرب في قطاع غزة، ومتّهماً إياهما بتضليل الرأي العام بشأن حجم الإنجازات المحققة.

وقال هليفي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «هذه حرب احتيالية. لقد كذبوا علينا بشأن إنجازات الحرب. نحن في خطة قتال فاشلة منذ 20 شهراً. دولة إسرائيل غير قادرة على حسم الحرب مع (حماس). هناك فجوات كبيرة بيننا وبين أعدائنا. في كل الحروب عرفنا كيف نهزم أعداءنا، لكن لا نستطيع ذلك مع (حماس). يتحدثون هنا بمفاهيم ذات أبعاد سياسية لا عسكرية: تدمير، تفكيك، ضرب، لكن لا يوجد حسم». وعدّ هليفي أن نتنياهو كان يجب أن يحسم الحرب سريعاً.

وجاءت تصريحاته بعد أيام من فصله من عضوية لجنة الخارجية والأمن من قِبل حزب «الليكود»، على الخلفية نفسها.

وكانت «يديعوت أحرونوت» قد كشفت أن هليفي صوّت يوم الأحد في اجتماع لجنة الخارجية والأمن ضد توجه حزبه والحكومة من أجل تمديد أوامر استدعاء جنود الاحتياط.

وكانت الائتلاف قد فشل في الجلسة السابقة في حسم المسألة، كما فشل هذه المرة بشكل صارخ بعد أن انضم هليفي بشكل غير معتاد إلى أعضاء المعارضة وصوّت ضد قرار الائتلاف.

وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن هذا الموقف أثار مشادة كبيرة بين هليفي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. وبعد أن استمع كاتس إلى هليفي، هاجمه قائلاً: «أنت لا تفهم شيئاً»، وصرخ: «أنت تتحدث بالهراء». فردّ عليه هليفي: «لا توجد اليوم خطة عملياتية، يمكن أن تحسم المعركة ضد (حماس)».

ووفق «يديعوت أحرونوت»، فإن كاتس هاجم في يوم لاحق، عبر مجموعة داخلية لأعضاء «الليكود»، هليفي وشبّهه برئيس حزب الديمقراطيين، النائب يائير غولان. ووصف كاتس هليفي بالجاهل وطالب بإسقاطه.

وعندما سألت «يديعوت أحرونوت» هليفي عن قرار فصله، قال إنه «من المحزن أن يتم فصل نائب لأنه قام بعمله. تم إرسالي للإشراف على أداء الحكومة والجيش. أطرح أسئلة، ولا أحصل على معلومات، أرسل رسائل وأتلقّى أجوبة مراوغة. ثم يُطلب مني أن أكون ختماً مطاطياً، وأرسل الجنود لخطة عملياتية لن تحقق الحسم!».

قوات إسرائيلية على حدود قطاع غزة يوم الخميس (أ.ف.ب)

ورفض هليفي الردّ على كاتس، وقال إنه لن يضيّع وقته، لكن على كاتس أن يجيب عن الأسئلة التي يطرحها حول الحرب وليس أن يصرخ ويهين ويشتم ويهاجم.

والانتقادات العلنية المفاجئة من هليفي جاءت بعد أيام من تصريحات غولان، التي أثارت عاصفة سياسية في إسرائيل وجدلاً واسعاً، بعدما قال إن أي «دولة عاقلة لا تشن حرباً على المدنيين، ولا تقتل الأطفال هواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان».

وانتقادات هليفي وغولان تُخيم على قرار الجيش توسيع العملية العسكرية في غزة.

وقالت هيئة البث الرسمية (كان) إن الجيش يستعد لتنفيذ مرحلة جديدة وقوية من العمليات العسكرية في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة.

ووفقاً للتقديرات العسكرية، فإن الخطة تشمل إدخال ألوية إضافية إلى القطاع، بحيث تعمل 5 فرق عسكرية على الاستيلاء على أراضٍ في شمال غزة ووسطها، وتطبيق «نموذج رفح» في جميع المناطق التي تصل إليها القوات الإسرائيلية. وتشير التقديرات إلى أن الجيش يهدف للسيطرة على ما يتراوح بين 70 و75 في المائة من أراضي القطاع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

والسبت، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر منصة إطلاق صواريخ شمال قطاع غزة كانت استُخدمت، الجمعة، في إطلاق النار على البلدات الحدودية، كما أنه قتل مسلحين ودمر مباني مفخخة وبنية تحتية تحت الأرض.

كما قصف سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 100 هدف في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة المنصرمة، بما في ذلك مواقع للمسلحين ومبانٍ عسكرية وأنفاق. وتسببت الضربات الإسرائيلية في مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، فيما أفيد بمقتل 9 أطفال من عائلة واحدة.

إلى ذلك، أكّد رئيس اتحاد جمعيات الصليب والهلال الأحمر جاغان تشاباغان السبت، مجدداً ضرورة ضمان الوصول الآمن وبلا عوائق للمساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، الذين يواجهون خطر المجاعة.

وأضاف تشاباغان عبر منصة «إكس» أن الإمدادات الغذائية الأساسية لم تعد متوفرة في الأسواق أو نقاط التوزيع، وأن سكان غزة يعيشون ظروفاً هي الأسوأ منذ 19 شهراً.

وشدّد رئيس اتحاد جمعيات الصليب والهلال الأحمر على أن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية لأكثر من مليون نازح في غزة أصبح مستحيلاً. وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد حذّر الخميس من أن قطاع غزة ما زال يواجه خطر المجاعة رغم استئناف بعض المخابز عملها، إثر دخول شاحنات تحمل مساعدات إلى القطاع.