إيران تتكتم على تدريبات عسكرية... وتقديرات بتراجعها عن ضرب إسرائيل

سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخطين الفارسي والعبري: «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان «فلسطين» بطهران (إ.ب.أ)
سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخطين الفارسي والعبري: «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان «فلسطين» بطهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تتكتم على تدريبات عسكرية... وتقديرات بتراجعها عن ضرب إسرائيل

سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخطين الفارسي والعبري: «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان «فلسطين» بطهران (إ.ب.أ)
سيارات تمر من أمام لوح إعلاني مناهض لإسرائيل كُتب عليه بالخطين الفارسي والعبري: «ابتسم لبعض الوقت لأنك ستبكي كثيراً قريباً» في ميدان «فلسطين» بطهران (إ.ب.أ)

تكتمت طهران على مناورات عسكرية أجرتها قواتها المسلَّحة في غرب البلاد، خلال وقت مبكر من يوم الخميس، في وقت رجّحت فيه مصادر أميركية أن تعيد إيران النظر في شن هجوم متعدد الجبهات على إسرائيل. وقال مسؤولون أميركيون إنهم رصدوا «استعداداً أقلّ من المتوقع» لدى القوات الإيرانية.

وتتهم إيران وجماعات متحالفة معها، ومنها «حماس» وجماعة «حزب الله» اللبنانية، إسرائيل باغتيال هنية في 31 يوليو (تموز) الماضي. وكان اغتيال هنية عملية ضمن سلسلة من عمليات اغتيال شخصيات كبيرة في «حماس» خلال الحرب. ولم يعلن المسؤولون الإسرائيليون مسؤوليتهم عن مقتل هنية.

وأعلنت قنوات إخبارية، تابعة لـ«الحرس الثوري»، على شبكة «تلغرام»، بداية مناورات عسكرية في غرب البلاد، مؤكدة تقارير عن إصدار إشعار لعمليات الطيران؛ لتجنب الطائرات المدنية المجال الجوي الإيراني.

وأعادت القنوات، في رسالة واحدة، القول إن «تدريبات عسكرية تجري، اليوم الخميس وغداً»، متحدثةً عن اختبار صواريخ «جو-جو» بعيدة المدى، من الساعة 4:30 إلى 7:30 صباحاً بالتوقيت المحلي: «هناك خطر إطلاق نار في بعض المناطق، وتم تحديد منطقة الخطر حتى ارتفاع 12 ألف قدم»، ولم تقدم تفاصيل أكثر عن طبيعة المناورات، أو القطاعات المشارِكة فيها.

ولم تتطرق وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية، بما في ذلك وكالتا «تسنيم» و«فارس» التابعتان لـ«الحرس الثوري»، للمناورات. وكانت تقارير قد ذكرت، في بداية الأسبوع، أن إيران نقلت صواريخ على متن منصات إطلاق متحركة إلى غرب البلاد، استعداداً لضرب إسرائيل.

ونفى رئيس مطار طهران الدولي، سعيد جالندري، التقارير التي تحدثت عن تحذير من دخول المجال الجوي لغرب إيران، لكنه لم يتضح ما إذا كان ذلك ينطبق على جميع أنحاء البلاد.

وقالت وزارة الطيران المدني المصرية، الأربعاء، إنها أمرت شركات الطيران المصرية بتجنب المجال الجوي الإيراني، لمدة ثلاث ساعات، في صباح الخميس، بعد إشعار من طهران للقيام بذلك بسبب التدريبات العسكرية. وأشارت إلى تحذير إيراني مماثل، الأربعاء.

وحثّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، نظيره الإيراني مسعود بزشكيان على «الخروج من منطق الانتقام»، و«بذل كل ما في وسعه لتجنّب تصعيد عسكري جديد» في المنطقة.

وقال ماكرون: «يجب على إيران أن تلتزم بدعوة الجهات المزعزِعة للاستقرار التي تدعمها إلى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس لتجنب التصعيد». ونوّهت الرئاسة الإيرانية بأن بزشكيان شدّد لماكرون على ضرورة أن «تتوقف» الدول الغربية «فوراً» عن بيع الأسلحة لإسرائيل وتقديم الدعم لها.

وقال علي باقري كني، القائم بأعمال وزير خارجية إيران، في بيان، الأربعاء، إن رد إيران على مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، في طهران سيحدث «في الوقت الصحيح، وبالشكل المناسب».

ونشرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى «الأمم المتحدة» بياناً، رداً على سؤال ما إذا كانت إيران ستتراجع عن خططها للانتقام من إسرائيل، قالت فيه إن إيران تسعى لتحقيق أولويتين؛ الأولي هي التوصل إلي وقف إطلاق نار دائم في غزة، وانسحاب المحتلّين من الأرض، والأولوية الثانية هي الرد على انتهاك إسرائيل سيادة إيران، واغتيال هنية في طهران، ومنع تكرار هذا العدوان.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة نقلت رسالة إلى إيران وإسرائيل مفادها أنه يتعيّن عدم تصعيد الصراع في الشرق الأوسط.

و أفاد موقع «بولتيكو» بأن إدارة بايدن مارست ضغوطاً على طهران، عبر القنوات الدبلوماسية، خصوصاً حلفاءها في الشرق الأوسط. وقالت، في رسائل مفادها إنه إذا كان الانفجار الذي قتل هنية ناتجاً عن عملية إسرائيلية سرية، ولم يقتل أي مواطن إيراني، فعلى إيران إعادة تقييم خطتها لشن هجوم عسكري على إسرائيل.

وقال المسؤولون إنهم يتوقعون رداً إيرانياً على مقتل هنية، لكن يبدو أن طهران أعادت النظر، ولا تتوقع الولايات المتحدة هجوماً وشيكاً على إسرائيل.

في شأن متصل، نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن مسؤولين أميركيين، أن إيران لا تزال تزِن كيفية ردها. وقال مسؤول أميركي إن إيران قامت ببعض، وليس كل، الاستعدادات التي تتوقعها الولايات المتحدة قبل هجوم كبير على إسرائيل.

وقال مصدران مطّلعان للشبكة إن «حزب الله» يبدو بشكل متزايد أنه قد يهاجم إسرائيل بشكل مستقل عن أي نيات قد تكون لدى إيران. وقال أحد المصادر إن الجماعة الموالية لإيران في لبنان تتحرك بشكل أسرع من إيران في تخطيطها، وتسعى لضرب إسرائيل في الأيام المقبلة، دون سابق إنذار.

وأوضح مصدر أنه «من غير الواضح كيف أو ما إذا كانت إيران و(حزب الله) ينسقان بشأن هجوم محتمل في الوقت الحالي». وأضاف: «هناك شعور بين بعض المسؤولين بأن الجانبين قد لا يكونان متفقين تماماً».

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين، الأسبوع الماضي، إن واشنطن لا تتوقع صراعاً شاملاً في المنطقة بوصفه وشيكاً أو حتمياً، وإنها تعمل على منع حدوث ذلك.

ويقول المسؤولون في البيت الأبيض إن الإدارة لا تزال تتوقع رد فعل من إيران، رداً على اغتيال هنية، لكن يبدو أن الجهود الدبلوماسية والاتصالات الإقليمية المكثفة، والرسائل التحذيرية، دفعت طهران إلى إعادة النظر في موقفها.

ارتياح إسرائيلي

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حوار مع مجلة «التايم»، إنه يثمّن إرسال إدارة بايدن مجموعات قتالية ومجموعات حاملة طائرات إلى المنطقة، محذّراً من اقتراب إيران من الحصول على أسلحة نووية تهدد بتدمير إسرائيل، وتهدد سلام العالم. وقال: «نحن لا نواجه (حماس) فحسب، نحن نواجه محور إيران الإرهابي الذي يشمل (حماس) والحوثيين و(حزب الله) والميليشيات في سوريا والعراق، ويتعين علينا الدفاع عن أنفسنا».

وفي إجابته حول إمكانية التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، قال نتنياهو: «نعم، أعتقد أن هناك فرصة قائمة للتوصل إلى صفقة؛ لأن بعض العناصر الأكثر تطرفاً التي كانت تُعارض الاتفاق لم تعد معنا». ورفض نتنياهو التعليق على مسؤولية إسرائيل عن اغتيال هنية، وانتقاد الرئيس بايدن أن قتل هنية لم يكن مفيداً لمحادثات وقف إطلاق النار.

خدعة أم رسائل مزدوجة

واستبعد جيرشون باسكين، المفاوض الإسرائيلي السابق، أن تحدث انفراجة قريبة في مفاوضات وقف إطلاق النار، موضحاً، لشبكة «سي بي إس نيوز»، أنه ليس من المرجح تحقيق تقدم، ما لم يغير نتنياهو مساره، أو أن يجدوا السنوار ويقتلوه». في حين حذَّر برايان كاتوليس، الباحث بمعهد الشرق الأوسط، من أن محاولة إقناع العالم بأن اتفاق وقف إطلاق النار أصبح في متناول اليد قد تكون خدعة كبيرة في السياسة الخارجية الأميركية، أو رسالة استراتيجية لتحفيز الأطراف، خصوصاً إيران، على التصرف بضبط النفس». وأضاف: «يمكن أيضاً أن يكون تحذيراً لإسرائيل أنه إذا ساءت الأمور فسوف تقع المسؤولية على إسرائيل في لعبة توجيه اللوم». وأوضح أن الأمور قد تسير في اتجاهين متعارضين؛ إما النجاح في التوصل لوقف إطلاق النار، وإما الفشل والتوجه إلى اندلاع حريق إقليمي».

ويقول دينيس روس، المفاوض الأميركي المخضرم في محادثات السلام العربية الإسرائيلية، في مقال بمجلة «فورين بوليسي»، إن هدف إنهاء الحرب في عزة قد يكون غير واقعي، خصوصاً عقب الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل لكبار قادة «حزب الله» و«حماس»، وتهديد إيران و«حزب الله» بالرد عليها، مما قد يدفع المنطقة إلى حرب شاملة لا يريدها أحد. ويشير إلى أن نتنياهو قد لا يقاوم الجهود الأميركية؛ لأنه يعلم أنه من دون التدخل الأميركي، لن يكون قادراً على التوصل إلى اتفاق لتحرير الرهائن الذين لا تزال «حماس» تحتجزهم في غزة، كما يدرك أنه إذا أراد بديلاً لـ«حماس» في حكم غزة، فإنه يحتاج إلى دول عربية رئيسية مثل الإمارات ومصر والمغرب، للعمل مع الولايات المتحدة وجهات أخرى لإنشاء إدارة موقتة في غزة تتولى مسؤولية الحكم والأمن.

ويوضح روس أن التوقيت يتماشى مع حقائق سياسية إسرائيلية، حيث سيكون الكنيست في عطلة حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومن ثم يكون من الصعب إسقاط حكومة نتنياهو، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وستكون لديه المساحة السياسية لاتخاذ قرارات صعبة. ويتماشى التوقيت أيضاً مع التوقيت الأميركي للتوصل إلى هذا الاتفاق قبل الانتخابات الأميركية. ويؤكد السياسي المخضرم أنه دون حشد أميركي من إدارة بايدن، لن تنتهي الحرب، ولن يكون هناك أي أمل في التوصل إلى اتفاق.

من جانبه، حذّر آرون ديفيد ميللر، المفاوض الأميركي السابق والزميل البارز في معهد كارنيجي، من الاقتراب من حرب إقليمية كبرى، مشدداً على أهمية الجهد الأميركي لتجنب الانزلاق إلى هذه الحرب.


مقالات ذات صلة

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تُعِد لمناورات واسعة لـ«ردع تهديدات» إسرائيل

أعلن مسؤول عسكري كبير في إيران تنظيم مناورات عسكرية واسعة، براً وجواً وبحراً، تأخذ طابعاً هجومياً دفاعياً، خلال الأيام المقبلة، بهدف «ردع تهديدات الأعداء».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تستعد لمناورات «ضخمة» وسط التوتر مع إسرائيل

أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية عن تنظيم مناورات عسكرية شاملة «هجومية - دفاعية»، بهدف التصدي لـ«التهديدات» المحتملة بما في ذلك إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص امرأة إيرانية تمشي أمام لوحة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران (أ.ف.ب)

خاص إيران في ربع قرن... صراع «الثورة» والدولة

مع انقضاء ربع قرن من الألفية الثالثة، تبلغ «الثورة الإسلامية» في إيران منتصف عقدها الرابع بأسئلة عن الصراع بين الآيديولوجية والمصالح في عالم متغير.

عادل السالمي (لندن)

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
TT

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)

على الرغم من التنافس الخفي بين إسرائيل وتركيا على «الكعكة السورية»، والعداء السافر في الخطابات السياسية لقادتهما، تحرص تل أبيب وأنقرة على إبقاء قنوات حوار مفتوحة بينهما، من خلال رغبة مشتركة في ألا يسمحا بالتدهور إلى صدام حربي بينهما على الأراضي السورية.

ووفق مصادر سياسية مطلعة، يدرك كل منهما أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحدث تغييراً جوهرياً في خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط. وترى إسرائيل أن دخولاً متجدداً لتركيا بصفتها قوة عظمى إقليمية، من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة معها.

نشوة المكاسب

وترى تركيا بالمقابل، أن إسرائيل تعيش في نشوة المكاسب التي حققتها في الحرب مع «حماس» و«حزب الله» ومع إيران وفي سوريا. وكل منهما تتابع نشاط الأخرى على الأرض السورية منذ فترة طويلة.

فقد عملت تركيا، وتعمل من خلف الكواليس في الثورة في سوريا، منذ عام 2011، وتستثمر مقدرات اقتصادية وعسكرية بداية كي تضرب الإقليم الكردي، وتمنع ارتباطاً بينه وبين الإقليم الكردي في تركيا.

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

فتركيا لديها تطلعات إمبريالية في المنطقة، بما في ذلك العودة لأن تكون نوعاً من الإمبراطورية العثمانية، في سوريا في المرحلة الأولى، حسب د. جاي إيتان كوهن ينروجيك، خبير في الشؤون التركية في مركز «موشيه دايان» في جامعة تل أبيب.

ويقول: «نجحت تركيا بخطوة سريعة في دحر إيران وروسيا من سوريا، وتسعى لملء الفراغ الناشئ بسقوط الأسد، الذي يعد نجاحاً فاق التصورات».

ويضيف: «في الأيام الأخيرة تصدر بيانات عن الحكم التركي، بما فيها على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن نياتهم بالنسبة للإقليم الكردي في سوريا، ولكن أيضاً بالنسبة لأجزاء أخرى من سوريا، بما فيها المحافظات الجنوبية».

وضمن أمور أخرى، أعلن الأتراك عن نيتهم إعادة شق سكة القطار الحجازي؛ إسطنبول دمشق، بالتوازي مع شق طريق سريع بين تركيا وسوريا، وإقامة مطارات وموانئ تركية في سوريا، وذلك إلى جانب ضم أجزاء من سوريا، ما ينزع المياه الاقتصادية من قبرص، ويمنع تمديد أنابيب الغاز التي تربط بين إسرائيل وقبرص واليونان.

تحالفان مركزيان

ويضيف: «هذه الخطوة ستؤدي إلى تحالفين مركزيين في المنطقة؛ التحالف الإسرائيلي، الذي سيتشكل من قبرص واليونان، وإلى جانبهما دول إقليمية أخرى، وبالمقابل تحالف تركيا، مع سوريا ولبنان وليبيا». ويتابع جهاز الأمن الإسرائيلي بقلق الخطوات التركية؛ لكنه لا يكتفي بالقلق، ولا يقف متفرجاً، بل قام بتدمير الجيش السوري واحتلال مقاطع واسعة من الجنوب الغربي لسوريا.

ويقول الإسرائيليون إن القيادة الجديدة في سوريا، ومن خلفها تركيا، لم تتوقع التدهور الذي حصل لنظام الأسد بهذه السرعة والسهولة، وهم قصدوا السيطرة على حلب، وليس الاحتلال السريع لكل سوريا.

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق قبل أيام (رويترز)

جاء ذلك ليفتح شهية أنقرة، ويغذي تطلعاتها الإمبريالية. وهم ينظرون إلى تركيا بصفتها «دولة عظمى إقليمياً، مع سكان يبلغ عددهم 84 مليون نسمة، واقتصاد يحتل المرتبة الـ17 في العالم، وقوة إنتاج ناجعة على نحو خاص، وقوة بحرية عسكرية كبيرة ومهمة، وسلاح جوها مثل سلاحنا في العدد، وإن لم يكن في النوعية، ولديهم أيضاً قوة برية مهمة وقوية».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه، وعلى الرغم من العداء السياسي، لا تزال هناك علاقات أمنية، وأنه يُجرى حوار بين الدولتين، بما في ذلك على مستويات العمل الأمني. وكلا الطرفين ينتظر دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، والذي يعد المجهول الأكبر.

سيناريوهان

وفي تل أبيب يستعدون لسيناريوهين مركزيين في هذا الشأن؛ الأول أن يسعى ترمب للعمل بقوة حيال إيران، ويسعى لترتيب المنطقة، وخلق تحالف من الاتفاقات بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة. وهكذا يبث للروس وللصينيين أيضاً القوة، وبعد أشهر من القتال ينشأ واقع هدوء إقليمي وقوة أميركية، ما يتيح له استمرار فترة ولاية هادئة، في ظل التركيز على الشؤون الداخلية والاقتصاد الأميركي.

ولكنّ هناك سيناريو ثانياً، ومعاكساً، وهو أن تهمل الولايات المتحدة النشاط العسكري في المنطقة، بل إنها يمكنها أن تسمح لتركيا بأن تستنفد تطلعاتها في سوريا، مقابل أن تسمح للأميركيين بحرية العمل التي يريدونها في المنطقة. الثمن الفوري سيدفعه الأكراد، الذين يريد الأتراك رأسهم الآن.

وبناءً على التطورات الجديدة، تحاول إسرائيل تثبيت وجودها في المشهد السوري، وربما أيضاً في لبنان. فهناك، ينوي الجيش الإسرائيلي التراجع عن ترتيباته لوقف النار في لبنان، وربما يعود إلى استئناف القتال بالكامل، في انتهاء فترة وقف النار بعد 60 يوماً. وقد أبدت إسرائيل أكثر من تلميح على هذا التصميم، حين هاجم سلاح الجو في البقاع عمق لبنان، ودمر مخازن سلاح كبيرة لـ«حزب الله»، بحجة أنها نقلت فقط في الأيام الأخيرة من سوريا إلى لبنان، وأكد أن قواته لن تنسحب من الجنوب اللبناني كما ينص الاتفاق.