تركيا: «المحكمة الدستورية» تلغي جزءاً من مرسوم أصدره إردوغان

وجدت أن بعض مواده تتعارض مع «حرية الصحافة والتعبير»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه كلمة في 20 يوليو الماضي (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه كلمة في 20 يوليو الماضي (أ.ب)
TT

تركيا: «المحكمة الدستورية» تلغي جزءاً من مرسوم أصدره إردوغان

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه كلمة في 20 يوليو الماضي (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه كلمة في 20 يوليو الماضي (أ.ب)

ألغت المحكمة الدستورية في تركيا بعض مواد مرسوم رئاسي يتعلق بإدارة «الاتصال الاستراتيجي والأزمات»، لتعارضها مع النصوص الدستورية المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير. وكانت هذه المواد قد تمّ إنشاؤها ضمن مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية، بهدف «مكافحة التلاعب والتضليل الإعلامي».

وقالت المحكمة، في بيان رسمي بعد نشر قرارها في الجريدة الرسمية، الجمعة، إنها نظرت في الطلب المُقدّم من 137 نائباً برلمانياً بحزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة، بشأن إلغاء وتعليق تنفيذ بعض مواد المرسوم الرئاسي الصادر في 17 سبتمبر (أيلول) عام 2020، على أساس أنها «غير دستورية».

مخالفة للدستور

تضمّن الطلب المقدم من حزب الشعب الجمهوري أن الواجبات المتعلقة بالاتصال الاستراتيجي وإدارة الأزمات المنوطة بالرئاسة بموجب القواعد، يجب أن ينظمها القانون لأنها تتعلق بحرية الاتصال والصحافة، وأن الحقوق والحريات الأساسية لا يمكن تنظيمها بمرسوم رئاسي، كما أنه لم يتم تحديد المبادئ والإطار العام للتدابير الواجب اتخاذها ضمن نطاق الواجبات المنصوص عليها بما لا يتعارض مع الدستور.

وجاء في قرار المحكمة أن «المادة 104 من الدستور تنصّ على أنه لا يجوز المساس بالحقوق الأساسية، والحقوق والواجبات الشخصية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني من الدستور، والحقوق والواجبات السياسية في الفصل الرابع، ولا يمكن تنظيمها بمراسيم يصدرها رئيس الجمهورية».

وقضت المحكمة الدستورية بأنه «من الواضح أن التدابير التي يتعين اتخاذها والأنشطة التي يتعين القيام بها، وفقاً للقواعد المعنية، ستشكّل تدخلاً في حرية التعبير عن الفكر ونشره وحرية الصحافة».

وجاء في قرار المحكمة أنه «في هذا السياق لوحظ أن القواعد، من حيث نطاقها، تتضمن ضوابط تتعلق بالحقوق والواجبات الشخصية الواردة في القسم الثاني من الباب الثاني من الدستور، وتقرر إلغاؤها من حيث الموضوع».

قرارات سابقة... وجدل «إنستغرام»

سبق أن ألغت المحكمة الدستورية، في قرارات أصدرتها في يونيو (حزيران) الماضي بموجب طلب مقدم من حزب الشعب الجمهوري، العديد من صلاحيات الرئيس رجب طيب إردوغان، وسحبت منه سلطة إصدار مراسيم بقوانين تُعدّ تدخلاً في استقلالية مؤسسات الدولة، وذلك بما يتوافق مع تعديلات الدستور الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 والتي دخلت حيّز التنفيذ عام 2018.

حجبت السلطات الوصول إلى منصة «إنستغرام» الجمعة (أ.ف.ب)

ونشرت المحكمة الدستورية قرارها بشأن إلغاء بعض مواد المرسوم الرئاسي لإدارة الاتصالات الاستراتيجية والأزمات بالرئاسة التركية، عبر «إنستغرام» بعد نشره في الجريدة الرسمية، لكنه أُزيل بعد قليل بسبب حجب مديرية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية الوصول إلى المنصة على خلفية انتقاد رئيس مديرية الاتصال بالرئاسة، فخر الدين ألطون، يوم الأربعاء، المنصة بسبب ما وصفه بقرارها منع منشورات التعازي في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية.

كما نشرت المحكمة قرارها عبر منصة «إكس»، لكنه اختفى بعد فترة وجيزة أيضاً، وبات متعذراً الوصول إلى حسابها. لكنها أصدرت، لاحقاً، بياناً أوضحت فيه أن عدم القدرة على الوصول إلى حساباتها على المنصات المختلفة يرجع إلى الازدحام الشديد في عمليات الدخول إليها.


مقالات ذات صلة

تزايد التوتر بين تركيا وإسرائيل بعد «الحداد الوطني» على هنية

شؤون إقليمية تنكيس علم تركيا على مقر سفارتها في تل أبيب الجمعة (رويترز)

تزايد التوتر بين تركيا وإسرائيل بعد «الحداد الوطني» على هنية

زادت حدة التوتر بين أنقرة وتل أبيب على خلفية إعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الحداد على رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة تعبيرية لعلم تركيا على أحد المباني من بكسباي

إسرائيل تستدعي نائب سفير تركيا بسبب تنكيس علم السفارة حداداً على هنية

استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية نائب السفير التركي، الجمعة، لتوبيخه بعد أن نكست السفارة التركية في تل أبيب علمها حداداً على إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في قمة «الناتو» 11 يوليو 2023 (رويترز)

إردوغان لبايدن: إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق حرب غزة

قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ نظيره الأميركي جو بايدن بأن إسرائيل تحاول توسيع نطاق حرب غزة ولا تريد وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا جلسة سابقة للبرلمان التركي (أرشيف - رويترز)

المحكمة الدستورية في تركيا: تجريد برلماني معارض مسجون من مقعده «باطل ومُلغى»

قضت المحكمة الدستورية في تركيا بأن قرار البرلمان بخصوص تجريد النائب المعارض المسجون جان أتالاي من مقعده «باطل ومُلغى».

«الشرق الأوسط» (إسطنبول )
الاقتصاد سائحون في أحد المراكب بمضيق البوسفور في تركيا يشاهدون الدلافين في الماء (أ.ف.ب)

تركيا تلجأ إلى الضرائب لتمويل موازنتها العامة

فرضت الحكومة التركية ضريبة مقتطعة تتراوح بين 5 و7.5 في المائة على ودائع الليرة، وأعلنت عن زيادة جديدة في أسعار استهلاك الغاز.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تطلب مساعدة «الأصدقاء والحلفاء» لمواجهة هجوم متعدد الجبهات

صورة تعود لـ1 أبريل 2015 خلال اختبار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الجديد «مقلاع داود» (رويترز)
صورة تعود لـ1 أبريل 2015 خلال اختبار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الجديد «مقلاع داود» (رويترز)
TT

إسرائيل تطلب مساعدة «الأصدقاء والحلفاء» لمواجهة هجوم متعدد الجبهات

صورة تعود لـ1 أبريل 2015 خلال اختبار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الجديد «مقلاع داود» (رويترز)
صورة تعود لـ1 أبريل 2015 خلال اختبار لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الجديد «مقلاع داود» (رويترز)

جنباً إلى جنب مع تهديد إيران بالرد القاسي على أي «هجوم غير متناسب»، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الحكومة الإسرائيلية تجري اتصالات مع الدول الصديقة والحليفة لحشد التعاون في مواجهة هجوم متعدد الجبهات.

وفي هذا الإطار جاء اتصال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مع البيت الأبيض؛ حيث أجرى مكالمة مع الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، حول سبل التصدي المشترك لهجوم بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، فأخبره بايدن بأن القوات الأميركية في المنطقة أجرت تجهيزات جديدة لقواتها كي تجهض أي هجوم يهدد إسرائيل، لكنه طلب منه التعاون مع جهود الولايات المتحدة لتخفيف التوتر في المنطقة والامتناع عن الانزلاق لحرب إقليمية.

الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن (أرشيفية - أ.ب)

وطلب نتنياهو زيادة كميات الأسلحة والذخيرة، وتحرير القنابل الذكية، فوعده بايدن بذلك من دون أن يبدي تحفظاً على القنابل الذكية التي كان قد قرر تأخير إرسالها لإسرائيل.

وقالت المصادر إن بايدن انتقد اغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، وقال له إن هذا الاغتيال لن يساعد على وقف التوتر الحربي، لكنه وعده بوضع القدرات الأميركية لمنع تهديد إسرائيل. وطلب ألا يكون الرد الإسرائيلي على هجوم إيراني، أياً كان، بشكل يقود إلى تصعيد خطير، فأجاب نتنياهو بأنه لن يمر بشكل عادي على هجوم يتسبب في مقتل مدنيين إسرائيليين. وفي أعقاب هذه المكالمة، قالت مصادر أميركية إن بايدن يعتقد أن جميع الأطراف تدرك خطورة الوضع، وليست معنية بإشعال حرب.

نظام «القبة الحديدية» الدفاعي الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

وقدم الناطق بلسان الجيش، دانيال هغاري، بياناً للصحافة قال فيه إن الجيش يجري تقييمات متتابعة للتطورات وكيفية تجاوب الجبهة الداخلية، وأكد أنه لا توجد تعليمات خاصة في الوقت الحاضر، وأضاف: «لدينا شبكة دفاع قوية جداً مع الحلفاء والشركاء الدوليين الذين قاموا باستعدادات خاصة بهم للمشاركة، ومساعدة إسرائيل في مواجهة التحديات والتهديدات. ودعا إلى اليقظة والالتزام بالتعليمات المقبلة.

وكانت إسرائيل قد أعلنت أنها تستعد لأسوأ الاحتمالات للرد الإيراني على اغتيال هنية، بما في ذلك شن هجمة متعددة الجبهات من طهران ولبنان والعراق واليمن وسوريا وغزة وحتى الضفة الغربية في آنٍ واحد، أو اتباع نهج الرد المنفرد لكل واحدة من هذه الأذرع. ومع أنها تدعي أنها غير معنية بحرب شاملة، فإنها تأخذ في الحسبان خطر التدهور إلى هذا الحد؛ ولذلك، فقد أعلنت عن أكبر حالة استنفار، منذ الرد الإيراني على اغتيال محمد زاهدي في دمشق في أبريل (نيسان) الماضي، وقالت إنها تتوقع أن يكون الرد الإيراني هذه المرة أقسى؛ لأن اغتيال هنية في قلب طهران يعد ضربة جارحة للكرامة الوطنية.

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

وأكدت أنه جرى نشر بطاريات القبة الحديدية ومقلاع داود وغيرهما من بطاريات الدفاع الجوي، لمواجهة هجوم بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك منطقة تل أبيب، وألغت الإجازات في الجيش وبقية الأجهزة الأمنية، وقلصت حجم حركة الطيران المدني، وأصدرت أوامر إغلاق عشرات المصانع التي توجد فيها مواد خطيرة، وتبعد عن الحدود اللبنانية مسافة تصل حتى 40 كيلومتراً، وقررت تكثيف الدوريات الحدودية مع الضفة الغربية وقطاع غزة، واتخذت إجراءات غير معلنة للجبهة الداخلية ولقوات سلاح الجو.

وعقد نتنياهو جلسة تقدير عميق لنشاط الجبهة الداخلية، ومدى الاستعداد لحالة نشوب حرب. وقال إن إسرائيل لديها جاهزية عالية لكل تطور، في الدفاع والهجوم على السواء.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط جنود (أرشيفية - أ.ب)

وعقد المدير العام لديوان رئيس الوزراء، يوسي شيلي (الذي عُيِّن سفيراً في أبو ظبي)، اجتماعاً طارئاً عبر الزووم مع المديرين العامّين لجميع الوزارات، لغرض الإعداد لفتح كل أنظمة الطوارئ الحربية والأماكن المحمية والملاجئ في وقت قياسي في حال وجود إنذارات. وألقى رئيس سلطة الطوارئ الوطني في وزارة الأمن، العميد يورام لاردو، محاضرة حول السيناريوهات المتوقعة لهجوم المحور الإيراني، وعرض مديرو وزارات الداخلية والصحة والمالية والطاقة والمواصلات تقارير عن الاستعداد في وزاراتهم. وقال لهم شيلي إن عليهم ضمان ألا تقع البلاد في حالة هلع. وجرى في الاجتماع فحص نقل المرضى في المستشفيات من الطوابق العليا إلى المناطق الآمنة تحت الأرض. وفحص احتمال انقطاع التيار الكهربائي والعمل في الظلام. كما جرى فحص استعدادات شبكة الهواتف وضمان استمرار عملها. وجرى فحص خطة وزارة المواصلات لجلب إسرائيليين إلى البلاد من الخارج بشكل منظم. وجرى فحص مدى جاهزية مدن مختلفة لاستقبال نازحين من مناطق الحرب. وفحص احتمال النقص في عمال في المصانع الحيوية والحشد لمنع النقص في الغذاء.

وزوّدت المخابرات الإسرائيلية الوزراء بهواتف تعمل بالأقمار الاصطناعية تحسباً لانهيار شبكة الاتصالات.