أنقرة تنفي تقارير عن لقاء إردوغان والأسد في موسكو

تركيا حذّرت من خطر «الانفصال الكردي»... وتصعيد حاد في منبج

قصف تركي على مواقع تابعة لـ«مجلس منبج العسكري» (إكس)
قصف تركي على مواقع تابعة لـ«مجلس منبج العسكري» (إكس)
TT

أنقرة تنفي تقارير عن لقاء إردوغان والأسد في موسكو

قصف تركي على مواقع تابعة لـ«مجلس منبج العسكري» (إكس)
قصف تركي على مواقع تابعة لـ«مجلس منبج العسكري» (إكس)

نفت أنقرة ما تردد بشأن عقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد في موسكو، الشهر المقبل.

وقال مصدر كبير في وزارة الخارجية التركية، إن «الأنباء التي تفيد بأن الرئيس إردوغان سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو لا أساس لها من الصحة، ولا تعكس الحقيقة».

وجاء تصريح المسؤول التركي، الذي نقلته وسائل الإعلام التركية، الثلاثاء، رداً على ما نشرته قبل يوم صحيفة «صباح»، المعروفة بقربها من الحكومة، حول أن اجتماعاً مرتقباً بين إردوغان والأسد، في إطار إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا إلى سابق عهدها قبل عام 2011، سيُعقد في موسكو في أغسطس (آب) المقبل.

ونسبت الكاتبة في الصحيفة، ديلارا أصلان، إلى مصادر تركية مطلعة، أنه من المنتظر إجراء أول لقاء بين إردوغان والأسد في موسكو، في أغسطس المقبل، بوساطة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأشارت إلى أنه «من المحتمل أن يُطلب من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الانضمام إلى الاجتماع بين إردوغان والأسد، لكن يُعتقد أن إيران لن تُدعى لحضوره».

استقبال الأسد لإردوغان في دمشق خلال 2009 (أرشيفية)

وذكرت أن قضية انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية لن تُطرح بوصفها شرطاً مسبقاً، واتُّفق بالإجماع على بحثها في وقت لاحق على لقاء إردوغان والأسد.

وأعلن الأسد استعداده للقاء إردوغان «إذا كانت فيه مصلحة لسوريا»؛ لكنه أكد أن اللقاء ليس هو المهم وإنما ما سينتج عنه، مؤكداً أن الانسحاب التركي يجب ألا يُنظر إليه على أنه طلب أو شرط، وإنما مسألة مبدئية وأمر تتطلبه السيادة السورية بحكم القانون الدولي.

وعدّت أنقرة أن الإلحاح على سحب القوات التركية من سوريا في هذه الفترة «مسألة لا جدوى منها».

أرشيفية لتوقيف سوريين تمهيداً لترحيلهم من تركيا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، إن تركيا ستُنهي وجودها العسكري في سوريا حال تحقيق الاستقرار وتوافق النظام السوري والمعارضة على دستور جديد وإجراء انتخابات حرة.

وتحدث إردوغان، أكثر من مرة، عن دعوة الأسد إلى زيارة تركيا، بالتنسيق مع الرئيس الروسي، ثم دعاه لعقد لقاء في تركيا أو في بلد ثالث.

وتعتقد تركيا أن الجيش السوري لا يملك حالياً القدرة على تأمين الحدود المشتركة ومنع خطر قيام كيان كردي انفصالي تصفه بـ«الإرهابي» على حدودها الجنوبية.

مندوب تركيا لدى الأمم المتحدة أحمد يلدز حذّر من تدهور الوضع الإنساني في سوريا (الخارجية التركية)

تحذير من شرعنة الانفصال

في السياق ذاته، قال مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، إن حزب «العمال الكردستاني»، وذراعه السورية «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، يحاولان تعزيز أجندة الحزب الانفصالية في سوريا.

وشدد على أنه «لا ينبغي التعامل مع (المنظمات الإرهابية) بوصفها جهات فاعلة مشروعة»، في إشارة إلى الدعم الأميركي والغربي للوحدات الكردية، بصفتها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

ووصف يلدز، في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، ليل الاثنين - الثلاثاء، الوضع الإنساني في سوريا بـ«المرعب»، مضيفاً أن هذا الوضع يزداد سوءاً، وهناك 16.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، يعيش ربعهم في شمال غربي البلاد.

مخيم يؤوي الناجين من الزلزال الذي وقع في 6 فبراير 2023 في بلدة جندريس شمال سوريا كما بدا في 25 يناير الماضي (رويترز)

وأكد أن تبعات الوضع الإنساني في سوريا لا تؤثر فيها فحسب، وإنما على المنطقة وخارجها، محذراً من حركة لجوء جديدة.

ودعا يلدز إلى جلب التمويل المستدام لتوفير المساعدات، مؤكداً أن بلاده ستواصل تعاونها مع الأمم المتحدة، بشأن إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود. وطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة للتوصل إلى حل دائم للصراع من خلال رؤية متكاملة الأبعاد من النواحي السياسية والأمنية والإنسانية، مع الأخذ بعين الاعتبار تدهور الأوضاع في سوريا.

تصعيد في منبج

في غضون ذلك، تشهد خطوط التماس الفاصلة بين مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، ومناطق سيطرة قوات «مجلس منبج العسكري» وقوات «تحرير عفرين»، و«جبهة الأكراد»، التابعة لـ«قسد»، تصعيداً عنيفاً للأسبوع الثالث على التوالي، في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي.

صورة موزعة من «مجلس منبج العسكري» لمسيّرتين تركيتين أُسقطتا في ريف منبج (إكس)

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتكرار محاولات التسلل والقصف المدفعي المتبادل، ما خلف كثيراً من القتلى والمصابين لا سيما في صفوف الفصائل الموالية لتركيا.

وذكر أن القوات التركية والفصائل الموالية لها قصفت، بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، بقذائف المدفعية الثقيلة، وبشكل مكثف، معظم المحاور على امتداد خط التماس من مدينة أعزاز وحتى مدينة الباب، رداً على محاولات التسلل المتكررة التي نفذتها قوات «مجلس منبج العسكري»، وقوات «تحرير عفرين»، و«جبهة الأكراد»، على نقاط الفصائل ومواقعها، مخلفة قتلى وجرحى في صفوف عناصرها.

وأسقطت عناصر «مجلس منبج العسكري» مسيّرتين للقوات التركية في قرية توخار، في ريف منبج شرق حلب. وتبادل الطرفان القصف المدفعي العنيف بعد محاولة قوات «مجلس منبج» التسلل إلى مواقع فصائل الجيش الوطني على محور قرية وقاح شمال غربي مدينة الباب ضمن منطقة «درع الفرات».

كما حاولت عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، بدورها، التسلل باتجاه نقاط عسكرية تابعة لـ«مجلس منبج» في قريتي عرب حسن والجراد بريف منبج.

وقُتل 3 عناصر من فصيل «الفرقة 50» بـ«الجيش الوطني»، ولا يزال 3 آخرون مجهولي المصير، كما أُصيب آخرون بجراح متفاوتة، إثر اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، بعد عملية تسلل نفذتها قوات «تحرير عفرين» على مواقع تابعة لفصائل «الجيش الوطني»، على محور كلجبرين التابع لمدينة مارع ضمن منطقة «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي.


مقالات ذات صلة

دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»: قمة الأسد - إردوغان قبل نهاية العام

خاص الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف متحدثاً إلى الصحافيين (موقع الكرملين)

دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»: قمة الأسد - إردوغان قبل نهاية العام

مصدر روسي: الطرفان السوري والتركي غير مستعدين لتطبيع العلاقات، لكن الحديث يدور «عن حاجة ملحة وضرورية لبدء اتصالات تركية - سورية لتسوية قضايا مهمة جداً للطرفين.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي متداولة لطريق ريف دمشق الغربي المؤدي إلى بلدة كناكر

«الرفض» العنوان الأبرز للتسوية في كناكر بريف دمشق

لا يزال الرفض هو العنوان الأبرز للتسوية التي تسعى السلطات السورية، بالتعاون مع جهات محلية، إلى فرضها في بلدة كناكر بريف دمشق الغربي قريباً من محافظة القنيطرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي خريطة انتشار القوات الخارجية في سوريا منتصف 2023 - 2024 (مركز «جسور»)

إيران لا تزال صاحبة النفوذ الأكبر على الأرض السورية

شهدت خريطة انتشار الوجود العسكري الأجنبي في سوريا «انخفاضاً محدوداً» بين منتصف عامَيْ 2023 و2024، حسب التحديث السنوي لمركز «جسور للدراسات».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي طفل سوري يحمل دلواً فارغاً في مخيم للنازحين بالقرب من سرمدا في محافظة إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

القضايا الشائكة بين سوريا وتركيا تجعل تطبيع العلاقات تدريجياً

يرى محللون أن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق لا يمكن أن يحصل، إلا بشكل تدريجي وطويل الأمد نظراً للقضايا الشائكة بين الطرفين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من تأشيرة السائح الصيني المفقود في السويداء (شبكة «السويداء 24»)

اختفاء مواطن صيني في السويداء جنوب سوريا

أعلنت السفارة الصينية بدمشق أنها تلقّت بلاغاً باختفاء سائح صيني أثناء خروجه من العاصمة باتجاه جنوب سوريا، وفُقد الاتصال به في محافظة السويداء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)
صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)
TT

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)
صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)

قال وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف إن حكومة الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان مستعدة لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس الاتفاق المبرم في 2015، بالإضافة إلى قانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية» المتعلق بالبرنامج النووي، الذي أوقفت طهران بموجبه العديد من التزاماتها النووية.

ويترأس ظريف بمرسوم أصدره حليفه الرئيس المنتخب، لجنة توجيهية تنظر في انتخاب المرشحين لتولي 19 وزارة ومؤسسة خاضعة للرئاسة الإيرانية.

وكان ظريف قد وجه انتقادات حادة في الحملة الانتخابية إلى قانون «الخطوة الاستراتيجية».

وفي تراجع واضح عن موقفه السابق، قال ظريف اليوم إن «قانون العمل الاستراتيجي بشأن المفاوضات النووية هو قانون البلاد ويجب الالتزام به»، واصفاً موقفه السابق بـ«الشخصي».

وأشار ظريف إلى رسالة أخيرة وجهها إلى الأمم المتحدة في نهاية مهامه، قائلاً: «كما أوضحت، قبل أيام من مغادرتي منصبي، للأمين العام للأمم المتحدة فإن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث - الاتحاد الأوروبي يجب أن تلوم نفسها فقط لانتهاكها المستمر لالتزاماتها التي تسببت في أضرار جسيمة للشعب الإيراني، مما دفع المشرعين لدينا إلى الرد».

وقال ظريف: «من مصلحتهم أن يعوضوا عن سلوكهم السابق ويضمنوا وصول إيران من دون عوائق إلى فوائد الاتفاق». وزاد: «إيران اتخذت إجراءات تعويضية بالكامل ضمن إطار حقوقها بموجب الاتفاق النووي».

ومع ذلك، قال ظريف: حكومة الرئيس المنتخب «مستعدة للمشاركة في حوار بنية حسنة – على أساس للاتفاق النووي وقوانين إيران - لضمان الالتزام المتبادل بهذا الإنجاز الدبلوماسي الفريد».

وجاء تراجع ظريف في تفاعل ضمني مع تأكيد المرشد الإيراني علي خامنئي تمسكه بالقانون الذي أقره البرلمان الإيراني مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020.

ودعا خامنئي نواب البرلمان، الأحد، إلى المصادقة على حكومة بزشكيان، مشدداً على ضرورة تجنّب الخلافات، قائلاً: «يجب سماع صوت واحد في المسائل المهمة».

وقال بزشكيان، خلال حملته للانتخابات الرئاسية، إنه ينوي التحدث إلى البرلمان؛ لمراجعة القانون وتعديل بعض بنوده.

وألقى ظريف باللوم على القانون لعرقلة الرئيس الأميركي جو بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي.

وأعاد بيع النفط الإيراني إلى مرونة إدارة بايدن، وقلل من مزاعم المسؤولين الإيرانيين بشأن الالتفاف على العقوبات. وتوقع عودة مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترمب إلى استراتيجية الضغوط القصوى إذا ما عاد للبيت الأبيض في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وكانت هذه هي المرة الأولى بعد الانتخابات التي يجدّد فيها خامنئي تأييده للقانون المثير للجدل، الذي يُعدّ ملزِماً للحكومة، ويفتح الباب لملاحقة وسجن أي مسؤول يرفض الامتثال للقانون.

وفي حملته الانتخابية، استند رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إلى تأييد خامنئي لرفض انتقادات بزشكيان وظريف للقانون المذكور. وقال خامنئي في خطاب وداعي لنواب البرلمان السابق، قبل أشهر، إن «قانون (الخطوة الاستراتيجية) أنقذ البرنامج النووي من الضياع».

في سياق متصل، قال نائب الشؤون القانونية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية، رضا نجفي، في مؤتمر صحافي صباح الاثنين، إن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، بوساطة عمانية، «لا تزال مستمرة بشكل غير مباشر، لكن ما نفهمه أن الجانب الأميركي ليس مستعداً لمفاوضات جادة بشأن رفع العقوبات بسبب مشاكله الداخلية».

وتطرق نجفي إلى مواقف الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، قائلاً: «بناءً على هذه المواقف، ستستمر هذه المفاوضات بالتأكيد، لكن الأساس هو أن يكون الطرف الآخر مستعداً للدخول في مفاوضات جدية، وينبغي أن نرى ما ستكون عليه سياسة الحكومة الأميركية المقبلة في هذا الشأن».

وقال نجفي: «لم نغادر طاولة المفاوضات أبداً ونحن مستعدون للمفاوضات». وأشار إلى خطاب باقري كني في مجلس الأمن الأسبوع الماضي.