لماذا تجنيد المتدينين المتشددين في إسرائيل قد يقوّض حكومة نتنياهو؟

الشرطة الإسرائيلية تبعد المتظاهرين عن الطريق في القدس (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تبعد المتظاهرين عن الطريق في القدس (رويترز)
TT

لماذا تجنيد المتدينين المتشددين في إسرائيل قد يقوّض حكومة نتنياهو؟

الشرطة الإسرائيلية تبعد المتظاهرين عن الطريق في القدس (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تبعد المتظاهرين عن الطريق في القدس (رويترز)

في خضم الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، يخوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مواجهة سياسية على جبهة أخرى بعد أن قضت المحكمة العليا هذا الأسبوع بوجوب تجنيد الإسرائيليين من المتدينين المتشددين.

ولطالما كانت هذه القضية شائكة في السياسة الإسرائيلية، وقد تؤدي إلى تفكك الائتلاف اليميني وإجراء انتخابات جديدة.

وتعدّ الخدمة العسكرية إلزامية للذكور والإناث من اليهود في إسرائيل، في حين يعفى منها المتدينون بهدف التفرغ للدراسة في المعاهد الدينية والحفاظ على هوية الشعب.

ويؤكد الحريديم الذين يلتزمون بتفسير صارم للقانون اليهودي، ويعيشون في مجتمعات معزولة، أن دراستهم للتوراة تهدف إلى حماية البلاد بقدر ما تفعله الخدمة العسكرية.

وقال شوكي فريدمان، نائب رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي: «حتى الآن، كان هناك دائماً أساس قانوني لعدم استدعائهم إلى الجيش».

ومع ذلك، قال إن الحريديم «ليس لديهم استثناء، ولا أساس قانونياً لعدم القيام بذلك».

متظاهرون يطالبون بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية خلال احتجاج بالقدس في 26 فبراير 2024 (رويترز)

ودعت مجموعة متزايدة من الإسرائيليين الرجال الأرثوذكس المتطرفين إلى تحمل «نصيب متساو من عبء» الخدمة العسكرية، ولكن لا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر قرار المحكمة على تجنيد الحريديم عملياً.

ويخدم مئات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين منذ أشهر في قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة وعلى طول الحدود الشمالية مع لبنان منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

بحسب فريدمان، فإن نحو 66 ألفاً من طلاب المدارس الدينية الأرثوذكسية المتطرفة مؤهلون حالياً للتجنيد في الجيش.

ويخدم بعض الرجال المتدينين بالفعل في الجيش.

وقال ضابط في الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي أمام البرلمان، في فبراير الماضي، إن عدد الرجال اليهود المتشددين الذين يجندون سنوياً ظل ثابتاً عند نحو 1200 منذ عام 2019، بانخفاض من نحو ثلاثة آلاف في عام 2017.

ولا يعني قرار المحكمة أن جميع المؤهلين سيحصلون على استدعاء هذا الأسبوع. ولن تحدث أي دفعة من السلطات الإسرائيلية لتجنيد الرجال الحريديم في الجيش إلا في الأشهر المقبلة.

وبحسب فريدمان، فإن «السؤال يتصل بالوتيرة: هل سيكون هناك 3 آلاف (مجند) الآن و6 آلاف العام المقبل، أم سيحافظون على الوتيرة البطيئة للغاية التي نشهدها الآن؟».

يرى باراك مدينا، أستاذ القانون في الجامعة العبرية في القدس، أن المعاهد الدينية التي يتهرب طلابها من مشروع القانون تواجه الآن خفضاً كبيراً في ميزانية الحكومة، يصل في بعض الحالات إلى ثلث ميزانياتها السنوية.

وتحصل المعاهد الدينية على إعانات مالية بناء على عدد الطلاب المسجلين، وسيتم فرض عقوبات على كل طالب لا يلتحق.

وستشكل هذه العقوبات الاقتصادية ضغوطاً على المؤسسات الحريدية للامتثال.

وترى نخومي يافيه، أستاذة السياسة العامة في جامعة تل أبيب المتخصصة في المجتمع الأرثوذكسي المتطرف: «أنا متأكدة تماماً من أن المجتمع الحريدي سينظم الأشخاص الذين يرغبون في التجنيد ويمكنهم التجنيد».

وتؤكد أن القرار «سوف يغير المجتمع الحريدي».

يهود متشددون في أحد تجمعاتهم الدينية (رويترز)

وكان حزب «الليكود» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نتنياهو أعاد في وقت سابق هذا الشهر، مشروع قانون يهدف إلى تشريع أهداف تجنيد الحريديم، وإضفاء الشرعية على الإعفاءات لطلاب المدارس الدينية.

لكن معارضي التشريع - وبينهم حفنة من المشرعين من حزب «الليكود» - يقولون إن مشروع القانون ليس له أي تأثير، ويعطي إعفاءات فعلية لنحو 90 في المائة من الرجال الحريديم في كل مجموعة، ولا يلبي احتياجات الجيش المتزايدة من القوى العاملة خلال زمن الحرب.

ويرى مدينا أنه لا يبدو أن هناك دعماً كافياً داخل ائتلاف نتنياهو الحاكم لتمرير مشروع القانون.

وقال إن ذلك لن يوقف رئيس الوزراء الذي سيعتمد على حلفائه لإلقاء ثقلهم وراء ذلك.

وأضاف: «إما أن تدعموا هذا التشريع الشامل الذي يوفر الإعفاء لجميع الطلاب، وإما سنذهب إلى انتخابات مبكرة».

ويملك الائتلاف الحكومي بزعامة نتنياهو 64 مقعداً من أصل 120 في البرلمان. وتعتمد غالبيته على حزبين لليهود الحريديم يسيطران على 18 مقعداً.

وفي حال انسحاب الحزبين، فإن إسرائيل قد تنظم انتخابات تشريعية جديدة في وقت تخوض فيه حرباً ضد حركة «حماس» في قطاع غزة، وتشهد انقساماً كبيراً في المجتمع بسبب حكومة نتنياهو ومسار الحرب وجهود استرجاع الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

ويعتقد فريدمان أن نتنياهو سيحاول على الأرجح المماطلة حتى يبدأ الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عطلته الصيفية في 28 يوليو (تموز).

ويقول: «إنه يحاول تأجيل انهيار الحكومة، وكسب مزيد من الوقت، وفي الوقت نفسه دعم ائتلافه».

وتشير يافيه من جامعة تل أبيب إلى استطلاع للرأي العام أجرته هذا الأسبوع بين الحريديم، يشير إلى «غضب كبير» تجاه سياسيي أحزابهم، وخيبة أمل متزايدة بشأن قدرة الحكومة «اليمينية الكاملة» الحالية على خدمة مصالح المجتمع.

وهذا لا يترجم بالضرورة شهية لإجراء انتخابات جديدة. وتقول يافيه: «إنها مسألة مصالح... هل ستمنحهم حكومة مختلفة المزيد؟».


مقالات ذات صلة

تنازل «حماس» عن شرط وقف الحرب مسبقاً يقرّب اتفاقاً لوقفها

المشرق العربي أطفال فلسطينيون في خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تنازل «حماس» عن شرط وقف الحرب مسبقاً يقرّب اتفاقاً لوقفها

فتح تنازل حركة «حماس» عن شرط التزام إسرائيل بوقف الحرب على غزة، قبل بدء أي مفاوضات حول تهدئة في القطاع؛ الباب واسعاً أمام اتفاق محتمل، وجعل نهاية الحرب ممكنة.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ نتنياهو يتحدث أمام الكونغرس في 3 مارس 2015 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض: بايدن سيلتقي نتنياهو على الأرجح هذا الشهر

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيلتقي على الأرجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يزور واشنطن هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نازحون في خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم الخميس (أ.ب)

خلافات نتنياهو مع الجيش تهدد بإفشال مفاوضات الدوحة

لم تمض بضع ساعات على بثّ روح التفاؤل بشأن استئناف مفاوضات الدوحة بخصوص هدنة غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، حتى عادت مخاوف إجهاضها مرة أخرى.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية غالبية في إسرائيل تريد قيام حزب يميني جديد يمنع بقاء بنيامين نتنياهو في السلطة (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)

حزب يميني جديد وحزب اليسار الموحد يحطمان غانتس ونتنياهو معاً

أظهر استطلاع جديد للرأي في إسرائيل أن نسبة عالية من المواطنين ترغب في قيام حزب يميني جديد يحطم فرص بنيامين نتنياهو في البقاء بالسلطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أمهات المحتجَزين الإسرائيليين في غزة خلال تظاهرة احتجاجية بتل أبيب اليوم (رويترز)

عائلات الأسرى الإسرائيليين تطلق حملة تصعيد للاحتجاجات

قررت عائلات الأسرى الإسرائيليين المُضي قدماً في خطتها لتصعيد الاحتجاجات وعدم التوقف إلا بعد انتهاء الحرب في غزة وعودة جميع الأسرى وسقوط حكومة نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«نتائج أولية»: الإصلاحي بزشكيان يتقدم في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية

المرشح الرئاسي مسعود بزشكيان يغادر مركز اقتراع في طهران (ا.ف.ب)
المرشح الرئاسي مسعود بزشكيان يغادر مركز اقتراع في طهران (ا.ف.ب)
TT

«نتائج أولية»: الإصلاحي بزشكيان يتقدم في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية

المرشح الرئاسي مسعود بزشكيان يغادر مركز اقتراع في طهران (ا.ف.ب)
المرشح الرئاسي مسعود بزشكيان يغادر مركز اقتراع في طهران (ا.ف.ب)

قالت وزارة الداخلية الإيرانية، فجر اليوم (السبت)، إن المرشح المعتدل مسعود بزشكيان، يتقدم على منافسه وفقاً لنتائج أولية في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة.

وأضافت الداخلية الإيرانية، أن بعد إحصاء 2 مليون و547 ألف صوت، حصل بزشكيان على مليون و263 ألف صوت، في حين حصل منافسه سعيد جليلي المنتمي لغلاة المحافظين على مليون و244 ألف صوت.