إيران... الإصلاحيون يعولون على تحريك «الطبقة الرمادية»

وزير الداخلية تحدث عن «ازدياد حاد في معدل المشاركة» * بزشكيان واجه مطالب بتعيين وزيرات ومسؤولين من أهل السنة

امرأة تمر بجانب ملصقات انتخابية في طهران اليوم (أ.ف.ب)
امرأة تمر بجانب ملصقات انتخابية في طهران اليوم (أ.ف.ب)
TT

إيران... الإصلاحيون يعولون على تحريك «الطبقة الرمادية»

امرأة تمر بجانب ملصقات انتخابية في طهران اليوم (أ.ف.ب)
امرأة تمر بجانب ملصقات انتخابية في طهران اليوم (أ.ف.ب)

يتواجه المرشحين للرئاسة الإيرانية في ثاني مناظرة تلفزيونية مساء الخميس، بينما تسابق حملة المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان الزمن لتشجيع الإيرانيين على المشاركة، وحصد الأصوات الرمادية في الانتخابات المبكرة نهاية الأسبوع المقبل.

ووافق «مجلس صيانة الدستور» الهيئة الخاضعة للمرشد علي خامنئي صاحب كلمة الفصل في إيران، على ترشيح خمسة سياسيين محافظين، ونائب إصلاحي، لخوض الانتخابات المبكرة إثر مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية الشهر الماضي.

وانطلقت الحملة الانتخابية الأسبوع الماضي، وخصصت هيئة الإذاعة والتلفزيون عشرات البرامج للمرشحين، بهدف تشجيع الإيرانيين على المشاركة في الانتخابات، وتفادي العزوف القياسي الذي شهدته الانتخابات البرلمانية مطلع مارس (آذار) الماضي، وكذلك الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاث سنوات، وانتخب فيها الرئيس الراحل في غياب منافس حقيقي.

وتواجه المرشحون الستة في مقابلة تلفزيونية أولى، حول الملف الاقتصادي، لكن لم ينجح أي من المرشحين في تقديم خطة اقتصادية مقنعة للخبراء. وتأتي المواجهة الثانية، بعدما تسارعت الخطوات الانتخابية للمرشحين. وأثار ظهور وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف إلى جانب بزشكيان، في برنامج حول السياسة الخارجية، غضب المرشحين المحافظين الذين تعهدوا بالرد على المرشح الإصلاحي، خصوصاً تصريحاته حول فاعلية الاتفاق النووي.

وقبل المناظرة بساعات، نقلت مواقع إصلاحية عن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني أن «مهمة شخصين في المناظرات الانتخابية هي الإساءة والشتائم على الأقل». وقال روحاني: «إساءتكم ليست موجهة لي أو حكومتي إنما لفكرة التفاعل مع العالم».

وخصصت المناظرة لشرح برامج المرشحين حول الخدمات التي من الممكن تقديمها للإيرانيين، في وقت تسود شكوك بشأن المشاركة إثر الاستياء الشعبي من تدهور الوضع الاقتصادي، والأزمة المعيشية.

وعادة تتمحور المناظرة حول قضية أساسية في البلاد، لكن بعض المرشحين في السنوات السابقة اتخذها فرصة للرد على مواقف منافسيهم في الحملات الانتخابية. ووصلت إلى حد التراشق بالاتهامات.

امرأة تمر بجانب ملصقات انتخابية في طهران اليوم (أ.ف.ب)

ويقول الخبراء إن أول مناظرة من أصل خمس لم تنجح في تغيير نسبة الأصوات الرمادية التي يتنافس على جلبها المرشحون، خصوصاً مرشح التيار الإصلاحي.

وقال وزير الداخلية، أحمد وحيدي الخميس إن «استطلاعات الرأي تظهر ازدياداً حاداً في معدل المشاركة»، دون تقديم تفاصيل عن المركز الذي أجرى الاستطلاع أو تاريخ إجرائه.

وتعول التيارات المنخرطة في العملية السياسية الإيرانية بشكل كبير على حضور المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان لرسم صورة تنافسية في الانتخابات، خصوصاً بعد الدعم الذي حصل عليه بزشكيان من حلفائه في التيار الإصلاحي والمعتدل. وأعلن غالبية رموز التيار، باستثناء الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، تأييدهم لحملة بزشكيان، بهدف إزاحة المحافظين من الجهاز التنفيذي.

ويحاول بزشكيان وهو ممثل مدينة تبريز، عاصمة الأتراك الآذريين في شمال غربي إيران، اللعب على ورقة الفئات الفقيرة والمتوسطة، وأيضاً القوميات والأقليات العرقية لجلب الكثير من المؤيدين ورفع نسبة الإقبال على الانتخابات، وهو الهدف الذي حدده لدى تقديم أوراقه في الانتخابات الرئاسية.

وتوجه بزشكيان مساء الأربعاء إلى مقر التلفزيون الإيراني قبل أن يحضر تجمعاً لنخب التيار الإصلاحي في برج «ميلاد»، المعلم السياحي الشهير في قلب العاصمة طهران، وذلك بعد زيارة خاطفة إلى أصفهان صباح الأربعاء حيث رافقه وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف.

وتوترت الأجواء في استوديو برنامج «طاولة مستديرة»، بحضور بزشكيان ومستشاريه في الشؤون الثقافية، الناشط الإصلاحي محمد بهشتي وأستاذ علم الاجتماع بجامعات طهران محمد فاضلي. وبدأ التوتر عندما تلاسن رئيس كلية هيئة الإذاعة والتلفزيون، شهاب اسفندیاري، مع فاضلي الذي احتج على طرده من الجامعة، ما أدى إلى تبادل الاتهامات بين الطرفين.

وحاول مقدم البرنامج إنهاء النزاع، عندما اعتذر عن «سوء أخلاق» في البرنامج. وحاول بزشكيان التدخل، لكنه قال إن القضية «تظهر المشكلة الثقافية في البلاد»، وهو ما أدى إلى غضب مرافقه، فاضلي، الذي غادر البرنامج غاضباً بعدما ألقى بجهاز الميكروفون على الأرض.

وانتشر مقطع الفيديو من التلاسن في التلفزيون الإيراني بسرعة البرق في شبكات التواصل. وعلق بزشكيان على التوتر في تجمع لأنصاره في برج «ميلاد» وسط طهران، وقال: «مع الأحداث التي وقعت لا يمكن أبداً إصلاح البلاد؛ يجب أن نتسامح مع بعضنا البعض، لماذا نقوم بأعمال وسط الطريق تؤدي إلى الإهانة والافتراء والمناقشات المختلفة؟».

وقال «هل كوننا نريد أن نكون الأوائل في المنطقة وأن نقضي على الفقر في المجتمع ونحقق العدالة ونزيل الفوارق والانقسامات هو كلام سيئ؟».

السيارات تمر بجانب لافتة انتخابية للمرشح بزشكيان في شارع في طهران اليوم (أ.ف.ب)

أما ظريف، فقد واصل محاولاته لإثارة المشاعر القومية، وبدأ خطابه بشعر حماسي يعود إلى فترة ما بعد ثورة 1979 قائلاً: «رافقنا أيها الصديق، لا تكن وحيداً في أحزانك، لأن هذا الألم العام لا يمكن علاجه بشكل فردي».

وقال ظريف في إشارة إلى تيار المحافظين: «لا تجعلوا القلقين يضعوننا في مأزق»، معتبراً أن حليفه سيكون الفائز في اقتراع 28 يونيو (حزيران)، وقال في هذا الصدد: «في 29 من يونيو سوف نستقبل الرئيس بزشكيان».

وأضاف: «الشعب هو كل شيء بالنسبة لنا، ليس لدينا شيء سواهم. هم الذين حافظوا على بلدنا، الذين واجهوا الهجمات بشجاعة. يتمثل الرأسمال في الشعب، وأهمها هو الشعب الإيراني». وقال: «يا أصدقائي لا أحد يحتجز رأسمالا في العالم، بل يحررونه». وتابع: «الإيراني معتدل، والاعتدال هو دليل العقل، التشدد هو دليل الضعف، القوة في الاعتدال، القوة في معرفة الفرص، اللعب على أساس التهديد سيؤدي إلى هزيمة».

وصرح: «لا تسمحوا للقلقين أن يدخلونا في أجواء تقطع علاقاتنا مع العالم، ويستفيد منها المتربحين من العقوبات». وقال «هذا القرار أنتم من يتخذه، بحضوركم ومشاركتكم، أظهروا تحديد مصيركم للعالم، لكي لا يتم تهديد أي إيراني». وقال «اسمحوا بتهيئة الظروف لعودة الإيرانيين إلى إيران وتتوقف موجة الهجرة... لا تسمحوا للأقلية بأن تحكم الأكثرية».

من جانبه، طالب الناشط الإصلاحي، حميد جلايي بور من بزشكيان تقديم ثلاثة وعود والعمل على تحقيقها «في حدود الإمكان» وهي: « أن يتجاوز الشعارات ويضم في تشكيلته على الأقل ثلاث وزيرات، وأن يتخطى الفترات السابقة بتعيين مسؤول رفيع في الحكومة من أهل السنة، بالإضافة إلى حكام محافظتين من أهل السنة» حسبما أوردت وكالة «إيلنا» المقربة من الإصلاحيين.

وخاطب جلايي بور بزشكيان قائلاً: «لست الاختيار بين السيئ والأسوأ بالنسبة لنا، بل أنت خيارنا الإيجابي». وشجع بزشكيان على المضي قدماً بوعوده في رفع العقوبات ودعم المساواة، وتحقيق انفراجة اقتصادية واجتماعية.

وقال إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الأسبق الذي رفض طلبه للترشح للرئاسة: «يجب أن نظهر من خلال أصواتنا أن إيران بحاجة إلى تغيير» وأضاف «يجب أن نقنع المترددين بالمشاركة».

في الأثناء، قال المرشح المحافظ، مصطفى بور محمدي في برنامج تلفزيوني حول خططه الاقتصادية إن «المسألة الاقتصادية هي اليوم قضية جدية للشعب الذي يشعر بهذه الصعوبات بجلده ولحمه»، مضيفاً أن حل المشكلة الاقتصادية يتطلب عاملين؛ الأول هو القضايا الدولية «التي وضعتنا في مواجهة عقوبات صعبة ومضطربة»، الثاني هو ضرورة التوافق والثقة بنجاح النهج الاقتصادي.

وشدد بور محمدي على أنه لا يمكن ببساطة التغاضي عن العقوبات، داعياً إلى تصحيح السياسات الاقتصادية التي حمت البلاد خلال الـ12 عاماً الأخيرة. وقال: «إذا تمكنا من جلب ثقة الناس بنا، ستستمر حلول المشكلات الاقتصادية وتعجيل إزالتها. لا يمكننا أن نتابع حل مشكلاتنا، وخاصة إجهاض العقوبات، من خلال النزاعات الحزبية».

وألقى الوضع الاقتصادي بظلاله على الحملات الانتخابية. وقال حسن خميني، حفيد المرشد الإيراني الأول خلال لقاء مسؤولين في الجهاز القضائي «إن الحكومة التي جاءت بدعم انتخابي ضعيف لا تستطيع حل المشكلات الاقتصادية الحادة».

وقال المحلل السياسي، أحمد زيدآبادي على منصة «إكس»: «لا يزال المواطنون العاديون أو ما يُطلق عليهم (الطبقة الرمادية) في المجتمع غير متحمسين للمشاركة في الانتخابات». وأضاف «كثيرون منهم لا يشكون في صدق بزشكيان أو في أن شعارات الإصلاحيين أفضل، ولكن قولهم الرئيسي هو أن شؤون إدارة البلاد ليست في يد الرئيس وأنه لا يستطيع تنفيذ وعوده. هاتان النقطتان هما التحدي الرئيسي أمام الإصلاحيين لجذب الطبقة الرمادية إلى صناديق الاقتراع».


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
TT

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وصدامات بين الشرطة ومحتجين، على خلفية عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيَّيْن بدلاً منهما.

وقالت وزارة الداخلية التركية إنه تم وقف رئيسَيْ بلدية تونجلي، جودت كوناك، المنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، وبلدية أوفاجيك، التابعة لها، مصطفى صاريغول، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بعدما حُكم عليهما بالحبس بسبب عضويتهما في منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

وأصدر والي تونجلي قراراً بحظر التجمعات في المناطق المفتوحة والمسيرات وإلقاء البيانات الصحافية في المدينة لمدة 10 أيام اعتباراً من الجمعة، وصدر قرار مماثل من والي إلازيع المجاورة بالحظر لمدة 7 أيام اعتباراً من السبت.

إدانة بالإرهاب وعزل

وحكم على رئيسي البلديتين، الخميس، بالحبس لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما بتهمة الإرهاب والانتماء إلى حزب العمال الكردستاني. وتم فرض حظر السفر الدولي عليهما؛ حيث طلب اعتقالهما في القضية المنظورة بالمحكمة الجنائية في تونجلي منذ عام 2022.

رئيس بلدية تونجلي المعزول جودت كوناك (إكس)

وأفادت وزارة الداخلية التركية، في بيان، ليل الجمعة - السبت، بأنه تم تعيين والي تونجلي، بولنت تكبيك أوغلو، ليحل محل كوناك، وحاكم منطقة أوفاجيك، حسين شامل سوزين، ليحل محل صاريغول، الذي انتُخِب لرئاسة البلدية للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

رئيس بلدية أوفاجيك التابعة لتونجلي المعزول مصطفى صاريغول (إكس)

وكانت ممارسة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم تقتصر، في العقد الماضي، على الأحزاب المؤيدة للأكراد، التي تتهمها السلطات بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1948.

والجديد أن ممارسة العزل وتعيين الأوصياء امتدت إلى رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعب الجمهوري، بعد اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان للحزب بـ«السير مع الإرهابيين».

ومع عزل كوناك وصاريغول، يرتفع عدد البلديات التي تم تعيين أوصياء عليها، منذ الانتخابات المحلية في مارس، إلى 7 بلديات. وكان أول من تم عزلهم رئيس بلدية هكاري محمد صديق كوشو، من الحزب الكردي، في 3 يونيو (حزيران)، قبل أن يتم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، وإقالة رؤساء بلديات ماردين، أحمد تورك، وبطمان، غولستان شونوك، وهالفيتي، محمد كارايلان.

ممارسة متكررة

وتسبب اعتقال وعزل رؤساء 4 بلديات، خلال الشهرين الحالي والماضي، في احتجاجات واسعة بتركيا وإدانات من مجلس أوروبا ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

احتجاجات على عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم (موقع حزب الشعب الجمهوري المعارض)

وعقب إعلان عزل كوناك وصاريغول، تجمع المواطنون حول مقر بلدية تونجلي احتجاجاً على تعيين وصيّ عليها، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت طوقاً حولها لمنعهم من اقتحامها، ووقعت صدامات بين الجانبين، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضرم محتجون غاضبون النار في الشوارع، وتحولت المنطقة المحيطة بالبلدية إلى ما يشبه ساحة معركة.

المعارضة تتحدى الحظر

وقررت أحزاب المعارضة تحدي قرار الحظر، وتوافد رؤساء حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وفروعه، ونوابه في البرلمان، على تونجلي، لتنظيم مسيرة إلى البلدية، وشكل حزب الشعب الجمهوري وفداً من نوابه للبرلمان للمشاركة في المسيرة.

ووصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، عبر حسابه في «إكس»، قرار عزل رئيسَي البلديتين بأنه «سرقة للإرادة الوطنية بشكل فاضح»، لافتاً إلى أن جنازة حضرها رئيس بلدية أوفاجيك، مصطفى صاريغول، عام 2012، أصبحت موضوعاً لدعوى قضائية في عام 2022، واعتُبِرت جريمة في عام 2024.

وأعلن أوزال في تغريدة لاحقة أنه ستتم دعوة 414 رئيس بلدية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري الرئيسي بأنقرة، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لإعلان مواجهة الوصاية وهجمات الحكومة على بلديات المعارضة الواحدة تلو الأخرى.

متظاهرون يحاولون اقتحام حاجز للشرطة حول بلدية تونجلي (إكس)

وقال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، في بيان، إن «الحكومة تقضي على إرادة الشعب خطوة بخطوة، وإن الانقلاب الذي تنفذه، عبر سياسة الوصي، لن يخيف حزبنا أو يثني الناس عن خياراتهم السياسية».

شجار مع وزير الداخلية

كان وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، كشف، خلال مناقشة موازنة وزارته في البرلمان الخميس، أنه تم منح 176 إذناً بالتحقيق، من أصل 1701 شكوى مقدمة بشأن البلديات، منها 59 من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، و58 من حزب الشعب الجمهوري، و21 من حزب الحركة القومية، و7 من حزب الجيد، و10 من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب. وأكد أنه «لن يتم السماح بأن تتحول البلديات إلى خدمة الإرهاب بدلاً من خدمة الشعب».

نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء منعه من دخول قاعة اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (إعلام تركي)

واندلع شجار بين نواب حزب الشعب الجمهوري، الذين أرادوا الاحتجاج على تعيين أوصياء على 4 بلديات، خصوصاً بلدية إسنيورت، ونواب حزب العدالة والتنمية، أثناء دخول الوزير يرلي كايا إلى غرفة اجتماع اللجنة.

وقال نواب حزب الشعب الجمهوري إنهم لم يكونوا بصدد منعه نهائياً من دخول قاعة الاجتماع، وإنما أرادوا أن يجرِّب الوزير شعور عدم القدرة على دخول مؤسسة عامة، ولو لفترة قصيرة، في إشارة إلى منع الوصي على بلدية إسنيورت نواب الحزب وأعضاء مجلسها من دخول مبناها.