جهود أوروبية لإقناع إيران بوقف التصعيد النووي... وباب الدبلوماسية «مفتوح»

بيان ثلاثي يُدين إعلان طهران زيادة نشاطات التخصيب في «فوردو» و«نطنز»

الأمين العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافاييل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
الأمين العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافاييل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
TT

جهود أوروبية لإقناع إيران بوقف التصعيد النووي... وباب الدبلوماسية «مفتوح»

الأمين العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافاييل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)
الأمين العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافاييل غروسي مع رئيس الاتحاد السويسري إيغناسيو كاسيس خلال زيارة له إلى سويسرا قبل يومين (إ.ب.أ)

وجهت الدول الأوروبية الثلاث، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، تحذيراً جديداً إلى إيران بعد إعلانها تكثيف نشاطاتها النووية في موقعين لتخصيب اليورانيوم، رداً على تبني مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً ينتقد عدم تعاونها مع الوكالة في 5 يونيو (حزيران) الماضي، فيما قال مصدر أوروبي إن الرد الإيراني «كان متوقعاً، ويترك مجالاً للدبلوماسية».

وأدانت الدول الأوروبية الثلاث في بيان، الخطوات التي اتخذتها إيران مؤخراً لتوسيع برنامجها النووي، وقالت إن هذه الخطوات «تفرغ الاتفاق النووي أكثر»، وإنها ستزيد من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ومن قدرتها على التخصيب التي «أصلاً تتجاوز الاتفاق النووي بدرجات كبيرة».

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز»يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)

حظر انتشار الأسلحة النووية

وقالت الدول الثلاث إن قرار زيادة التخضيب من منشأة «فوردو» التي تقع تحت الأرض «يبعث إلى القلق بشكل خاص». وأكدت أنّ «هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادة مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب وقدرات التخصيب، التي تجاوزت مستوياتها الحدود التي حدّدتها خطة العمل الشاملة المشتركة».

ووصفت الدول الثلاث تبرير إيران أن الخطوات جاءت رداً على إدانة مجلس المحافظين بها، بأنه «غير مقبول»، وذكَّرت طهران بواجباتها النووية ضمن اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وقالت إن هذه الاتفاقية «منفصلة عن الاتفاق النووي».

وختمت الدول الثلاث البيان بتأكيد أنها ما زالت «ملتزمة الحل الدبلوماسي لمنع إيران من حيازة سلاح نووي».

كانت إيران قد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 9 يونيو، أنها ستركِّب 8 أجهزة طرد مركزي من نوع 6 خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة القادمة في منشأة «فوردو»، حسبما جاء في بيان للوكالة، الجمعة، عمِّم على الدول الأعضاء في مجلس المحافظين. وأضافت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أبلغتها كذلك بأنها تنوي تركيب عدد غير محدد من أجهزة الطرد المركزي الإضافية، من دون أن تحدد متى ستفعل ذلك.

ومنذ قرابة العامين، خفضت إيران من تعاونها بشكل كبير مع الوكالة التي لم يعد لديها وصول كافٍ إلى كل المنشآت النووية هناك ولا معلومات كافية عن النشاطات النووية، وذلك رداً على قرارات إدانة صدرت من مجلس المحافظين بسبب عدم تعاونها مع تحقيق للوكالة يتعلق بالعثور على آثار يورانيوم غير معلن عنها، في 3 مواقع سرية. وتعتقد الوكالة أن إيران أخفت نشاطات نووية عنها قد تكون غير سلمية.

كانت الولايات المتحدة التي تبنّت بيان الإدانة داخل مجلس المحافظين على مضض، بعد أن أصرت الدول الأوروبية الثلاث على تمريره في 5 يونيو، قد حذّرت إيران كذلك قبل يوم من استمرار توسيع برنامجها النووي.

وأصدرت الخارجية الأميركية بياناً قالت فيه إن التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي تحدث عن تركيب إيران أجهزة طرد مركزي إضافية، «يؤكد أن إيران تواصل توسيع برنامجها النووي بطرق ليس لها أي غرض سلمي ذي مصداقية».

وحذرت واشنطن في البيان من أنه «إذا طبقت إيران» الخطوات التي أعلنت عنها، فإن الولايات المتحدة «سترد بالشكل المناسب».

وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني (د.ب.أ)

اتصالات مع طهران

ورغم هذه التحذيرات، فإن الرد الإيراني على قرار مجلس المحافظين لا يبدو أنه كان بالسوء الذي كان يتوقعه الدبلوماسيون الغربيون. وعلمت «الشرق الأوسط» أن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي تواصلوا مع الطرف الإيراني بعد صدور قرار مجلس المحافظين لحثهم على عدم التصعيد، وأن لقاء انعقد بين وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني، ومساعد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ومنسّق مفاوضات الاتفاق النووي أنريكي مورا، يوم الجمعة الماضي، حث فيه مورا باقري كني على «عدم الرد بشكل كبير وترك نافذة للدبلوماسية».

وباقري كني ومورا على معرفة شخصية جيدة منذ سنوات، إذ مورا كان منسق المفاوضات التي استضافتها فيينا لأشهر بين إيران ودول 5 + 1، في محاولة لإعادة واشنطن الاتفاق النووي، فيما كان باقري كني، رئيس الوفد الإيراني.

ورغم أن باقري كني لم يتعهد خلال لقائه مع مورا بعدم المبالغة في رد الفعل، فإن الخطوات التي تلت وأعلنت عنها إيران، يبدو أنها تركت فعلاً نافذة للدبلوماسية.

وقال مصدر أوروبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة «كانت متوقَّعة» بعد قرار مجلس المحافظين، وإن الأمل ما زال «ألا تكون هناك مبالغة في الرد».

ووصف مصدر أوروبي آخر على دراية بالمفاوضات، رد إيران بأنه يهدف «لبناء نفوذ، ومن حيث المبدأ يترك مساحة للدبلوماسية»، مشيراً إلى جهود دبلوماسية أوروبية مستمرة مع إيران لحثها على عدم التصعيد، لكنَّ المصدر أضاف أن التطورات اللاحقة تعتمد على التطورات السياسية في إيران والولايات المتحدة ونتائج الانتخابات الرئاسية في البلدين.


مقالات ذات صلة

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية  منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

«عسكرة» البرنامج النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاول، دون طائل، تجنب التصعيد بين الغربيين وإيران.

ميشال أبونجم (باريس)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على قرار تبنته الوكالة الدولية ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وأيّد مشروع القرار، الذي طرحته على التصويت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بدعم من الولايات المتحدة، 19 دولة من أصل 35 في الوكالة، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت، ولم تستطع فنزويلا المشاركة.

وبعد اعتماد القرار، قال ممثل إيران في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذا التدبير له «دوافع سياسية».

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو - 235) لاستخدامات عدة.