القضايا المعيشية تبرز في انتخابات الرئاسية الإيرانية

بزشكيان ينتقد الهيكل الإداري وقاليباف يتعهد مواجهة البيروقراطية

إيرانيان يتحدثان عن تطلعاتهما بالانتخابات الرئاسية في «منبر حر» وضع بالشوارع للتشجيع على المشاركة (تسنيم)
إيرانيان يتحدثان عن تطلعاتهما بالانتخابات الرئاسية في «منبر حر» وضع بالشوارع للتشجيع على المشاركة (تسنيم)
TT

القضايا المعيشية تبرز في انتخابات الرئاسية الإيرانية

إيرانيان يتحدثان عن تطلعاتهما بالانتخابات الرئاسية في «منبر حر» وضع بالشوارع للتشجيع على المشاركة (تسنيم)
إيرانيان يتحدثان عن تطلعاتهما بالانتخابات الرئاسية في «منبر حر» وضع بالشوارع للتشجيع على المشاركة (تسنيم)

انتقد المرشح الإصلاحي الوحيد لانتخابات الرئاسة الإيرانية، مسعود بزشكيان الهيكل الإداري في البلاد، داعياً إلى إصلاحه ومكافحة الفساد، وحذّر من التفاقم البيئي وحض على المصالحة الداخلية، في حين دافع المرشح محمد باقر قاليباف عن إنجازاته ويتعهد بالتنمية بنهج شعبي، ومحاربة البيروقراطية. وذلك في وقت تحدثت مواقع حكومية عن استطلاعات للرأي تشير إلى «زيادة المشاركة» والاهتمام بالقضايا الاقتصادية.

ووافقت إيران على ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية، المبكرة إثر مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة. وبدأ المرشحون ابتداءً من مساء الاثنين، برامج تلفزيونية تشمل خطابات، وحوارات، قبل المواجهة الأسبوع المقبل في خمس مناظرات.

وبدأ مرشح الرئاسة، الإصلاحي مسعود بزشكيان، بالحديث عن عيوب الهيكل الإداري، ودعا إلى إصلاحها وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتحمل الحكومة المسؤولية عن عدم تحقيق أهداف التنمية والعدالة الاقتصادية، مشدداً على ضرورة التصدي للتهريب والرشوة. تطرق أيضاً لعرقلة مشروع حكومة روحاني في الانضمام إلى مجموعة «فاتف» وحذّر من تفاقم الأزمة البيئية.

وتناول أهمية زيادة مشاركة الناس في الانتخابات، داعياً إلى المصالحة وتشجيع المشاركة في إدارة البلاد، مؤكداً على ضرورة تقليل الفجوة بين الشعب والحكومة.

بزشكيان أثناء تقديمه طلب الترشح للانتخابات (إ.ب.أ)

وقال النائب المحافظ السابق، محمد حسن آصفري لوكالة «إيسنا» الحكومية إن «بزشيكان أدلى بتصريحات جميلة، لكن لا يمكن معالجة المشكلات عبر الكلام فقط». وأضاف «أن يجلس مسؤولو الحكومة على المائدة نفسها مع الشعب، كلام جميل، لكن يجب أن تكون هناك خطط لتنفيذية لهذا الأمر».

أما النائب الإصلاحي السابق محمود صادقي، فقد شدد على ضرورة إصلاح بزشيكان لخطابه. وقال إن «بزشيكان يولي اهتماماً بالطبقات السفلى للمجتمع على غرار الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد». وأضاف: «الخطاب المتمحور على العدالة يمكن أن يجذب الطبقات الفقيرة، لكن لجذب الطبقات المتوسطة والعليا يجب أن يكون الخطاب أوسع وأكثر شفافية وصراحة». وأضاف: «يجب أن يضع يده على النقاط الأساسية».

وحظي بزشكيان بدعم عريض من الأحزاب الإصلاحية، رغم أنه كان الخيار الثالث من أصل ثلاثة مرشحين لـ«جبهة الإصلاحات». ويخوض السباق ضد خمسة من مرشحي التيار المحافظ والمتشدد.

«فتنة» و«تشويه»

وحذرت صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري» من تكرار «فتنة 2009» في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية التي فاز بها محمود أحمدي نجاد، ورفض نتائجها المرشحان الإصلاحيان ميرحسين موسوي ومهدي كروبي؛ الأمر الذي تسبب في اندلاع احتجاجات الحركة الخضراء لمدة ثمانية أشهر في البلاد.

وأبدت الصحيفة استغرابها من سلوك محللين وصحافيين في التيار الإصلاحي. وقالت: «منذ الآن يعدّون فوز مرشحهم مؤكداً في المرحلة الأولى». وقالت: «إذا كانوا يعلمون أنهم لا يمكنهم قلب الأمور، مثلما لم يتمكنوا مع محمد خاتمي وحسن روحاني، ولا ينتظرون إلا هزيمته، لكن لسبب آخر، يعدونه الفائز المؤكد، أليس هذا مؤشراً على فتنة أخرى». وتساءلت: «ما الذي حدث الآن لكي يتوصلوا إلى استنتاج مفاده أن شخصاً واحداً يمكنه إنقاذ فرضيتهم».

في المقابل، قالت صحيفة «اعتماد» إن «الحملات الانتخابية للمحافظين تلقوا أوامر لتشويه مسعود بزشكيان». وقالت الصحيفة إن بعض المتشددين وجّهوا أوامر لأصحاب الحسابات الأإخبارية في شبكات التواصل بأن «ارفعوا فتيل الانتقادات والاتهامات والتشويه بحق مسعود بزشكيان». وأضافت: «عرّابو المتشددين لم يكتفوا بهذا الوضع غير المتكافئ ويحاولون استخدام التوجهات التخريبية ضد بزشكيان».

وأشارت الصحيفة إلى أنها حصلت على «معطيات موثوقة بأن المحافل الدعائية المرتبطة ببعض الحملات الانتخابات وجهت أوامر لتشويه مرشح الإصلاحيين، لكن التجارب الماضية أثبتت أن الناس قد أبدوا رد فعل إيجابياً تجاه هذه الأساليب التدميرية ودعموا المرشح المستهدف».

توجهات المحافظين

في أول حوار تلفزيوني، دافع رئيس البرلمان محمد قاليباف عن إنجازاته خلال فترة عمله كعمدة لطهران، مثل بناء الطرق السريعة وإنشاء مدن صاروخية. أشار إلى دوره في «مجموعة خاتم الأنبياء» الاقتصادية لـ«الحرس الثوري» وقيادة «الوحدة الصاروخية» وشرطة إيران.

قالیباف لدى تقديم أوراقه للانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

وشدد قاليباف الذي يرفع شعار «الخدمة والتقدم» على نهجه الاقتصادي المبني على الشعب. وأنكر الإدارة بالشعارات وانتقد «البيروقراطية» التي تعترض تنفيذ القرارات الجيدة، معتبراً أن «البيروقراطية والفساد ينبعان من عدم الكفاءة». ونفى وعود التعيينات الإدارية للمنخرطين في حملته الانتخابية، وأكد التزامه بحل المشكلات. وأكد على ضرورة الاستشارة والحكمة الجماعية في تشكيل الحكومة.

بدوره، تحدث المرشح المحافظ، أمير حسين قاضي زاده هاشمي، في ثالث حوار تلفزيوني لمرشحي الرئاسة، عن ضرورة إحداث ثورة في الاقتصاد، مع التأكيد على أهمية تحويل الشركات الحكومية للشعب عن طريق طرح الأسهم. ورفض «الحلول قصيرة المدى».

وشدد على أهمية الشفافية وتجنّب تضارب المصالح، منتقداً البيروقراطية لأنها «تسبب الفساد الذي لا نهاية له»، لافتاً إلى تقديم مشروع قانون لتعزيز الشفافية. وأكد على ضرورة اختبار الحكومات أنفسها من خلال لغة منتقديها. وعارض المقايضات السياسية في تشكيل حكومته، وتعهد بالإبقاء إلى الوزراء المناسبين وتغيير غير المناسبين.

قاضي زاده هاشمي في مقر الانتخابات الإيرانية الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

توقعات المشاركة

وأظهر أحدث استطلاعات الرأي لمركز «إيسبا» الحكومي أن نسبة المشاركة «في تزايد»؛ إذ قال 44.4 في المائة من المستطلعة آراؤهم، إنهم سيصوّتون بالتأكيد، في حين رجح 7 في المائة التصويت، وقال 15 في المائة إنهم «لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيشاركون أم لا في الانتخابات».

وأفاد المركز 28.7 في المائة من الناس بأنهم لن يشاركوا بأي حال من الأحوال في هذه الانتخابات. وقال هؤلاء إن «عدم تأثير الانتخابات في تحسين أوضاع البلاد»، و«الاحتجاج على القضايا والمشاكل الاقتصادية والمعيشية»، و«احتمال عدم تأييد أهلية المرشح المفضل»، و«عدم وجود شخص كفء بين المرشحين» من بين الأسباب التي تدفعهم إلى مقاطعة مشاركة الانتخابات بشكل نهائي.

من جهتها، قالت مؤسسة «متا» التابعة لجامعة «الإمام الصادق» في طهران، إن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية تبلغ 48.8 في المائة بناءً على أحدث استطلاعات الرأي التي أجرتها بين يومي الجمعة والخميس الماضيين.

ورداً على سؤال عن المشكلات التي يجب على الرئيس المقبل، أن يبذل جهداً أكبر لحلها، وقال 45.2 في المائة إن «منع زيادة التضخم وارتفاع الأسعار» هو المطلب الرئيسي من الرئيس المنتخب.

وبحسب الاستطلاع، جاءت «المفاوضات النووية» و«الاهتمام بالفئات الضعيفة وذات الدخل المنخفض» و«مكافحة الفساد والمحسوبة في المراتب التالية بنسبة 14.8 في المائة و14.2 في المائة، و12.4 في المائة على التوالي».

وخلص تقرير المؤسسة إلى أن الوضع يشير إلى أن «المسائل الاقتصادية والمعيشية» هي القضايا الرئيسية التي تشغل غالبية المجتمع.

وتعدّ جامعة «الإمام الصادق» من بين الجامعات الخاضعة للتيار المتشدد، وتخرّج فيها أغلب المسؤولين الإيرانيين، وتربطها صلات وثيقة بمكتب المرشد الإيراني الذي يختار هيئة رئاستها.


مقالات ذات صلة

العراق يترقّب خسائره من «الاعتماد المفرط على إيران»

المشرق العربي قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)

العراق يترقّب خسائره من «الاعتماد المفرط على إيران»

بينما تلقي الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بظلالها على العراق، رغم «التحفظ الحذر» الذي تبديه السلطات الرسمية، ومن خلفها الأحزاب السياسية، حيال الموقف الواجب.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

المواجهة تحتدم على وقع «إنذار أميركي أخير»

احتدمت المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل، أمس (الأربعاء)، على وقع «إنذار أخير» وجهّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى طهران من أجل تلبية مطالبه السابقة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية خلال لقاء المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال قمة مجموعة السبع في كاناناسكيس بكندا، 16 يونيو 2025 (رويترز)

إيران تستدعي السفيرين الألماني والسويسري للاحتجاج على تصريحات ميرتس وترمب

إيران تستدعي السفيرين الألماني والسويسري للاحتجاج على تصريحات ميرتس وترمب «المسيئة» و«الاستفزازية» حسبما أفاد إعلام إيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية يتصاعد الدخان قرب برج ميلاد بعد غارة جوية إسرائيلية على طهران اليوم (إ.ب.أ) play-circle

إيران وإسرائيل نزاع «بلا حدود»... وبنك أهداف نووية وعسكرية

حذر المرشد علي خامنئي من «ضررٍ لا يصلح» إذا تدخلت واشنطن عسكرياً، رافضاً دعواتها للاستسلام. فيما واصلت إسرائيل توجيه ضربات متتالية لمواقع استراتيجية بطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد في سماء طهران بعد ضربة إسرائيلية 18 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

إيران تعتزم فرض قيود على الإنترنت... وتَوقُّف كامل للشبكة

أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية أن طهران ستفرض قيوداً مؤقتة على الوصول إلى خدمات الإنترنت، بينما شبكة الإنترنت في البلاد «شبه متوقفة بالكامل».

«الشرق الأوسط» (لندن)

المواجهة تحتدم على وقع «إنذار أميركي أخير»

تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

المواجهة تحتدم على وقع «إنذار أميركي أخير»

تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

احتدمت المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل، أمس (الأربعاء)، على وقع «إنذار أخير» وجهّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى طهران من أجل تلبية مطالبه السابقة بـ«الاستسلام غير المشروط». واتّسعت هجمات سلاح الجو الإسرائيلي، في اليوم السادس للحرب، أمس، لتستهدف قلب البنية الصاروخية والنووية الإيرانية، فيما بدأ «الحرس الثوري» الإيراني معركة إطلاق صواريخ فرط صوتية أصابت مناطق عدة من تل أبيب وحيفا.

وطالت الهجمات الإسرائيلية منشآت خُجير وبارشين للبرنامج الصاروخي شرق العاصمة الإيرانية، ومفاعل طهران النووي للأبحاث ومنشأة لتصنيع أجهزة الطرد المركزي. وأعلن الجيش الإسرائيلي تدمير «المقر العام للأمن الداخلي» في طهران، مشيراً إلى مشاركة 50 مقاتلة في الغارات. وفي المقابل، أطلقت إيران صواريخ ومسيّرات، مُوقِعةً قتلى وجرحى داخل إسرائيل.

وتزامناً مع ذلك، سُجّلت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة في مدينة ري جنوب طهران بين قوات الأمن ومسلحين «يُشتبه بارتباطهم بجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)». وقالت وكالة «مهر» الحكومية إن المشتبه بهم خطّطوا لشنّ عملياتٍ داخل العاصمة.

وفي تطوّر هو الأول من نوعه منذ بدء التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلي فقدان مسيّرة أسقطت بصاروخ أرض - جو فوق أصفهان، عرضت إيران صورَ حطامها على التلفزيون.

وظهر المرشد الإيراني علي خامنئي في تسجيلٍ قصيرٍ هو الثاني له منذ يوم الجمعة، جالساً أمام علم إيران وصورة الخميني، ومُعلناً رفضه دعوة الرئيس ترمب لـ«الاستسلام غير المشروط». وسخر خامنئي من تهديدات ترمب، قائلاً إن «الأمة الإيرانية ستصمد أمام حربٍ مفروضةٍ، كما ستقاوم سلاماً مفروضاً»، قبل أن يحذر بأن «أي تدخل عسكري أميركي سيلحق بواشنطن ضرراً لا يمكن إصلاحه».

وفي واشنطن، قال الرئيس ترمب إنّه وجّه إلى إيران «إنذاراً أخيراً»، بينما تدرس إدارته خيار التدخل العسكري دعماً لإسرائيل. وأكّد في تصريحات من البيت الأبيض، أمس، أنّ «صبر الولايات المتحدة نفد». ورغم ازدياد التكهنات بانخراط أميركي مباشر، أبقى ترمب الباب مفتوحاً بقوله: «قد نتدخل، وقد لا نفعل؛ لا أحد يعلم ما سأقرره».

وكشف ترمب أن مسؤولين إيرانيين عرضوا زيارة البيت الأبيض للتفاوض على برنامجهم النووي في محاولة لوقف الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ الجمعة، غير أنّه وصف المبادرة بأنها «متأخرة جداً».

من جانبها، جددت روسيا عرضها التوسّط بين إيران وإسرائيل، ودعت الولايات المتحدة إلى تجنّب الانخراط العسكري في هذا التصعيد، غير أن ترمب لمح إلى رفض مبادرة نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ميدانياً، يعزّز البنتاغون وجوده في منطقة الشرق الأوسط؛ إذ جرى إرسال مقاتلات «إف - 16» و«إف - 22» و«إف - 35» إضافية إلى قواعد متقدمة، فيما تتمركز قاذفات «بي - 52» في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي. ومن المقرّر أن تصل حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد» إلى شرق البحر المتوسط، الأسبوع المقبل، لتصبح ثالث حاملة أميركية في المنطقة.