قال القائم بأعمال الخارجية الإيرانية، علي باقري كني، إن طهران تواصل تبادل الرسائل مع الولايات المتحدة «لرفع العقوبات»، في إشارة إلى المسار الدبلوماسي المتعثِّر بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وأفاد باقري كني رداً على سؤال للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة، بشأن احتمال توقف المفاوضات بسبب الانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة، ولاحقاً الانتخابات الرئاسية الأميركية، بأن «تبادل الرسائل لم ينقطع قَطّ، وهي مستمرة»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.
ويشغل باقري كني منصب كبير المفاوضين الإيرانيين، منذ عودة إيران إلى طاولة المفاوضات النووية، في نهاية 2021، بعد أشهر من توقفها بسبب تغيير الحكومة في إيران. وكانت حكومة الرئيس السابق حسن روحاني قد أجرت ست جولات، قبل انتخابات الرئاسة التي فاز بها إبراهيم رئيسي قبل ثلاث سنوات.
وقلَّل باقري كني ضمناً من أهمية تقارير كشفت عن نقل ملف المفاوضات النووية إلى علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، قبل ثلاثة أشهر.
وأشرف شمخاني على المفاوضات النووية بشكل غير مباشر، عبر تحديد الخطوط العريضة للمفاوضات، عندما كان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي.
وقال باقري كني: «ليس لدينا ملف، لكن الأنشطة النووية لا تزال مستمرة تحت إشراف المجلس الأعلى للأمن القومي، في إطار قرارات النظام»، مضيفاً أن بلاده تواصل المفاوضات أيضاً بهدف رفع العقوبات، في إشارة إلى المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.
وجاء تعليق باقري كني، بعدما نأي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الثلاثاء، بنفسه عن التعليق على الأنباء المتعلقة بشمخاني. وقال كنعاني إن بلاده تواصل المفاوضات كما في السابق.
ووصل المسار الدبلوماسي بوساطة الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدودة، في سبتمبر (أيلول) 2022، عندما رفضت طهران مقترحات مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وتوقفت جولات من المحادثات غير المباشرة بين أطراف الاتفاق النووي، في مارس (آذار) 2022، بعد أسابيع من اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية. وزادت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة، في سبتمبر بإيران من تعقيد المفاوضات.
وبدأت الولايات المتحدة وإيران، الصيف الماضي، مفاوضات غير مباشرة، بوساطة عمانية، لإحياء المسار المتعثِّر، مع تقدم مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60 في المائة إلى كميات قريبة من مستويات الأسلحة النووية، لكن اندلاع الحرب في قطاع غزة وجَّه ضربة أخرى للمفاوضات.
وذكرت تقارير إيرانية أن عدم التوصل إلى النتائج المرجوة في المفاوضات النووية دفع المرشد الإيراني علي خامئني، إلى تكليف المستشار الخاص بالشؤون السياسية، علي شمخاني، تولي إدارة المفاوضات النووية، منذ مطلع مارس (آذار) الماضي، مع الحفاظ على التشكيلة الحالية لفريق المفاوضين. وترك شمخاني منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، في مايو (أيار)، العام الماضي.
وربط ناشطون بين تسريب الخبر بشأن عودة شمخاني إلى دائرة المفاوضات النووية، و«محاولات جس نبض الساحة الانتخابية» من قبل فريقه، مع اقتراب البلاد من انتخابات رئاسية مبكرة لتسمية خليفة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي.
وقالت بعض المواقع إن تسريب الخبر سببه تولي علي باقري كني، منصب القائم بأعمال وزير الخارجية، في إشارة إلى مخاوف من تأثيره على مسار المفاوضات النووية، وهو مقرب من سعيد جليلي، ممثل المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي.
وسارع فريق الرئيس السابق، حسن روحاني، بالدخول على خط التقارير بشأن إشراف شمخاني على المفاوضات. وقال محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الأسبق، إن «سياسة شمخاني كانت عدم توقيع الاتفاق النووي» خلال الشهور الأخيرة من حكومة روحاني.
وذهب واعظي أبعد من ذاك؛ عندما كشف عن ست محاولات فاشلة لروحاني من أجل إقالة شمخاني من منصبه، بسبب رفض المرشد علي خامنئي.
تأتي الأنباء عن تولي شمخاني، بعدما أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأن مفاوضات غير مباشرة، في 18 مايو الحالي، جرت بين مسؤولين إيرانيين وأميركيين في مسقط.
ونقل الموقع عن مصادر مطلعة أن جولة المفاوضات هي الأولى، منذ يناير (كانون الثاني)، وشارك فيها بريت ماكغورك، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، وأبرام بالي المبعوث الأميركي الخاص بإيران. ولم يكشف الموقع عن هوية المسؤولين الإيرانيين الذين شاركوا في «المحادثات التي تناولت المخاوف الأميركية بشأن وضع البرنامج النووي الإيراني».
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال دبلوماسيون لوكالة «رويترز» إن فرنسا وبريطانيا تضغطان من أجل إصدار قرار جديد في اجتماع مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، الأسبوع المقبل، وهو ما لم تؤيده الولايات المتحدة حتى الآن.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميللر، إن «التقرير غير صحيح؛ لم نمارس ضغوطاً على أي بلد للتصويت ضد أي قرار في هذا الصدد، أو الامتناع عن التصويت عليه». وتابع: «نعمل بنشاط على زيادة الضغوط على إيران من خلال مزيج من العقوبات والردع والعزلة الدولية لمواجهة سلوكها المزعزع للاستقرار ومنعها من الحصول على سلاح نووي».
وأفاد تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن محادثاتها مع طهران عُلقت إثر وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي، وأشار التقرير المرسل للدول الأعضاء في مجلس المحافظين إلى «تصريحات علنية جديدة في إيران بشأن القدرات التقنية للبلاد على إنتاج أسلحة نووية، وتغييرات محتملة في العقيدة النووية».
وقالت الوكالة في تقريرها إن طهران «أبلغتها أنه بسبب ظروف استثنائية، ليس من المناسب مواصلة المفاوضات»، مشيرة إلى أنه سيتم تحديد موعد جديد في وقت لاحق.