إسرائيل تكسر القوالب وتدرس معاقبة إسبانيا والنرويج وآيرلندا

تعيد احتلال شمال الضفة وبن غفير يقتحم الأقصى

كتابات على جدران في دبلن تقول «النصر لفلسطين» بعد أن أعلنت آيرلندا الأربعاء أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية (رويترز)
كتابات على جدران في دبلن تقول «النصر لفلسطين» بعد أن أعلنت آيرلندا الأربعاء أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية (رويترز)
TT

إسرائيل تكسر القوالب وتدرس معاقبة إسبانيا والنرويج وآيرلندا

كتابات على جدران في دبلن تقول «النصر لفلسطين» بعد أن أعلنت آيرلندا الأربعاء أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية (رويترز)
كتابات على جدران في دبلن تقول «النصر لفلسطين» بعد أن أعلنت آيرلندا الأربعاء أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية (رويترز)

في الوقت الذي يطالب فيه الكثير من الإسرائيليين حكومتهم أن تفكر في وسائل عاقلة لمواجهة الغضب الدولي من ممارساتها العسكرية ضد الفلسطينيين، والتعاطي بشكل مسؤول مع التطورات والمبادرات لفتح آفاق سياسية توقف سفك الدماء وتجد حلولاً جذرية للصراع، تتجه الحكومة إلى إجراءات تهدد فيها بكسر القوالب ومواصلة التدهور نحو الاصطدام بالصخور، فهددت بإجراءات عقابية للدول الثلاث التي قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومعاقبة السلطة الفلسطينية بمصادرة أموال المقاصة، والعودة إلى الاحتلال والاستيطان في المنطقة الشمالية للضفة الغربية، كما عاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لاقتحام باحات المسجد الأقصى.

إطارات محترقة وسط اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية التي تقوم بمداهمة في جنين بالضفة الغربية الأربعاء (أ.ف.ب)

تأتي هذه الإجراءات جنباً إلى جنب، مع تصعيد كبير وخطير للعمليات الحربية في رفح وغيرها من المناطق في قطاع غزة، وكذلك في جنين وغيرها من مناطق الضفة الغربية. وقد توجه وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع، بطلب إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لاتخاذ إجراءات عقابية فورية ضد السلطة الفلسطينية، رداً على قرارات النرويج وإسبانيا وآيرلندا بالاعتراف بدولة فلسطين. وحدد الإجراءات بعقد اجتماع فوري لمجلس التخطيط الاستيطاني في «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية)، للمصادقة على بناء عشرة آلاف وحدة سكنية (استيطانية) في المستوطنات تكون جاهزة، بما يشمل المنطقة E1، التي تقطع الضفة الغربية نصفين، كذلك المصادقة على قرار في جلسة الكابينت، الخميس، لإقامة مستوطنة مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية.

سموتريتش أبلغ نتنياهو، أنه من جهته قرر التوقف عن تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية والمطالبة بإعادة جميع الأموال المحولة إليها عبر النرويج، وإلغاء «تصاريح كبار الشخصيات» من المسؤولين في السلطة الفلسطينية بشكل دائم لكل المعابر (الحواجز)، وفرض عقوبات مالية إضافية على كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية وعائلاتهم.

إسرائيليون يحيون مستوطنة «حوميش» المهجورة شمال الضفة مارس 2007 (رويترز)

وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء، بياناً مشتركاً، مع رئيس مجلس الاستيطان في شمال الضفة الغربية، يوسي دغان، مفاده بدء إنفاذ ما نصّ عليه قانون إلغاء «فك الارتباط» من شمالي الضفة الغربية، الذي تم التصويت عليه وتمريره بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست، في 21 مارس (آذار) 2023. ووجّه غالانت بتطبيق نص القانون على المستوطنات «غانيم» و«كاديم» و«حوميش» و«سانور» التي تم تفكيكها عام 2005، وذلك في إطار المساعي التي تهدف إلى منح الشرعية للبؤر الاستيطانية العشوائية شمالي الضفة الغربية، ليلغي بذلك تماماً قانون فك الارتباط مع شمال الضفة، وإتاحة العودة للاستيطان فيها.

وقال غالانت في تصريح صحافي: «لقد تمكنا من استكمال الخطوة التاريخية. السيطرة اليهودية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) تضمن الأمن، وتطبيق قانون إلغاء فك الارتباط سيؤدي إلى تطوير الاستيطان وتوفير الأمن لسكان المنطقة». أضاف: «سأواصل تطوير المستوطنات في يهودا والسامرة، لتعزيز العناصر الأمنية وأمن المواطنين، في الطرق والمستوطنات».

وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً أعلنت فيه أنها تدرس اتخاذ سلسلة إجراءات عقابية للدول الثلاث التي قررت الاعتراف بفلسطين، من بينها منع ممثلي الاتحاد الأوروبي ومؤسساته من الدخول إلى الضفة الغربية وتقديم المساعدات للفلسطينيين.

كما أصدر وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، تعليماته بعودة سفراء إسرائيل لدى الدول الثلاث إلى تل أبيب، فوراً، للتشاور، واستدعاء سفراء الدول الثلاث للتوبيخ بعد تحرك بلادهم نحو الاعتراف بدولة فلسطين. وأكد أنه يسعى إلى ألا تنضم إسبانيا إلى هذا الاعتراف بعد إعلان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في البرلمان الإسباني، إن إسبانيا ستعترف بفلسطين كدولة في 28 مايو (أيار) الحالي.

رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور خلال مؤتمر صحافي لإعلان أن النرويج تعترف بفلسطين دولة مستقلة (أ.ف.ب)

وقال، في بيان: «أوجّه اليوم رسالة شديدة اللهجة إلى آيرلندا والنرويج: لن تلتزم إسرائيل الصمت على ذلك. اعتراف آيرلندا والنرويج بدولة فلسطينية يرسل رسالة للعالم بأن الإرهاب يؤتي ثماره، وهي خطوة دعم لجهاديي (حماس) وإيران، ويقوّض حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، على حد تعبيره.

وتوجهت إسرائيل بمطالب خاصة إلى الإدارة الأميركية، كي تمارس الضغوط على الدول الغربية لمنعها من حذو الدول الثلاث بالاعتراف، وتتخذ إجراءات عقابية ضد من لا تمتثل من الدول. وأكدت مصادر سياسية أن «الإدارة الأميركية قادرة على التأثير وإيقافها». وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، توجهت إسرائيل إلى المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، كي تمارس ضغوطاً على البيت الأبيض لوقف الاعترافات.

مصادر إسرائيلية، قالت، إن عدد الدول التي تعترف بفلسطين كدولة 144 من مجموع 193دولة في الأمم المتحدة. وستسعى إسرائيل لمنع انضمام دول أوروبية وغربية أخرى إلى هذه الموجة من الاعترافات.

في شأن متصل، اقتحم الوزير بن غفير رفقة مستوطنين يهود المسجد الأقصى، الأربعاء، وذلك لأول مرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقد دخلوا من جهة باب المغاربة إلى ساحات الحرم القدسي الشريف، بحماية الشرطة الإسرائيلية، وتركزت الاقتحامات قبالة المسجد القبلي وفي الساحات الشرقية للمسجد. ونفذ المستوطنون جولات استفزازية في ساحاته، ومنهم من أدّى شعائر توراتية قبالة مسجد الصخرة قبل مغادرة الساحات من جهة باب السلسلة.

وتعد هذه الإجراءات مجتمعة بمثابة خطوات عصبية تترافق مع تصريحات عصبية من المسؤولين الإسرائيليين، توحي بأنهم يرغبون في معاقبة العالم. وفي اليمين المتطرف يسمون هذه الإجراءات «إشارات تحذير شديدة؛ كي يدرك العالم أن صاحب البيت قد جُنّ بسبب تصرفاتهم الاستفزازية. وأن كل خطوة إضافية منهم ستقابل بخطوات قاسية منا».

هذه الكلمات نفسها استخدمت بعد هجوم (حماس)، لتفسير الرد الإسرائيلي الهستيري بتدمير غزة فوق رؤوس سكانها من النساء والأطفال والمدنيين.


مقالات ذات صلة

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

المشرق العربي مئات المستعمرين في المسجد الأقصى بحماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية (وفا)

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

أفادت مصادر محلية فلسطينية بـ«اقتحام  مئات المستعمرين، اليوم (الخميس)، المسجد الأقصى المبارك، وأدوا طقوساً، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج فلسطينيون يتفقدون الدمار جراء القصف الإسرائيلي على بيت لاهيا في شمال غزة (أ.ف.ب)

السعودية تدين القصف الإسرائيلي لبيت لاهيا في غزة واقتحام الأقصى

أعربت الخارجية السعودية عن إدانة المملكة بأشد العبارات قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية منازل في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، واقتحام المستوطنين باحات الأقصى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية فتاة فلسطينية أمام مسجد قبة الصخرة في باحة المسجد الأقصى المبارك بالقدس القديمة بعد صلاة ظهر الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

نتنياهو يمنع وزراءه من الوصول إلى «الأقصى» دون إذن مسبق

في جلسة للمجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر «الكابينت»، قال نتنياهو إنه «لا يوجد تغيير في الوضع القائم بالحرم القدسي».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية صحيفة «ييتد نئمان» الناطقة باسم حزب «ديغل هتوراة» الحريدي صدرت الثلاثاء بعنوان بالعبرية والعربية يؤكد تحريم زيارة الأقصى

نتنياهو يدفع بمشروع «مضاعفة الاقتحامات» اليهودية لباحات «الأقصى»

بعد يوم من إعلان الوزير بن غفير، أنه يسعى لإقامة معبد يهودي في باحة المسجد الأقصى، دفع نتنياهو بمشروع «مضاعفة الاقتحامات».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج السعودية جددت دعوتها للمجتمع الدولي بتفعيل آليات جادة لمساءلة المسؤولين الإسرائيليين على الانتهاكات المتواصلة (الشرق الأوسط)

السعودية تدين دعوة وزير إسرائيلي إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة لتصريح وزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي دعا فيه لإقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك.


إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

جنود إسرائيليون قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة الأربعاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة الأربعاء (رويترز)
TT

إسرائيل لاستغلال «فرصة تحصل مرة كل 100 سنة» في سوريا

جنود إسرائيليون قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة الأربعاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة الأربعاء (رويترز)

لا يبدو ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الاحتلال الجديد للأراضي السورية «إجراء مؤقت» لغرض حماية أمن الدولة العبرية من هجمات المتطرفين، صادقاً، وخصوصاً بعدما قام جيشه بتدمير القدرات الدفاعية وإلحاق أضرار جوهرية في سلاح الجو السوري وسلاح البحرية وأرتال الدبابات. وفي عهد الصواريخ والطائرات المسيّرة، الأرض لا تكفي لأغراض الدفاع، حتى لو كانت قمم جبال مرتفعة؛ ولذلك فإن هناك أهدافاً أخرى لهذا الاحتلال.

هذه الأغراض ليست واضحة بعد؛ لأن إسرائيل مثل بقية الفرقاء والمتابعين في العالم والمنطقة، لم يتوقعوا انهيار نظام بشار الأسد بهذه السرعة، ولم يتخيلوا أنها تستطيع إلحاق الدمار في جيشه من دون أن تتعرض لطلقة واحدة، ولم يتصوروا أن يكون نفوذ تركيا بهذا العمق، وأن تكون قدراتها العسكرية بهذا النجاح في السيطرة على سوريا.

مدرعات إسرائيلية تقوم بمناورة في المنطقة العازلة بعد عبور السياج الأمني ​​قرب الخط الفاصل بين مرتفعات الجولان المحتلة وسوريا (أ.ب)

ومع أن الأدراج الإسرائيلية مليئة بالخطط الحربية الاحتلالية، فإن الأحداث المفاجئة جعلت كل هذه الخطط تبدو «صغيرة» أمام الواقع؛ لذا راح الإسرائيليون يعدون خططاً بديلة، جوهرها فرض حضور قوي يؤهل تل أبيب للفوز بحصة كبيرة من «الكعكة الشامية». وكما يقول الرئيس الأسبق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، تسفي هاوزر، فإن هذه «فرصة لا تحصل إلا مرة واحدة في كل مائة سنة، والاستيلاء المؤقت على المنطقة العازلة في هضبة الجولان، وكذا السيطرة في جنوب جبل الشيخ؛ خطوات تكتيكية لا تشكل جواباً استراتيجياً مناسباً فيه ما يحقق الفرصة الكبرى التي وقعت في طريقنا».

ويدرس مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، وكذلك العديد من الباحثين في الأمن القومي، كيف يمكن تحويل هذه «الفرصة التاريخية النادرة» لانهيار سوريا، إلى «تحقيق إنجازات كبرى في مدى زمني قصير، بخلاف العادة التي يمكن فيها تحقيق إنجازات صغيرة في فترة زمنية طويلة».

جندي يلوّح بعلامة النصر في أحد شوارع درعا الثلاثاء حيث أعرب سكان جنوب سوريا عن مخاوفهم من التوغلات العسكرية الإسرائيلية في منطقة يحرسها في الغالب فصائل مدنية (إ.ب.أ)

وترى إسرائيل أن من تواجهه اليوم في سوريا، ليس السوريين، بل تركيا. وهي لا تريد أن ترى في حدودها الشرقية دولة، تستبدل فيها السطوة التركية بالسطوة الإيرانية. ومع أن أنقرة تختلف عن طهران؛ كونها عضواً في حلف «الناتو» وتقيم اتصالات مباشرة مع إسرائيل، وكان رئيس المخابرات الإسرائيلية رونين بار، في زيارة لتركيا في 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، وجرى إطلاعه على الهجوم على نظام الأسد... فإن تل أبيب تشعر بأن الرئيس رجب طيب إردوغان استطاع «تتويه» الجميع، وهي بينهم. وقد فاجأها بخططه الاستراتيجية، فقررت التصدي لهذه الخطط، ما دام يتعامل مع سوريا على أنها مسلوبة الإرادة، وينوي تثبيت احتلاله في الشمال السوري، وتحويل بقية سوريا إلى دولة للتنظيمات الإسلامية الخاضعة له واستخدامها أداة لـ«تحقيق هدفه القومي بتصفية القضية الكردية».

مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي في 8 ديسمبر (أ.ف.ب)

مساندة أكراد سوريا

تل أبيب تتصدى لذلك من خلال استعراض قوة كبير؛ أولاً بتدمير الجيش السوري تماماً بعملية حربية ضخمة لم يحدث مثيل لها في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي، وتنفيذ غارات على طول سوريا وعرضها، بما في ذلك مناطق خاضعة للسيطرة التركية حالياً مثل إدلب وحلب، وباحتلال أراضٍ سورية في الجنوب مثلما تحتل تركيا أراضي في الشمال. كذلك، مساندة الأكراد، خصوم تركيا، وعرض الأسلحة عليهم. وقد أبلغتهم إسرائيل استعدادها لمنحهم الأسلحة والعتاد والذخائر التي غنمتها من لبنان وغزة وأسلحة أخرى، لمواجهة الطائرات التركية المسيّرة، ثم توجهت للسوريين الدروز في الجنوب وقدمت لهم عرضاً شبيهاً وأكثر؛ إذ سيطرت على مناطق يمكن أن تنطلق منها قوى المعارضة لمهاجمتهم.

إسقاط حدود «سايكس - بيكو»

ولا تخفي إسرائيل رغبتها في تغيير الجغرافيا السورية وإسقاط نتائج اتفاقيات «سايكس - بيكو» التي رسمت حدود سوريا الحالية، لتصبح أربع دول: واحدة لأتباع تركيا في الشمال، وأخرى للأكراد، وثالثة للدروز، والبقية دولة دمشق الضعيفة. وفي هذه الحالة تقتطع إسرائيل كل مرتفعات الجولان، لتطل من علٍ على الدولتين المجاورتين؛ دولة الدروز ودولة دمشق، وتقطع دابر التأثير الإيراني، وتحد من التأثير التركي.

جنود إسرائيليون قرب خط وقف إطلاق النار بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة الأربعاء (رويترز)

وبحسب هاوزر الذي شغل منصب سكرتير حكومة نتنياهو في عام 2009، فإنه «على إسرائيل أن تتصرف كقوة عظمى إقليمية، وأن تعمل بشكل نشط، وأن تفكر بالأمور الكبيرة، وأن تثبت حقائق حتى قبل أن يثبتها الآخرون نيابة عنها... تفكير تكتيكي محدود لإنجازات عسكرية مركزة، أو جلوس على الجدار، ميز إسرائيل في العقود الأخيرة، سيبتلع في تغيير واقع استراتيجي تمليه قوى عظمى إقليمية أخرى، وعلى رأسها تركيا. إن عمل إسرائيل في المجال السوري لا ينبغي أن يختبر حيال واقع الأمس، بل حيال واقع الغد».

تجمع حاشد لسكان بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة احتفالاً بسقوط النظام في 8 ديسمبر (أ.ب)

وفي هذا السياق، حذر خبراء إسرائيليون آخرون من خطر احتكاك عسكري مع تركيا على أرض سوريا، مؤكدين أن تصرفات الجيش على الأرض يجب أن تلائم تطورات محتملة كهذه. فإذا فهمت تركيا أن الجيش الإسرائيلي موجود بقوة في سوريا، وأنه مستعد فعلاً للقتال ولا يتهرب، كما كان يفعل قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، سترتدع.

لهذا، فإن الممارسات الإسرائيلية في سوريا ليست مؤقتة، بل تستهدف البقاء طويلاً حتى تتضح تماماً صورة الوضع هناك، أو تتوصل إلى تفاهمات مع تركيا، حول تقاسم النفوذ. فهي تراها فرصة تاريخية من ذلك النوع الذي لا يحدث سوى مرة واحدة في كل 100 سنة؛ ما يعني أنه لا يجوز إضاعتها. وفي الشهر القادم، عندما يدخل دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، سيحاول نتنياهو الدخول في سباق على قلبه، مع إردوغان، حتى يضمن كل منهما دعمه وتأييد مخططاته.