بعد يوم من إعلان وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، أنه يسعى لإقامة معبد يهودي في باحة المسجد الأقصى، كشفت مصادر سياسية أن وزير التراث اليهودي عميحاي إلياهو، قرّر مضاعفة عدد اليهود الذين يقتحمون باحات الحرم القدسي ويقيمون الصلاة من خلال تنظيم رحلات على حساب الحكومة، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صادَق على القرار وعلى تخصيص ميزانية خاصة له.
وقال عميحاي، الذي ينتمي إلى حزب بن غفير، «عوتسما يهوديت»، وهو نفسه الوزير الذي اقترح إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن وزارته وضعت خطة تقضي «بتسيير جولات برفقة مرشدين تعيّنهم الدولة في منطقة جبل الهيكل لغرض التعرف على التراث الحقيقي للشعب اليهودي في مقدساته». والتسمية «جبل الهيكل»، هي التي يستخدمها اليهود لتكريس الادعاء بأن المسجد الأقصى، بني على حطام هيكل سليمان، خصوصاً مسجد عمر (قبة الصخرة). والمتطرفون من المستوطنين يطالبون بهدم قبة الصخرة وإعادة بناء الهيكل مكانها.
وتفيد مصادر في الوزارة بأن عدد اليهود الذين يزورون باحات الحرم لا يتجاوز بضعة ألوف في الشهر، وسيدفع القرار الجديد إلى زيادة عددهم إلى عشرات الآلاف. علماً بأن الجولات الحكومية المنظمة ستبدأ خلال الأسابيع المقبلة؛ استعداداً لفترة الأعياد اليهودية.
ونقلت قناة «كان 11» عن الوزارة، أن الغرض من هذه الزيارات هو «ترسيخ الوجود اليهودي وتدعيمه في البلدة القديمة». ومن المقرر أن تشمل الإرشادات والمضامين التي سيتم تمريرها خلال هذه الاقتحامات، وفقاً للوزارة، «استعراضاً للتراث اليهودي في جبل الهيكل (الحرم القدسي)، بطرح تاريخي نقي خالٍ من الحقائق البديلة»، بحسب المسؤولين.
وكشفت «كان 11» أن المدير العام لوزارة التراث، إيتي غرنك، توجّه إلى المدير العام لمكتب بن غفير للحصول على موافقة الشرطة لتنظيم الاقتحامات للحرم القدسي الشريف. ورداً على ذلك؛ أكد نائب قائد منطقة القدس، موافقة الشرطة على الاقتحامات الممولة من الحكومة.
في تعليقها، قالت وزارة التراث الإسرائيلية، إنها «تعتزم تنظيم جولات إرشادية في جبل الهيكل، تتيح لأول مرة لآلاف اليهود والسياح الذين يزورون المكان سنوياً، سماع معلومات عن التراث اليهودي للحرم بنسخة تاريخية دقيقة خالية من الحقائق البديلة والسرديات الكاذبة التي كُتبت بهدف تعزيز أجندة معادية للسامية».
بدورها، قالت الشرطة التي تتبع لوزارة بن غفير، إنه «سيتم تنظيم هذه الزيارات في إطار الزيارات المعتادة التي تُجرى في منطقة جبل الهيكل، ووفقاً للقواعد السارية للزيارة في الموقع».
هذا، وقد رأى الفلسطينيون القرار، تصعيداً في المساس بالأقصى وتمهيداً لاعتداءات جديدة عليه. وأكد مصدر في دائرة الأوقاف التي تدير المسجد الأقصى، أن إسرائيل تسعى بشكل علني إلى تزوير تاريخ القدس المحتلة والمسجد الأقصى والترويج للأساطير اليهودية، ضاربين عرض الحائط بالمشاعر الدينية للأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي.
المعروف أن الحريديم، اليهود المتدينين المتشددين دينياً، يحرّمون زيارات اليهود للأقصى ويرونها تدنيساً لقدسية المكان. وقد أصدر رؤساؤهم الروحيون، وهم من كبار رجال الدين اليهود، فتوى رسمية بهذا الخصوص، أكدوا فيها أن المكان مقدس عند اليهود؛ لذلك لا يجوز الدوس عليه بالأقدام. مضيفين أن اقتحامه يتسبب في توتر قد يتحول صداماً يُسفك فيه دم يهودي.
صحيفة «ييتد نئمان» الناطقة باسم حزب «ديغل هتوراة» الحريدي، صدرت الثلاثاء، بعنوان باللغتين العبرية والعربية، جاء فيه أنه «يمنع منعاً باتاً صعود اليهود لجبل الهيكل – باحة الأقصى – هذا هو رأي (فتوى) كل رجال الفقه والإفتاء اليهود على مر العصور، ولم يتغير ولا يزال ساري المفعول حتى الآن».
وهاجمت الصحيفة بن غفير بقولها، إن «المريض بإشعال الحرائق السياسية يشعل المنطقة»، وأن «الوزير بن غفير يشكل خطراً على يهود الأرض المقدسة».
وكان رئيس حزب شاس الحريدي، إريه درعي، قد توجّه إلى نتنياهو طالباً لجم بن غفير ورفاقه في الحزب، ومنع الصلاة اليهودية في الأقصى. فأبلغه نتنياهو بأنه «لا تغيير في الوضع الراهن في جبل الهيكل»، لكنه من جهة ثانية يمول مشروعاً ضخماً لزيادة الاقتحامات. وفي الوقت ذاته يعلن بن غفير أن سياسته ستغير الوضع الراهن بالسماح لليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى من الصلاة فيه، وقال أمس إنه يريد تطوير هذا النهج بحيث يتم بناء كنيس في باحات المسجد، وهو أمر لم يسبق له مثيل منذ احتلال إسرائيل مدينة القدس سنة 1967.