تقرير: هل يشعل غياب رئيسي صراعاً على السلطة في إيران؟

الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي (إ.ب.أ)
TT

تقرير: هل يشعل غياب رئيسي صراعاً على السلطة في إيران؟

الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي (إ.ب.أ)

قبل ثلاث سنوات، عندما فاز إبراهيم رئيسي بالرئاسة الإيرانية في انتخابات وصفها الكثيرون بـ«المزورة»، اعتقد بعض الإيرانيين أن ذلك كان بمثابة نقطة انطلاق إلى منصب أكبر، وهو منصب «المرشد».

ويبلغ المرشد الحالي علي خامنئي، من العمر 85 عاماً، وبعد وفاته؛ كان من المؤكد أن رئيسي كان سيحاول أن يحل محله، وفقاً لما ذكرته مجلة «إيكونوميست».

لكن يبدو أن القدر كان له رأي آخر، وبدلاً من أن يساهم فوز رئيسي بالرئاسة في دفعه لتولي منصب المرشد، فقد كلفه حياته.

ومن نواحٍ عديدة، كان رئيسي شخصية صورية، حيث كان ينظر إلى خامنئي على أنه الحاكم الفعلي للبلاد. لكن رغم ذلك، فإن موت الرئيس الإيراني سيهز السياسة الإيرانية بكل تأكيد. فهو سيجبر النظام على العثور على رئيس جديد في وقت قصير، وفي ظل ظروف صعبة وتحديات كثيرة تمر بها البلاد.

لقد كان رئيسي مرشحاً توافقياً مثالياً لنظام متحيز. ولا يمكن لأحد أن يشكك في مؤهلاته المتشددة، حيث لُقب بـ«جزار طهران»، وقد كان أحد «الفرسان الأربعة» في «فرقة الموت» الذين نفذوا أوامر مؤسس النظام الديني في إيران ومرشده الأول الخميني في أكبر موجة إعدامات استهدفت نحو 3800 سجين سياسي أكثرهم دون سن 25 سنة عام 1988.

صراع داخلي

وفقاً لتقرير «إيكونوميست»، كان رجال الدين المحافظون يأملون في استخدام رئيسي لتعزيز مصالحهم. وكذلك فعل العسكريون في الحرس الثوري الإيراني، وكل منهما كان يحاول تعزيز سلطته في البلاد وسيطرته عليها.

ويبدو أن الحرس الثوري الإيراني يمر بمرحلة صعود سياسي كبيرة، حيث أصبح نفوذه قوياً وملموساً، ويمكن رؤية ذلك جلياً في هجوم إيران الأخير وغير المسبوق على إسرائيل.

فالشهر الماضي، شنت إيران أول هجوم مباشر في تاريخها على إسرائيل أطلقت خلاله أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنّح ومسيّرة، وذلك رداً على ضربة جوية دمّرت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل (نيسان)، وأسفرت عن مقتل سبعة من مسؤولي «الحرس الثوري» الإيراني على رأسهم القيادي محمد رضا زاهدي قائد تلك القوات في سوريا ولبنان، واتُهمت إسرائيل بتنفيذها.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن «الحرس الثوري» سيرغب في اختيار الرئيس الإيراني المقبل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن شاغل هذا المنصب يتعرض للوم المستمر من قبل الجمهور بسبب الوضع الاقتصادي البائس لإيران.

إيراني يقرأ خبر تحطم مروحية رئيسي في إحدى الصحف (أ.ف.ب)

لكن دور «الحرس الثوري» يمكن أن يركز على صراع آخر للسلطة، التي ينظر إليها على أنها السلطة الحقيقية في البلاد، وهي سلطة المرشد الأعلى.

فقبل وفاة رئيسي، اعتقد الإيرانيون أن هناك مرشحين رئيسيين فقط لتولي منصب المرشد بعد وفاة خامنئي وهما الرئيس الإيراني الراحل، ومجتبى خامنئي، نجل المرشد.

ومع ذلك، لم يكن لأي من هذين المرشحين الأوفر حظاً تقدم واضح في هذا الشأن، حيث لم يكن رئيسي يحظى بشعبية، وكان مجتبى يمثل انتقالاً وراثياً للسلطة في نظام وصل إلى السلطة عن طريق الإطاحة بالملكية الوراثية.

وبعد موت رئيسي، يبدو أن مجتبى لديه طريق واضح للوصول إلى منصب المرشد خلفاً لوالده، وهو الاعتماد على «الحرس الثوري» الإيراني للتصدي لأي رد فعل عنيف مناهض لتوليه المنصب، وهذا بدوره يمكن أن يعزز دور «الحرس الثوري» الإيراني داخل النظام.

وقد تتطور إيران من نظام عسكري ديني هجين إلى نظام عسكري أكثر. وقد يعني ذلك أن الدولة ستكون أقل تشدداً من الناحية الدينية داخلياً، لكنه يعني أيضاً أنها ستواجه المزيد من العداء في الخارج بسبب اشتداد نفوذ«الحرس الثوري».

تداعيات كبيرة

وقال جويل روبين، نائب مساعد وزير الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما، لمجلة «نيوزويك»: «إن مقتل رئيسي والوفد المرافق له سيكون له تداعيات كبيرة داخل إيران وخارجها».

وتابع: «هذا لأن رئيسي تم اختياره من قبل المرشد ، الشخص الذي يتولى المسؤولية في نهاية المطاف في إيران، ليس فقط رئيساً ولكن أيضاً وريثاً محتملاً له. إن خسارة رئيسي من شأنها أن تضع القيادة الإيرانية في حالة من الاضطراب، في الوقت الذي تزداد فيه تحركاتها الداخلية والخارجية عدوانية».


مقالات ذات صلة

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا مقر سفارة إيران في برلين (د.ب.أ)

ألمانيا: قنصليات إيران الثلاث مغلقة رسمياً منذ الاثنين

أُغلقت القنصليات العامة الإيرانية الثلاث في ألمانيا في مدن هامبورغ وميونيخ وفرانكفورت رسمياً أمام الجمهور اعتباراً من أول أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (برلين)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين بارتكاب «جرائم حرب» في غزة التي تجاوز عدد ضحاياها، أمس، 44 ألف قتيل.

وجاء أمر المحكمة ليشمل كلاً من نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» محمد الضيف. وقالت المحكمة إنها وجدت أسباباً وجيهة لاتهامهم بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب».

وبعدما أعلن نتنياهو رفضه القرار، اتهم «الجنائية الدولية» بـ«معاداة السامية» على حد زعمه. أما المدّعي العام للمحكمة، كريم خان، فقد طالب الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 دولة بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف.

وأعرب متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن رفض واشنطن بشكل قاطع للقرار بحق المسؤولين الإسرائيليين.

لكن دولاً أوروبية، أكدت التزامها القانون الدولي بشكل عام، مع تحفظ البعض عن تأكيد أو نفى تنفيذ أمر الاعتقال. وشدد مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على أن «جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، ملزَمة تنفيذ قرارات المحكمة».

ورحبت السلطة الوطنية الفلسطينية بالقرار، ورأت أنه «يُعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته»، وكذلك أيدته حركة «حماس» وعدّته «سابقة تاريخيّة مهمة»، من دون الإشارة إلى المذكرة بحق الضيف.