تركيا: سجن صلاح الدين دميرطاش 42 سنة في قضية «احتجاجات كوباني»

أحكام رادعة تفجر غضباً واتهامات بتسييس القضاء

صورة متداولة للزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش (أرشيفية)
صورة متداولة للزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش (أرشيفية)
TT

تركيا: سجن صلاح الدين دميرطاش 42 سنة في قضية «احتجاجات كوباني»

صورة متداولة للزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش (أرشيفية)
صورة متداولة للزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش (أرشيفية)

عاقبت محكمة تركية الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش بالسجن 42 عاماً في القضية المعروفة بـ«احتجاجات كوباني»، التي تعود إلى 8 و10 أكتوبر (تشرين الأول) 2014.

وأعلنت الدائرة 22 للمحكمة الجنائية العليا في أنقرة، التي عقدت جلسة للنطق بالحكم في القضية الخميس وسط إجراءات أمنية مشددة، قرارها في القضية، والذي تضمن أحكاماً بالسجن لفترات طويلة على كل من الرئيسين المشاركين السابقين لحزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسكداغ، وأحكاماً أخرى بالسجن والبراءة على باقي المتهمين وعددهم 106 متهمين، بينهم نواب عن الحزب ورؤساء بلديات وأعضاء بارزون.

عقوبات مشددة

وبلغ مجموع الأحكام الصادرة في القضية بحق دميرطاش 42 سنة سجناً، بتهم المساعدة على الإخلال بسلامة الدولة، وتحريض الناس على ارتكاب جريمة، والدعاية لمنظمة إرهابية، وتحريض الناس على عصيان القانون.

وشهدت المحكمة احتجاجات من هيئة الدفاع عن المتهمين، حيث قام المحامون بالضرب على الطاولات، وترديد هتاف «تحيا كوباني»، كما قام نواب وحضور آخرون برفع صور لدميرطاش مع شعارات تؤكد أنها محاكمة سياسية، ما اضطر هيئة المحكمة إلى رفع الجلسة ساعات عدة.

وشهد جلسة النطق بالحكم نواب برلمانيون من حزبي «الديمقراطية ومساواة الشعوب» المؤيد للأكراد، و«الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، وممثلون لمنظمات حقوقية تركية وأوروبية.

وعاقبت المحكمة الرئيسة المشاركة لحزب «الشعوب الديمقراطية» فيجان يوكسكداغ بالسجن لمدة 30 سنة و3 أشهر، بتهمتي الإخلال بوحدة وسلامة الدولة، والتحريض على ارتكاب جريمة. كما قضت المحكمة بالسجن لمدة 10 سنوات بحق السياسي الكردي المخضرم رئيس بلدية ماردين، جنوب شرقي تركيا، أحمد تورك.

وعوقب عضو المجلس التنفيذي المركزي السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، علي أوركوت بالسجن 13 سنة و4 أشهر بتهمة «المساعدة في جريمة الإخلال بوحدة وسلامة الدولة»، و4 سنوات و6 أشهر بتهمة «التحريض على ارتكاب جريمة».

وحكم على ألب ألطنورس بالسجن 18 سنة و4 سنوات و6 أشهر على التوالي عن الجرائم ذاتها، وحكم على بولنت بارماكسيز بالسجن 13 سنة و4 أشهر بتهمة «التحريض على ارتكاب جريمة».

وعاقبت المحكمة النائبة السابقة عن حزب «الشعوب الديمقراطية»، آيلا آكات آتا، بالسجن 9 سنوات و9 أشهر بتهمة «الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة»، وأمينة آينا بالسجن 10 سنوات عن الجريمة ذاتها، وعلى العضوتين عائشة ياغجي وأينور آشان بالسجن لمدة 9 سنوات لكل منهما، وتقرر إطلاق سراح آيلا أكات آتا وعائشة ياغجي لانقضاء مدة العقوبة.

كما قضت المحكمة ببراءة النواب السابقين لحزب «الشعوب الديمقراطية» أيسل توغلوك، وألطان تان، وأيهان بيلجن وسري ثريا أوندر، وبروين أوزغو كوس، وبيرجان يورولماظ، وجان ميميش، وأمينة بايزا أوستون.

غضب من الأحكام

وأثارت الأحكام الصادرة في القضية، وهي قابلة للطعن عليها في الاستئناف ثم النقض، غضباً من جانب حزب « الديمقراطية ومساواة الشعوب» الذي عدّها أحكاماً سياسية مبنية على أدلة ملفقة.

وقال الحزب، في بيان على حسابه في «إكس»، إن «العقوبات التي فرضت على زملائنا المحتجزين رهائن في (مؤامرة كوباني) لا يمكن أن تردعنا، وعلى من يوجهون ضربة للديمقراطية أن يعلموا أننا سنهدم مؤامراتهم، وسننتصر».

وقال الرئيسان المشاركان للحزب، الذي يعد البديل لحزب «الشعوب الديمقراطية» الذي يواجه دعوى لحله تنظرها المحكمة الدستورية منذ 2021، تولاي حاتم أوغللاري وتونجر باكيرهان، في كلمة وسط حشود تجمعت أمام المحكمة عقب النطق بالحكم، إن هذا الأحكام الصادرة في القضية، التي وصفاها بـ«المؤامرة» هي دليل جديد على سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء وتسييسه.

وعشية انعقاد جلسة النطق بالحكم في القضية، أصدر 159 من الأكاديميين والكتاب ونواب البرلمان والمحامين، بياناً مشتركاً طالبوا فيه بإطلاق سراح المعتقلين في نطاق القضية، التي قضت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بأنها ذات دوافع سياسية.

ومن المتوقع أن تثير الأحكام الصادرة في القضية حالة من الغضب والاحتجاجات في المناطق ذات الأغلبية الكردية في شرق وجنوب شرقي تركيا.

أحداث «كوباني»

وتفجرت احتجاجات كوباني في 8 و10 أكتوبر 2014 بسبب اتهام الجيش التركي بالصمت إزاء حصار «تنظيم داعش» الإرهابي لمدينة كوباني (عين العرب) في شمال سوريا، ذات الأغلبية الكردية، على الرغم من رؤية ذلك من الجانب التركي من الحدود.

ولقي 37 شخصاً حتفهم في الاحتجاجات، واتهم 108 من السياسيين والنواب الأكراد بينهم، دميرطاش ويوكسكداغ، في إطار القضية بتهديد وحدة وسلامة الدولة، والتحريض على التظاهر، وارتكاب جرائم والترويج للإرهاب.

وعادت القضية إلى الواجهة عام 2021، حيث اعتقلت السلطات التركية عدداً من قيادات حزب «الشعوب الديمقراطية»، ووجهت إليهم تهماً، منها «تهديد وحدة البلاد»، و«القتل العمد بحق 37 شخصاً»، و«إهانة علم البلاد» وغير ذلك، بسبب بيانات حملت توقيع دميرطاش، أو تغريدات وتدوينات على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب المواطنين الأكراد بالخروج إلى الشوارع والتظاهر ضد دخول القوات التركية مدينة كوباني.

وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن القضية مسيسة، وأنها استهدفت سياسيين أكراداً معتقلين بالأساس منذ عام 2016.


مقالات ذات صلة

تركيا: أكثر من 30 ألف لاجئ عادوا لسوريا منذ سقوط الأسد

المشرق العربي سوري يحمل أغراضه لدى عبوره الحدود من تركيا إلى سوريا 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تركيا: أكثر من 30 ألف لاجئ عادوا لسوريا منذ سقوط الأسد

عبَر أكثر من 30 ألف لاجئ سوري الحدود التركية إلى بلدهم، خلال الأيام الـ17 الأخيرة، وفق ما أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو مستقبلاً رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان بمقر حزبه في أنقرة (موقع حزب المستقبل)

تركيا: 3 أحزاب معارضة تشكل مجموعة برلمانية جديدة

اتفقت 3 أحزاب تركية على تشكيل مجموعة مشتركة بالبرلمان، في وقت حالت ظروف جوية دون إتمام أول زيارة لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قسد» تواصل القتال على محور سد تشرين ضد الفصائل الموالية لتركيا بعدما سيطرت على منبج (غيتي)

قتال عنيف بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين

وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري» وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي أسفرت عن قتلى مصابين من الجانبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عامل يفحص صمامات الأنابيب المرتبطة بخزانات النفط في ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، 19 فبراير 2014 (رويترز)

تركيا تسعى لتزويد سوريا بالطاقة والتعاون في مجال النفط والغاز

قال وزير الطاقة التركي إن بلاده تسعى لتزويد سوريا بالكهرباء وتعزيز بنيتها التحتية للطاقة، وإنها قد تتعاون أيضاً مع سوريا في مشاريع النفط والغاز.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

تراجع إضافي في شعبية نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - رويترز)
TT

تراجع إضافي في شعبية نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - رويترز)

أشارت نتائج استطلاع الرأي الأسبوعي لصحيفة «معاريف» إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فَقَدَ المقاعد الثلاثة التي حظي بها قبل 3 أسابيع، مقعدين في الأسبوع الماضي، ومقعداً هذا الأسبوع، وكذلك خسر ائتلافه الحاكم مقعداً إضافياً، وبذلك ابتعد خطوة أخرى عن القدرة على تشكيل حكومة. وإذا جرت الانتخابات اليوم، فلن يستطيع تشكيل حكومة في أي سيناريو.

وتُشير النتائج هذا الأسبوع أيضاً إلى أن حزب الصهيونية الدينية لليمين العقائدي بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لم يتجاوز نسبة الحسم هذا الأسبوع أيضاً، بل هبط إلى 1.6 بالمائة من الأصوات (نسبة الحسم التي يحتاج إليها كل حزب هي 3.25 بالمائة)، ومن يستفيد من هذا السقوط هو شريك سموتريتش في الكتلة، إيتمار بن غفير، الذي سينفرد بالأصوات. ولكن بن غفير أيضاً يخسر مقعداً هذا الأسبوع، ويهبط إلى 8 مقاعد، فيما لو خاضا الانتخابات بقائمتين منفصلتين.

نتنياهو في المحكمة المحصنة بتل أبيب (أرشيفية - إ.ب.أ)

وعندما سُئل الجمهور كيف سيصوت إذا جرت الانتخابات اليوم، بدا أن «الليكود» وبقية أحزاب الائتلاف الحاكم تحصل مجتمعة على 48 مقعداً، أقل بمقعد واحد عن الأسبوع الماضي، علماً بأنها تمتلك اليوم 64 مقعداً، وبهذا يكون بحاجة إلى 13 مقعداً إضافياً على الأقل حتى يستطيع تشكيل حكومة، في حين تحصل المعارضة على 72 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وفي حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة. إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً (بخسارة مقعد واحد عن الأسبوع الماضي)، في حين يحصل نتنياهو على 21 مقعداً (وهو عدد المقاعد نفسه من الأسبوع الماضي). ويحصل ائتلافه الحاكم على 44 مقعداً (كما كان حاله في الأسبوع الماضي). وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 65 مقعداً، وإلى جانبها الأحزاب العربية، التي ارتفعت هذا الأسبوع بمقعد واحد، وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه معهد لزار للبحوث برئاسة د. مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» كل يوم جمعة، ليوضح مزاج الجمهور إزاء قيادته السياسية. وسئل المواطنون فيه: «لو أجريت الانتخابات للكنيست اليوم، وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنت ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 23 مقعداً (أي أنه يخسر ثلث قوته الحالية المؤلفة من 32 مقعداً)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 20 (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد يرتفع بمقعد آخر هذا الأسبوع، عن الأسبوع الماضي، ويحصل على 16 مقعداً (يوجد له اليوم 24)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان، يرتفع بمقعد واحد إلى 15 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون»، برئاسة الجنرال يائير غولان، يتراجع هذا الأسبوع مقعداً واحداً عن الأسبوع الماضي، ويحصل على 11 (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، بقيادة أريه درعي يرتفع إلى 10 مقاعد (يوجد له اليوم 10)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير ينخفض إلى 8 مقاعد هذا الأسبوع (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 7 (يوجد له اليوم 7)، وتكتل الحزبين العربيين، «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» و«الحركة العربية للتغيير» بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 6 (بعدد المقاعد نفسه في الأسبوع الماضي) و«القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية» بقيادة النائب منصور عباس 4 (كما هو في الأسبوع الماضي).

بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 48 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 72 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 (25 في الأسبوع الماضي)، «الليكود» 21 (21)، «المعسكر الرسمي» 13 (14)، «يوجد مستقبل» 11 (11)، «الديمقراطيون» 9 (9) «شاس» 9 (8)، «يهدوت هتوراة» 7 (7)، «إسرائيل بيتنا» 8 (8)، «عظمة يهودية» 8 (9)، «الجبهة/العربية» 6 (6)، «الموحدة» 5 (4). وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية. ويسقط حزب سموتريتش.

وسئل الجمهور عن رأيه في استئناف الحكومة تشريعات ما يُسمى «خطة الإصلاح القضائي» التي تهدف إلى إضعاف جهاز القضاء، فقال 52 بالمائة إنهم يعارضون ذلك، فيما أيده 35 بالمائة، ولم يعبر 13 بالمائة عن موقف.

وبرز في الاستطلاع الانقسام السياسي الحاد لدى الجمهور، وتبين أن 72 بالمائة من ناخبي أحزاب الائتلاف، وبنسبة مرتفعة جداً بين ناخبي حزب «الليكود»، يؤيدون دفع الخطة قدماً، في حين أن 85 بالمائة من ناخبي أحزاب المعارضة يعارضون ذلك.