روحاني يحذر من تقويض صلاحيات «رؤساء الجمهورية» في إيران

وجّه انتقادات لاذعة إلى «مجلس صيانة الدستور»

روحاني خلال آخر لقاء جمع خامنئي وأعضاء مجلس خبراء القيادة المنتهية ولايته في 7 مارس الماضي (موقع المرشد)
روحاني خلال آخر لقاء جمع خامنئي وأعضاء مجلس خبراء القيادة المنتهية ولايته في 7 مارس الماضي (موقع المرشد)
TT

روحاني يحذر من تقويض صلاحيات «رؤساء الجمهورية» في إيران

روحاني خلال آخر لقاء جمع خامنئي وأعضاء مجلس خبراء القيادة المنتهية ولايته في 7 مارس الماضي (موقع المرشد)
روحاني خلال آخر لقاء جمع خامنئي وأعضاء مجلس خبراء القيادة المنتهية ولايته في 7 مارس الماضي (موقع المرشد)

حذر الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني من تقويض «جمهورية» النظام السياسي، المتمثلة بمؤسسة الرئاسة في إيران، وذلك في رسالة احتجاجية شديدة اللهجة ضد ما وصفها بـ«لائحة اتهامات» صدرت ضده من الهيئة المشرفة على الانتخابات الإيرانية، على خلفية رفض طلبه الترشح لانتخابات «مجلس خبراء القيادة»، التي جرت تزامناً مع الانتخابات التشريعية، مطلع مارس (آذار) الماضي.

وأصر روحاني منذ استبعاده من خوض الانتخابات على توضيح أسباب إقصائه، عبر سبع رسائل وجهها إلى «مجلس صيانة الدستور»، الهيئة المشرفة على الانتخابات الإيرانية، بما في ذلك البت في أهلية المرشحين.

وكان رفض طلب ترشح روحاني من مفاجآت الانتخابات التي جرت بعد ثماني سنوات، لتسمية 88 رجل دين متنفذاً في «مجلس خبراء القيادة» المعني بتسمية خليفة المرشد الحالي، علي خامنئي، إذا تعذرت ممارسة مهامه خلال السنوات الثماني المقبلة.

وأثار رفض الأهلية السياسية لروحاني تساؤلات في الأوساط السياسية، نظراً لسجله السياسي، خصوصاً تولي رئاسة الجمهورية 8 سنوات (2013-2021)، ومنصب الأمين العام لـ«المجلس الأعلى للأمن القومي» لمدة 16 عاماً خلال عهد الرئيسين الإصلاحي محمد خاتمي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني، وكذلك عضوية «مجلس الخبراء» لمدة 24 عاماً (ثلاث دورات).

وكشف روحاني، اليوم الاثنين، عن تفاصيل رسالة «سرية» من رئيس «مجلس صيانة الدستور»، أحمد جنتي، أوضح فيها أسباب رفض طلب الرئيس السابق. ويعد المجلس من أبرز الهيئات الخاضعة لصلاحيات المرشد الإيراني علي خامنئي، إذ يختار نصف أعضائها الـ12 مباشرة ويختار النصف الآخر، رئيس القضاء، وهو من المسؤولين الذين يسميهم المرشد الإيراني.

أسباب

وحسب بيان نشره موقع روحاني الرسمي، فإن الرد من «مجلس صيانة الدستور» جاء بعد أربع رسائل طالبه فيها بشرح أسباب رفض طلبه، وثلاث رسائل أخرى طلب فيها تقديم وثائق تدعم الأسباب.

واكتفى روحاني بالإشارة العابرة لنقاط وردت في رسالة «مجلس صيانة الدستور»، لافتاً إلى أنه واجه اتهامات «الإساءة للجهاز القضائي ومجلس صيانة الدستور» و«الافتقار للمعرفة والرؤية السياسية»، و«عدم الالتزام بالدستور» و«التعرض للاعتقادات الدينية الراسخة» و«عدم الوثوق».

ومع ذلك، قدم روحاني شرحاً مفصلاً تجاوز أكثر من 5 آلاف كلمة على الاتهامات المذكورة. وقال في مقدمة رده: «هذا ليس دفاعاً شخصياً، إنما دفاع عن الجمهورية والنظام، دفاع لا يجب إضعافه أكثر من هذا باعتباره المحامي المباشر لكل الشعب الإيراني». وأضاف: «لن أبقى صامتاً في وجه هذا الظلم».

وأفاد: «(مجلس صيانة الدستور) يتحدث عن السجل الرئيس الشرعي للبلاد بطريقة، كأن المسؤول الثاني في البلاد(الرئيس)، معارضاً للنظام السياسي».

وحذر روحاني بذلك من أن «على رؤساء الجمهورية المقبلين (في حال بقاء المنصب ومؤسسة الرئاسة) أن يعلموا أن لائحة الاتهامات هذه ستؤدي إلى حرمانهم من الحرية السياسية». وقال: «على رؤساء الجمهورية اتباع مجلس صيانة الدستور بدلاً من (نص) الدستور، ومن رئاسة الجمهورية يجب أن يكتفوا برئاسة الجهاز التنفيذي على مستوى بعض القضايا الإدارية».

وفي إشارة ضمنية إلى قضية خلافة خامنئي، قال روحاني في بيان: «أعرف سبب حساسية البعض لحضور الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة».

وخاطب روحاني مواطنيه، قائلاً: «بشَوْك في العين وعَظم في الحنجرة قاومت التعرض على حقوق الشعب والحكومة لمدة ثماني سنوات».

صورة نشرها موقع روحاني من كلمته خلال مراسم الذكرى السابعة لحليفه الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني 11 يناير الماضي

«الرؤية السياسية»

وأعاد روحاني اتهامه بـ«الافتقار للرؤية السياسية» إلى انفتاح حكومته على الغرب، خصوصاً المفاوضات التي انتهت بالاتفاق النووي لعام 2015، وقال: «رسالة أمين مجلس صيانة الدستور تزعم دون تقديم أي أدلة بعدم إطلاعي على الهجمات الغربية، واتهام التوجه نحو الغرب، وتنفيذ الاتفاق على نحو خاطئ».

ولفت روحاني إلى أن رسالة مجلس صيانة الدستور «تصدر أحكاماً غير موثقة بشأن الاتفاق النووي والسياسة الخارجية والإقليمية».

ودافع روحاني عن إبرام الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة في عام 2015، وقال إنه «أهم أمثلة الاعتدال في الداخل والتعامل البناء في الخارج»، مشدداً على أن «تخطي العقوبات كان من بين أهم أهداف (الاتفاق النووي) وتمكنا من بلوغ أهدافنا في أقل من عامين، ورغم ظهور الرئيس غير العادي في الولايات المتحدة (دونالد ترمب) حافظنا على الاتفاق النووي، وبقي الطريق مفتوحاً أمام الحكومة الأميركية والإيرانية لإحياء الاتفاق النووي».

واتهم روحاني، البرلمان وكذلك «مجلس صيانة الدستور»، بعرقلة جهود حكومته لإحياء الاتفاق النووي في شهورها الأخيرة. وقال: «رغم عراقيل البرلمان ودعم مجلس صيانة الدستور، لكن حتى الحكومة الحالية التي ترى هويتها في نفي الحكومة السابقة ليس بمقدورها الانسحاب من الاتفاق النووي، ولا تملك الإرادة لإحيائه».

وتعود إشارة روحاني إلى قانون أقره البرلمان الإيراني في مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020، بعدما تأكد فوز الرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، وهزيمة دونالد ترمب. واتخذت إيران بموجب القانون الملزم للحكومة خطوات كبيرة في الابتعاد عن الاتفاق النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسب 20 و60 في المائة، وإعادة عجلة التخصيب إلى منشأة فوردو، ووقف البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، وتقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإنتاج محدود لمعدن اليورانيوم، وهي خطوات تزامنت مع المسار الدبلوماسي الذي بدأ في نهاية حكومة روحاني، وتعثر بعد 7 أشهر من تولي إبراهيم رئيسي.

«اتفاق باطلاع المرشد»

وقال روحاني: «(مجلس صيانة الدستور) يتهمني بالتعجيل في تنفيذ الاتفاق النووي غير مدركين لحقيقة أنه لم يتم الالتزام بالقانون بالكامل فحسب، بل تحققت توقعات الشعب في التوصل إلى اتفاق أسرع وحماية أكبر لإنجازات الاتفاق النووي ومنع العدو من تقديم الأعذار لانتهاك الاتفاق».

وتابع: «بدلاً من تكرار مزاعم أصحاب النشرات الإخبارية الخاصة، يجب على فقهاء (مجلس صيانة الدستور) قراءة نص الاتفاق النووي، الذي وافق عليه المرشد بعد عشرات الساعات من مناقشته في المجلس الأعلى للأمن القومي والبرلمان، قبل الموافقة عليه». وأضاف: «على ما يبدو السادة لا يعلمون أن تنفيذ الاتفاق النووي جرى تحت إشراف هيئة من رئاسة الجمهورية والبرلمان وممثلي المرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي ومستشار المرشد في الشؤون الدولية ووزير الخارجية والدفاع ورئيس المنظمة الذرية، واطلاع المرشد».

في هذا السياق، رفض روحاني اتهام حكومته بالتقاعس في السياسة الخارجية مع الدول غير الغربية، واصفاً ذلك بـ«الكذبة التي تحولت إلى اعتقاد». وقال إن «العلاقات بين إيران وروسيا وصلت إلى أعلى مستوياتها بعد الثورة»، مشيراً إلى إبرام اتفاقيات حول شراء المعدات العسكرية، منها منظومة «إس 300»، والاتفاق على ممر الشمال إلى الجنوب. وبشأن الصين، قال روحاني إن العلاقة بين البلدين «وصلت إلى مستويات استراتيجية، انتهت بإبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين بكين وطهران.

وقال روحاني: «السؤال الأساسي أن الأغلبية الساحقة للشعب ترى في الرئيس المنتخب الرؤية السياسية المطلوبة، لكن على أي قانون استند بعض الأشخاص الذين لديهم سجلات ومعلومات محدودة، ولا تحظى توجهاتهم بتأييد غالبية الشعب، في إصدار الأحكام ضد الرؤية السياسية للرئيس».

وكانت عضوية «مجلس خبراء القيادة» آخر محاولة لروحاني للبقاء على نفوذه الذي تراجع منذ مغادرة مكتب الرئاسة في أغسطس (آب) 2021. ولم يمنحه المرشد علي خامنئي عضوية مجلس تشخيص مصلحة النظام على غرار الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.

ماذا ينتظر روحاني؟

وقالت صحيفة «آرمان ملي»، المحسوبة على فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي، على صفحتها الأولى، إن روحاني «يمر بأيام صعبة». وتساءلت الصحيفة عن حظوظ روحاني في الحصول على موافقة «مجلس صيانة الدستور» إذا ما قرر الترشح لولاية رئاسية ثالثة العام المقبل.

وقالت: «ليس من الواضح ما إذا كان يصر روحاني على الترشح للرئاسة، أو يمكن أن يقدم مرشحاً مطلوباً لمساعدة الناس، وأن يتوصل إلى ائتلاف مع محمد خاتمي والآخرين لتقديم مرشح آخر». ولم تستبعد الصحيفة أن يعمل روحاني على تهيئة الأجواء للحصول على موافقة للترشح في الانتخابات.

ومع ذلك تساءلت: «ما هو المسار الذي سيسلكه روحاني؟ هو ليس مثل هاشمي رفسنجاني صاحب التأثير الكبير على المجتمع والمعادلات السياسية والدولية على الرغم من استبعاده، ولا يشبه خاتمي الذي لديه الكثير من المؤيدين ويمكنه التأثير على الحركات السياسية».


مقالات ذات صلة

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران، خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان على هامش استقباله لرجال دين الأربعاء

بزشكيان: لا يمكن إدارة إيران بالطريقة الحالية

قال الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان إن إدارة البلاد بالطريقة الحالية «غير ممكنة»، مشدداً على الحاجة إلى اتخاذ «قرارات صعبة».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

قال ظريف إن بزشكيان مستعد لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس قانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية»، في تراجع عن انتقادات سابقة.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بلينكن: إيران تستطيع إنتاج مواد لصنع سلاح نووي خلال أسبوع أو اثنين

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الجمعة)، أن إيران قادرة على إنتاج مواد انشطارية بهدف صنع قنبلة نووية «خلال أسبوع أو اثنين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة وزعتها «الذرية الإيرانية» لأجهزة طرد مركزي من الجيل السادس في معرض للصناعة النووية أبريل العام الماضي

واشنطن حذّرت طهران سراً بشأن أنشطة نووية مريبة

وجهت واشنطن الشهر الماضي تحذيراً سرياً لإيران تعبر فيه عن مخاوفها إزاء أنشطة بحث وتطوير إيرانية قد تُستخدم في إنتاج سلاح نووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.