الدفاعات الإسرائيلية ستتفوق على الإيرانية لكن بـ«تكلفة باهظة»

جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الدفاعات الإسرائيلية ستتفوق على الإيرانية لكن بـ«تكلفة باهظة»

جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)

ستصبح إيران عرضة لهجوم إسرائيلي، إذا قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل الضغوط الدولية بعدم الرد بشكل مباشر على هجوم طهران غير المسبوق على إسرائيل بطائرات مسيرة وصواريخ ليل السبت الماضي، وذلك بسبب دفاعاتها الجوية القديمة.

وبغض النظر عن التكلفة الدبلوماسية والاستراتيجية الأوسع التي ستكون أقوى رادع على الأرجح لأي هجوم مضاد، يقول خبراء إن إسرائيل لن تجد صعوبات كبيرة في ضرب أهداف داخل إيران التي لديها سلاح جو عفا عليه الزمن وأنظمة دفاع جوي معتمدة على نماذج روسية قديمة.

وكشف وابل الصواريخ والطائرات المسيرة الذي أطلقته إيران على إسرائيل مطلع الأسبوع عن قوة ترسانتها المحمولة جواً، وعن أنظمة الدفاع الإسرائيلية الهائلة التي ضمنت أقل الأضرار من مئات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران عليها.

وقال زفيكا حايموفيتش القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية إن إيران «قوة عظمى في مجال الصواريخ الباليستية التكتيكية والطائرات المسيرة»، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن دفاعاتها الجوية مسألة أخرى، فهي تعتمد إلى حد كبير على منظومات صواريخ مضادة للطائرات روسية الصنع من طراز «إس - 200» و«إس - 300» أو مجموعة من نظيراتها المنتجة محلياً مثل «بافار - 373» و«خرداد» و«رعد» و«صياد» و«تلاش»، بالإضافة إلى طائرات حربية أميركية وروسية قديمة يعود بعضها إلى حقبة الشاه محمد رضا بهلوي في السبعينات.

ونشرت إيران أنظمة مماثلة في سوريا منذ عام 2015، مما منح الطيارين الإسرائيليين خبرة التعامل معها لسنوات.

وأضاف حايموفيتش: «حلقت قواتنا الجوية وقوات التحالف الجوية في هذه البيئة. هم يعرفون طريقة التعامل بفعالية مع هذا النظام... كل الاحترام لهم، لكن هذا لن يكون التحدي الرئيسي في التعامل مع إيران».

منظومة «خرداد» الدفاعية وصواريخ باليستية تُعرَض أمام مقرّ البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان وسط طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وأفاد سيدهارث كوشا، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، بأن التحدي الرئيسي لإسرائيل قد لا يكون تجنب صواريخ أرض - جو الإيرانية، إنما القدرة على ضرب القواعد العسكرية بنجاح في غرب وجنوب إيران، وهو ما يتطلب استخدام قنابل ذات قدرة على اختراق التحصينات.

وقال كوشا إن الطائرات الإسرائيلية، مثل طائرات الشبح (إف - 35) التي يمكنها تجنب شبكات الدفاع الجوي الإيرانية، عادة ما تحمل متفجرات أصغر. لكن قصف الأهداف المدفونة بعمق تحت الأرض قد يحتاج إلى ذخائر أكبر، مما يعني أنه قد يتعين حملها على طائرات من طراز «إف - 16»، الأمر الذي يجعل اكتشاف أجهزة الرادار لها أكثر قابلية. ومن المرجح أن يطلقها الطيارون من مسافة بعيدة حفاظاً على سلامتهم.

وأضاف: «من المؤكد أن شبكة الدفاع الجوي الإيرانية لا تستعصي على هذه الطائرات، لكن هذا يزيد من خطر الخسائر ومن قدرة إيران، نظرياً على الأقل، على اعتراض بعض الأسلحة القادمة إليها».

شاحنة عسكرية إيرانية تحمل طائرة مسيّرة من طراز «أراش» تمر أمام الرئيس إبراهيم رئيسي وضباط خلال عرض بمناسبة يوم الجيش في طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

قرار استراتيجي

سيعتمد استعداد إسرائيل للمخاطرة بتوجيه ضربة مباشرة لإيران جزئياً على مدى ثقتها في قدرتها على إحباط هجمات أخرى من طهران، التي قالت إن هجومها على إسرائيل مطلع الأسبوع جاء رداً على غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل قادة عسكريين لها في سوريا.

وقد تؤدي زيادة التصعيد إلى اختيار إيران لأسلحة أكثر قوة من ترسانة يقول محللون إنها تضم أكثر من 3500 صاروخ وبضعة آلاف من الطائرات المسيرة.

ويعتمد الدفاع الجوي الإسرائيلي على أنظمة «أرو» التي تتعامل على ارتفاعات عالية واستخدمت بنجاح في مطلع الأسبوع، وعلى نظام «مقلاع داود» متوسط المدى، وعلى «القبة الحديدية» قصيرة المدى التي صدت آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة ولبنان.

المتحدث العسكري الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري يعرض لوسائل الإعلام أحد الصواريخ الباليستية الإيرانية التي اعترضتها إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع في قاعدة جولس العسكرية جنوب إسرائيل الثلاثاء 16 أبريل 2024 (أ.ب)

لكن التكلفة ستكون باهظة. ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين لم يدلوا بتفاصيل، يقدر محللون أن تكلفة الهجوم الإيراني ربما تراوحت ما بين 80 و100 مليون دولار لكن التكلفة التي تكبدتها إسرائيل وحلفاؤها لصد الهجوم بلغت مليار دولار.

وسلطت، المشكلات التي تواجهها أوكرانيا حالياً في توفير ذخائر بديلة، الضوء على التأثير طويل المدى على الدفاعات الجوية المعرضة لهجوم مستمر من إيران أو وكيلها جماعة «حزب الله» في لبنان، الذي يمتلك ترسانة خاصة مكونة من آلاف الصواريخ.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس، أمس (الأربعاء)، إلى الموافقة على حزمة مساعدات من شأنها تجديد الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وقال البريجادير جنرال دورون جافيش، القائد السابق لقوة الدفاع الجوي الإسرائيلية، إن إسرائيل تقضي وقتاً إضافياً في إعادة بناء مخزوناتها استعداداً لهجوم محتمل آخر من إيران أو وكلائها.

طائرة إف 15 في قاعدة عسكرية إسرائيلية (رويترز)

وإذا واجه الإسرائيليون إيران بمفردهم في أي تصعيد مستقبلي فربما يستخدمون «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» كبديل اقتصادي أكثر، بمعنى أن الصواريخ التي لا يصيبها نظام «أرو» ستتصدى لها الأنظمة التي تعمل على ارتفاعات منخفضة.

وقال، للصحافيين أثناء زيارة إحدى بطاريات «القبة الحديدية» بجنوب إسرائيل: «من دون الدخول في أرقام، يمكننا أن نقول مرة أخرى إنه مع حلفائنا، وخاصة الولايات المتحدة، ودول أخرى أيضاً، نشعر أن لدينا الإمدادات اللازمة».

وتوقع عاموس يادلين، الجنرال المتقاعد من سلاح الجو الإسرائيلي والرئيس السابق للمخابرات العسكرية، أن إسرائيل لن تجلس وتعتمد على دفاعاتها لصد الهجمات دون أن ترد للقضاء على التهديد.

وقال يادلين، الذي يدير شركة «مايند إسرائيل» للاستشارات الاستراتيجية: «إيران ليست الجانب الوحيد الذي يعرف كيف يهاجم... إسرائيل لديها خيارات هجومية كثيرة جداً. لن تكون إسرائيل في وضع تدافع فيه عن نفسها بينما إيران توجه ضربات».


مقالات ذات صلة

صحف إيرانية: مفاجآت سوريا لا تتوقف... والتغيير آتٍ

شؤون إقليمية إيراني يعبر طريقاً وسط طهران وخلفه لوحة إعلانية تعرض صورة قاسم سليماني الذي اغتيل في العراق يناير 2020 (أ.ف.ب)

صحف إيرانية: مفاجآت سوريا لا تتوقف... والتغيير آتٍ

مارست صحف إصلاحية في طهران جلد الذات على السياسة الخارجية الإيرانية، مع تقدم الفصائل السورية المسلحة، وانسحاب الجيش السوري، ودعت إلى تغيير المواقف «180 درجة».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية غروسي يتحدث أمام الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين في فيينا (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي: تخصيب إيران اليورانيوم إلى مستوى قريب من صنع قنبلة «يزداد»

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إننا سنعلن أن قدرة إيران على إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 60 في المائة «تزداد».

«الشرق الأوسط» (المنامة)
المشرق العربي مقاتلون من الفصائل المسلحة المناهضة للحكومة السورية أثناء دخولهم إلى مدينة حماة التي استولوا عليها في وسط غرب سوريا... 6 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

إيران تعتزم إرسال صواريخ ومسيرات ومستشارين عسكريين إلى سوريا

قال مسؤول إيراني كبير، إن إيران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك لدعم الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا طعن بوريا زيراتي وهو مقدم برنامج في قناة «إيران إنترناشيونال» ومقرها لندن في ساقه في 29 مارس (منصة إكس)

اتهام رومانيين اثنين بطعن صحافي إيراني في لندن

أفاد ممثلو الادعاء بأنه جرى القبض على رجلين رومانيين في بلادهما واتهماهما فيما يبدو على خلفية طعن صحافي إيراني خارج منزله في لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) أثناء حضوره اجتماعاً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (يمين) في القصر الحكومي في بغداد... 6 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس حكومة العراق يدعو إلى احترام سيادة الأراضي السورية

أكد رئيس الحكومة العراقية أن العراق يواصل بذل الجهود الدبلوماسية الحثيثة في سبيل احتواء الأزمة في سوريا لتأثيرها الصريح على الأمن العراقي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

تضارب حول إخلاء طهران سفارتها في سوريا

من لقاء الأسد ولاريجاني (أ.ف.ب)
من لقاء الأسد ولاريجاني (أ.ف.ب)
TT

تضارب حول إخلاء طهران سفارتها في سوريا

من لقاء الأسد ولاريجاني (أ.ف.ب)
من لقاء الأسد ولاريجاني (أ.ف.ب)

أكدت إيران استمرار عمل سفارتها في دمشق بـ«الشكل المعتاد»، رغم تقارير غربية عن قيامها بالإخلاء، مع التقدم السريع للفصائل المسلحة التي باتت قريبة من العاصمة السورية.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن سفارة بلاده في دمشق تواصل القيام بأنشطتها المعتادة.

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، السبت، عن بقائي قوله حول «الادعاءات» المتعلقة بإخلاء سفارة إيران في دمشق: «هذه الادعاءات غير صحيحة، وسفارة إيران ما زالت فعالة، وتواصل القيام بأنشطتها المعتادة».

يأتي ذلك بعد أن ترددت تقارير صحافية عن بدء إيران «إجلاء عسكرييها وموظفي بعثتها الدبلوماسية وعائلاتهم، فضلاً عن المدنيين الإيرانيين من سوريا»، وأن عملية الإجلاء تتم جزئياً عبر رحلات جوية إلى طهران، وكذلك على الطرق البرية إلى لبنان والعراق، وميناء اللاذقية السوري.

لقاء لاريجاني - الأسد

من جانبه، قال يعقوب رضا زاده، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، في فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي من قناة «آخرين خبر»، إن «الأخبار التي تصلنا من سوريا ليست جيدة، وهي مثيرة للقلق إلى حد ما»، لكنه أكد أن طهران «لم تسحب مستشاريها من السفارة الإيرانية في دمشق». وقال: «ما زلنا موجودين في سوريا، وفي دمشق تحديداً».

وكشف رضا زاده، عن أن علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني كان في سوريا، أمس (الجمعة)، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق. وأردف قائلاً: «لدينا إجراءات، ونأمل أن تُحلَّ هذه المشكلات بسلام».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد أفادت بأن «إيران بدأت إجلاء قادتها العسكريين، وأفرادها من سوريا (الجمعة)، وفقاً لمسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين»، في إشارة إلى عجز إيران عن مساعدة الرئيس بشار الأسد في البقاء في السلطة، بينما يواجه هجوماً متجدداً من الفصائل السورية المسلحة.

وقال المسؤولون إن من بين الذين تم إجلاؤهم إلى العراق ولبنان المجاورين كبار قادة «فيلق القدس» الإيراني.

وبحسب الصحيفة، فقد صدرت أوامر بإجلاء الدبلوماسيين الإيرانيين من سفارة بلادهم في دمشق، وفي قواعد «الحرس الثوري»، كما قال المسؤولون الإيرانيون. وقد غادر بعض موظفي السفارة على الأقل.

وقال المسؤولون إن بعضهم يغادرون بالطائرة إلى طهران، بينما يغادر آخرون عبر الطرق البرية إلى لبنان والعراق، وميناء اللاذقية السوري.

وقال مهدي رحمتي، وهو محلل إيراني، إن «إيران أدركت أنها لا تستطيع إدارة الوضع في سوريا الآن بأي عملية عسكرية، وإن هذا الخيار غير وارد».

وبعد اجتماع ثلاثي في بغداد، الجمعة، عَدَّ وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران، أن «تهديد أمن سوريا يُشكِّل خطراً عاماً على استقرار المنطقة»، مؤكدين أنه «لا خيار سوى التنسيق والتعاون والتشاور الدبلوماسي» لإبعاد «مخاطر التصعيد».